الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 -
قَالَ: وَذَكَرَ وَهْبٌ أَنَّ اللَّهَ عز وجل لَمَّا فَرَغَ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَقْبَلَ يَوْمَ السَّبْتِ يَمْدَحُ نَفْسَهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، فَأَنْصَتَ كُلُّ شَيْءٍ وَأَطْرَقَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ، فَقَالَ: "
أَنَا الْمَلِكُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ذُو الرَّحْمَةِ الْوَاسِعَةِ وَالأَسْمَاءِ الْحُسْنَى ، أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ذُو
الْعَرْشِ الْمَجِيدِ وَالأَمْثَالِ الْعُلا ، أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ذُو الْمَنِّ وَالطَّوْلِ وَالآلاءِ وَالْكِبْرِيَاءِ ، أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ ، مَلأَتْ كُلَّ شَيْءٍ عَظَمَتِي ، وَقَهَرَ كُلَّ شَيْءٍ مُلْكِي ، وَأَحَاطَتْ بِكُلِّ شَيْءٍ قُدْرَتِي ، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عِلْمِي ، وَوِسَعَتْ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَتِي ، وَبَلَغَ كُلَّ شَيْءٍ لُطْفِي ، وَأَنَا اللَّهُ يَا مَعْشَرَ الْخَلائِقِ فَاعْرِفُوا مَكَانِي فَلَيْسَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ إِلا أَنَا وَخَلْقِي كُلُّهُمْ لِي لا يَقُومُ وَلا يَدُومُ إِلا بِي يَتَقَلَّبُ فِي قَبْضَتِي وَيَعِيشُ فِي رِزْقِي ، وَحَيَاتُهُ وَمَوْتُهُ بِيَدِي ، فَلَيْسَ لَهُ مَحِيصٌ وَلا مَلْجَأٌ غَيْرِي ، لَوْ تَخَلَّيْتُ عَنْهُ إِذٌا لَدُمِّرَ كُلُّهُ وَإِذا لَكُنْتُ أَنَا عَلَى حَالِي لا يَنْقُصُنِي ذَلِكَ شَيْئًا وَلا يَزِيدُنِي ، وَأَنَا مُسْتَغْنٍ بِالْعِزِّ كُلِّهِ فِي جَبَرُوتِي وَمُلْكِي وَعُلُوِّ مَكَانِي وَعَظَمَةِ شَأْنِي ، فَلا شَيْءَ مِثْلِي وَلا إِلَهَ غَيْرِي وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِشَيْءٍ خَلَقْتُهُ أَنْ يَعْدِلَ بِي وَلا يُنْكِرَنِي ، فَكَيْفَ يُنْكِرُنِي مَنْ خَلَقْتُهُ يَوْمَ خَلَقْتُهُ عَلَى مَعْرِفَتِي؟ أَمْ كَيْفَ يُكَابِرُنِي مَنْ قَدْ قَهَرَهُ مُلْكِي؟ فَلَيْسَ لَهُ خَالِقٌ وَلا بَاعِثٌ وَلا وَارِثٌ غَيْرِي ، أَمْ كَيْفَ يُعَادِينِي مَنْ نَاصِيَتُهُ بِيَدِي؟ أَمْ يَسْتَنْكِفُ عَنْ عِبَادَتِي عَبْدِي وَابْنُ عِبَادِي وَابْنُ إِمَائِي لا يُنْسَبُ إِلَى خَالِقٍ وَلا وَارِثٍ غَيْرِي ، أَمْ كَيْفَ يَعْبُدُ دُونِي مَنْ تَخْلُقُهُ الأَيَّامُ وَيَفْنَى أَجَلُهُ اخْتِلافَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؟ وَهُمَا شُعْبَةٌ يَسِيرَةٌ مِنْ سُلْطَانِي ، فَإِلَيَّ إِلَيَّ يَا أَهْلَ الْمَوْتِ وَاْلفَنَاءِ ، لا إِلَى غَيْرِي فَإِنِّي كَتَبْتُ الرَّحْمَةَ عَلَى نَفْسِي وَقَضَيْتُ الْعَفْوُ وَالْمَغْفِرَةَ لِمَنِ اسْتَغْفَرَنِي ، أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا ، وَلا يَكْبُرُ ذَلِكَ عَلَيَّ ، فَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَلا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَتِي فَإِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي ، وَخَزَائِنَ الْخَيْرِ كُلَّهَا بِيَدِي ، وَلَمْ أَخْلُقْ شَيْئًا مِمَّا خَلَقْتُ لِحَاجَةٍ كَانَتْ مِنِّي إِلَيْهِ ، وَلَكِنْ لأُبَيِّنَ بِهِ قُدْرَتِي وَلِيَنْظُرَ النَّاظِرُونُ فِي مُلْكِي وَتَدْبِيرِ حِكْمَتِي ، وَلِتَدِينَ الْخَلائِقُ كُلُّهَا لِعِزَّتِي ، وَيُسَبِّحَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ بِحَمْدِي ، وَلِتَعْن الْوُجُوهُ كُلُّهَا لِوَجْهِي