المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ترجمة أبي العباس القرطبي: - اختصار صحيح البخاري وبيان غريبه - مقدمة

[أبو العباس القرطبي]

الفصل: ‌ ترجمة أبي العباس القرطبي:

يطلق عليهم -في غالب الأحيان- ما يبين حالهم بشيء من الأدب، وبالعبارات المهذبة؛ فكثيرًا ما يقول في الرجل الذي يعرف كذبه: فيه نظر -تركوه- سكتوا عنه، وأصرح ما قاله في رجل: منكر الحديث (1).

قال ابن حجر:

وللبخاري في كلامه على الرجال تَوَقٍّ زائد، وتحرٍّ بليغ، يظهر لمن تأمل كلامه في الجرح والتعديل.

9 -

وكان يعتز بعلمه، ويرى أنه يجب على كل مستفيد أن يسعى إليه، ويَرِدُ إليه كل طالب يحتاج إليه، حتى لو كان هذا سلطانًا أو أميرًا، فهو لا يخشى في اللَّه ودينه لومة لائم.

بعث إليه أمير بُخَارَى يطلب منه أن يحمل إليه كتابي "الجامع الصحيح" و"التاريخ" ليسمعهما منه.

فقال الإمام البخاري للرسول: قل له: إني لا أُذِلُّ العلم، ولا أحمله إلى أبواب السلاطين، فإن كانت له حاجة إلى شيء منه فليحضرني في مسجدي، أو في داري، فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان، فامنعني من المجلس؛ ليكون في عذر عند اللَّه يوم القيامة: أني لا أكتم العلم (2).

*‌

‌ ترجمة أبي العباس القرطبي:

1 -

هو ضياء الدين أبو العباس أحمد بن عمر الأنصاري الأندلسي القرطبي، وعُرِفَ بابن المزيِّن.

(1) المصدر السابق (ص: 81).

(2)

هدي الساري (ص: 494).

ص: 13

مولده: سنة ثمان وسبعين وخمسمائة على الصحيح.

2 -

نشا بالأندلس، ويبدو أن أباه كان من المرتحلين في طلب العلم، فرحل بابنه من الأندلس وهو في سن الصِّغَر، وأسمعه الكثير من الحديث بمكة، والمدينة، والقدس، والإسكندرية، وغيرها من البلدان (1).

كما يبدو أنه رحل بعد ذلك، فقد قال صاحب شجرة النور الزكية أنه رحل كذلك إلى فاس، وتِلْمِسَان، وسَبْتَة (2).

3 -

وسمع الشيوخ في هذه البلاد، فلقي بفاس أبا القاسم عبد الرحمن ابن عيسى بن الملجوم الأزدي، وسمع بتلمسان من أبي عبد اللَّه محمد بن عبد الرحمن التُّجِيبي، ومن قاضيها أبي محمد عبد اللَّه بن سليمان بن حوط اللَّه، وبسبتة من عبد الحق بن محمد بن عبد الحق الخزرجي، كما سمع من عبد الحق الأشبيلي صاحب الأحكام المشهورة؛ الكبرى والوسطى، والصغرى. وغيرهم (3).

4 -

وجمع من كل هؤلاء علومًا كثيرة، وبَرَّزَ فيها.

قال ابن فرحون: من أعيان فقهاء المالكية، وكان من الأئمة المشهورين، والعلماء المعروفين، جامعًا لمعرفة علوم؛ منها علم الحديث، والفقه، والعربية، وغير ذلك (4).

(1) الديباج المذهب، لابن فرحون (1/ 241).

(2)

شجرة النور الزكية، لمحمد بن محمد مخلوف (1/ 194).

(3)

الديباج المذهب (1/ 241).

(4)

المصدر السابق (1/ 240 - 241).

ص: 14

وقال أيضًا: وكان يشار إليه بالبلاغة والعلم والتقدم في علم الحديث، والفضل التام (1).

وقال محمد بن محمد مخلوف: الإمام العمدة، العلامة الفقيه، المحدث المتفنن الفهامة (2).

5 -

وكتبُ الرجل تدل على علمه وذكائه ويقظته:

وتجلى لنا ذلك في كتابين عشنا معهما:

هذا الكتاب الذي نقدمه اليوم: "مختصر صحيح البخاري".

فهو في اختصاره كأنه لم يترك منه شيئًا، بالإضافة إلى خصائص أخرى تزيد على صحيح البخاري -كما سيتبين لنا بعد قليل.

وكذلك فعل في "تلخيص صحيح مسلم" الذي حققناه منذ سنوات.

وقد نهج فيه منهجًا أتاح له استيعاب ما فيه من متون كما هنا في "مختصر صحيح البخاري"(3).

كما شرحه في كتابه المشهور "المفهم" الذي أحسن فيه وأجاد، ويدل على علم كثير عنده (4).

كما له الكثير من المؤلفات غير هذه.

(1) المصدر السابق (1/ 241).

(2)

شجرة النور الزكية (1/ 194).

(3)

نشر في مكتبة دار السلام في طبعته الأولى عام (1409 هـ = 1988 م)، ثم صدرت له طبعة ثانية منذ سنوات.

(4)

طبع عدة طبعات منها طبعة دار ابن كثير ودار الكلم الطيب في دمشق وبيروت، عام (1417 هـ = 1996 م).

ص: 15