المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ تحقيق القرطبي: - اختصار صحيح البخاري وبيان غريبه - مقدمة

[أبو العباس القرطبي]

الفصل: ‌ تحقيق القرطبي:

وقال: "تركت الحديث الطويل في تعيين تلك الأمكنة، إذ يعسر حفظه، مع أنه ليس فيه حكم مهم".

*‌

‌ تحقيق القرطبي:

1 -

والقرطبي رحمه اللَّه تعالى ليس مختصرًا فقط في هذا الكتاب، وإنما هو محقق ومدقق، فيقابل بين النسخ ليرجح ما هو أقرب إلى الصواب، أو هو الصواب.

ففي حديث: من استلج في أهله بيمين -فهو أعظم إثمًا، ليس- يعني الكفارة.

علق على جملة: "يعني الكفارة، فقال: وجدنا هذا اللفظ في بعض الأمهات: "تُغْنِي بالتاء المضمومة وبالغين المعجمة، وهذا ليس بشيء، ووجدناه في الأصل المعتمد عليه بالتاء المفتوحة وبالعين المهملة، وعليه علامة أبي محمد الأصيلي، وفيه بُعْد. ووجدناه بالياء باثنتين من تحتها، وهو أقرب.

وعند ابن السكن: "يعني ليس بالكفارة" وهذا عندي أشبهها إذا كانت "ليس" استثناء بمعنى إلا، أي: إذا ألجَّ بيمينه كان أعظم، إلا أن يكفّر. واللَّه أعلم (1).

2 -

وهو يصحح ما يراه خطأ في الرواية، فعند البخاري عن أنس أن ابنة النضر لطمت جارية، فكسرت ثَنِيَّتَها، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر بالقصاص (2).

(1) رقم (2915) من هذا الكتاب.

(2)

صحيح البخاري. رقم (6894).

ص: 18

هكذا جاء الحديث في البخاري، ونقله القرطبي بأمانة كما هو (1)، ثم نبه على الخطأ في هذه الرواية، فقال عقب الحديث:"كذا وقعت الرواية هنا: "ابنة النضر" والصواب: "أخت النضر بن أنس، وهي الرُّبَيِّع ابنة أنس" واللَّه أعلم.

وهو في هذا قد تبع مذهب نقل الخطأ في الكتاب كما هو، والتنبيه عليه.

وجدير بالذكر أنه قد جاءت روايات في البخاري على الصواب في مواضع أخرى، تارة تصريحًا بأن ابنة النضر هي أخت أنس، أو فهمًا من السياق. وقد نبهنا على ذلك في موضعه.

3 -

وهو يقارن بين روايات نسخ البخاري، ويُصَوِّب ويرجح ما يحتاج إلى ذلك.

ففي حديث رجم اليهودي واليهودية اللذين زنيا (2) جاء فيه: "فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة. قال عقبه:

قلت: "يحني" بالحاء رواية الحموي، ويالجيم للسرخسي والكشميهني. وصوابه:"يَجْنأ" بالجيم والهمزة.

كما نبه على سقوط كلمة من الرواية:

ففي حديث عبد اللَّه بن عباس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كسرى، فأمر أن يدفعه إلى عظيم البحرين. . . الحديث (3).

(1) رقم (2995) من هذا الكتاب.

(2)

رقم (2978) من هذا الكتاب.

(3)

رقم (3135 م) من هذا الكتاب.

ص: 19

عقب على ذلك بقوله: "كذا وقع هذا الحديث في الأمهات، ولم يذكر فيه "دحية" بعد قوله: "بعث" والصواب إثباته، وقد ذكره البخاري فيما ذكره الكشميهني معلقًا".

ولاشك أن السياق يؤيد ما قاله القرطبي؛ لأن الضمير في "أَمَرَهُ"، يعود إلى من بعث معه الكتاب -وهو دحية.

4 -

ويرجع إلى النسخ العتيقة، ويقارن بينها وبين غيرها ليخرج بفائدة.

ففي حديث عاصم الأحول قال: رأيت قدح النبي صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك. . . الحديث (1).

عقب القرطبي بقوله: "وجدت في بعض نسخ كتاب البخاري، وهي نسخة جيدة عتيقة: "قال أبو عبد اللَّه -أي البخاري- قد رأيت هذا القدح بالبصرة، وشربت فيه، وقد اشتُرِيَ من ميراث النضر بن أنس".

5 -

ومن فوائده تعقيبه على حديث رواه البخاري، عن عمران بن ميسرة، عن فضيل قال: حدثنا حصين.

ثم حول السند فقال: وحدثني أُسيد بن زيد، عن هشيم، عن حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.

وذكر حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب (2).

بين أن في هذا الحديث راويًا ضعيفًا، وهو أسيد بن زيد الذي يكنى

(1) رقم (2507) من هذا الكتاب.

(2)

صحيح البخاري (رقم: 6541).

ص: 20