الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبا محمد، ويعرف بالجمال، وأن البخاري قد انفرد به، وهو ضعيف، ضعفه ابن معين وغيره، وإنما أدخل البخاري حديثه على معنى الاعتبار.
قال: "وقد نقلت ذلك من حاشية على أصل البخاري"(1).
أقول: مهما يكن من أمر فالعمدة هو الإسناد الأول الذي ليس فيه هذا الراوي.
هكذا لم يكن القرطبي في هذا الكتاب مختصرًا فقط يحذف الأسانيد وبعض المكررات، وإنما كان محققًا ومدقِّقًا، والرجوع إلى الأصول والمقارنة بينها، ويعلق بما يراه من فوائد تضفي على اختصاره أهمية وأضواء على الأصل وهو الصحيح.
*
تقريب صحيح البخاري:
على أن هناك جانبًا هامًّا يسير جنبًا إلى جنب مع الاختصار ومصاحبًا له، وهو "تقريب الصحيح".
ويتجلى ذلك فيما يلي:
1 -
أنه لا يكثر من التراجم كما فعل البخاري، بل يجمع الأبواب العدة تحت باب واحد، وترجمة واحدة تجمع معانيها.
ففي الصحيح في كتاب الأذان ثلاثة أبواب، هي:
1 -
باب جهر الإمام بالتأمين (رقم 111).
2 -
باب فضل التأمين (رقم 112).
(1) رقم (2875) من هذا الكتاب والتعقيب عليه.
3 -
باب جهر المأموم بالتأمين (رقم 113).
جمعها القرطبي كلها في باب واحد اندرجت تحته الأحاديث في الأبواب الثلاثة، وهو:
"باب ما جاء في التأمين والجهر به وفضله"(1).
2 -
وهو لا يلتزم بترتيب البخاري للأحاديث بل يقدم ويؤخر، تبعًا لما تدل عليه الترجمة التي وضعها.
فمثلًا: عقد البخاري ترجمة فقال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به"(2).
وروى ثلاثة أحاديث تحت هذا الباب؛ الأول منها يعارض نص الترجمة؛ لأنه يدل على أنه لا يأتم المأموم بالإمام إذا صلى الإمام جالسًا ما دام هو صحيحًا.
وهو الحديث الذي صلى فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأصحابه في مرض موته، صلى بهم جالسًا، وصلوا وراءه قيامًا.
ثم أعقب البخاري ذلك بحديثين تدل عليهما الترجمة.
والحديث الأول ناسخ للحديثين الأخيرين.
وقد نقل البخاري في نهاية الأحاديث الثلاثة عن شخه الحميدي ما يدل على هذا النسخ، ولكن بطريق غير مباشر.
أما القرطبي فقد عقد بابًا للمنسوخ وآخر للناسخ وكل منهما يدل على
(1) قبل رقم (423).
(2)
خ (1/ 228 - 229) ورقم الباب (51).
الحديث الذي تحته.
قال أولًا: باب إذا صلى الإمام جالسًا صلى المأموم جالسًا، وإن كان صحيحًا (1).
ثم أدرج تحته المنسوخ.
ثم قال ثانيًا: باب ما جاء مما يدل على نسخ ذلك.
وأتى تحته بالحديث الناسخ، وهو صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه في مرضه الأخير (2).
فهذا تقريب لأحاديث البخاري ووضوح في ترجماته.
2 -
التراجم الواضحة.
ومن وجوه التقريب أنه وضع تراجم واضحة لأبوابه ليس فيها من الغموض ما يوجد في كثير من تراجم البخاري.
فهو قد استبدل بالتراجم البعيدة الصلة بينها وبين الأحاديث المندرجة تحتها -تراجم واضحة الصلة فلا تحتاج إلى إعمال فكر، ولا إلى الاختلاف في بيان الصلة لخفائها، مما حدى ببعض العلماء إلى تأليف كتب للمناسبات بين التراجم والأحاديث تحتها عند البخاري (3).
(1) قبل رقم (376).
(2)
قبل رقم (378).
(3)
هناك كتاب "المتواري، على تراجم أبواب البخاري، لناصر الدين أحمد بن محمد المعروف بابن المنَيِّر الإسكندراني (620 - 683 هـ) طبع بالكويت 1407 هـ = 1987 م بمكتبة المعلا. =