الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الأفعال وأقسامها
أعلم أن الفعل ينقسم إلى ثلاثة أقسام: ماض، وحال، ومستقبل.
فالماضي ملحق بأمس، والحال ملحق باليوم، والمستقبل ملحق بغد.
فقوم همهم ما كان لهم في السابقة، فعملوا على الخوف، وقوم همهم ما يكون لهم في الخاتمة، فعملوا على الرجاء. وقوم علموا أن الاشتغال بما مضى، وبما يأتي، تضييع لحال الوقت، فخافوا من المقت، فعملوا على إصلاح الحال في الحال.
ثم علموا أن المقصود من الأفعال، إنما هو استعمال فعل الأمر، فلزموا من الفعل اللازم، والوقوف على أمره الجازم؛ لأن ما كان، وما يكون، مستخرج من نون:{كُن فَيَكُونُ} .
ثم نظروا إلى فعل الماضي، فإذا هو ملحق بالعدم، فقالوا: من نظر إلى فعله، وقع في الندم.
ثم نظروا إلى فعل الحال والاستقبال، فوجدوه تدخله الزوائد الأربع، وهي: الألف، والنون، والياء، والتاء. ففروا من اثنين، ولجؤوا
إلى اثنين، فلا يدخلون ألفاً ولا نوناً أفعالهم، ولا يقولون: أفعل:، ولا نفعل {يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} ، وفي الحكم:{يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} ، وفي التاء:{أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ} .
{وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء} ، و {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} .
ولما كان الماضي حكمه النصب، علموا أن ماضي أفعالهم منتصب بين كفتي عدله وفضله. فإما أن تميل به كفة الفضل، فيرجح، وإما أن يحرر بكفة العدل، فبعيد أن يفلح. وأما فعل الحال والاستقبال، فإذا سلم من ناصب أو جازم، فحكمه الرفع على كل حال.
كذلك القوم، علموا أن أفعال أحوالهم، متى دخلها عامل من عوامل نفوسهم، علموا أنها عاملة ناصبة، ومتى اعترضها جازم من محسوسهم، علموا أنها للشيطان ناصبة، ومتى سلمت من ناصب الوسواس، وجازم الخناس، بقيت على حكم
الرفع، فرفعته طيبة الأنفاس،