الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسجود السهو وما يقول فيه وبعد رفعه كسجود الصلاة.
[باب صلاة التطوع]
باب صلاة التطوع قال أبو العباس: التطوع تكمل به صلاة الفرض يوم القيامة إن لم يكن أتمها (1) وفيه حديث مرفوع (2) وكذلك الزكاة وبقية الأعمال، وأفضل التطوع الجهاد، ثم توابعه من نفقة فيه وغيرها، ثم تعلم العلم وتعليمه، قال
(1) ولهذا لا ينبغي للإنسان ترك ما شرعه الله من النوافل فإنها تكمل الفرائض كالصلاة والصيام وغير ذلك فإن تركها متهاونا بها راغبا عنها خيف عليه من الإثم لرغبته عن السنة بل صرح غير واحد من العلماء أن تارك الوتر فاسق إذا داوم على تركه.
(2)
رواه أحمد في المسند.
أبو الدرداء: العالم والمتعلم في الأجر سواء وسائر الناس همج لا خير فيهم. وعن أحمد طلب العلم أفضل الأعمال لمن صحت نيته وقال: تذاكر بعض ليلة أحب إلي من إحيائها. وقال: يجب أن يطلب الرجل من العلم ما يقوم به دينه، قيل له مثل أي شيء؟ قال: الذي لا يمنعه جهله صلاته وصومه ونحو ذلك. ثم بعد ذلك الصلاة لحديث: «استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة» ثم بعد ذلك ما يتعدى نفعه من عيادة مريض أو قضاء حاجة مسلم، أو إصلاح بين الناس لقوله صلى الله عليه وسلم:«ألا أخبركم بخير أعمالكم وبأفضل من درجة الصوم والصلاة؟ إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة» .
صححه الترمذي.
وقال أحمد: اتباع الجنازة أفضل من الصلاة وما يتعدى نفعه يتفاوت، فصدقة على قريب محتاج أفضل من عتق، وهو أفضل من صدقة على أجنبي إلا زمن مجاعة، ثم حج. وعن أنس مرفوعا:«من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع» قال الترمذي: حسن غريب. قال الشيخ: تعلم العلم وتعليمه يدخل في الجهاد وإنه نوع منه وقال: استيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلا ونهار أفضل من الجهاد الذي لم يذهب فيه نفسه وماله. وعن أحمد: ليس يشبه الحج شيء للتعب الذي فيه ولتلك المشاعر وفيه مشهد ليس في الإسلام
مثله عشيه عرفة وفيه إنهاك المال والبدن. وعن أبي أمامة «أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: " عليك بالصوم فإنه لا مثل لهم» رواه أحمد وغيره بسند حسن. وقال الشيخ قد يكون كل واحد أفضل في حال لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه بحسب الحاجة والمصلحة. ومثله قول أحمد: انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله. ورجح أحمد فضيلة الفكر على الصلاة والصدقة. فقد يتوجه منه أن عمل القلب أفضل من عمل الجوارح وأن مراد الأصحاب عمل الجوارح ويؤيده حديث: «أحب الأعمال إلى الله الحب في الله والبغض في الله» . وحديث: «أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله» .
وآكد التطوع الكسوف (1) ثم الوتر ثم سنة الفجر، ثم سنة المغرب، ثم بقية الرواتب، ووقت صلاة الوتر بعد العشاء إلى طلوع الفجر والأفضل آخر الليل لمن وثق بقيامه، وإلا أوتر قبل أن يرقد، وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة، والأفضل أن يسلم من ركعتين ثم يوتر بركعة وإن فعل غير ذلك مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فحسن، وأدنى الكمال ثلاث، والأفضل بسلامين ويجوز بسلام واحد، ويجوز كالمغرب.
(1) قال في الإقناع أصل هذا الكتاب: وآكد صلاة التطوع صلاة الكسوف ثم الاستسقاء ثم التراويح ثم الوتر. وكذلك في الزاد وغيره فيحتمل أن هذه الزيادة سقطت من النسخ المطبوعة.
والسنن الراتبة عشر، وفعلها في البيت أفضل وهي: ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتا الفجر.
ويخفف ركعتي الفجر ويقرأ فيهما بسورتي الإخلاص، أو يقرأ في الأولى بقوله تعالى {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136] (1) الآية، التي في البقرة، وفي الثانية:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64](2) الآية وله فعلها راكبا.
(1) سورة البقرة، الآية:136.
(2)
سورة آل عمران، الآية:64.
ولا سنة للجمعة قبلها، وبعدها ركعتان أو أربع، وتجزئ السنة عن تحيه المسجد، ويسن له الفصل بين الفرض والسنة بكلام أو قيام لحديث معاوية، ومن فاته شيء به منها استحب له قضاؤه، ويستحب أن في بين الأذان والإقامة.
والتراويح سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعلها جماعة أفضل ويجهر الإمام بالقراءة لنقل الخلف عن السلف ويسلم من كل ركعتين لحديث: «صلاة الليل مثنى مثنى» . ووقتها بعد العشاء وسنتها قبل الوتر إلى طلوع الفجر ويوتر بعدها، فإن كان له تهجد جعل الوتر بعده لقوله صلى الله عليه وسلم:«اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا» فإن
أحب من له تهجد متابعة الإمام قام إذا سلم الإمام فجاء بركعة لقوله صلى الله عليه وسلم: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» صححه الترمذي.
ويستحب حفظ القرآن إجماعا وهو أفضل من سائر الذكر ويجب منه ما يجب في الصلاة (1) . ويبدئ الصبي وليه به قبل العلم إلا أن يعسر، ويسن ختمه في كل أسبوع وفيما دونه أحيانا، ويحرم تأخير القراءة إن خاف نسيانه، ويتعوذ قبل القراءة، ويحرص على الإخلاص ودفع ما يضاده، ويختم في الشتاء
(1) وهو الفاتحة على المشهور أو الفاتحة وسورة على مقابله.
أول الليل وفي الصيف أول النهار. قال طلحة ابن مصرف: «أدركت أهل الخير من هذه الأمة يستحبون ذلك تقولون إذا ختم أول النهار: صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وإذا ختم أول الليل: صلت عليه الملائكة حتى يصبح» رواه الدارمي عن سعد بن أبي وقاص إسناده حسن. ويحسن صوته بالقرآن ويرتله، ويقرأ بحزن وتدبر ويسأل الله تعالى عند آية الرحمة، ويتعوذ عند آية العذاب ولا يجهر بين مصلين أو نيام أو تالين جهرا بحيث يؤذيهم، ولا بأس بالقراءة قائما وقاعدا ومضطجعا وراكبا وماشيا.
ولا تكره في الطريق ولا مع حدث أصغر؛ وتكره في المواضع القذرة؛ ويستحب الاجتماع
لها والاستماع للقارئ، ولا يتحدث عندها بما لا فائدة فيه. وكره أحمد السرعة في القراءة وكره قراءة الألحان وهو الذي يشبه الغناء، ولا يكره الترجيع، ومن قال في قرآن برأيه وبما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار وأخطأ ولو أصاب.
ولا يجوز للمحدث مس المصحف وله حمله بعلاقة أو في خرج فيه متاع وفي كمه وله تصفحه بعود ونحوه وله مس تفسير وكتب فيها قرآن، ويجوز للمحدث كتابته من غير مس وأخذ الأجرة على نسخه ويجوز كسيه الحرير ولا يجوز استدباره أو مد الرجل إليه ونحو ذلك مما فيه ترك تعظيمه، ويكره تحليته بذهب أو فضة وكتابة الأعشار وأسماء السور وعدد
الآيات وغير ذلك مما لم يكن على عهد الصحابة.
ويحرم أن يكتب القرآن أو شيء به فيه ذكر الله بغير طاهر فإن كتب به أو عليه وجب غسله، وإن بلى المصحف أو اندرس دفن لأن عثمان رضي الله عنه دفن المصاحف بين القبر والمنبر.
وتستحب النوافل المطلقة في جميع الأوقات إلا في أوقات النهي. وصلاة الليل مرغب فيها وهي أفضل من صلاة النهار وبعد النوم أفضل لأن الناشئة لا تكون إلا بعده فإذا استيقظ ذكر الله تعالى وقال ما ورد، ومنه:
« (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله) » ثم إن قال: « (اللهم اغفر لي) » أو دعا استجيب، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته، ثم يقول:«الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك سبحانك أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك، اللهم زدني علما ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، الحمد لله الذي رد علي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره» ثم يستاك، فإذا قام إلى الصلاة فإن شاء استفتح باستفتاح المكتوبة، وإن شاء بغيره كقوله:
ويسن أن يستفتح تهجده بركعتين خفيفتين وأن يكون له تطوع يداوم عليه وإذا فاته قضاه.
ويستحب أن يقول عند الصباح والمساء ما ورد وكذلك عند النوم والانتباه ودخول المنزل والخروج منه وغير ذلك، والتطوع في البيت أفضل وكذا الإسرار به إن كان مما لا تشرع له الجماعة ولا بأس بالتطوع جماعة إذا لم يتخذ عادة. ويستحب الاستغفار بالسحر والإكثار منه، ومن فاته تهجده قضاة قبل الظهر ولا يصح التطوع من مضطجع.
وتسن صلاة الضحى، ووقتها من خروج وقت النهي إلى قبيل الزوال، وفعلها إذا اشتد الحر أفضل وهي ركعتان وإن زاد فحسن.
وتسن صلاة الاستخارة، إذا هم بأمر فيركع ركعتين من غير الفريضة ثم يقول:«اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب؛ اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه بعينه - خير لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري " عاجله وآجله " فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به» .
ثم يستشير ولا يكون وقت الاستخارة عازما على الفعل أو الترك.
وتسن تحيه المسجد وسنة الوضوء وإحياء ما بين العشاءين، وسجدة التلاوة سنة مؤكدة وليست بواجبة لقول عمر:" من سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه " رواه مالك في الموطأ. وتسن للمستمع، والراكب يومئ بسجوده حيث كان وجهه والماشي يسجد بالأرض مستقبل القبلة ولا يسجد السامع. لما روي عن الصحابة. وقال ابن مسعود للقارئ وهو غلام: اسجد فإنك إمامنا.
وتستحب سجدة الشكر عند نعمة ظاهرة
عامة أو أمر يخصه، ويقول إذا رأى مبتلى في دينه أو بدنه:«الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا» .
وأوقات النهي خمسة: بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وبعد طلوعها حتى ترتفع قيد رمح وعند قيامها حتى تزول وبعد صلاة العصر حتى تدنو من الغروب وبعد ذلك حتى تغرب. ويجوز قضاء الفرائض فيها وفعل المنذورات وركعتي الطواف وإعادة جماعة إذا أقيمت وهو في المسجد وتفعل صلاة الجنازة في الوقتين الطويلين.