الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَاشِرُ فِي كِتَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جيفر وَعَبْد ابني الجلندِي
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ الْمَزِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَنَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْفَرْسِيسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ سَيِّدِ النَّاسِ، قَالَ: " كِتَابُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جَيْفَرِ وَعَبْدِ ابْنَي الْجُلَنْدِي الأَزْدِيَّيْنِ مَلِكَيْ عُمَانَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ: مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبدِ اللَّهِ، إِلَى جَيْفَرِ وَعبْدِ ابْنَي الْجُلَنْدِيِّ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكُمَا بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ، أَسْلِمَا تَسْلَمَا، فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، لأُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ، وَإِنَّكُمَا إِنْ أَقْرَرْتُمَا بِالإِسْلامِ وَلَّيْتُكُمَا، وَإِنْ أَبَيْتُمَا أَنْ تُقِرِّا بِالإِسْلامِ، فَإِنَّ مُلْكَكُمَا زَائِلٌ عَنْكُمَا، وَخَيْلِي تَحِلُّ بِسَاحَتِكُمَا، وَتَظْهَرُ نُبُوَّتِي عَلَى مُلْكِكُمَا، وَكَتَبَ أُبيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَخَتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكِتَابَ، قَالَ: عَمْرُو: فَخَرَجْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى عُمَانَ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا عَمَدْتُ إِلَى عَبْدٍ وَكَانَ أَحْلَمُ الرَّجُلَيْنِ وَأَسْهَلُهُمَا خُلُقًا قُلْتُ: إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكَ وَإِلَى أَخِيكَ، فَقَالَ: أَخِي مُقَدُّمٌ عِلَيَّ بِالسِّنَّ وَالْمُلْكِ، وَأَنَا أَوُصِلُكَ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْرَأَ كِتَابَكَ، ثُمَّ قَالَ لِي: وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ؟ ، قُلْتُ: أَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَتَخْلَعُ مَا عُبِدَ مِنْ دُونَهِ، وَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ يَا عَمْرُو: إِنَّكَ ابْنُ سَيِّدِ قَوْمِكَ، فَكَيْفَ
صَنَعَ أَبُوكَ، فَإِنَّ لَنَا فِيهِ قُدْوَةً؟ قُلْت: مَاتَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَوَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ وَصَدَّقَ بِهِ، وَقَدْ كُنْتُ أَنَا عَلَى مِثْلِ رَأْيِهِ حَتَّى هَدَانِي اللَّهُ لِلإِسْلامِ، قَالَ: فَمَتَى تَبِعْتُهُ؟ قُلْتُ: قَرِيبًا، فَسَأَلَنِي أَيْنَ كَانَ إِسْلامِي؟ فَقُلْتُ: عِنْدَ النَّجَاشِيِّ، أَخْبَرْتُهُ أَنَّ النَّجَاشِيَّ قَدْ أَسْلَمَ، قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعَ قَوْمُهُ بِمُلْكِهِ؟ فَقُلْتُ: أَقَرُّوهُ وَاتَّبَعُوهُ، قَالَ: وَالأَسَاقِفَةُ وَالرُّهْبَانَ اتَّبَعُوهُ؟ ، قُلْت: نَعَمْ، قَالَ: انْظُرْ يَا عَمْرُو مَا تَقُولُ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصْلَةٍ فِي رَجُلٍ أَفْضَحُ مِنَ الْكَذِبِ، قُلْتُ: مَا كَذَبْتُ وَمَا نَسْتَحِلُّهُ فِي دِينِنَا، ثُمَّ قَالَ مَا أَرَى هِرَقْلَ عَلِمَ بِإِسْلامِ النَّجَاشِيِّ، قُلْت: بَلَى، قَالَ: بِأَيِّ شَيْءٍ عَلِمْتَ ذَلِكَ، قُلْتُ: كَانَ النَّجَاشِيُّ يُخْرِجُ لهُ خَرْجًا، فَلَمَّا أَسْلَمَ وَصَدَّقَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لا وَاللَّهِ لَوْ سَأَلَنِي دِرْهَمًا وَاحِدًا مَا أَعْطَيْتُهُ، فَبَلَغَ هِرَقْلَ قَوْلُهُ ، فَقَالَ لَهُ نِيَاقُ أُخَوهُ: أَتَدَعُ عَبْدَكَ لا يُخْرِجُ لَكَ خَرْجًا، وَتَدَيَّنَ دِينًا مُحْدَثًا، قَالَ هِرَقْلُ: رَجُلٌ رَغِبَ فِي دِينٍ وَاخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ مَا أَصْنَعُ بِهِ؟ وَاللَّهِ لَوِلا الضَّنُّ بِمُلْكِي لَصَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ، قَالَ: انْظُرْ مَا تَقُولُ يَا عَمْرُو، قُلْتُ: وَاللَّهِ صَدَقْتُكَ، قَالَ عَبْدٌ: فَأَخْبِرْنِي مَا الَّذِي يَأَمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ، قُلْتُ: يَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عز وجل، وَيَنْهَى عَنْ مَعْصِيَتِهِ، يَأْمُرُ بِالْبِرِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَيَنْهَى، عَنِ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانَ، وَعَنِ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَعِبَادَةِ الْحَجَرِ وَالْوَثَنِ وَالصَّلِيبِ، فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا الَّذِي يَدْعُو إِلَيْهِ، لَوْ كَانَ أَخِي يُتَابِعُنِي لَرَكِبْنَا حَتَّى نُؤْمِنَ بِمُحَمَّدٍ وَنُصَدِّقُ بِهِ، وَلَكِنَّ أَخِي أَضَنُّ بِمُلْكِهِ مِنْ أَنْ يَدَعَهُ وَيَصِيرُ ذَنبًا، قُلْتُ: إِنَّهُ إِنْ أَسْلَمَ مَلَّكَهُ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمِهِ، فَأَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَرَدَّهَا عَلَى فَقِيرِهِمْ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْخُلُقَ حَسَنٌ، وَمَا الصَّدَقَةُ؟ فَأَخْبَرْتَهُ بِمَا فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّدَقَاتِ فِي الأَمْوَالِ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الإِبِلِ، قَالَ: يَا عَمْرُو: يُؤْخَذُ مِنْ سَوَائِمَ مَوَاشِينَا الَّتِي تَرْعَى الشَّجَرَ، وَتَرِدُ الْمِيَاهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ ، فَقَالَ: واللَّهِ مَا أَرَى قَوْمِي فِي بُعْدِ دَارِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ يُطِيعُونَ بِهَذَا، قَالَ: فَمَكَثْتُ بِبَابِهِ أَيَّامًا وَهُوَ يَعْبُرُ فَيُخْبِرُهُ كُلٌّ خَبَرِي، ثُمَّ إِنَّهُ دَعَانِي يَوْمًا فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ أَعْوَانُهُ بِضَبُعِي، فَقَالَ: دَعُوهُ، فأرسِلتُ، فَذَهَبْتُ لأَجْلِسَ، فَأَبَوا أَنْ يَدَعُونِي أَجْلِسَ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ بِحَاجَتِكَ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ مَخْتُومًا، فَفَضَّ خَاتَمَهُ، وَقَرَأَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى آَخِرِهِ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أَخِيهِ فَقَرَأَهُ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ، إِلا أَنِّي رَأَيْتُ أَخَاهُ أَرَقَّ مِنْهُ، قَالَ: أَلا تُخْبِرُنِي، عَنْ قُرَيْشٍ كَيْفَ صَنَعَتْ؟ فَقُلْتُ: اتَّبَعُوهُ إِمَّا رَاغِبٌ فِي الدِّينِ، وَإِمَّا مَقْهُورٌ بِالسَيْفِ، قَالَ: وَمَنْ تَبِعَهُ؟ قُلْتُ: النَّاسُ قَدْ رَغِبُوا فِي الإِسْلامِ، وَاخْتَارُوهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَعَرَفُوا بِعُقُولِهِمْ مَعَ هُدَى اللَّهِ إِيَّاهُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا فِي ضَلالٍ، فَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا بَقِيَ غَيْرَكَ فِي هَذِهِ الْحَرَجَةِ، وَأَنْتَ إِنْ لَمْ تُسْلِمِ الْيَوْمَ وَتَتَّبِعْهُ تُوْطِئُكَ الْخَيْلُ، وَتُبِيدُ خَضْرَاءَكَ، فَاسْلَمْ تَسْلَمْ، وَيَسْتَعْمِلْكَ عَلَى قَوْمِكَ، وَلا تَدْخُلُ عَلَيْكَ الْخَيْلُ وَالرِّجَالُ، قَالَ: دَعْنِي يَوْمِي هَذَا وَارْجِعْ إِلَيَّ غَدًا،
فَرَجَعْتُ إِلَى أَخِيهِ، فَقَالَ: يَا عَمْرُو! إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُسْلِمَ إِنْ لَمْ يَضِنَّ بِمُلْكِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ، أَتَيْتُ إِلَيْهِ، فَأَبَى أَنْ يَأَذْنَ لِي فَانْصَرَفْتُ إِلَى أَخِيهِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي لَمْ أَصِلْ إِلَيْهِ، فَأَوْصَلَنِي إِلَيْهِ ، فَقَالَ: إِنِّي فَكَرْتُ فِيمَا دَعَوْتَنِي إِلَيْهِ، فَإِذَا أَنَا أَضْعَفُ الْعَرَبِ إِنْ مَلَّكْتُ رَجُلًا مَا فِي يَدِي، وَهُوَ لا تَبْلُغُ خَيْلُهُ هَاهُنَا، وَإِنْ بَلَغَتْ خَيْلُهُ أَلْفَتْ قِتَالًا لَيْسَ كَقِتَالِ مَنْ لاقَى، قُلْتُ: وَأَنَا خَارِجٌ غَدًا، فَلَمَّا أَيْقَنَ بِمَخْرجِي، خَلا بِهِ أَخُوهُ، فَقَالَ: مَا نَحْنُ فِيمَا قَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مِنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ قَدْ أَجَابَهُ، فَأَصْبَحَ فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَأَجَابَ إِلَى الإِسْلامِ هُوَ وَأَخُوهُ جَمِيعًا، وَصَدَّقَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَخَلَّيَا بَيْنِي وَبَيْنَ الصَّدَقَةِ، وَبَيْنَ الْحُكْمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَكَانَا لِي عَوْنًا عَلَى مَنْ خَالَفَنِي "، وَنَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي آَخِرِ تَخْرِيجِهِ نَحْو هَذَا
تِنْبِيه قَدْ كَتَبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم كتابًا إِلَى أَهْل دَمَا، قرية من قُرى عُمان.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ حَسَنٍ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُحِبِّ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي سُلَيْمَانُ، أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ.
ح وَكَتَبَ إِلَيَّ عَالِيًا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ مُحَمَّدُ بْنُ الشِّهَابِ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أُمِّ مُحَمَّدِ الْعُمَرِيَّةِ، عَنْ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِِ الْمَقْدِسِيَّةِ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ، قَالَ: قَرَأَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ بِأَصْبَهَانَ وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخَبَرَكُمُ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ أَبُو جَمْرَةَ الْحِنْطِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو شَدَّادٍ
رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ دَمَا، قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى عُمَانَ، قَالَ: " جَاءَنَا كِتَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قِطْعَةِ أَدِيمٍ.
مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى أَهْلِ عُمَانَ سَلامٌ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأَقِرُّوا بِشَهَادَةِ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَأَدُّوا الزَّكَاةَ، وَخُطُّوا الْمَسَاجِدَ كَذَا وَكَذَا، وِإِلا غَزَوْتُكُمْ " ، قَالَ: أَبُو شَدَّادٍ فَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا يَقْرَأُ عَلَيْنَا ذَلِكَ الْكِتَابَ، حَتَّى وَجَدْنَا غُلامًا بِتَوِّهِ فَقَرَأَهُ عَلَيْنَا، قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: فَقُلْتُ لأَبِي شَدَّادٍ: فَمَنْ كَانَ يَوْمَئِذٍ عَلَى عُمَانَ يَلِي أَمْرَهُمْ، قَالَ: أَسْوارٌ مِنْ أَسَاوِرِ كِسْرَى يُقَالُ لَهُ: بستجان "