الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يفهم، عمدوا إلى نفوسهم، فميزوا طيبها من خبيثها، وما فيها من كدرها، ونفعها من ضرها.
ثم عمدوا إلى علومهم، فميزوا حقها من باطلها، ومحكمها من مشتبهها.
فلما حققوا ذلك وميزوه، تميزوا، وعلموا منه التخليط، وتحيزوا.
وعلموا أن التمييز لا يكون إلا بعد تمام الكلام، فما تحيزوا وتميزوا إلا بعد تمام العلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تفقهوا واعتدلوا.
فلما تمت لهم رتبة التمييز، نصبهم الله لإصلاح عباده، وميزهم باستخلاص لوائه، قال الله تبارك وتعالى:{لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} .
باب البدل
البدل عبارة عن الإيضاح، ورفع الالتباس، وحكمه حكم المبدل منه.
وهو على أربعة أضرب: بدل الكل من الكل، وبدل البعض من الكل، وبدل الاشتمال، وبدل الغلط.
وهو عند أهل الإشارة، إشارة إلى تبديل الصفات المذمومة
بالصفات المحمودة، وهو على أربعة أضرب:
قوم أبدلوا الكل بالكل، وما رضوا من الكل إلا بالكل. فأولئك عوضوا عن الكل بالكل:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} . فهم الذين {صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} .
وقوم بدلوا البعض من الكل، فبدلوا معاصيهم بطاعتهم.
وقوم بدلوا لذاتهم بمجاهداتهم.
وقوم بدلوا غفلاتهم بمراقباتهم، فعوضوا عن ما بدلوا بحسن ما أبدلوا، فقال لقوم:{يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} . وقال لقوم: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} .
وقوم عبدوا الله، فكانت عبادتهم مشتملة على خوف ورجاء، وكانت رغباتهم في الجنة، ورهباتهم من النار. فكان هذا بدل الاشتمال.