الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: شيوخه وتلاميذه
لقد روى الإمام علي بن المفضل عن كثير من الشيوخ، وقد رأيت الاقتصار على ترجمة من روى عنهم في هذا الجزء، ومنهم مشاهير كما سيأتي في تراجمهم، وقد أضفت عليهم ترجمة والده رحمه الله المعدود أيضا في شيوخه، وهو:
القاضي الأجل الأنجب أبو المكارم المفضل بن علي بن مفرج بن حاتم بن الحسن بن جعفر بن إبراهيم بن الحسن، المقدسي الأصل الإسكندراني الدار، والوفاة 1.
أما جملة من روى عنهم الأحاديث الستة عشر في هذا الجزء فهم تسعة شيوخ، وقد أسند عنهم في خمس وعشرين مرة، وقرن أحدَهم ـ وهو السِّلَفي أشهرهم ـ بشيخين في الحديث العاشر.
وقد روى الإمام علي بن المفضل ـ عن السلفي هذا ـ أحد عشر حديثاً2، وأضاف إليه سبعة شيوخ مقرونين به في ستة أحاديث، وفي كل سند ـ من خمسة أسانيد3 ـ بشيخ واحد، ما عدا الحديث العاشر الذي قرنه فيه بشيخين؛ كما تقدم، وأضاف الرواية عن سبعة شيوخ آخرين ليسوا مقرونين بالسلفي.
وفيما يلي تراجم هؤلاء الشيوخ مُرتّبة أسماؤهم على الوفيات:
- أبو عبيد نعمة بن زيادة الله بن خلف الغفاري. قال السلفي: “سمعت منه بالإسكندرية وحج في السنة التي حججت أنا فيها مع أبي ـ سنة سبع وتسعين وأربعمائة ـ وسمع عيسى بن أبي ذر الهروي بمكة وآخرين، قال السلفي: وقد سمع علي ـ بقراءتي بالإسكندرية على نفر من شيوخها ـ كثيراً وكان من
1 التكملة لوفيات النقلة الترجمة: (46)، وشجرة النور الزكية: 1/166.
2 وهي الواردة بالأرقام: 1 و2 و7 و8 و9 و10 و 11 و13 و14 و15 و16.
3 بالأرقام: 2 و11 و12 و13 و16.
أهل الصلاح والمجتهدين في طلب العلم والمواظبين على فعل الخير وتوفي سنة ثلاث وستين وخمسمائة، في شهر ربيع الأول وقال لي ابنه عبيد: كان قبل وفاته يقول عمري الآن سبع وتسعون سنة” 1.
- أبو الطاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن سِلَفة الأصبهاني الحافظ العلامة الكبير مُسنِد الدنيا ومُعمّر الحُفّاظ. كان كثير التّرحال وأخذ عن الكثير من الشيوخ واستوطن الإسكندرية بضعاً وستين سنة مُكبّاً على الاشتغال والمطالعة والنسخ وتحصيل الكتب قال الذهبي: “وقد أفردت أخباره في جزء وقد جاوز المائة بلا ريب وإنما النّزاع في مقدار الزيادة، ومكث نيّفاً وثمانين سنة يُسمَع عليه ولا أعلم أحداً مثله في هذا. مات يوم الجمعة بكرة خامس ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة”2.
- علي بن حميد بن عمار الطرابلسي أبو الحسن المكي سمع صحيح البخاري من أبي مكتوم عيسى بن أبي ذر الهروي وتفرّد به عنه، ورواه عنه جماعة آخرهم عبد الرحمن بن أبي حرمي. قال الذهبي: حدث به في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، وترجمه بالمقري النحوي، توفي في شوال سنة ست وسبعين وخمسمائة بمكة، قال الفاسي: كذا وجدت وفاته ملحقة بوفاة الحافظ أبي الحسن علي بن المفضل المقدسي بخط شخص لا أعرفه وذكر أنه وجدها في ظهر نسخة من وفيات ابن المفضل بخط أبي الحسن التونسي 3.
1 معجم شيوخ السفر للسلفي، ترجمة: 1355 و 1356، وتحديد تاريخ حجّه مع أبيه بحسب ترجيح المحقق، وانظر السير: 19/172، وقد روى عنه الحديث رقم 10 مقرونا فيه بأبي الحسن علي بن حميد بن عمار وبالسلفي.
2 العبر: 3/71، وانظر السير: 21/5، والتقييد لابن نقطة: 1/204، وقد تقدم أنه روى عنه اثني عشر حديثا وتقدمت أرقامها.
3 العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين: 6/156.
- أبو القاسم بن بشكوال خلف بن عبد الملك بن مسعود الأنصاري القرطبي الحافظ محدث الأندلس ومؤرخها ومسندها مات سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وله أربع وثمانون سنة 1.
- أبو الطاهر إسماعيل بن مكي بن إسماعيل الزهري. قال عنه الذهبي: توفي صدر الإسلام أبو الطاهر الزهري الإسكندراني المالكي في شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة وله ست وثمانون سنة، تفقّه على أبي بكر الطرطوشي وسمع منه ومن أبي عبد الله الرازي، وبرع في المذهب وتخرّج به الأصحاب، وقصده السلطان صلاح الدين وسمع منه الموطّأ، كما كتب عنه السلفي، وهو من شيوخه، وأخذ عنه أيضا عبد الغني وابن المفضل2.
- أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن بن مسعود المروزي الصوفي الرحال الأديب مات سنة أربع وثمانين وخمسمائة عن اثنتين وثمانين سنة سمع من أبي الوقت وطبقته وأملى بمصر مجالس وعُني بهذا الشأن وكتب وسعى وجمع فأوعى وصنف شرحاً طويلاً للمقامات. قال الذهبي: ليّنه المحدّثون. وقال ابن النجار: كان من الفضلاء في كل فن وكان من أظرف المشايخ وأجملهم3.
- أبو إبراهيم القاسم بن إبراهيم بن عبد الله المقدسي الأصل المصري الدار الشافعي، مات بمصر سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ومولده على التّخمين سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، سمع من أبي الحسن علي بن إبراهيم بن صولة البغدادي
1 العبر: 3/75، والسير: 21/139، وتذكرة الحفاظ: 4/1339 والبداية والنهاية: 12/261، وشذرات الذهب: 6/430، وقد روى عنه الحديث رقم 11 مقرونا فيه بالسلفي.
2 العبر: 3/81، والسير: 21/122 - 123، وتذكرة الحفاظ: 1336، وقد روى عنه الحديثين رقم 3 و4.
3 العبر: 3/88، والتكملة الترجمة (41)، ولسان الميزان: 5/256، والسير: 21/173، وشذرات الذهب: 6/461، وقد روى عنه الحديث رقم 5.
وأبي القاسم عبد الغني بن طاهر بن إسماعيل بن الزعفراني وأبي عمر عبد الله بن رفاعة بن غدير السعدي1.
- أبو القاسم هبة الله بن أبي الحسن الخزرجي الكاتب الأديب مسند الديار المصرية ولد سنة ستّ وخمسمائة وسمع من أبي صادق المديني محمد بن بركات السعدي وطائفة وتفرّد في زمانه ورُحل إليه، توفي سنة تسعين وخمسمائة، سمع منه جماعة منهم علي بن المفضل2.
- أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن محمد بن عبد السلام بن المبارك ابن راشد التميمي الدارمي الريحاني المكي، بها سمع من أبي الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي وأبي القاسم محمود بن عبد الكريم بن علي الأصبهاني وأبي بكر أحمد بن المقرب، قال المنذري: “وحدثنا عنه الحافظ أبو الحسن المقدسي وغيره، توفي سنة ستّ وتسعين وخمسمائة بمكة حرسها الله” 3.
هذا وقد لوحظ أن الإمام علي بن المفضل ربما ذكر بعض شيوخه بصورة أخرى ـ غير الصورة المتقدمة ـ بحيث يذكر كنيته ـ ولم تتقدم ـ مع ذكر اسمه ويكنّي أباه ولا يسمّيه؛ كما صنع في (هبة الله علي بن ثابت الكاتب) في حديث رقم (2) المقرون فيه بالسلفي، وأعاده مرة أخرى باسم (أبي القاسم هبة الله بن أبي الحسن الخزرجي) والشيخ هو هو نفسه، وهذا ما يُعرف بتدليس الشيوخ، ولعلّ الإمام علي بن المفضل استعمله على ما اعتاده بعض الرواة للتنويع أو
1 التكملة لوفيات النقلة: 1/168، وقد روى عنه الحديثين رقم 6 و12.
2 وانظر التكملة لوفيات النقلة الترجمة: (667)، والسير: 21/390، ووفيات الأعيان: 6/67، وقد روى عنه الحديثين رقم 2 و13 مقرونا فيهما بالسلفي.
3 التكملة لوفيات النقلة: 1/الترجمة: 562، والعقد الثمين: 6/149، وقد روى عنه الحديث رقم 16 مقرونا فيه بالسلفي.
لإيهام تكثير الشيوخ1، وقد صنع نحو ذلك بالنسبة للسِّلَفي في الحديث الأول الذي استفتح به؛ وذكره باسم (أبو الطاهر أحمد بن محمد بن سِلَفة الأصبهاني) ثم روى عنه في الحديث الثاني فأسند عنه باسم (أحمد بن محمد بن إبراهيم الحافظ) وهو السلفي نفسه، فنسب علي بن المفضل والد السلفي إلى جدّ جدّه لأن نسبه هكذا:(أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم) ، وأما “سلفة” فهو لقب لجده أحمد.
وتدليس الشيوخ يختلف باختلاف المقاصد 2، وهو لهذا الغرض المذكور لعلّه ليس فيه ملامة، وإن كان عدم استعماله وبيان الواقع هو الأولى والأحسن.
أما تلاميذه:
فلاشك أن المنزلة العلمية الرفيعة التي وصل إليها علي بن المفضل في الحديث وسعة باعه في حفظه جعلته قبلة أنظار طلبة العلم فوفدوا عليه بكثرة، ينهلون من منهله العذب الصافي، ويتخلّقون بأخلاقه من الثقة والأمانة والزهد والديانة، ولقد تخرّج على يدي هذا الإمام أئمة أجلاء في الحديث وعلومه والفقه وغير ذلك:
- وكان من أبرزهم ابنه أحمد الفقيه الصالح أبو الحسين المقدسي ثم الإسكندراني المالكي العدل. ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وتفقّه على مذهب الإمام
1 قال ابن الصلاح في تعريفه: “هو أن يروي عن شيخ فيسميه أو يكنيه أو ينسبه، أو يصفه بما لايعرف به كيلا يعرف”، قال الحافظ في النكت ص615: “قلت: ليس قوله: (بما لا يعرف به) قيداً، بل إذا ذكره بما يعرف به ـ إلا أنه لم يشتهر به ـ كان ذلك تدليساً” ومثل الحافظ ابن حجر لهذا بصنيع الخطيب؛ الذي ذكر ابن الصلاح أنه كان لهجاً بهذا النوع من التدليس في مصنفاته، وكذلك مثل الحافظ ـ في سياق ذلك ـ بصنيع البخاري في الذهلي.
2 انظر اختصار علوم الحديث لابن كثير مع الباعث الحثيث ص: 1/176-178.
مالك ونشأ على غاية من الدين والورع والبرّ بالوالدين، توفي في صفر سنة ثلاث عشرة وستمائة1.
- عبد العظيم بن عبد القوى الحافظ الكبير زكي الدين أبو محمد المنذري الشافعي ثم المصري صاحب التصانيف الكثيرة ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة تخرج بأبي الحسن علي بن المفضل، ولي مشيخة الكامليّة 2 مدة، وانقطع بها نحواً من عشرين سنة مكباً على العلم والإفادة وكان ثبتاً حجة متبحراً في علوم الحديث عارفاً بالفقه والنحو، مع الزهد والورع والصفات الحميدة، توفي رحمه الله في رابع ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة3.
- ابن النجار، الحافظ الكبير محب الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن البغدادي صاحب “ تاريخ بغداد ” ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، رحل إلى أصبهان، وخراسان، والشام ومصر، وكتب ما لا يوصف. وكان ثقة متقناً واسع الحفظ، تام المعرفة بالفن، توفي في خامس شعبان سنة ثلاث وأربعين وستمائة4.
1 التكملة لوفيات النقلة: 2/361 رقم 1452، وتاريخ الإسلام للذهبي وفيات سنة ثلاث عشرة وستمائة.
2 هي مدرسة أنشأها الكامل الأيوبي لتدريس الحديث النبوي، وقال السخاوي:(لا تزال إلى الآن وتعرف بجامع الكامل) . انظر ذيل رفع الإصر، أو: بغية العلماء والرواة ص494
3 وانظر العبر: 3/281، وتذكرة الحفاظ: 1436، وسير أعلام النبلاء: 23/319.
4 العبر: 3/248، والسير: 23/131، وتذكرة الحفاظ: 4/1428، وطبقات الشافعية الكبرى: 8/98 - 99، وشذرات الذهب: 5/703، والمراد بتاريخ بغداد: الذيل الذي ألّفه ابن النجار عليه كما بيّنتْه المراجع المذكورة.
المبحث الرابع: مؤلفاته ورحلاته
قال الذهبي: “له تصانيف محررة، ورأيت له في سنة ست وثمانين وستمائة كتاب (الصيام) بالأسانيد، وله (الأربعون في طبقات الحفاظ) ، ولمّا رأيتها تحرّكت همّتي إلى جمع الحفاظ، وأحوالهم” 1.
وهذه الكتب منها:
1-
(الأربعون المسلسلات) ذكرها الحافظ ابن حجر فقال إنه رواها سوى الحديث العشرين فإنه كان سقط من الجزء، وهو جزء ضخم بسماعه من أحمد ابن أبي بكر بن طي، قال أخبرنا: عبد الهادي بن عبد الكريم القيسي، قال أخبرنا ابن المفضل2. وأوردها الشيخ عبد الحي الكتاني بإسناده إلى ابن جابر الوادي آشى عن أبي حيان والذهبي كلاهما عن عبد المؤمن الدمياطي عن الحافظ زكي الدين المنذري عن الحافظ أبي الحسن علي بن المفضل المقدسي. وقال: وهو كما ترى مسلسل بالحفاظ3.
2-
(الأربعون المرتّبة على طبقات الأربعين) وفيه تراجم لأربعين حافظاً أولهم الزهري وآخرهم ابن ماكولا. وفيها فوائد جمّة، قُرئت النسخة عليه وتحت السماع خطه. 4
1 سير أعلام النبلاء: 22/67، وتذكرة الحفاظ: 1391، وانظر التكملة: 2/307.
2 المجمع المؤسس: 2/537.
3 فهرس الفهارس: 659، وبروكلمان: 1/366، ذيل: 1/627، انظر نوادر المخطوطات العربية بتركيا: 2/235.
4 انظر السير: 22/67، وهدية العارفين: 5/704، وقد حُقّق في رسالة علمية بجامعة أم القرى للباحث محمد سالم العبادي نال بها درجة الماجستير عام 1413هـ بإشراف د. موفق عبد الله.
3-
كتاب الأربعين في فضل الدعاء والداعين يوجد منه الجزء الخامس وقد قام بتحقيقه بدر بن عبد الله البدر وهو آخر الكتاب وذكر أن بقيّة الأجزاء لا تتوفّر، وقد طبعه مع كتاب الأربعين على مذهب المحققين من الصوفية لأبي نعيم بتحقيقه أيضا 1.
4-
الأربعين الإلهية، لأبي الحسن علي بن المفضل المقدسي بسماعه على محمد بن غالي بسماعه على عبد الهادي بن عبد الكريم القيسي بسماعه منه2.
أما رحلاته:
فقد رحل من الإسكندرية إلى مصر سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وسمع من أبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد الصمد الكاملي، والعلامة أبي محمد عبد الله ابن بري النحوي، وأبي الفضل هبة الله بن الحسن بن عبد السلام المعروف بابن الطوير وغيره وحج وجاور بمكة شرفها الله وسمع بها من عدد من الشيوخ وحدث بالحرمين الشريفين والإسكندرية، ومصر وغيرها3.
1 ط دار ابن حزم للطباعة والنشر، بيروت: 1993 م.
2 المجمع المؤسس: 2/75.
3 انظر المراجع في الصفحة السابقة.