الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابن كثير ويعقوب وأفق أبو عمرو ويزيد والأصفهاني عن ورش وإسماعيل وأبو نشيط عن قالون في الوصل. ما لي بفتح الياء: أبو عمرو وأبو جعفر ونافع أمري إلى الله بفتح الياء: أبو جعفر ونافع وأبو عمرو تَقُومُ بتاء التأنيث: الرازي عن هشام أَدْخِلُوا من الإدخال: أبو جعفر ونافع ويعقوب وحمزة وعلي وخلف وحفص. وعلى هذه القراءة الخطاب للزبانية. وانتصب آلَ وأَشَدَّ على أنهما مفعول بهما. وعلى القراءة الأخرى هو لآل فرعون، وانتصب آلَ على النداء لا على أنه مفعول به.
الوقوف:
مُبِينٍ هـ لا كَذَّابٌ هـ نِساءَهُمْ ط ضَلالٍ هـ رَبَّهُ ج لاحتمال اللام مؤمن قف قد قيل: بناء على أن الجار يتعلق بالفعل بعده والوصل أصح لأنه كان من القبط، ولو فرض أنه لم يكن منهم فالجملة وصف له من ربكم ج لانتهاء الاستفهام إلى الابتداء بالشرط كَذِبُهُ ج للعطف والشرط يَعِدُكُمْ ط كَذَّابٌ هـ فِي الْأَرْضِ ز لابتداء الاستفهام والوجه الوصل لأن المقصود الوعظ به جاءَنا ط الرَّشادِ هـ الْأَحْزابِ هـ لا لأن ما بعده بدل بَعْدِهِمْ ط لِلْعِبادِ هـ التَّنادِ هـ ط لأجل البدل مُدْبِرِينَ ج لأن ما بعده يصلح حالا واستئنافا مِنْ عاصِمٍ ج لاحتمال كون ما بعده ابتداء إخبار من الله سبحانه وكونه من كلام المؤمن مِنْ هادٍ هـ جاءَكُمْ بِهِ ط رَسُولًا ط مُرْتابٌ هـ ج لاحتمال البدل فإن «من» في معنى الجمع أو الاستئناف أي هم الذين أو أعني أنهم آمَنُوا ط جَبَّارٍ هـ الْأَسْبابَ هـ لا كاذِباً ط السَّبِيلِ ط تَبابٍ هـ الرَّشادِ ج لأن النداء يبدأ به مع أنه تكرار للأول مَتاعٌ ز للفصل بين تنافي الدارين مع اتفاق الجملتين الْقَرارِ هـ مِثْلَها ج لعطف جملتي الشرط حِسابٍ هـ النَّارِ هـ ج لانتهاء الاستفهام إلى الأخبار ولاحتمال ابتداء استفهام آخر الْغَفَّارِ هـ النَّارِ هـ لَكُمْ ط إِلَى اللَّهِ ط بِالْعِبادِ هـ الْعَذابِ هـ ج لاحتمال البدل والابتداء وَعَشِيًّا ج لاحتمال ما بعده العطف والاستئناف السَّاعَةُ قف لحق القول المحذوف أي يقال لهم أو للزبانية الْعَذابِ هـ مِنَ النَّارِ هـ الْعِبادِ هـ مِنَ الْعَذابِ هـ بِالْبَيِّناتِ ط بَلى ط فَادْعُوا ج لاحتمال أن ما بعده من قول الخزنة أو ابتداء إخبار من الله تعال ضَلالٍ هـ.
التفسير:
لما وبخ الكفار بعدم السير في الأرض للنظر والاعتبار أو بعدم النظر في أحوال الماضين مع السير في الأقطار وقد وصف الماضين بكثرة العدد والآثار الباقية، أراد أن يصرح بقصة واحدة من قصصهم تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وزيادة توبيخ وتذكير لهم. وكان في قصة موسى وفرعون من العجائب ما فيها، فلا جرم أوردها هاهنا مع فوائد زائدة على ما في
المواضع الأخر منها: ذكر مؤمن من آل فرعون وما وعظ ونصح به قومه. ولأن القصة قد تكررت مرارا فلنقتصر في التفسير على ما يختص بالمقام. قوله بِالْحَقِّ أي بالمعجزات الظاهرة. وقوله اقْتُلُوا يريد به إعادة القتل كما مر في «الأعراف» في قوله سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ [الآية: 127] قوله إِلَّا فِي ضَلالٍ أي في ضياع واضمحلال. فإن كان اللام في الْكافِرِينَ للجنس فظاهر لأن وبال كيدهم يعود بالآخرة عليهم حين يهلكون ويدخلون النار، وإن كان للعهد وهم فرعون وقومه فأظهر كما قص عليك من حديث إغراقهم واستيلاء موسى وقومه على ديارهم. قوله ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى ظاهره مشعر بأن قومه كانوا يمنعونه من قتله وفيه احتمالات: الأول لعله كان فيهم من يعتقد نبوّة موسى فيأتي بوجوه الحيل في منع فرعون. الثاني قال الحسن: إن أصحابه قالوا لا تقتله فإنما هو ساحر ضعيف ولا يمكنه أن يغلب سحرتك، وإن قتلته أدخلت الشبهة على الناس وقالوا: إنه كان محقا وعجزوا عن جوابه فقتله. الثالث: لعل مراد أمرائه أن يكون فرعون مشغول القلب بأمر موسى حتى إنهم يكونون في أمن وسعة. قال جار الله: إن فرعون كان فيه خب وجريرة وكان قتالا سفاكا للدماء في أهون شيء فكيف لا يقصد قتل من أحس بأن في وجوده هدم ملكه وتغيير ما هو عليه من عبادة أصنامه كما قال إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ الآية. ولكنه كان قد استيقن أنه نبي وكان يخاف إن همّ بقتله أن يعاجل بالهلاك. قال:
وقوله وَلْيَدْعُ رَبَّهُ شاهد صدق على فرط خوفه من دعوة ربه. وقال غيره: هو على سبيل الاستهزاء يعني إن أقتله فليقل لربه الذي يدّعي وجوده حتى يخلصه. ومعنى تبديل الدين تغيير عبادة الأصنام كما مر في «الأعراف» في قوله وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ [الآية: 127] والفساد التهارج والتنازع واختلاف الآراء والأهواء، أراد أنه يحدث لا محالة من إبقائه فساد الدين والدنيا جميعا، أو أحد الأمرين على القراءتين. ثم حكى ما ذكره موسى في دفع شر فرعون وهو العوذ بالله. وفي تصدير الجملة بان دلالة على أن الطريق المعتبر في دفع الآفات الاستغاثة والاستعاذة برب الأرض والسموات. وفي قوله بِرَبِّي إشارة إلى أن الذي رباني وإلى درجات الخير رقاني سيعصمني من شر هذا المارد الجاني. وفي قوله وَرَبِّكُمْ احتراز عن أن يظن ظانّ أنه يريد به فرعون لأنه رباه في صغره أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً [الشعراء: 18] وفيه بعث لقوم موسى على أن يقتدوا به في الاستعاذة فإن اجتماع النفوس له تأثير قوي. وفي قوله مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ أي متكبر عن قبول الحق على سبيل العموم فائدتان: إحداهما شمول الدعاء فيدخل فيه فرعون بالتبعية. والثانية أن فرعون رباه في الصغر فلعله راعى حسن الأدب في عدم تعيينه. وأما وصف المتكبر بقوله
لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ فلأن الموجب لإيذاء الناس أمران: أحدهما قسوة القلب. والثاني عدم اعتقاد بالجزاء والحساب. ولا ريب أنه إذا اجتمع الأمران كان الخطب أفظع لاجتماع المقتضى وارتفاع المانع. ثم شرع في قصة مؤمن آل فرعون. والأصح أنه كان قبطيا ابن عم لفرعون آمن بموسى سرا واسمه سمعان أو حبيب أو خربيل. وقيل: كان إسرائيليا.
وزيف بأن المؤمنين من بني إسرائيل لو يعتلوا ولم يعزوا لقوله اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ فما الوجه في تخصيصه؟ ولقائل أن يقول: الوجه تخصيصه بالوعظ والنصيحة إلا أن قوله: فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وقوله يا قَوْمِ على رأس كل نصيحة يغلب على الظن أنه يتنصح لقومه. ومعنى أَنْ يَقُولَ لأجل قوله أو وقت أن يقول كأنه قال منكرا عليهم أترتكبون الفعلة الشنعاء وهي قتل نفس محرمة أي نفس كانت لأجل كلمة حقة وهي قوله رَبِّيَ اللَّهُ والدليل على حقيقتها إظهار الخوارق والمعجزات. وفي قوله مِنْ رَبِّكُمْ استدراج لهم إلى الاعتراف بالله. ثم احتج عليهم بالتقسيم العقلي أنه لا يخلو من أن يكون كاذبا أو صادقا. على الأول يعود وبال كذبه عليه، وعلى الثاني أصابكم ما يتوعدكم به من العقاب. واعترض على الشق الأوّل بأن الكاذب يجب دفع شره بإمالته إلى الحق أو بقتله، ولهذا أجمع العلماء على أن الزنديق الذي يدعو الناس إلى دينه يجب قتله. وعلى الشق الثاني بأنه أوعدهم بأشياء والنبي صادق في مقالته لا محالة فلم قال يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ ولم يقل «كل الذي» ؟ والجواب عن الأوّل أنه إنما ردّد بين الأمرين بناء على أن أمره مشكوك فيما بينهم، والزمان زمان الفترة والحيرة، فأين هذا من زماننا الذي وضح الحق فيه وضوح الفجر الصادق بل ظهور الشمس في ضحوة النهار؟ وعن الثاني أنه من كلام المنصف كأنه قال: إن لم يصبكم كل ما أوعد فلا أقل من أن يصيبكم بعضه، أو أراد عذاب الدنيا وكان موسى أوعدهم عذاب الدنيا والآخرة جميعا. وعن أبي عبيدة: أن البعض هاهنا بمعنى الكل وأنشد قول لبيد:
ترّاك أمكنه إذا لم أرضها
…
أو يرتبط بعض النفوس حمامها
وخطأه جار الله وكثير من أهل العربية وقالوا: إنه أراد ببعض النفوس فقط. ثم أكد حقية أمر موسى بقوله إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ وقد هداه الله إلى المعجزات الباهرة فهو إذن ليس بمتجاوز عن حدّ الاعتدال ولا بكذاب. وقيل: إنه كلام مستأنف من الله عز وجل، وفيه تعريض بأن فرعون مسرف في عزمه على قاتل موسى كذاب في ادّعاء الإلهية فلا يهديه الله إلى شيء من خيرات الدارين ويزيل ملكه ويدفع شره،
وقد يلوح من هذه النصيحة وما يتلوها من المواعظ أن مؤمن آل فرعون كان يكتم إيمانه إلى أن قصدوا قتل موسى وعند ذلك أظهر الإيمان وترك التقية مجاهدا في سبيل الله بلسانه. ثم ذكرهم نعمة الله عليهم وخوّفهم زوالها بقوله يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ أي غالبين على أرض مصر ومن فيها من بني إسرائيل والقبط فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ من يخلصنا من عذابه إِنْ جاءَنا وذلك لشؤم تكذيب نبيه قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى أي ما أشير عليكم برأي إلا بما أرى من قبله وَما أَهْدِيكُمْ بهذا الرأي إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ وصلاح الدين والدنيا، أو ما أعلمكم من الصواب ولا أسر خلاف ما أظهر. قال جار الله: وقد كذب فقد كان مستشعرا للخوف الشديد من جهة موسى ولكنه كان يتجلد. وحكى أبو الليث أن الرشاد اسم من أسماء أصنامه. قوله مِثْلَ دَأْبِ قال جار الله صاحب الكشاف: لا بد من حذف مضاف أي مثل جزاء دأبهم وهو عادتهم المستمرة في الكفر والتكذيب. ثم قال: إنه عطف بيان للأوّل لأن آخر ما تناولته الإضافة قوم نوح. ولو قلت أهلك الله الأحزاب قوم نوح وعاد وثمود لم يكن إلا عطف بين لإضافة قوم إلى أعلام فسرى ذلك الحكم إلى أوّل المضافات. قلت: لا بأس من جعله بدلا كما مرّ. وقوله وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ أبلغ من قوله وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:
46] لأن نفي الإرادة آكد من نفي الفعل ولتنكير الظلم في سياق النفي. وفيه أن تدميرهم كان عدلا وقسطا. وقيل: معناه أنه لا يريد لهم أن يظلموا فدمرهم لكونهم ظالمين. وحين خوّفهم عذاب الدنيا خوّفهم عذاب الآخرة أيضا فقال وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ أما اليوم فيمكن انتصابه على الظرفية كأنه أخبر عن خوفه في ذلك اليوم لما يلحقهم من العذاب، والأولى أن يكون مفعولا به أي أحذركم عذاب ذلك اليوم. وفي تسمية يوم القيامة يوم التناد وجوه منها: أن أهل الجنة ينادون أهل النار وبالعكس كما مر في سورة الأعراف. ومنها أنه من قوله يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ [الإسراء: 71] ومنها أن بعض الظالمين ينادي بعضا بالويل والثبور قائلين يا ويلنا. ومنهما أنهم ينادون إلى المحشر.
ومنهما أنه ينادي المؤمن هاؤم اقرؤا كتابيه والكافر يا ليتني لم أوت كتابيه. ومنها أنه يجاء بالموت على صورة كبش أملح ثم يذبح وينادي في أهل القيامة لا موت فيزداد أهل الجنة فرحا على فرح، وأهل النار حزنا على حزن. وقال أبو علي الفارسي: التناد مخفف من التنادّ مشددا وأصله من ندّ إذا هرب نظيره يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ [عبس: 34] إلخ. ويؤيده قراءة ابن عباس مشددا وتفسيره بأنهم يندون كما تند الإبل. وقوله بعد ذلك يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ أنهم إذا سمعوا زفير النار ندّوا هاربين فلا يأتون قطرا من الأقطار إلا وجدوا ملائكة صفوفا فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه. وقال قتادة: معنى تولون
مدبرين انصرافهم عن موقف الحساب إلى النار. ثم أكد التهديد بقوله ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ الآية. ثم ذكر مثالا لمن لا يهديه الله بعد إضلاله وهو قوله وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ وفيه أقوال ثلاثة أحدها: أنه يوسف بن يعقوب، وفرعون موسى هو فرعون يوسف، والبينات إشارة إلى ما
روي أنه مات لفرعون فرس قيمته ألوف فدعا يوسف فأحياه الله. وأيضا كسفت الشمس فدعا يوسف فكشفها الله
، ومعجزاته في باب تعبير الرؤيا مشهورة، فآمن فرعون ثم عاد إلى الكفر بعد ما مات يوسف. والثاني هو يوسف بن ابن إبراهيم بن يوسف ابن يعقوب، أقام فيهم عشرين سنة قاله ابن عباس. والثاني هو يوسف بن ابن إبراهيم بن يوسف إليهم رسولا من الجن اسمه يوسف وأورده أقضى القضاة أيضا وفيه بعد. قال المفسرون في قوله لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا ليس إشارة إلى أنهم صدّقوا يوسف لقوله فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ وإنما الغرض بيان أن تكذيبهم لموسى مضموم إلى تكذيب يوسف ولهذا ختم الآية بقوله كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ قلت: هذا إنما يصح إذا لم يكن فرعون يوسف قد آمن به لكنه مروّي كما قلنا اللهم إلا أن يقال: لولا شكه في أمره لما كفر بعد موته قال جار الله: فاعل كبر ضمير عائد إلى من هو مسرف لأنه موحد اللفظ وإن كان مجموع المعنى. وجوّز أن يكون الَّذِينَ يُجادِلُونَ مبتدأ على تقدير حذف المضاف أي جدال الذين يجادلون كبر. وجوّز آخرون أن يكون التقدير الذين يجادلون كبر جدالهم على حذف الفاعل للقرينة. وفي قوله وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا إشارة إلى أن شهادة المؤمنين عند الله بمكان حتى قرنها إلى شهادة نفسه. والمقصود التعجب والاستعظام لجدالهم وخروجه عن حدّ أشكاله من الكبائر، ووصف القلب بالتكبر والتجبر لأنه مركزهما ومنبعهما، أو باعتبار صاحبه. ومن قرأ بالإضافة فظاهر إلا أنه قيل: فيه قلب والأصل على قلب كل متكبر كما يقال: فلان يصوم كل يوم جمعة أي يوم كل جمعة. ثم أخبر الله سبحانه عن بناء فرعون ليطلع على السماء وقد تقدّم ذكره في سورة القصص. قال أهل اللغة: الصرح مشتق من التصريح الإظهار، وأسباب السموات طرقها كما مر في أوّل «ص» فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ [الآية: 10] فائدة بناء الكلام على الإبدال هي فائدة الإجمال ثم التفصيل والإبهام ثم التوضيح من تشويق السامع وغيره. من قرأ فَأَطَّلِعَ بالرفع فعلى العطف أي لعلي أبلغ فأطلع. ومن قرأ بالنصب فعلى تشبيه الترجي بالتمني. والتباب الخسران والهلاك كما مر في قوله وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ [هود: 101] استدل كثير من المشبهة بالآية على أن الله في السماء قالوا: إن بديهة فرعون قد شهدت بأنه في ذلك الصوب وأنه سمع من موسى أنه يصف الله بذلك وإلا لما رام بناء الصرح. والجواب أن بديهة فرعون لا حجة فيها، وسماعه ذلك من موسى ممنوع. وقد يطعن بعض اليهود بل كلهم في الآية بأن
تواريخ بني إسرائيل تدل على أن هامان لم يكن موجودا في زمان موسى وفرعون وإنما ولد بعدهما بزمان طويل، ولو كان مثل هذا الشخص موجودا في عصرهما لنقل لتوفرت الدواعي على نقله. والجواب أن الطعن بتاريخ اليهود المنقطع الوسط لكثرة زمان الفترة أولى من الطعن في القرآن المعجز المتواتر أولا ووسطا وآخرا.
ثم عاد سبحانه إلى حكاية قول المؤمن وأنه أجمل النصيحة أوّلا بقوله اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ ثم استأنف مفصلا قائلا إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ يتمتع به أياما قلائل ثم يترك عند الموت إن لم يزل نعيمها قبل ذلك وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ المنزل الذي يستقر فيه. ثم بين أنه كيف تحصل المجازاة في الآخرة وفيه إشارة إلى أن جانب الرحمة أرجح. ومعنى الرزق بغير حساب أنه لا نهاية لذلك الثواب، أو أنه يعطى بعد الجزاء شيئا زائدا على سبيل التفضل غير مندرج تحت الحساب. ثم صرح بأنهم يدعونه إلى النار وهو يدعوهم إلى الخلاص عنها وفسر هذه الجملة بقوله تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ الآية. ليعلم أن الشرك بالله أعظم موجبات النار والتوحيد ضدّه. وفي قوله ما لِي أَدْعُوكُمْ من غير أن يقول «ما لكم» مع أن الإنكار يتوجه في الحقيقة إلى دعائهم لا إلى المجموع ولا إلى دعائه سلوك لطريق الإنصاف. ووجه تخصيص العزيز الغفار بالمقام أنه غالب على من أشرك به غفور لمن تاب عن كفره. قوله لا جَرَمَ لا ردّ لكلامهم، وجرم بمعنى كسب أو وجب أو لا بد وقد سبق في «هود» و «النحل» . ومعنى لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ أنه لا يقدر في الدنيا على أن يدعو الناس إلى نفسه لأنه جماد، ولا في الآخرة لأنه إذا أنطقه الله فيها تبرأ من عابديه.
ويجوز أن يكون على حذف المضاف أي ليس له استجابة دعوة كقوله وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ [الرعد: 14] عن قتادة:
المسرفين هم المشركون. ومجاهد: السفاكون للدماء بغير حلها. وقيل: الذين غلب شرهم خيرهم. وقيل: الذين جاوزوا في المعصية حدّ الاعتدال كما بالدوام والإصرار وكيفا بالشناعة وخلع العذار فَسَتَذْكُرُونَ أي في الدنيا عند حلول العذاب أو في الآخرة عند دخول النار وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ قاله لأنهم توعدوه. وفيه وفي قوله فَوَقاهُ اللَّهُ دليل واضح على أنه أظهر الإيمان وقت هذه النصائح. قال مقاتل: لما تمم هذه الكلمات قصدوا قتله فهرب منهم إلى الجبل فطلبوه فلم يقدروا عليه. قوله وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ معناه أنه رجع وبال مكرهم عليهم فأغرقوا ثم أدخلوا نارا. ولا يلزم منه أن يكونوا قد هموا بإيصال مثل هذا السوء إليه، ولئن سلّم أن الجزاء يلزم فيه المماثلة لعل فرعون قد همّ