المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كتاب الصَّلَاة)   قَوْله [448] عِنْد الْبَيْت أَي الْكَعْبَة المشرفة إِذْ أقبل أحد - حاشية السندي على سنن النسائي - جـ ١

[محمد بن عبد الهادي السندي]

الفصل: ‌ ‌(كتاب الصَّلَاة)   قَوْله [448] عِنْد الْبَيْت أَي الْكَعْبَة المشرفة إِذْ أقبل أحد

(كتاب الصَّلَاة)

قَوْله

[448]

عِنْد الْبَيْت أَي الْكَعْبَة المشرفة إِذْ أقبل أحد الثَّلَاثَة ظَاهر النُّسْخَة أَن إِذْ بِلَا ألف وَأَن الْألف التالية مُتَعَلقَة بِمَا بعده وَهُوَ من الإقبال وَالْمعْنَى أَنه جَاءَهُ ثَلَاثَة فَأقبل مِنْهُم وَاحِد إِلَيْهِ بَين رجلَيْنِ حَال من مُقَدّر أَي أقبل إِلَى وَاحِد من الثَّلَاثَة وَالْحَال أَنِّي كنت بَين رجلَيْنِ قَالُوا هما حَمْزَة وجعفر وَيحْتَمل أَن يقْرَأ إِذا قيل على أَن الْألف جُزْء من إِذا وَقيل من القَوْل أَي سَمِعت قَائِلا يَقُول فِي شأني هُوَ أحد الثَّلَاثَة بَين الرجلَيْن أَي هُوَ أوسطهم وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة أَنهم جاؤه وهم ثَلَاثَة وَفِي رِوَايَة سَمِعت قَائِلا يَقُول أحد الثَّلَاثَة بَين الرجلَيْن وَلَا مُنَافَاة بَين الرِّوَايَتَيْنِ فالوجهان فِي كَلَام المُصَنّف صَحِيحَانِ لفظا وَمعنى فَأتيت على بِنَاء الْمَفْعُول بطست بِفَتْح طاء وَسُكُون سين هُوَ الْمَعْرُوف وَحكى بَعضهم كسر الطَّاء وَهُوَ اناء مَعْرُوف وَاللَّفْظ مؤنث من ذهب لَا شكّ أَنه كَانَ بِإِذْنِهِ تَعَالَى فَهُوَ إِذا مُبَاح بل بأَمْره فَهُوَ وَاجِب فَمن قَالَ اسْتِعْمَال الذَّهَب حرَام فسؤاله لَيْسَ فِي مَحَله حَتَّى يحْتَاج إِلَى جَوَاب ملأى بالتأنيث لتأنيث

ص: 217

الطست وَفِي نُسْخَة ملآن بالتذكير لتأويله بالاناء حِكْمَة وايمانا منصوبان على التَّمْيِيز وَالْمرَاد انها كَانَت ممتلئة بِشَيْء إِذا أفرغ فِي الْقلب يزِيد بِهِ ايمانا وَحِكْمَة فشق على بِنَاء الْفَاعِل أَي الْآتِي أَو على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا فِي الْوَجْهَيْنِ قَوْله فَغسل وَقَوله مَلِيء إِلَى مراق الْبَطن بِفَتْح الْمِيم وَتَشْديد الْقَاف هُوَ مَا سفل من الْبَطن ورق من جلده ثمَّ أتيت على بِنَاء الْمَفْعُول فَقيل أَي قَالَ أهل السَّمَاء الدُّنْيَا لجبريل من هَذَا الفاتح وَمن مَعَك كَأَنَّهُ ظهر لَهُم بِبَعْض الامارات أَن مَعَه أحدا وَقد أرسل إِلَيْهِ أَي الرَّسُول للاسراء لَا بِالْوَحْي إِذْ بعيد أَن يخفى عَلَيْهِم أَمر نبوته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِلَى هَذِه الْمدَّة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ قيل فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير وَحذف وَالْأَصْل جَاءَ وَنعم الْمَجِيء مجيئة وَقيل بل هُوَ من بَاب حذف الْمَوْصُول أَو الْمَوْصُوف أَي نعم الْمَجِيء الَّذِي جَاءَ أَو مَجِيء جَاءَ قلت من هُوَ تَنْزِيل نعم الْمَجِيء منزلَة خير مقدم كَأَنَّهُ قيل خير مقدم قدم وَلَا بعد فِي وجود اسْتِعْمَال لم يبْحَث عَنهُ النُّحَاة وَالله تَعَالَى أعلم فَأتيت على بِنَاء الْفَاعِل أَي مَرَرْت على آدم فَمثل ذَلِك أَي فَجرى مثل ذَلِك أَو فعلوا مثل ذَلِك أَو فَقَالُوا مثله

ص: 218

بَكَى قيل مَا يبكيك قَالُوا لم يكن بكاء مُوسَى عليه الصلاة والسلام حسدا على فَضِيلَة نَبينَا صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَأمته فَإِن الْحَسَد مَذْمُوم من آحَاد الْمُؤمنِينَ وَأَيْضًا منزوع مِنْهُم فِي ذَلِك الْعَالم فَكيف كليم الله الَّذِي اصطفاه الله تَعَالَى برسالته وَكَلَامه بل كَانَ أسفا على مَا فَاتَهُ من الْأجر بِسَبَب قلَّة اتِّبَاع قومه وَكَثْرَة مخالفتهم وشفقته عَلَيْهِم حَيْثُ لم ينتفعوا بمتابعته انْتِفَاع هَذِه الْأمة بمتابعة نَبِيّهم وَقيل بل أَرَادَ بالبكاء تبشير نَبينَا صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَإِدْخَال السرُور عَلَيْهِ بِأَن أَتْبَاعه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَكثر وَلَعَلَّ تَحْصِيل هَذَا الْغَرَض بالبكاء آكِد من تَحْصِيله بِوَجْه آخر فَفِيهِ إِظْهَار أَنه نَالَ منالا يغبطه مثل مُوسَى وَالله تَعَالَى أعلم وَإِطْلَاق الْغُلَام لم يرد بِهِ استقصار شَأْنه فَإِن الْغُلَام قد يُطلق وَيُرَاد بِهِ القوى الطرى الشَّاب وَالْمرَاد مِنْهُ استقصار مدَّته مَعَ استكمال فضائله واستتمام سَواد أمته ثمَّ رفع على بِنَاء الْمَفْعُول أَي قرب آخر مَا عَلَيْهِم أَي ذَلِك الدُّخُول آخر دُخُول يَدُوم عَلَيْهِم وَيبقى لَهُم فَهُوَ بِالرَّفْع خبر مَحْذُوف أَولا يعودون آخر أجل كتب عَلَيْهِم فَهُوَ بِالنّصب ظرف وَبِهَذَا ظهر كَثْرَة مَا خلق الله تَعَالَى من الْمَلَائِكَة

ص: 219

وهم كلهم أهل الرَّحْمَة وَالرِّضَا فبه ظهر معنى سبقت رَحْمَتي غَضَبي فَإِذا نبقها بِفَتْح أَو كسر فَسُكُون مُوَحدَة وككتف أَي ثَمَرهَا وواحدته بهاء قلال بِكَسْر الْقَاف جمع قلَّة بِالضَّمِّ وَهِي الجرة وهجر بِفتْحَتَيْنِ اسْم مَوضِع كَانَ بِقرب الْمَدِينَة الفيلة بِكَسْر فَاء وَفتح تَحْتَانِيَّة جمع الْفِيل باطنان عَن أبصار الناظرين وَهَذَا لَا يستبعد عَن قدرَة الْقَادِر الْحَكِيم الْفَاعِل لما يَشَاء ثمَّ فرضت على هُوَ على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بذلك تشريف نبيه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَإِظْهَار فَضله حَتَّى يُخَفف عَن أمته بمراجعته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَمَا قَالُوا أَنه لَا بُد للنسخ من الْبَلَاغ أَو من تمكن الْمُكَلّفين من الْمَنْسُوخ فَذَلِك فِيمَا يكون المُرَاد ابتلاءهم وَلَعَلَّ من جملَة أسرار هَذِه الْقَضِيَّة رفع التُّهْمَة عَن جناب مُوسَى حَيْثُ بَكَى بألطف وَجه حَيْثُ وَفقه الله تَعَالَى من جملَة الْأَنْبِيَاء لهَذَا النصح فِي حق هَذِه الْأمة حَتَّى لَا يخْطر ببال أحد أَنه بَكَى حسدا فَهَذَا يشبه قَضِيَّة رفع الْحجر ثَوْبه دفعا للتُّهمَةِ عَنهُ كَمَا ذكر الله تَعَالَى يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْد الله وجيها وَالله تَعَالَى أعلم وان أمتك لن يطيقوا ذَلِك كَأَنَّهُ علم ذَلِك من أَنهم أَضْعَف مِنْهُم جسدا وَأَقل مِنْهُم قُوَّة وَالْعَادَة أَن مَا يعجز عَنهُ القوى

ص: 220

يعجز عَنهُ الضَّعِيف أَن قد أمضيت تَفْسِير للنداء لما فِيهِ من معنى القَوْل أَو بِأَن قد أمضيت فريضتي أَي بِحِسَاب خمسين أجرا وخففت عَن عبَادي حَيْثُ جَعلتهَا فِي الْعدَد خمْسا وأجزى من الْجَزَاء

قَوْله

[449]

حَتَّى أَمر فِيهِ إِحْضَار لتِلْك الْحَالة البديعة فَلِذَا عبر بالمضارع هِيَ خمس عددا وَخَمْسُونَ أجرا قد استحييت هَذِه الرِّوَايَة تدل على أَنه مَنعه الْحيَاء عَن الْمُرَاجَعَة لاكون الْخمس لَا تقبل النّسخ وَسَيَجِيءُ مَا يدل على أَن كَون الْخمس لَا تقبل النّسخ مَنعه عَن ذَلِك فَالْوَجْه أَن يَجْعَل الْأَمْرَانِ مانعين الا أَنه وَقع الِاقْتِصَار من الروَاة على ذكر أَحدهمَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله خطوها بِفَتْح فَسُكُون أَي

ص: 221

تضع رجلهَا عِنْد مُنْتَهى بصرها وَاسْتدلَّ بِهِ أَن يكون قطعهَا بَين الأَرْض وَالْأَرْض فِي خطْوَة وَاحِدَة لِأَن الَّذِي فِي الأَرْض يَقع بَصَره على السَّمَاء فبلغت سبع سماوات فِي سبع خطوَات واليها المُهَاجر بِفَتْح الْجِيم بِمَعْنى المهاجرة على أَنه مصدر وَلَو كَانَ اسْم مَكَان لَكَانَ اللَّائِق وَهِي المُهَاجر صليت بطور سيناء وَهَذَا أصل كَبِير فِي تتبع آثَار الصَّالِحين والتبرك بهَا وَالْعِبَادَة فِيهَا بِبَيْت لحم قَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ بِالْحَاء الْمُهْملَة فَقَدَّمَنِي من التَّقْدِيم ثمَّ صعد كعلم أَي جِبْرِيل أَو الْبراق أَو على بِنَاء الْمَفْعُول وَالْبَاء على الْوَجْهَيْنِ للتعدية وَالْجَار وَالْمَجْرُور نَائِب الْفَاعِل عَن الثَّانِي فغشيني بِكَسْر الشين ضَبَابَة كسحابة وزنا وَمعنى قيل هِيَ سَحَابَة تغشى الأَرْض كالدخان فَخَرَرْت بخاء مُعْجمَة من ضرب وَنصر أَي سَقَطت

ص: 222

ثمَّ رددت بِصِيغَة الْمُتَكَلّم وَفِي نُسْخَة ردَّتْ بِصِيغَة التَّأْنِيث أَي الصَّلَوَات وعَلى الْوَجْهَيْنِ على بِنَاء الْمَفْعُول وَهَذَا بَيَان مَا آل إِلَيْهِ الْأَمر آخرا بعد تَمام المراجعات وَلَيْسَ المُرَاد أَنه بِسُقُوط الْعشْر صَارَت خمْسا وَأما قَوْله تَعَالَى فَارْجِع إِلَى رَبك فمتعلق بِسُقُوط الْعشْر وَأما قَوْله فَسَأَلته التَّخْفِيف فَقَالَ اني يَوْم خلقت الخ فَمَعْنَاه فَسَأَلت التَّخْفِيف فَخفف عشرا وَهَكَذَا حَتَّى وصلت إِلَى خمس فحين وصلت إِلَى خمس قَالَ اني يَوْم خلقت الخ وَلَيْسَ المُرَاد أَنه رَاجع بعد أَن صَارَت خمْسا فَرد الله مُرَاجعَته بِمَا يدل على أَن الْخمس لَا يقبل النّسخ كَمَا هُوَ الظَّاهِر لمُخَالفَته لسَائِر الرِّوَايَات مُخَالفَة بَينه فَلْيتَأَمَّل صرى بِكَسْر الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء الْمُشَدّدَة آخرهَا ألف مَقْصُورَة أَي عَزِيمَة بَاقِيَة لَا تقبل النّسخ قَوْله أسرى على بِنَاء الْمَفْعُول

ص: 223

انْتهى على بِنَاء الْفَاعِل أَي السّير أَو الْمَفْعُول فِي السَّمَاء السَّادِسَة قيل أَصْلهَا فِي السَّادِسَة ورأسها فِي السَّابِعَة فَلَا يُنَافِي هَذَا الحَدِيث حَدِيث أنس عرج على بِنَاء الْمَفْعُول فرَاش بِفَتْح فَاء هُوَ طير مَعْرُوف يتهافت على السراج وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة كَأَن المُرَاد أَنه قرر لَهُ اعطاءها وَأَنه ستنزل عَلَيْك وَنَحْوه والا فالآيات مدنيات وَيغْفر على بِنَاء الْفَاعِل أَي الله أَو الْمَفْعُول وَهُوَ مَعْطُوف على مَا قبله بِتَقْدِير أَن أَي وَأَن يغْفر ومفعوله الْمُقْحمَات بِضَم مِيم وَسُكُون قَاف وَكسر حاء أَيِ الذُّنُوبُ الْعِظَامُ الَّتِي تُقْحِمُ أَصْحَابَهَا فِي النَّار وَلَعَلَّ المُرَاد أَن الله تَعَالَى لَا يؤاخذهم بكلها بل لَا بُد أَن يغْفر لَهُم بَعْضهَا وان شَاءَ غفر لَهُم كلهَا وَقيل المُرَاد بالغفران أَن لَا يخلد صَاحبهَا فِي النَّار أَو المُرَاد الغفران لبَعض الْأمة وَلَعَلَّه ان كَانَ هُنَاكَ تَأْوِيل فَمَا ذكرت أقرب والا فتفويض هَذَا الْأَمر إِلَى علمه تَعَالَى أولى وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[452]

وَأَخْرَجَا حشوه هَكَذَا فِي نسختنا وَهُوَ بِفَتْح فَسُكُون أَي مَا فِي وسط بَطْنه وَفِي نُسْخَة السُّيُوطِيّ حشوته وَهِي بِالضَّمِّ وَالْكَسْر الامعاء ثمَّ كبسا جَوْفه أَي ستراه حِكْمَة وعلما أَي حَال كَونه ذَا حِكْمَة وَعلم قَوْله

ص: 224

[453]

أول مَا فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ هَكَذَا فِي بعض النّسخ وَفِي بَعْضهَا رَكْعَتَانِ بِالرَّفْع وَالظَّاهِر أَن أول بِالنّصب ظرف وَمَا مَصْدَرِيَّة حينية وَالتَّقْدِير على نُسْخَة نصب رَكْعَتَيْنِ كَانَت الصَّلَاة أول أَوْقَاتهَا افتراضها رَكْعَتَيْنِ وعَلى نُسْخَة الرّفْع الصَّلَاة أول أَوْقَات افتراضها رَكْعَتَانِ ثمَّ المُرَاد هِيَ الصَّلَاة الْمُخْتَلفَة سفر أَو حضرا فَلَا يشكل بِصَلَاة الْمغرب وَالْفَجْر وَقَوله فأقرت أَي رجعت بعد نزُول الْقصر فِي السّفر إِلَى الْحَالة الأولى بِحَيْثُ كَأَنَّهَا كَانَت مقررة على الْحَالة الْأَصْلِيَّة وَمَا ظَهرت الزِّيَادَة فِيهَا أصلا فَلَا يشكل بِأَن ظَاهر قَوْله تَعَالَى فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة يُفِيد أَن صَلَاة السّفر قصرت بعد أَن كَانَت تَامَّة فَكيف يَصح القَوْل بِأَنَّهَا أقرَّت وَأَيْضًا انْدفع أَن يُقَال مُقْتَضى هَذَا الحَدِيث أَن الزِّيَادَة على الرَّكْعَتَيْنِ لَا يَصح وَلَا يجوز كَمَا فِي صَلَاة الْفجْر فَكيف كَانَت عَائِشَة تتمها فِي السّفر فَلْيتَأَمَّل

ص: 225

وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[454]

رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَال ليشْمل جَمِيع الصَّلَوَات الرّبَاعِيّة

قَوْله

[456]

وَفِي الْخَوْف رَكْعَة هَذَا على رَأْي من يرى أَن اللَّازِم فِي الْخَوْف رَكْعَة وَاحِدَة وَلَو اقْتصر عَلَيْهَا جَازَ

قَوْله

[457]

كَيفَ تقصر الصَّلَاة أَي بِلَا خوف مَعَ أَن الرُّخْصَة فِي الْقُرْآن مُقَيّدَة بالخوف وَأَشَارَ بن عمر فِي الْجَواب إِلَى أَن النَّبِي أعلم بِالْقُرْآنِ وَقد أَخذنَا ببيانه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله

ص: 226

[458]

ثَائِر الرَّأْس أَي منتشر شعر الرَّأْس صفة رجل وَالْإِضَافَة لفظية فَلَا يمْنَع وُقُوعه صفة نكرَة وَقيل حَال وَهُوَ بعيد لوُقُوعه حَالا عَن نكرَة مَحْضَة يسمع على بِنَاء الْمَفْعُول أَو بالنُّون على بِنَاء الْفَاعِل وَكَذَا قَوْله وَلَا نفهم دوى صَوته بِفَتْح الدَّال وَكسر الْوَاو وَتَشْديد الْيَاء وَقيل وَحكى ضم الدَّال وَهُوَ مَا يظْهر من الصَّوْت وَيسمع عِنْد شدته وَبعده فِي الْهَوَاء تَشْبِيها بِصَوْت النَّحْل عَنِ الْإِسْلَامِ أَيْ عَنْ شَرَائِعِهِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ بِالرَّفْع على أَنه خبر مَحْذُوف أَي هُوَ هَل على غَيْرهنَّ أَي من جنس الصَّلَاة والا لَا يَصح النَّفْي فِي الْجَواب ضَرُورَة أَن الصَّوْم وَالزَّكَاة غَيْرهنَّ الا أَن تطوع حمله الْقَائِل بِالْوُجُوب بِالشُّرُوعِ على أَنه اسْتثِْنَاء مُتَّصِل لِأَنَّهُ الأَصْل وَالْمعْنَى الا إِذا شرعت فِي التَّطَوُّع فَيصير وَاجِبا عَلَيْك وَاسْتدلَّ بِهِ على أَن الشُّرُوع مُوجب قلت لَكِن لَا يظْهر هَذَا فِي الزَّكَاة إِذْ الصَّدَقَة قبل الْإِعْطَاء لَا تجب وَبعده لَا تُوصَف بِالْوُجُوب فَمَتَى يُقَال أَنَّهَا صَارَت وَاجِبَة بِالشُّرُوعِ فَيلْزم اتمامها فَالْوَجْه أَن الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع أَي لَكِن التَّطَوُّع جَائِز أَو وَارِد فِي الشَّرْع وَيُمكن أَن يُقَال أَنه من بَاب نفي وَاجِب آخر على معنى لَيْسَ عَلَيْك وَاجِب

ص: 227

آخر الا التَّطَوُّع والتطوع لَيْسَ بِوَاجِب فَلَا وَاجِب غير الْمَذْكُور وَالله تَعَالَى أعلم وَلَعَلَّ الِاقْتِصَار على الْمَذْكُورَات لِأَنَّهُ لم يشرع يَوْمئِذٍ غَيرهَا أَفْلح ان صدق يدل على أَن مدَار الْفَلاح على الْفَرَائِض

ص: 228

وَالسّنَن وَغَيرهَا تكميلات لَا يفوت أصل الْفَلاح بهَا

قَوْله

[459]

صلوَات خمس هَكَذَا فِي بعض النّسخ فَهُوَ اما مَرْفُوع بِتَقْدِير هِيَ خمس أَو جُمْلَتهَا خمس أَو مَنْصُوب لَكِن حذف الْألف خطأ على دأب كِتَابَة أهل الحَدِيث فَإِنَّهُم كثيرا مَا يَكْتُبُونَ الْمَنْصُوب بِلَا ألف وَفِي بعض النّسخ خمْسا بِالْألف وَهُوَ وَاضح هَل قبلهن أَو بعدهن شَيْئا أَي هَل افْترض قبلهن أَو بعدهن شَيْئا

قَوْله

[460]

أَلا تُبَايِعُونَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ حث لَهُم على ذَلِك وَفِي عنوان الرسَالَة تَنْبِيه على أَنَّهَا الْعلَّة الباعثة على ذَلِك وَلذَلِك عدل عَن الضَّمِير إِلَى الظَّاهِر وَأما الصَّلَاة فَيحْتَمل أَن يكون مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَيحْتَمل أَن يكون من غَيره فقدمنا من التَّقْدِيم تعبدوا الله أَي تطيعوه بِمَا تطيقون من ذَلِك وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا أَي اخلاصا بِلَا رِيَاء أَو معنى تعبدوا الله توحدوه وَجُمْلَة وَلَا تُشْرِكُوا تَأْكِيد لَهُ أَن لَا تسألوا أَي طَمَعا فِيمَا عِنْدهم والا فَطلب الدّين وَنَحْوه وَالْعلم وَمثله غير دَاخل فِيهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 229

[461]

خمس صلوَات الظَّاهِر أَنه مُبْتَدأ لتخصيصه بِالْإِضَافَة خَبره كتبهن أَي أوجبهن وفرضهن وَقد اسْتدلَّ بِالْعدَدِ على عدم وجوب الْوتر لَكِن دلَالَة مَفْهُوم الْعدَد ضَعِيفَة عِنْدهم وَقد يُقَال لَعَلَّه اسْتدلَّ على ذَلِك بقوله من جَاءَ بِهن الخ حَيْثُ رتب دُخُول الْجنَّة على أَدَاء الْخمس وَلَو كَانَ هُنَاكَ صَلَاة غير الْخمس فرضا لما رتب هَذَا الْجَزَاء على أَدَاء الْخمس قلت هَذَا منقوض بفرائض غير الصَّلَوَات فَلْيتَأَمَّل لم يضيع من التضييع اسْتِخْفَافًا بحقهن احْتِرَازًا عَمَّا إِذا ضَاعَ شَيْء سَهوا ونسيانا أَن يدْخلهُ من الادخال وَالْمرَاد الادخال أَولا وَهَذَا يَقْتَضِي أَن المحافظ على الصَّلَوَات يوفق للصالحات بِحَيْثُ يدْخل الْجنَّة ابْتِدَاء والْحَدِيث يدل على أَن تَارِك الصَّلَوَات مُؤمن كَمَا لَا يخفى وَمعنى عذبه أَي على قدر ذنُوبه وَمعنى أدخلهُ الْجنَّة أَي ابْتِدَاء بمغفرته وَالله تَعَالَى أعلم

ص: 230

قَوْله أَرَأَيْتُمْ أَيْ أَخْبِرُونِي لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِفَتْحِ الْهَاء وسكونها من درنه بِفتْحَتَيْنِ أَي وسخة فَكَذَلِك الخ ان قلت من أَي التَّشْبِيه هَذَا التَّشْبِيه قلت هُوَ من تَشْبِيه الْهَيْئَة وَلَا حَاجَة فِيهِ إِلَى تكلّف اعْتِبَار تَشْبِيه الْأَجْزَاء بالأجزاء فَلَا يُقَال أَي شَيْء يعْتَبر مثلا للنهر فِي جَانب الصَّلَاة يمحو الله بِهن الْخَطَايَا خصها الْعلمَاء بالصغائر وَلَا يخفى أَنه بِحَسب الظَّاهِر لَا يُنَاسب التَّشْبِيه بالنهر فِي إِزَالَة الدَّرن إِذْ النَّهر الْمَذْكُور لَا يبْقى من الدَّرن شَيْئا أصلا وعَلى تَقْدِير أَن يبْقى فابقاء الْقَلِيل وَالصَّغِير أقرب من ابقاء الْكثير الْكَبِير فاعتبار بَقَاء الْكَبَائِر وارتفاع الصَّغَائِر قلب لما هُوَ الْمَعْقُول نظرا إِلَى التَّشْبِيه فَلَعَلَّ مَا ذكرُوا من التَّخْصِيص مَبْنِيّ على أَن للصغائر تَأْثِيرا فِي درن الظَّاهِر فَقَط كَمَا يدل عَلَيْهِ مَا ورد من خُرُوج الصَّغَائِر من الْأَعْضَاء عِنْد التَّوَضُّؤ بِالْمَاءِ بِخِلَاف الْكَبَائِر فَإِن لَهَا تَأْثِيرا فِي درن الْبَاطِن كَمَا جَاءَ أَن العَبْد إِذا ارْتكب الْمعْصِيَة تحصل فِي قلبه نقطة سَوْدَاء وَنَحْو ذَلِك وَقد قَالَ تَعَالَى بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ وَقد علم أَن أثر الْكَبَائِر يذهبها التَّوْبَة الَّتِي هِيَ ندامةبالقلب فَكَمَا أَن الْغسْل إِنَّمَا يذهب بدرن الظَّاهِر دون الْبَاطِن فَكَذَلِك الصَّلَاة فتفكر وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[463]

أَن الْعَهْد أَي الْعَمَل الَّذِي أَخذ الله تَعَالَى عَلَيْهِ الْعَهْد والميثاق من الْمُسلمين كَيفَ وَقد سبق أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بايعهم على الصَّلَوَات وَذَلِكَ من عهد الله تَعَالَى الَّذِي بَيْننَا وَبينهمْ أَي الَّذِي يفرق بَين الْمُسلمين والكافرين ويتميز بِهِ هَؤُلَاءِ عَن هَؤُلَاءِ صُورَة على الدَّوَام الصَّلَاة وَلَيْسَ هُنَاكَ عمل على صفتهَا فِي افادة التميز بَين الطَّائِفَتَيْنِ على الدَّوَام فقد كفر أَي صُورَة وتشبها بهم إِذْ لَا يتَمَيَّز الا الْمُصَلِّي وَقيل يخَاف عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّيه إِلَى الْكفْر وَقيل كفر أَي أُبِيح دَمه وَقيل المُرَاد من تَركهَا جحدا وَقَالَ أَحْمد تَارِك الصَّلَاة كَافِر لظَاهِر الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 231

[465]

ان أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد أَي فِي حُقُوق الله فَلَا يشكل بِمَا جَاءَ انه يبْدَأ بالدماء فَإِن ذَاك فِي الْمَظَالِم وَحُقُوق النَّاس بِصَلَاتِهِ الْبَاء زَائِدَة تدل عَلَيْهِ الرِّوَايَة الْآتِيَة فيكمل بِهِ مَا نقص من الْفَرِيضَة ظَاهره أَن

ص: 232

من فَاتَتْهُ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة فصلى نَافِلَة يحْسب عَنهُ النَّافِلَة مَوضِع الْمَكْتُوبَة وَقيل بل مَا نقص من خشوع الْفَرِيضَة وآدابها يجْبر بالنافلة ورد بِأَن قَوْله وَسَائِر الْأَعْمَال كَذَلِك لَا يُنَاسِبه إِذْ لَيْسَ فِي الزَّكَاة الا فرض أَو فضل فَكَمَا تكمل فرض الزَّكَاة بفضلها كَذَلِك فِي الصَّلَاة وَفضل الله أوسع وَكَرمه أَعم وَأتم وَالله تَعَالَى أعلم

ص: 233

قَوْله

[468]

يدخلني الْجنَّة من الادخال أَي يدخلني الله بِهِ أَو يدخلني ذَلِك الْعَمَل على الْإِسْنَاد الْمجَازِي وَالْمرَاد الدُّخُول ابْتِدَاء والا فَيَكْفِي الْإِيمَان والمضارع مَرْفُوع وَالْجُمْلَة صفة عمل وَيُمكن جزم الْمُضَارع بِتَقْدِير أَي أَن عملته أَو على أَنه جَوَاب الْأَمر وَفِيه بَيَان أَنه 7 هِيَ نَفسه لاتيان ذَلِك الْعَمَل بِحَيْثُ كَانَ الاخبار فِي حَقه سَببا لدُخُول الْجنَّة تعبد الله بِمَعْنى الْمصدر أَو خبر بِمَعْنى الْأَمر وَالْعِبَادَة التَّوْحِيد وَجُمْلَة وَلَا تشرك تَأْكِيد لَهُ أَو الطَّاعَة مُطلقًا وَجُمْلَة وَلَا تشرك لبَيَان الْإِخْلَاص وَترك الرِّيَاء وعَلى الثَّانِي قَوْله وتقيم الخ تَخْصِيص بعد التَّعْمِيم ذرها أَمر لَهُ بِأَن يتْرك نَاقَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَإِنَّهُ حَبسهَا وَقت السُّؤَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 234

[469]

وبذي الحليفة الْعَصْر رَكْعَتَيْنِ قصرهَا لِأَنَّهُ خرج حَاجا إِلَى مَكَّة لَا لِأَن ذَا الحليفة حد الْقصر كَمَا توهم قَوْله بالهاجرة قَالَ السُّيُوطِيّ هِيَ اشتداد الْحر نصف النَّهَار قلت كَذَلِك قَالَ أهل اللُّغَة لَكِن المُرَاد هَا هُنَا بعد الزَّوَال فَكَانَ مُرَادهم نصف النَّهَار وَمَا يُقَارِبه عنزة بِمُهْملَة وَنون مفتوحتين هِيَ مثل نصف الرمْح أَو أكبر شَيْئا وَفِي طرفها حَدِيدَة

قَوْله

[471]

لن يلج بِكَسْر اللَّام أَي لَا يدْخل وَقَوله صل لَعَلَّ المُرَاد بِهِ الدَّوَام وَلَعَلَّه لَا يوفق للمداومة الا من سبقت لَهُ هَذِه السَّعَادَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَآذِنِّي بِالْمدِّ وَتَشْديد النُّون بادغام نون الْكَلِمَة فِي نون الْوِقَايَة من الايذان بِمَعْنى الاعلام أَي أعلمني فَأَمْلَتْ من الْإِمْلَاء أَي أَلْقَت على لأكتب وَصَلَاة الْعَصْر بالْعَطْف فَالظَّاهِر أَنَّهَا غير الْوُسْطَى وَهُوَ يُخَالف الحَدِيث الْمَرْفُوع الَّذِي سَيَجِيءُ الا أَن يَجْعَل الْعَطف للتفسير وَالظَّاهِر أَن هَذَا كَانَ من النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذكره تَفْسِيرا لِلْآيَةِ فَزَعَمت عَائِشَة أَنه جُزْء من الْآيَة أَو كَانَ جُزْءا فنسخ وَزَعَمت بَقَاءَهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 235

[474]

فقد حَبط عمله بِكَسْر الْبَاء أَي بَطل قيل أُرِيد بِهِ تَعْظِيم الْمعْصِيَة لَا حَقِيقَة اللَّفْظ يكون مجَاز التَّشْبِيه قلت وَهَذَا مَبْنِيّ على أَن الْعَمَل لَا يحبط الا بالْكفْر لَكِن ظَاهر قَوْله تَعَالَى لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم الْآيَة يُفِيد أَنه يحبط بِبَعْض الْمعاصِي أَيْضا فَيمكن أَن يكون ترك الْعَصْر عمدا من جملَة تِلْكَ الْمعاصِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 236

[475]

كُنَّا نحزر بحاء مُهْملَة ثمَّ زَاي مُعْجمَة ثمَّ رَاء مُهْملَة من نصر أَي نقدر وَفِي الآخرتين على نصف ذَلِك هَذَا يَقْتَضِي أَنه كَانَ يقْرَأ فِي الآخرتين أَحْيَانًا سوى الْفَاتِحَة أَيْضا هَذَا ثمَّ مَا جَاءَ من الِاخْتِلَاف فِي قدر الْقِرَاءَة يحمل على اخْتِلَاف الْأَوْقَات قَوْله

ص: 237

[478]

من فَاتَتْهُ صَلَاة ظَاهر الْعُمُوم لكل وَقيل الْوَقْت ذهَاب الْوَقْت مُطلقًا وَقيل الْوَقْت الْمُخْتَار وَقيل ذهَاب الْجَمَاعَة وتر أَهله وَمَاله يرْوى بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ وُتِرَ بِمَعْنَى سُلِبَ وَهُوَ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى أَخذ فَيكون أَهله هُوَ نَائِب الْفَاعِل وَالْمَقْصُود أَنه ليحذر من تفوتها كحذره من ذهَاب أَهله وَمَاله وَقَالَ الدَّاودِيّ أَي يجب عَلَيْهِ من الأسف والاسترجاع مثل الَّذِي يجب على من وتر أَهله وَمَاله اه قلت وَلَا يجب عَلَيْهِ شَيْء من الأسف أصلا فَلْيتَأَمَّل وَالْوَجْه أَن المُرَاد أَنه حصل لَهُ من النُّقْصَان فِي الْآجر فِي الْآخِرَة مَا لَو وزن بِنَقص الدُّنْيَا لما وازنه الانقصان من نقص أَهله وَمَاله وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ هَذَا الحَدِيث غير دَاخل فِي تَرْجَمَة صَلَاة الْعَصْر فِي السّفر بل هَذَا بحث آخر وَتَحْقِيق مَا يتَعَلَّق بِهَذَا الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[479]

خَالفه مُحَمَّد بن إِسْحَاق قيل وَجه مُخَالفَة مُحَمَّد بن إِسْحَاق لليث أَنه خَالفه فِي السَّنَد فَقَالَ بن إِسْحَاق سَمِعت نَوْفَل بن مُعَاوِيَة

ص: 238

وَقَالَ اللَّيْث عَن عرَاك بن مَالك أَنه بلغه أَن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة وَفِي الْمَتْن فَإِن الأول وَقفه على نَوْفَل وَالثَّانِي رَفعه قَوْله أعتم بِفَتْح أَي أخر الْعشَاء أَنه لَيْسَ أحد الخ أَي هِيَ مَخْصُوصَة بكم فاللائق بكم أَن تنتفعوا بهَا بالاشتغال بهَا والانتظار لَهَا لِأَن الِانْتِظَار كالاشتغال بهَا أجرا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 239

[485]

يتعاقبون فِيكُم أَيْ تَأْتِي طَائِفَةٌ عَقِبَ طَائِفَةٍ ثُمَّ تَعُودُ الأولى عقب الثَّانِيَة وَضمير فِيكُم للمصلين أَو مُطلق الْمُؤمنِينَ وَالْوَاو فِي يتعاقبون لعلامة جمع الْفَاعِل على لُغَة أكلوني البراغيث وَلَيْسَ بفاعل أَو هُوَ ضمير مُبْهَم بَينه مَلَائِكَة بِاللَّيْلِ أَو قَوْله مَلَائِكَة بِاللَّيْلِ مُبْتَدأ خَبره يتعاقبون فِيكُم تقدم عَلَيْهِ لفظا هَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي مثله ورد بِأَن فِي هَذَا الحَدِيث وَقع اخْتِصَار من الروَاة وَالْأَصْل إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وملائكة بِالنَّهَارِ كَمَا رَوَاهُ الْبَزَّار ثمَّ يعرج الَّذين باتوا لَيْلًا أَو نَهَارا كَمَا فِي رِوَايَة وَمُقْتَضى اجْتِمَاعهم فِي الصَّلَاتَيْنِ أَنه يخْتَلف مجيئهم وذهابهم حسب اخْتِلَاف النَّاس فِي الصَّلَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 240

[486]

صَلَاة الْجمع الْإِضَافَة لأدنى مُلَابسَة أَي صَلَاة أحدكُم مَعَ الْجمع أَي الْجَمَاعَة أَو بِحَذْف الْمُضَاف أَي صَلَاة آحَاد الْجَمِيع والا فَلَيْسَ الْمَطْلُوب تَفْضِيل صَلَاة الْمَجْمُوع على صَلَاة الْوَاحِد بل تَفْضِيل صَلَاة الْوَاحِد على صلَاته بِاعْتِبَار الْحَالين ثمَّ إِنَّه جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات بِسبع وَعشْرين دَرَجَة فَيحْتَمل على أَنه اوحى إِلَيْهِ أَولا بِخمْس وَعشْرين ثمَّ بِسبع وَعشْرين تفضلا من الله تَعَالَى حَيْثُ زَاد دَرَجَتَيْنِ أَو على أَن المُرَاد فِي أحد الْحَدِيثين التكثير دون التَّحْدِيد وَالله تَعَالَى أعلم كَانَ مشهودا أَي يشهده

ص: 241

الْمَلَائِكَة ويحضره وَلَا يخفي أَن طَائِفَة من الْمَلَائِكَة على الْبَدَلِيَّة تشهد الصَّلَوَات كلهَا وكلتا الطَّائِفَتَيْنِ لَا يحْضرُون صَلَاة الْفجْر أَو الْعَصْر بتمامهما أَيْضا لقَولهم تركناهم وهم يصلونَ فكأنهم يشْهدُونَ الْقُرْآن جَمِيعًا ثمَّ تذْهب طَائِفَة عِنْد تَمام الرَّكْعَة الثَّانِيَة من الْفجْر أَو الرَّابِعَة من الْعَصْر قبل الْفَرَاغ من الصَّلَاة فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[488]

بَيت الْمُقَدّس كمرجع أَو كاسم الْمَفْعُول من التَّقْدِيس

ص: 242

وَصرف على بِنَاء الْمَفْعُول أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك ولظهور البعدية من السُّوق لم يقل ثمَّ صرف إِلَى الْقبْلَة اللَّام فِيهَا للْعهد وَالْمرَاد الْقبْلَة الْمَعْهُودَة بَين الْمُسلمين وَهِي الْكَعْبَة المشرفة والا فقد كَانَ بَيت الْمُقَدّس قبْلَة لَهُم قَالَ تَعَالَى سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس مَا ولاهم عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قَوْله وَجه على بِنَاء الْمَفْعُول أَي أَمر بِأَن يتَوَجَّه فانحرفوا إِلَى الْكَعْبَة أَي انصرفوا إِلَيْهَا وهم فِي الصَّلَاة لخَبر الْوَاحِد وَفِيه نسخ الْقطعِي بالظني وَقد قررهم النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك الا أَن يمْنَع الظنية وَيَدعِي أَنه قد حَفَّتْهُ أَمَارَات

ص: 243

أدَّت إِلَى الْقطع وَفِيه أَن مَا عمل على وفْق الْمَنْسُوخ قبل الْعلم بالنسخ فَهُوَ صَحِيح وَأَن حكم النَّاسِخ يثبت من وَقت الْعلم فَيَنْبَغِي أَن لَا يتْرك مَا ثَبت لاحْتِمَاله النّسخ لِأَن حكم النّسخ لَا يثبت الا من حِين الْعلم وَقبل الثَّابِت وَهُوَ حكم الْمَنْسُوخ فَلْيتَأَمَّل وَيَنْبَغِي أَن يكون احْتِمَال الْمعَارض والتأويل مثله وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يسبح من التَّسْبِيح أَي يُصَلِّي النَّافِلَة قبل بِكَسْر الْقَاف غير أَنه أَي لكنه وَهَذَا يدل على عدم وجوب الْوتر

قَوْله

[491]

يُصَلِّي على دَابَّته أَي النَّافِلَة

قَوْله

[492]

حَيْثُمَا تَوَجَّهت بِهِ الْبَاء للتعدية أَو المصاحبة قَوْله بقباء بِضَم الْقَاف وَهَذَا يذكر وَيصرف وَقيل يقصر وَيُؤَنث وَيمْنَع

ص: 244

فاستقبلوها بِكَسْر الْبَاء على أَنه صِيغَة أَمر وَهُوَ من كَلَام الْآتِي أَو بِفَتْح الْبَاء على أَنه صِيغَة مَاض وَهُوَ حِكَايَة لحالهم قيل وَالظَّاهِر هُوَ الأول لِأَن الثَّانِي يُغني عَنهُ قَوْله فاستداروا الْكَعْبَة وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ هَذَا الِاسْتِقْبَال يسْتَلْزم تقدم الْقَوْم على الامام الا أَن يُقَال بِأَن الامام تحول من مَكَانَهُ فِي مقدم الْمَسْجِد إِلَى مؤخره ثمَّ تحولت الرِّجَال حَتَّى صَارُوا خَلفه وَيلْزم وُقُوع مشي كثير فِي أثْنَاء الصَّلَاة الا أَن يُقَال كَانَ وُقُوعه قبل التَّحْرِيم أَو لم تتوال الخطا كَذَا قيل وَمرَاده بقوله قبل التَّحْرِيم أَي قبل الشُّرُوع فِي الصَّلَاة أَو قبل أَن يصير الْعَمَل فِي الصَّلَاة حَرَامًا وَالْأول يأباه ظَاهر لفظ الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[494]

أما ان جِبْرِيل أما بِالتَّخْفِيفِ حرف استفتاح بِمَنْزِلَة أَلا امام رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِكَسْر الْهمزَة وَهُوَ حَال لكَون اضافته لفظية نظرا إِلَى الْمَعْنى أَو بِفَتْح الْهمزَة وَهُوَ ظرف وَالْمعْنَى يمِيل إِلَى الأول ومقصود عُرْوَة بذلك أَن أَمر الْأَوْقَات عَظِيم قد نزل لتحديدها جِبْرِيل فعلمها النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِالْفِعْلِ فَلَا يَنْبَغِي التَّقْصِير فِي مثله اعْلَم أَمر من الْعلم أَي كن حَافِظًا ضابطا لَهُ وَلَا تقله عَن غَفلَة أَو من الاعلام أَي بَين لي حَالَة واسنادك فِيهِ يحْسب بِضَم السِّين من الْحساب خمس صلوَات كل وَاحِدَة مِنْهَا مرَّتَيْنِ تحديدا لأوائل الْأَوْقَات وأواخرها وَهُوَ بِالنّصب مفعول يحْسب أَو صليت وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله يسْأَل هُوَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ على بِنَاء الْفَاعِل

ص: 245

[495]

كَمَا أسمعك من الاسماع قَالَ أَبُو بَرزَة كَانَ أَي رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يحب النّوم قبلهَا لما فِيهِ من تَعْرِيض صَلَاة الْعشَاء على الْفَوات وَلَا الحَدِيث الخ لما فِيهِ من تَعْرِيض قيام اللَّيْل بل صَلَاة الْفجْر على الْفَوات عَادَة وَقد جَاءَ الْكَلَام بعْدهَا فِي الْعلم وَنَحْوه مِمَّا لَا يخل فَلذَلِك خص هَذَا الحَدِيث بِغَيْرِهِ يذهب الذَّاهِب بعد الْفَرَاغ مِنْهَا كَمَا يدل عَلَيْهِ السِّيَاق لِأَن الحَدِيث مسوق لتحديد الْوَقْت الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حَيَّة حَيَاة الشَّمْس اما بِبَقَاء الْحر أَو بصفاء اللَّوْن بِحَيْثُ لَا يظْهر فِيهِ تغير أَو بالأمرين جَمِيعًا فيعرفه فَإِذا كَانَ هَذَا وَقت الْفَرَاغ فَيكون الشُّرُوع بِغَلَس وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله زاغت أَي زَالَت قَوْله

ص: 246

[497]

عَن خباب بِمُعْجَمَة وموحدتين كعلام قَوْله حر الرمضاء كحمراء بضاد مُعْجمَة هِيَ الرمل الْحَار لحرارة الشَّمْس فَلم يشكنا من أشكى إِذا أَزَال شكواه فِي النِّهَايَة شكوا إِلَيْهِ حَرَّ الشَّمْسِ وَمَا يُصِيبُ أَقْدَامَهُمْ مِنْهُ إِذَا خَرَجُوا إِلَى صَلَاةِ الظَّهْرِ وَسَأَلُوهُ تَأْخِيرَهَا قَلِيلا فَلم يجبهم إِلَى ذَلِك قَالَ وَهَذَا الحَدِيث يذكرهُ أهل الحَدِيث فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ لما قيل لَهُ فِي تَعْجِيلهَا أَي شكوا إِلَيْهِ فِي شَأْن التَّعْجِيل قَالَ نَعَمْ وَالْفُقَهَاءُ يَذْكُرُونَهُ فِي السُّجُودِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَضَعُونَ أَطْرَافَ ثِيَابِهِمْ تَحْتَ جِبَاهِهِمْ

ص: 247

فِي السُّجُودِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فَنُهُوا عَنْ ذَلِك قلت وَهَذَا التَّأْوِيل بعيد وَالثَّابِت أَنهم كَانُوا يَسْجُدُونَ على طرف الثَّوْب وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ يحْتَمل أَن يكون هَذَا قبل أَن يَأْمُرهُم بِالْإِبْرَادِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ طَلَبُوا زِيَادَةَ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ عَلَى وَقْتِ الْإِبْرَادِ فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ وَقيل مَعْنَاهُ فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ لَمْ يُحْوِجْنَا إِلَى الشَّكْوَى وَرخّص لنا فِي الابراد وعَلى هَذَا يظْهر التَّوْفِيق بَين الْأَحَادِيث

قَوْله

[498]

إِذا نزل منزلا أَي قبيل الظّهْر لَا مُطلقًا كَيفَ وَقد صَحَّ عَن أنس إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظّهْر إِلَى وَقت الْعَصْر وَإِن كَانَ بِنصْف النَّهَار مُتَعَلق بِمَا يفهم من السُّوق من التَّعْجِيل أَي يعجل وَلَا يُبَالِي بهَا وَإِن كَانَت بِنصْف النَّهَار وَالْمرَاد قرب النّصْف إِذْ لَا بُد من الزَّوَال وَالله تَعَالَى أعلم بِالْحَال

قَوْله

[499]

أبرد بِالصَّلَاةِ من الابراد وَهُوَ الدُّخُول فِي الْبرد وَالْبَاء للتعدية أَي أدخلها فِي الْبرد وأخرها عَن شدَّة الْحر فِي أول الزَّوَال فَكَانَ حد التَّأْخِير غَالِبا أَن يظْهر الْفَيْء للجدر قَوْله

ص: 248

[500]

فأبردوا عَن الصَّلَاة قيل كلمة عَن بِمَعْنى الْبَاء أَو زَائِدَة وأبرد مُتَعَدٍّ بِنَفسِهِ بِمَعْنى أَدخل فِي الْبرد وَقيل مُتَعَلقَة بأبردوا بتضمين معنى التَّأْخِير وَلَا بُد من تَقْدِير الْمُضَاف وَهُوَ الْوَقْت فَإِن قدر مَعَ ذَلِك مفعول أبردوا أعنى بِالصَّلَاةِ فَالْمَعْنى أدخلوها فِي الْبرد مؤخرين إِيَّاهَا عَن وَقتهَا الْمُعْتَاد وَإِن لم يقدر لَهُ مفعول يكون الْمَعْنى ادخُلُوا أَنْتُم فِي الْبرد مؤخرين إِيَّاهَا عَن وَقتهَا وَالله تَعَالَى أعلم من فيح جَهَنَّم أَي شدَّة غليانها وانتشار حرهَا وَالْجُمْهُور حمله على الْحَقِيقَة إِذْ لَا يستبعد مثله وَقيل خَرَجَ مَخْرَجَ التَّشْبِيهِ وَالتَّقْرِيبِ أَيْ كَأَنَّهُ نَارُ جَهَنَّم فِي الْحر فاحذروها وَاجْتَنبُوا ضرها قَوْله عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ الخ الظَّاهِر أَن هَذِه الْوَاقِعَة بِمَكَّة قبل إِسْلَام أبي هُرَيْرَة وَالنَّبِيّ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَذَا الْكَلَام لمن حَضَره يَوْمئِذٍ وَأَبُو هُرَيْرَة أَخذ الحَدِيث من بعض أُولَئِكَ فَالْحَدِيث مُرْسل صَحَابِيّ لَكِن مُرْسل الصَّحَابِيّ كالمتصل وَيحْتَمل على بعد مَجِيء جِبْرِيل مرّة ثَانِيَة بعد إِسْلَام أبي هُرَيْرَة وَيكون الحَدِيث

ص: 249

مُتَّصِلا وَالله تَعَالَى أعلم فصلى أَي جِبْرِيل أَو النَّبِي عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام حِين رأى أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَو جِبْرِيل الظل مثله أَي قدر قامته وَلم يكن فِي تِلْكَ الْأَيَّام فَيْء كَمَا جَاءَ أَو كَانَ وَالْمرَاد سوى فَيْء الزَّوَال ضَرُورَة أَن الْمَقْصُود تَحْدِيد الْوَقْت وتعيينه وفيء الزَّوَال لَا يتَعَيَّن زَمَانا وَلَا مَكَانا فَعِنْدَ اعْتِبَاره فِي الْمثل لَا يحصل التَّحْدِيد أصلا ثمَّ صلى بِهِ الظّهْر أَي فرغ مِنْهَا وَأما فِي الْعَصْر الأول فَالْمُرَاد بقوله صلى شرع فِيهَا وَهَذَا لِأَن تَعْرِيف وَقت الصَّلَاة بالمرتين يَقْتَضِي أَن يعْتَبر الشُّرُوع فِي أولى الْمَرَّتَيْنِ والفراغ فِي الثَّانِيَة مِنْهُمَا ليتعين بهما الْوَقْت وَيعرف أَن الْوَقْت من شُرُوع الصَّلَاة فِي أولى الْمَرَّتَيْنِ إِلَى الْفَرَاغ مِنْهَا فِي الْمرة الثَّانِيَة وَهَذَا معنى قَول جِبْرِيل الصَّلَاة مَا بَين صَلَاتك أمس وَصَلَاة الْيَوْم أَي وَقت الصَّلَاة من وَقت الشُّرُوع فِي الْمرة الأولى إِلَى وَقت الْفَرَاغ فِي الْمرة الثَّانِيَة وَبِهَذَا ظهر صِحَة هَذَا القَوْل فِي صَلَاة الْمغرب وان صلى فِي الْيَوْمَيْنِ فِي وَقت وَاحِد وَسقط مَا يتَوَهَّم أَن لفظ الحَدِيث يُعْطي وُقُوع الظّهْر فِي الْيَوْم الثَّانِي فِي وَقت صَلَاة الْعَصْر فِي الْيَوْم الأول فَيلْزم اما التَّدَاخُل فِي الْأَوْقَات وَهُوَ مَرْدُود عِنْد الْجُمْهُور ومخالف لحَدِيث لَا يدْخل وَقت صَلَاة حَتَّى يخرج وَقت صَلَاة أُخْرَى أَو النّسخ وَهُوَ يفوت التَّعْرِيف الْمَقْصُود بامامة جِبْرِيل مرَّتَيْنِ فَإِن الْمَقْصُود فِي أول الْمَرَّتَيْنِ تَعْرِيف أول الْوَقْت وبالثانية تَعْرِيف آخِره وَعند النّسخ لَا يحصل ذَلِك على أَن قَوْله وَالصَّلَاة مَا بَين صَلَاتك الخ تَصْرِيح فِي رد القَوْل بالنسخ ثمَّ قَوْله وَالصَّلَاة مَا بَين صَلَاتك الخ يَقْتَضِي بِحَسب الظَّاهِر أَن لَا يجوز الْعَصْر بعد المثلين لكنه مَحْمُول على بَيَان الْوَقْت الْمُخْتَار فَفِيمَا يدل الدَّلِيل على وجود وَقت سوى الْوَقْت

ص: 250

الْمُخْتَار يَقُول بِهِ كالعصر وَفِيمَا لم يقم دَلِيل على ذَلِك بل قَامَ على خِلَافه كالظهر حَيْثُ اتَّصل الْعَصْر بِمُضِيِّ وقته الْمُخْتَار نقُول فِيهِ بِأَن وقته كُله مُخْتَار وَلَيْسَ لَهُ وَقت سوى ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[503]

كَانَ قَدْرُ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الخ أَي قدر تَأْخِير الصَّلَاة عَن الزَّوَال مَا يظْهر فِيهِ قدر ثَلَاثَة أَقْدَام للظل أَي يصير ظلّ كل انسان ثَلَاثَة أَقْدَام من اقدامه فَيعْتَبر قدم كل انسان بِالنّظرِ إِلَى ظله وَالْمرَاد أَن يبلغ مَجْمُوع الظل الْأَصْلِيّ وَالزَّائِد هَذَا الْمبلغ لَا أَن يصير الزَّائِد هَذَا الْقدر وَيعْتَبر الْأَصْلِيّ سوى ذَلِك فَهَذَا قد يكون لزِيَادَة الظل الْأَصْلِيّ كَمَا فِي أَيَّام الشتَاء وَقد يكون لزِيَادَة الظل الزَّائِد بِسَبَب

ص: 251

التبريد كَمَا فِي أَيَّام الصَّيف وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله صلى معي هَكَذَا فِي نسختنا ثُبُوت الْيَاء وَالظَّاهِر حذفهَا وَكَانَ الْيَاء الْمَوْجُودَة للآشباع وَأما لَام الْكَلِمَة فَهِيَ محذوفة أَو هِيَ لَام الْكَلِمَة الا أَن المعتل عومل مُعَاملَة الصَّحِيح وَقد تكَرر الْوَجْهَانِ فِي مَوَاضِع فَكُن على ذكر مِنْهُمَا فلعلي مَا أُعِيد بعد ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ هَذَا الحَدِيث فِي وَقت الظّهْر وَالْعصر مُوَافق لحَدِيث امامة جِبْرِيل فيؤيد بطلَان قَول من يَقُول بالنسخ فَلْيتَأَمَّل

قَوْله

[505]

وَالشَّمْس فِي حُجْرَتهَا أَي ظلها فِي الْحُجْرَة لم يظْهر الْفَيْء أَي ظلها لم يصعد وَلم يعل على الْحِيطَان أَو لم يزل قلت وَهُوَ الْأَظْهر لِأَن الْغَالِب أَن ظلّ الشَّمْس يظْهر على الْحِيطَان قبل الْمثل وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[506]

وهم يصلونَ أَي الْعَصْر وَمَعْلُوم أَنهم صحابة مَا يصلونَ فِي وَقت لَا يَنْبَغِي التَّأْخِير إِلَيْهِ قَوْله

ص: 252

[507]

وَيذْهب الذَّاهِب أَي بعد الصَّلَاة بِقَرِينَة السِّيَاق قَوْله محلقة اسْم فَاعل من التحليق بِمَعْنى الِارْتفَاع أَي مُرْتَفعَة

قَوْله

[509]

حَتَّى دَخَلنَا على أنس بن مَالك أَي وبيته فِي جنب الْمَسْجِد وَهَذَا يُفِيد تَعْجِيل الْعَصْر بِلَا ريب قَالَ النَّوَوِيّ وَإِنَّمَا أخر عمر بن عبد الْعَزِيز الظّهْر رَحمَه الله تَعَالَى على عَادَة الْأُمَرَاء قبْلَة قبل أَن تبلغه السّنة فِي تَقْدِيمهَا فَلَمَّا بلغته صَار إِلَى التَّقْدِيم وَيحْتَمل أَنه أَخّرهَا لشغل وَعذر عرض لَهُ وَظَاهر الحَدِيث يَقْتَضِي التَّأْوِيل الأول وَهَذَا كَانَ حِين ولي عمر بن عبد الْعَزِيز الْمَدِينَة نِيَابَة لَا فِي خِلَافَته لِأَن أنسا رضى الله تَعَالَى عَنهُ توفّي قبل خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز بِنَحْوِ تسع سِنِين قَوْله عجلت من التَّعْجِيل

ص: 253

قَوْله تِلْكَ أَي الصَّلَاة الْمُتَأَخِّرَة عَن الْوَقْت وَقَوله فَكَانَت بَين قَرْني الشَّيْطَان كِنَايَة عَن قرب الْغُرُوب وَذَلِكَ لِأَن الشَّيْطَان عِنْد الطُّلُوع والاستواء والغروب ينْتَصب دون الشَّمْس بِحَيْثُ يكون الطُّلُوع والغروب بَين قرنيه فَنقرَ أَرْبعا كَأَنَّهُ شبه كل سَجْدَتَيْنِ من سجداته من حَيْثُ أَنه لَا يمْكث

ص: 254

فيهمَا وَلَا بَينهمَا بنقر طَائِر إِذا وضع منقاره يلتقط شَيْئا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَتقدم جِبْرِيل الخ وَكَانَت امامة جِبْرِيل بأَمْره تَعَالَى فاقتداء النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِهِ وَالنَّاس اقْتِدَاء مفترض بمفترض فَلَا يَسْتَقِيم اسْتِدْلَال من اسْتدلَّ بِالْحَدِيثِ على جَوَاز اقْتِدَاء المفترض بالمتنفل حَتَّى وَجَبت أَي غربت

ص: 255

حِين انْشَقَّ الْفجْر أَي طلع ثمَّ أَتَاهُ فِي الْيَوْمَ الثَّانِيَ حِينَ كَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ مِثْلَ شخصه أَي أَتَاهُ بِحَيْثُ فرغ من الصَّلَاة وَقد كَانَ ظلّ الرجل مثل شخصه بِخِلَاف مَا تقدم من الْعَصْر فِي الْيَوْم الأول فَإِنَّهُ شرع فِي الصَّلَاة وَكَانَ ظلّ الشَّيْء مثله وَقد تقدم تَحْقِيقه فنمنا ثمَّ قمنا ظَاهره أَن جَابِرا قد حضر هَذِه الصَّلَاة لَكِن الْمَشْهُور أَن هَذِه الصَّلَاة كَانَت بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة فَأَما أَن يُقَال أَن هَذَا الْكَلَام كَلَام من سمع جَابر الحَدِيث عَنهُ ثمَّ ذكره جَابر على وَجه الْحِكَايَة أَو نقُول بِتَعَدُّد الْوَاقِعَة كَمَا ذكرت فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وعَلى الثَّانِي فَقَوْل جَابر يُعلمهُ مَوَاقِيت يحمل على زِيَادَة الايقان وَالْحِفْظ وَالله تَعَالَى أعلم امْتَدَّ الْفجْر أَي طَال وَلَعَلَّه مَا انْتظر الْأَسْفَار التَّام لتطويل الْقِرَاءَة فصلى بِحَيْثُ وَقع الْفَرَاغ عِنْد الْأَسْفَار فضبط آخر الْوَقْت بالفراغ من الثَّانِيَة كَمَا ضبط أَوله بِالشُّرُوعِ فِي الأولى وَالله تَعَالَى أعلم

ص: 256

قَوْله

[514]

من أدْرك رَكْعَتَيْنِ غَالب الرِّوَايَات من أدْرك رَكْعَة وَمعنى فقد أدْرك أَي تمكن مِنْهُ بِأَن يضم إِلَيْهَا بَاقِي الرَّكْعَات وَلَيْسَ المُرَاد أَن الرَّكْعَة تَكْفِي عَن الْكل وَمن يَقُول بِالْفَسَادِ بِطُلُوع الشَّمْس فِي أثْنَاء الصَّلَاة يؤول الحَدِيث بِأَن المُرَاد أَن من تأهل للصَّلَاة فِي وَقت لَا يَفِي الا لركعة وَجب عَلَيْهِ تِلْكَ الصَّلَاة كصبي بلغ وحائض طهرت وَكَافِر أسلم وَقد بَقِي من الْوَقْت مَا يَفِي رَكْعَة وَاحِدَة تجب عَلَيْهِ صَلَاة ذَلِك الْوَقْت لَكِن رِوَايَة فليتم صلَاته كَمَا سَيَجِيءُ تَأتي هَذَا التَّأْوِيل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 257

[518]

لَا صَلَاة بعد الْعَصْر الخ نفى بِمَعْنى النَّهْي مثل لَا رفث وَلَا فسوق

قَوْله

[519]

عِنْد الْفجْر أَي عِنْد طلوعه حِين وَقع أَي حِين غَابَ وَسقط حَاجِب الشَّمْس أَي طرفها الَّذِي بغيبته تغيب الشَّمْس كلهَا وأنعم أَن يبرد أَي أَطَالَ الابراد قَوْله

ص: 258

[520]

يرْمونَ ويبصرون من الابصار والْحَدِيث يدل على التَّعْجِيل وعَلى أَنه يقْرَأ فِيهَا السُّور الْقصار إِذْ لَا يتَحَقَّق مثل هَذَا الا عِنْد التَّعْجِيل وَقِرَاءَة السُّور الْقصار فَلْيتَأَمَّل قَوْله بالمخمص بميم مَضْمُومَة وخاء مُعْجمَة مَفْتُوحَة ثمَّ مِيم مَفْتُوحَة مُشَدّدَة اسْم مَوضِع كَانَ لَهُ أجره أَي فِي هَذِه الصَّلَاة أَو فِي مُطلق الصَّلَاة أَو فِي كل عمل وَالله تَعَالَى أعلم حَتَّى يطلع الشَّاهِد كِنَايَة عَن غرُوب الشَّمْس لِأَن بغروبها يظْهر الشَّاهِد وَالْمُصَنّف حمله على تَأْخِير الْغُرُوب وَهُوَ بعيد لِأَن غَايَة الْأَمر جَوَاز التَّأْخِير لَا وُجُوبه وَلَو حمل الحَدِيث عَلَيْهِ لأفاد الْوُجُوب فَلْيتَأَمَّل قَوْله

ص: 259

[522]

مَا لم تحضر الْعَصْر يدل على أَن أول وَقت الْعَصْر كَانَ مَعْلُوما عِنْدهم بل ظَاهر سوق هَذِه الرِّوَايَة أَن أَوَائِل كل الْأَوْقَات مَعْلُومَات عِنْدهم كَأَنَّهَا أَمر مَعْرُوف عَنهُ وَإِنَّمَا سيق الحَدِيث لتحديد الْأَوَاخِر وَالْمرَاد بَيَان الْوَقْت الْمُخْتَار ثَوْرُ الشَّفَقِ بِالْمُثَلَّثَةِ أَيِ انْتِشَارُهُ وَثَوَرَانُ حُمْرَتِهِ مِنْ ثَارَ الشَّيْءُ يَثُورُ إِذَا انْتَشَرَ وَارْتَفَعَ

قَوْله

[523]

فَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا أَي لم يبين لَهُ الْأَوْقَات بالْكلَام بل أمره بِالْإِقَامَةِ يَوْمَيْنِ ليبين لَهُ بِالْفِعْلِ كَمَا تقدم حِين انْشَقَّ الْفجْر أَي طلع كَأَنَّهُ شقّ مَوضِع طلوعه فَخرج مِنْهُ انتصف النَّهَار قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين هُوَ على سَبِيل الِاسْتِفْهَام قلت فَيحمل أَن يكون بِفَتْح الْهمزَة مثل اصْطفى الْبَنَات وأفترى أَو بِكَسْرِهَا على أَن حرف الِاسْتِفْهَام مُقَدّر كَمَا فِي قَول الْقَائِل طلعت الشَّمْس ثمَّ يحمل الحَدِيث على بَيَان الْوَقْت الْمُخْتَار نعم قد علم فِي الْبَعْض أَنه لَيْسَ لَهُ وَقت سوى الْوَقْت الْمُخْتَار وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 260

[524]

وَكَانَ الْفَيْءُ هُوَ الظِّلُّ بَعْدَ الزَّوَالِ قَدْرَ الشرَاك بِكَسْر الشين أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى وَجْهِهَا وَظَاهر هَذِه الرِّوَايَة أَن المُرَاد الْفَيْء الاصلي لَا الزَّائِد بعد الزَّوَال وَلذَلِك اسْتثْنى فِي وَقت الْعَصْر الْعُنُق بِمُهْملَة وَنون مفتوحتين وقاف سير سريع ذكره السُّيُوطِيّ قلت لَكِن إِلَى التَّوَسُّط أقرب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 261

[525]

يُصَلِّي الهجير أَي الظّهْر الَّتِي تدعونها تسمونها الأولى فَإِنَّهَا أول صَلَاة صلاهَا جِبْرِيل للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم تدحض أَي تَزُول حَتَّى يرجع الظَّاهِر حِين يرجع

ص: 262

وَلَعَلَّ كلمة حَتَّى وَقعت مَوضِع حِين سَهوا من بعض وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله سَطَعَ الْفجْر أَي ارْتَفع وَظهر قَوْله سَوَاء أَي مُسَاوِيَة للغروب حَال من مفعول صلاهَا

ص: 263

قَوْله بالهاجرة فِي الصِّحَاح هُوَ نصف النَّهَار عِنْد اشتداد الْحر وَفِي الْقَامُوس هُوَ من الزَّوَال إِلَى الْعَصْر وَلَا يخفى أَن الأول لَا يَسْتَقِيم وَالثَّانِي لَا يُفِيد تعين الْوَقْت الْمَطْلُوب وَالظَّاهِر أَن المُرَاد هُوَ الأول على تَسْمِيَة مَا هُوَ قريب من النّصْف نصفا وَلَعَلَّ الْمَطْلُوب أَنه كَانَ يُصَلِّي الظّهْر فِي أول وَقتهَا أَي لَا يؤخرها تَأْخِيرا كثيرا فَلَا يُنَافِي الابراد وَلَعَلَّ تَخْصِيص أَيَّام الْحر لبَيَان أَن الْحر لَا يمنعهُ من أول الْوَقْت فَكيف إِذا لم يكن هُنَاكَ حر إِذا وَجَبت الشَّمْس أَي سَقَطت وغربت وَالْعشَاء الظَّاهِر لفظا أَنه عطف وَمعنى أَنه مُبْتَدأ أَو مفعول لمَحْذُوف أَي عجل الْعشَاء أَحْيَانًا وأخرها أَحْيَانًا وَجُمْلَة كَانَ إِذا رَآهُمْ الخ بَيَان لحين التَّعْجِيل وَالتَّأْخِير وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[528]

لسُقُوط الْقَمَر أَي غيبته وَكَانَ هَذَا هُوَ الْغَالِب والا فقد علم أَنه كَانَ يعجل تَارَة وَيُؤَخر أُخْرَى حَسْبَمَا يرى من الْمصلحَة ولان دلَالَة الحَدِيث على بَيَان الشَّفق غير ظَاهِرَة الا بِوَجْه بعيد فَلْيتَأَمَّل قَوْله الْعَتَمَة بِفتْحَتَيْنِ أَي الْعشَاء

ص: 264

[531]

أَو خلوا بِكَسْر خاء مُعْجمَة وَسُكُون لَام أَي مُنْفَردا أعتم أَي أخر الصَّلَاة الصَّلَاة بِالنّصب على الإغراء أَو التَّقْدِير عجلها أَو أَخّرهَا فبدد بتَشْديد الدَّال أَي فرق ثمَّ على الصدغ بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة لَا يقصر من التَّقْصِير أَي لَا يبطىء وَلَا يبطش من نصر وَضرب أَي لَا يستعجل الا هَكَذَا أَي بِالتَّأْخِيرِ إِلَى مثل هَذَا الْوَقْت وَيفهم مِنْهُ أَن تَأْخِير الْعشَاء أحب من تَعْجِيلهَا قَوْله

ص: 265

[532]

رقد النِّسَاء والولدان قيل أَي الَّذين بِالْمَسْجِدِ قلت أَو الَّذين بِالْبُيُوتِ بعد انتظارهم للأزواج والآباء الَّذين بِالْمَسْجِدِ قَوْله أَنه الْوَقْت أَي الأحب لَوْلَا أَن أشق على أمتِي أَي لأمرتهم بِهِ قَوْله

ص: 266

[535]

مَا ينتظرها غَيْركُمْ أَي فانتظاركم شرف مَخْصُوص بكم فَلَا تكرهوه إِلَى ثلث اللَّيْل فَعلم مِنْهُ آخر الْوَقْت المرغوب

[536]

حَتَّى ذهب عَامَّة اللَّيْل أَي غالبه والمتبادر مِنْهُ أَنه صلى بعد أَن ذهب من النّصْف الْأَخير أَيْضا شَيْء أَنه لوَقْتهَا بِفَتْح اللَّام قَوْله وَلَوْلَا أَن تثقل بِصِيغَة التَّأْنِيث أَي الصَّلَاة هَذِه السَّاعَة أَو التَّذْكِير أَي التَّأْخِير لصليت بهم هَذِه السَّاعَة أَي ليطول انتظارهم فيكثر بذلك انتفاعهم بِهَذِهِ الصَّلَاة الْمَخْصُوصَة بهم لِأَن المنتظر للصَّلَاة كَالَّذي فِي الصَّلَاة قَوْله

ص: 267

[538]

لم تزالوا فِي الصَّلَاة التنكير للتعميم أَي أَي صَلَاة أنتظرتموها فَأنْتم فِيهَا مَا دَامَ انتظرتموها وَلَوْلَا ضعف الضَّعِيف هُوَ بِضَم أَو فتح فَسُكُون والسقم بِضَم فَسُكُون أَو بِفتْحَتَيْنِ وَمُقْتَضى الْمُوَافقَة أَن يخْتَار فيهمَا الضَّم مَعَ السّكُون ثمَّ السقم هُوَ الْمَرَض والضعف أَعم فقد يكون بِدُونِهِ وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[539]

إِلَى وبيص خَاتمه قَالَ السُّيُوطِيّ هُوَ البريق وزنا وَمعنى قَوْله

ص: 268

[540]

مَا فِي النداء أَي الْأَذَان كَمَا فِي رِوَايَة والصف الأول أَي من الْخَيْر وَالْبركَة كَمَا فِي رِوَايَة ثمَّ لم يَجدوا أَي سَبِيلا إِلَى تَحْصِيله بطرِيق الا أَن يستهموا عَلَيْهِ أَي بِأَن يستهموا عَلَيْهِ فَالضَّمِير فِي عَلَيْهِ رَاجع لما وَقيل للمذكور من النداء والصف الأول والاستفهام الاقتراع أَي الا بِالْقُرْعَةِ وَفِيه تجهيل للمتساهلين فِي هَذَا الْأَمر فَلَا يرد أَنهم قد علمُوا بِخَبَر الصَّادِق وهم بسعة من تَحْصِيله بِلَا استهام وَمَعَ هَذَا لَا يحصلونه فَكيف يصدق الْخَبَر بِأَنَّهُم لَو علمُوا لاستهموا التهجير أَي التبكير إِلَى الصَّلَوَات مُطلقًا وَقيل الْإِتْيَانُ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِأَن التهجير من الهاجرة لاستبقوا إِلَيْهِ أَي سبق بَعضهم بَعْضًا إِلَيْهِ لَا بِسُرْعَة فِي الْمَشْي فِي الطَّرِيق فَإِنَّهُ مَمْنُوع بل بِالْخرُوجِ إِلَيْهِ والانتظار فِي الْمَسْجِد قبل الآخر وَلَو حبوا كَمَا يمشي الصَّبِي

ص: 269

أول أمره

قَوْله

[541]

لَا تغلبنكم الْأَعْرَاب الخ أَي الِاسْم الَّذِي ذكر الله تَعَالَى فِي كِتَابه لهَذِهِ الصَّلَاة اسْم الْعشَاء والأعراب يسمونها الْعَتَمَة فَلَا تكثروا اسْتِعْمَال ذَلِك الِاسْم لما فِيهِ من غَلَبَة الْأَعْرَاب عَلَيْكُم بل أَكْثرُوا اسْتِعْمَال اسْم الْعشَاء مُوَافقَة لِلْقُرْآنِ فَالْمُرَاد النَّهْي عَن اكثار اسْم الْعَتَمَة لَا عَن اسْتِعْمَاله أصلا فَانْدفع مَا يتَوَهَّم من التَّنَافِي بَين أَحَادِيث الْبَابَيْنِ فَإِنَّهُم يعتمون من أعتم إِذا دخل فِي الْعَتَمَة وَهِي الظلمَة وعَلى بِمَعْنى اللَّام أَي يؤخرون الصَّلَاة ويدخلون فِي ظلمَة اللَّيْل بِسَبَب الْإِبِل وحلبها وَالله تَعَالَى

ص: 270

أعلم قَوْله أَن كَانَ كلمة أَن مخففه من المثقلة أَي أَن الشَّأْن كَانَ الخ متلفعات بِعَين مُهْملَة بعد الْفَاء أَي متلففات بأكسيتهن مَا يعرفن أَي حَال الِانْصِرَاف فِي الطّرق لَا فِي دَاخل الْمَسْجِد كَمَا زَعمه الْمُحَقق بن الْهمام لِأَن جملَة مَا يعرفن حَال من فَاعل ينْصَرف فَيجب الْمُقَارنَة بَينهمَا من الْغَلَس أَي لأجل

ص: 271

الظلمَة لَا لأجل التلفع

قَوْله

[547]

قريب مِنْهُم أَي من أهل خَيْبَر فَأَغَارَ عَلَيْهِم أَي وَقع عَلَيْهِم وَقَاتلهمْ خربَتْ خَيْبَر أَي على أَهلهَا وَفتحت على الْمُسلمين قَالَه تفاؤلا حِين رأى فِي أَيدي أَهلهَا آلَات الْهدم صباح الْمُنْذرين بِفَتْح الذَّال والمخصوص بالذم مَحْذُوف أَي صباحهم وَالضَّمِير للْقَوْم

قَوْله

[548]

أسفروا بِالْفَجْرِ من يرى أَن التغليس أفضل يحملهُ على التَّأْخِير حِين تبين وينكشف بِحَقِيقَة الْأَمر وَيعرف يَقِينا طُلُوع الْفجْر أَو يَخُصُّهُ بِاللَّيَالِي الْمُقْمِرَةِ لِأَنَّ أَوَّلَ الصُّبْحِ لَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا فَأمروا بالأسفار احْتِيَاطًا أَو على تَطْوِيل الصَّلَاة وَهُوَ الأوفق بِحَدِيث مَا أسفرتم بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أعظم أَي لِلْأجرِ وَهُوَ مُخْتَار الطَّحَاوِيّ من عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 272

[552]

بَين صلاتيكم هَاتين الظَّاهِر أَن المُرَاد بهما الظّهْر وَالْعصر أَي يُصَلِّي الْعَصْر بَين ظهركم وعصركم وَالْمَقْصُود أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعجل وَإِنَّهُم يؤخرون إِلَى أَن ينفسح الْبَصَر أَي يَتَّسِع وَهَذَا آخر وقته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يلْزم مِنْهُ أَنه أخر الْوَقْت بِمَعْنى أَنه لَا يجوز بعده بل ذَاك هُوَ الَّذِي يدل عَلَيْهِ حَدِيث من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 273

[553]

من أدْرك من الصَّلَاة رَكْعَة الخ لَا دلَالَة لَهُ على حكم من أدْرك دون الرَّكْعَة الا بِالْمَفْهُومِ وَلَا حجَّة فِيهِ عِنْد من لَا يَقُول بِهِ وَلذَلِك يَقُول عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّة الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الْمَفْهُوم أَن من أدْرك التَّحْرِيمَة فِي الْوَقْت فقد أدْرك الا فِي الصُّبْح وَالْجُمُعَة لما عِنْدهم من الدَّلِيل على ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 274

[559]

وَمَعَهَا قرن الشَّيْطَان أَي اقترانه أَو أَن الشَّيْطَان يدنو مِنْهَا بِحَيْثُ يكون طُلُوعهَا بَين قَرْني الشَّيْطَان وغرض اللعين أَن يَقع سُجُود من يسْجد للشمس لَهُ فَيَنْبَغِي لمن يعبد ربه تَعَالَى أَن لَا يُصَلِّي فِي هَذِه السَّاعَات احْتِرَازًا من التَّشْبِيه بعبدة الشَّيْطَان فِي تِلْكَ السَّاعَات أَي الثَّلَاث قَوْله

ص: 275

[560]

أَو نقبر فِيهِنَّ من قبر الْمَيِّت من بَاب نصر وَضرب لُغَة وَظَاهر الحَدِيث كَرَاهَة الدّفن فِي هَذِه الْأَوْقَات وَهُوَ قَول أَحْمد وَغَيره وَمن لَا يَقُول بِهِ يؤول الحَدِيث بِأَن المُرَاد صَلَاة الْجِنَازَة على الْمَيِّت بطرِيق الْكِنَايَة للملازمة بَين الدّفن وَالصَّلَاة وَلَا يخفى أَنه تَأْوِيل بعيد لَا ينساق إِلَيْهِ الذِّهْن من لفظ الحَدِيث يُقَال قَبره إِذا دَفنه وَلَا يُقَال قَبره إِذا صلى عَلَيْهِ بازغة أَي طالعة ظَاهِرَة لَا يخفى طُلُوعهَا وَحين يقوم قَائِم الظهيرة أَي يقف الظل الَّذِي يقف عَادَة عِنْد الظهيرة حَسْبَمَا يرى وَيظْهر فَإِن الظل عِنْد الظهيرة لَا يظْهر لَهُ حَرَكَة سريعة حَتَّى يظْهر بمرأى الْعين أَنه وَاقِف وَهُوَ سَائِر وَحين تضيف بتَشْديد الْيَاء بعد الضَّاد الْمَفْتُوحَة وَضم الْفَاء صِيغَة الْمُضَارع أَصله تتضيف بالتاءين حذفت إِحْدَاهمَا أَي تميل قَوْله وَكَانَ أَي عمر من أحبهم إِلَى جملَة مُعْتَرضَة فِي الْبَين

ص: 276

قَوْله لَا يتحسر أحدكُم هَكَذَا فِي نسختنا بسين وَرَاء بعد الْحَاء الْمُهْملَة أَي لَا يتعجز وَلَا يتثقل عَن أَدَاء الصَّلَوَات فِي الْوَقْت اللَّائِق بهَا فَيصَلي بِسَبَب ذَلِك عِنْد طُلُوع الشَّمْس أَو غُرُوبهَا لأجل تَأْخِيرهَا عَن الْوَقْت اللَّائِق بهَا وَفِي بعض النّسخ لَا يتحر برَاء بعد الْحَاء على أَنه نهى من التَّحَرِّي

ص: 277

وَهُوَ الْمَشْهُور فِي هَذَا الحَدِيث وَمَعْنَاهُ ظَاهر وَسَيَجِيءُ تَحْقِيقه أَيْضا

قَوْله

[567]

حَتَّى تبزغ الشَّمْس بزوغ الشَّمْس طُلُوعهَا من حد نصر

قَوْله

[570]

أوهم عمر هَكَذَا فِي النّسخ بِالْألف وَالصَّوَاب وهم بِكَسْر الْهَاء أَي غلط أَو بِفَتْح الْهَاء أَي ذهب وهمه إِلَى مَا قَالَ كَمَا صَرَّحُوا فِي مثله وَهُوَ الْمَشْهُور فِي رِوَايَة هَذَا الحَدِيث يُقَال أوهم فِي صلَاته أَو فِي الْكَلَام إِذا أسقط مِنْهَا شَيْئا وَوهم بِالْكَسْرِ إِذا غلط وَوهم بِالْفَتْح يهم إِذا ذهب وهمه الا أَن يُقَال المُرَاد ان الحَدِيث كَانَ مُقَيّدا فأسقط الْقَيْد من الْكَلَام نِسْيَانا ثمَّ تبع إِطْلَاقه ومقصود عَائِشَة أَن عمر كَانَ يرى الْمَنْع بعد الْعَصْر مُطلقًا وَهُوَ خطأ وَالصَّوَاب أَن الْمَمْنُوع هُوَ التَّحَرِّي بِالصَّلَاةِ فِي النِّهَايَة التَّحَرِّي هُوَ الْقَصْد وَالِاجْتِهَاد فِي الطّلب والعزم على تَخْصِيص الشَّيْء بِالْفِعْلِ وَالْقَوْل فالمنهي عَنهُ تَخْصِيص الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورين بِالصَّلَاةِ واعتقادهما أولى وَأَحْرَى للصَّلَاة أَو أَرَادَت عَائِشَة أَن الْمنْهِي عَنهُ هُوَ الصَّلَاة عِنْد الطُّلُوع والغروب بخصوصهما لَا بعد الْعَصْر وَالْفَجْر مُطلقًا وعَلى كل تَقْدِير فقد وَافق عمر على رِوَايَة الْإِطْلَاق

ص: 278

أَصْحَابه فَالْوَجْه أَن رِوَايَته صَحِيحَة والاطلاق مُرَاد وَالتَّقْيِيد فِي بعض الرِّوَايَات لَا يدل على نَفْيه بل لَعَلَّه كَانَ للتغليظ فِي النَّهْي وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[571]

إِذا طلع حَاجِب الشَّمْس أَي طرفها الَّذِي يطلع أَولا وَالْمرَاد ثَانِيًا هُوَ الطّرف الَّذِي يغيب آخرا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مَا يكون الخ أَي قربا يَلِيق بِهِ تَعَالَى

ص: 279

قيد رمح أَي قدره وتسجر على بِنَاء الْمَفْعُول أَي توقد فَالْأولى التَّصْدِيق بامثال هَذَا وَترك الْجِدَال ثمَّ لَعَلَّ الْمَقْصُود بَيَان أَن الصَّلَاة مُبَاحَة إِلَى طُلُوع الشَّمْس والى الْغُرُوب فِي الْجُمْلَة وَهَذَا لَا يُنَافِي كَرَاهَة النَّفْل بعد أَدَاء صَلَاة الْفجْر وَالْعصر فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[573]

الا أَن تكون الشَّمْس الخ دلَالَة الِاسْتِثْنَاء على الْجَوَاز بِالْمَفْهُومِ وَهُوَ غير مُعْتَبر عِنْد قوم وَدلَالَة الْإِطْلَاق أقوى مِنْهُ عِنْد آخَرين وَيَكْفِي لصِحَّته جَوَاز بعض أَفْرَاد الصَّلَاة كالقضاء وَكَأن الْقَائِلين بِالْإِطْلَاقِ اعتمدوا بعض مَا ذكرنَا وَالله تَعَالَى

ص: 280

أعلم

قَوْله

[574]

السَّجْدَتَيْنِ بعد الْعَصْر ادّعى كثير مِنْهُم الْخُصُوص لِأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فإته مرّة رَكْعَتَانِ بعد الظّهْر فَقضى بعد الْعَصْر ثمَّ التزمهما والتزام الْقَضَاء مَخْصُوص بِهِ قطعا وَجوز بَعضهم

ص: 281

الصَّلَاة بعد الْعَصْر لسَبَب وَاسْتَدَلُّوا بِالْحَدِيثِ عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله

ص: 282

قَوْله كُنَّا نصليها الخ وَالظَّاهِر أَن الرَّكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْمغرب جائزتان بل مندوبتان وَلم أر للمانعين جَوَابا شافيا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَا يصلى الا رَكْعَتَيْنِ خفيفتين أى قبل الْفَرْض قَوْله قَالَ حروعبد قيل هما أَبُو بكر وبلال ثمَّ انته أَمر من الِانْتِهَاء فَمَا دَامَت أى وَكَذَا انته مَا دَامَت أى الشَّمْس كَأَنَّهَا حجفة بِتَقْدِيم حاء مُهْملَة على جِيم مفتوحتين أَي ترس فِي عدم الْحَرَارَة وَإِمْكَان النّظر حَتَّى يقوم العمود على ظله لعمود خَشَبَة يقوم عَلَيْهَا الْبَيْت وَالْمرَاد حَتَّى يبلغ الظل فِي الْقلَّة غَايَته بِحَيْثُ لَا يظْهر إِلَّا تَحت العمود وَمحل قِيَامه فَيصير كَأَن العمود قَائِم عَلَيْهِ وَالْمرَاد وَقت الاسْتوَاء قَوْله

ص: 283

[585]

أَيَّة سَاعَة شَاءَ الظَّاهِر أَن الْمَعْنى لَا تمنعوا أحدا دخل الْمَسْجِد للطَّواف وَالصَّلَاة عِنْد الدُّخُول أَيَّة سَاعَة يُرِيد الدُّخُول فَقَوله أَيَّة سَاعَة ظرف لقَوْله لَا تمنعوا لالطاف وَصلى فَفِي دلَالَة الحَدِيث على التَّرْجَمَة بحث كَيفَ وَالظَّاهِر أَن الطّواف وَالصَّلَاة حِين يُصَلِّي الامام الْجُمُعَة بل حِين يخْطب الْخَطِيب يَوْم الْجُمُعَة بل حِين يُصَلِّي الامام أحدى الصَّلَوَات الْخمس غير مَأْذُون فِيهَا للرِّجَال وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[586]

إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا ظَاهره أَنه كَانَ يجمع بَينهمَا فِي وَقت الْعَصْر وَمن لَا يَقُول بِهِ يحمل قَوْله إِلَى وَقت الْعَصْر على معنى إِلَى قرب وَقت الْعَصْر وَيحمل الْجمع على الْجمع فعلا لَا وقتا وَهُوَ أَن يُصَلِّي الظّهْر فِي آخر وقته بِحَيْثُ يتَّصل خُرُوج الْوَقْت وَدخُول وَقت الْعَصْر بفراغه ثمَّ يُصَلِّي الْعَصْر فِي أول وقته وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله

ص: 284

[588]

وَهُوَ فِي زراعة بِفَتْح زَاي مُعْجمَة وَشدَّة رَاء مُهْملَة الَّتِي تزرع حَتَّى إِذا كَانَ بَين الصَّلَاتَيْنِ ظَاهره أَنه جمع جمع تَقْدِيم فِي آخر وَقت الظّهْر وَيحْتَمل أَنه جمع فعلا وَأما جمع التَّأْخِير فَهَذَا اللَّفْظ يَأْبَى عَنهُ وَالله تَعَالَى أعلم فَليصل هَذِه الصَّلَاة بِضَم الْيَاء وَتَشْديد اللَّام وَالْمرَاد فَليصل هَكَذَا أَو بِفَتْح الْيَاء وَتَخْفِيف اللَّام فليجمع هَذِه الصَّلَاة قَوْله ثمانيا أَي ثَمَانِي رَكْعَات أَربع رَكْعَات لِلظهْرِ وَأَرْبع رَكْعَات للعصر وَالْأَحْسَن فِي تَأْوِيله أَنه جمع فعلا لَا وقتا فَأخر الظّهْر إِلَى آخر وقته وَعجل الْعَصْر فِي أول وقته وَهُوَ الأوفق بقوله أخر الظّهْر وَعجل الْعَصْر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الأولى أَي الظّهْر فَإِنَّهُم كَانُوا يسمون الظّهْر الأولى لكَونهَا أول صَلَاة صلى جِبْرِيل بِالنَّبِيِّ صلى الله تعالىعليه وَسلم ثَمَان سَجدَات أَي ثَمَان رَكْعَات فَأُرِيد بِالسَّجْدَةِ الرَّكْعَة بِاسْتِعْمَال اسْم الْجُزْء فِي الْكل قَوْله

ص: 285

[591]

إِلَى الحمي بِكَسْر حاء وَفتح مِيم وَقصر ألف وَفِي بعض النّسخ الْحمى وَهُوَ بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد وَالْمِيم مَوضِع بِقرب الْمَدِينَة فَحْمَة الْعشَاء بِفَتْح فَاء وَسُكُون حاء هِيَ أول سَواد اللَّيْل قَوْله سرف بِفَتْح فَكسر

قَوْله

[594]

إِذا عجل كسمع وَالْبَاء فِي بِهِ للتعدية وَظَاهر هَذَا الحَدِيث هُوَ الْجمع وقتا لَا فعلا قَوْله

ص: 286

قَوْله إِلَى الْحمى بِكَسْر الْحَاء وَفتح مِيم وَقصر ألف وَفِي بعض الْحمى وَهُوَ بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد وَالْمِيم مَوضِع بِقرب الْمَدِينَة فَحْمَة الْعشَاء بِفَتْح فَاء وَسُكُون حاء هِيَ أول سَواد قَوْله اللَّيْل قَوْله سرف بِفَتْح فَكسر قَوْله تَعَالَى اذا عجل كسمع وَالْبَاء فِي بِهِ للتعدية وَظَاهر هَذَا الحَدِيث هُوَ الْجمع وقتا لَا فعلا

ص: 287

[595]

لما بهَا بِفَتْح اللَّام أَي للَّذي بهَا من الْمَرَض الشَّديد أَو بِكَسْر اللَّام أَي هِيَ فِي الشدَّة والتعب لما بهَا من الْمَرَض يسايره يُوَافقهُ فِي السّير وَهُوَ يحافظ على الصَّلَاة الْجُمْلَة حَال

قَوْله

[596]

حَتَّى كَاد الشَّفق أَن يغيب هَذَا صَرِيح فِي الْجمع فعلا إِذا جد بِهِ السّير الْبَاء للتعدية أَي جعله السّير مُجْتَهدا مسرعا قَوْله الا بِجمع بِفَتْح فَسُكُون أَي بِمُزْدَلِفَة وَلم يذكر عَرَفَات وَكَأَنَّهُ بِنَاء على أَنه يجمع هُنَاكَ أَحْيَانًا لَا دَائِما لما قَالَ بعض الْعلمَاء ان شَرطه الامام الْأَعْظَم وَالله تَعَالَى أعلم

ص: 288

[597]

فأسرع السّير بِالنّصب مفعول أسْرع وفاعله الضَّمِير حَتَّى حانت أَي حضرت الصَّلَاة بِالرَّفْع أَي حضرت أَو بِالنّصب على الإغراء أَي بِتَقْدِير أَتُرِيدُ الصَّلَاة أَو أَتُصَلِّي الصَّلَاة كَمَا قَالَه أَبُو الْبَقَاء ثمَّ سلم وَاحِدَة أَي تَسْلِيمه وَاحِدَة والاكتفاء بالواحدة وَارِد وان كَانَ الْغَالِب الْإِثْنَيْنِ

قَوْله

[599]

أَو حز بِهِ أَمر أَي نزل بِهِ مُهِمّ قَوْله

ص: 289

[602]

لِئَلَّا يكون على أمته حرج أَي لِئَلَّا يتحرج من يفعل ذَلِك من أمته والا فالجمع إِذا حملناه على الْجمع فعلا كَمَا سبق فَهُوَ جَائِز لَهُم على مُقْتَضى تَحْدِيد الْأَوْقَات لِأَن كلا من الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقتهَا الا أَن الأولى فِي آخر الْوَقْت وَالثَّانيَِة فِي أول الْوَقْت

ص: 290

قَوْله بنمرة مَوضِع بِعَرَفَة أَمر بالقصواء كحمراء اسْم نَاقَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَيُقَال لكل نَاقَة مَقْطُوعَة الْأذن قصواء قَالُوا وَلم تكن نَاقَته مَقْطُوعَة الْإِذْن قَوْله

ص: 291

جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ الا بِجمع كَأَنَّهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا اطلع على جمع عَرَفَة وَلَا على جمع السّفر قبل وَقتهَا أَي يعْتَاد الصَّلَاة بعد طُلُوع الْفجْر بِشَيْء ويومئذ صلى أول مَا طلع وَلم يرد أَنه صلى قبل الطُّلُوع فَإِنَّهُ خلاف مَا ثَبت قَوْله

ص: 292

وَتَشْديد رَاء الْإِحْسَان وبر الْوَالِدين ضد العقوق وَهُوَ الْإِسَاءَة وتضييع الْحُقُوق

قَوْله

[611]

أَقَامَ الصَّلَاة أَصله إِقَامَة الصَّلَاة لَكِن حذفت التَّاء تَخْفِيفًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى

[609]

فَلَمَّا أَتَى الشّعب بِكَسْر مُعْجمَة وَسُكُون مُهْملَة الطَّرِيق الْمَعْهُودَة للْحَاج وَقد ثَبت أَنه تَوَضَّأ هُنَاكَ بِمَاء زَمْزَم وَلم يقل إهراق المَاء أَي مَوضِع بَال يُرِيد أَنه حفظ اللَّفْظ المسموع وراعاه فِي التَّبْلِيغ وَأَنَّهُمْ مَا كَانُوا يحترزون عَن نِسْبَة الْبَوْل ثمَّ الحَدِيث يدل على أَن الْفَصْل الْقَلِيل لَا يضر بِالْجمعِ

قَوْله

[610]

على وَقتهَا أَي فِي وَقتهَا الْمَنْدُوب وبر الْوَالِدين بِكَسْر مُوَحدَة وأوحينا إِلَيْهِم فعل الْخيرَات وإقام الصَّلَاة

قَوْله

[612]

قَالَ نعم وَبعد الْإِقَامَة وَحدث الخ يُرِيد أَن الصَّلَاة لَا تسْقط بذهاب الْوَقْت بل تقضى ثمَّ ان قبل بِخُصُوص الْقَضَاء بالمكتوبات يكون الحَدِيث دَلِيلا على وجوب الْوتر عِنْد عبد الله والا فَلَا قَوْله

ص: 293

[614]

يرقد عَن الصَّلَاة الْجُمْلَة صفة الرجل بِاعْتِبَار أَن تَعْرِيفه للْجِنْس فَهُوَ فِي الْمَعْنى كالنكرة فَيصح أَن يُوصف بِالْجُمْلَةِ وَجعلهَا حَالا بعيد معنى أَو يغْفل بِضَم الْفَاء كفارتها يدل على أَنه لَا يَخْلُو عَن تَقْصِير مَا بترك الْمُحَافظَة لَكِن يَكْفِي فِي محو تِلْكَ الْخَطِيئَة الْقَضَاء وَمَا سَيَجِيءُ أَنه لَا تَفْرِيط فِي النّوم فبالنظر إِلَى الذَّات

قَوْله

[615]

أَنه لَيْسَ فِي النّوم تَفْرِيط لَيْسَ المُرَاد أَن نفس فعل النّوم والمباشرة بأسبابه لَا يكون فِيهِ تَفْرِيط أَي تَقْصِير فَإِنَّهُ قد يكون فِيهِ تَفْرِيط إِذا كَانَ فِي وَقت يُفْضِي فِيهِ النّوم إِلَى فَوَات الصَّلَاة مثلا كالنوم قبل الْعشَاء وَإِنَّمَا المُرَاد أَن مَا فَاتَ حَالَة النّوم فَلَا تَفْرِيط فِي فَوته لِأَنَّهُ فَاتَ بِلَا اخْتِيَار وَأما الْمُبَاشرَة بِالنَّوْمِ فالتفريط فِيهَا تَفْرِيط حَالَة الْيَقَظَة وَلَفظ الْيَقَظَة بِفتْحَتَيْنِ قَوْله حَتَّى يَجِيء ظَاهره أَنه لَا يجوز الْجمع وقتا بِتَأْخِير الأولى إِلَى وَقت الثَّانِيَة كَمَا يَقُول عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّة لَكِن قد يُقَال إِطْلَاقه يُنَافِي جمع مُزْدَلِفَة فِي الْحَج وَهُوَ خلاف الْمَذْهَب وَعند التَّقْيِيد يُمكن تَقْيِيده بِمَا يُخرجهُ عَن الدّلَالَة بِأَن يُقَال أَن يُؤَخر صَلَاة بِلَا مُبِيح شرعا وَأَيْضًا المُرَاد بقوله حَتَّى يَجِيء وَقت الْأُخْرَى أَي حَتَّى يخرج وَقت تِلْكَ الصَّلَاة بطرِيق الْكِنَايَة لِأَن الْغَالِب أَنه بِدُخُول الثَّانِيَة يخرج وَقت الأولى وَذَلِكَ لِأَن خُرُوج الأولى منَاط للتفريط وَلَا دخل فِيهِ لدُخُول وَقت الثَّانِيَة وَأَيْضًا مورد الْكَلَام صَلَاة الصُّبْح والتفريط فِيهَا يتَحَقَّق بِمُجَرَّد الْخُرُوج

ص: 294

بِلَا دُخُول وَقت أُخْرَى فمضمون الْكَلَام أَن المذموم هُوَ التَّأْخِير إِلَى خُرُوج الْوَقْت وَإِذا جَازَ الْجمع فِي السّفر فَلَا نسلم خُرُوج وَقت الأولى بِدُخُول وَقت الثَّانِيَة لِأَن الشَّارِع قرر وَقت الثَّانِيَة وقتالهما فَكل مِنْهُمَا فِي وَقتهَا حِينَئِذٍ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فليصلها أحدكُم الخ أَي ليصل الوقتية من الْغَد للْوَقْت وَلما كَانَت الوقتية من الْغَد عين المنسية فِي الْيَوْم بِاعْتِبَار أَنَّهَا وَاحِدَة من خمس كالفجر وَالظّهْر مثلا صَحَّ رَجَعَ الضَّمِير وَالْمَقْصُود الْمُحَافظَة على مُرَاعَاة الْوَقْت فِيمَا بعد وَأَن لَا يتَّخذ الْإِخْرَاج عَن الْوَقْت والاداء فِي وَقت أُخْرَى عَادَة لَهُ وَهَذَا الْمَعْنى هُوَ الْمُوَافق لحَدِيث عمرَان بن الْحصين أَنه صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم قُلْنَا يَا رَسُول الله الا نقضيها لوَقْتهَا من الْغَد فَقَالَ نهاكم ربكُم عَن الرِّبَا ويقبله مِنْكُم وَلم يقل أحد بتكرار الْقَضَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أقِم الصَّلَاة لذكري بِالْإِضَافَة إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم وَهِي الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة لَكِن ظَاهرهَا لَا يُنَاسب الْمَقْصُود فاوله بَعضهم بِأَن الْمَعْنى وَقت ذكر صَلَاتي على حذف الْمُضَاف أَو المُرَاد بِالذكر الْمُضَاف إِلَى الله تَعَالَى ذكر الصَّلَاة لكَون ذكر الصَّلَاة يُفْضِي إِلَى فعلهَا المفضي إِلَى ذكر الله تَعَالَى

ص: 295

فِيهَا فَصَارَ وَقت ذكر الصَّلَاة كَأَنَّهُ وَقت لذكر الله فَقيل فِي مَوضِع أقِم الصَّلَاة لذكرها لذكر الله وَفِي

ص: 296

بعض النّسخ للذِّكْرَى بلام الْجَرّ ثمَّ لَام التَّعْرِيف وَآخره ألف مَقْصُورَة وَهِي قِرَاءَة شَاذَّة لَكِنَّهَا أوفق بِالْمَقْصُودِ وَهُوَ الْمُوَافق لما سَيَجِيءُ قُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ هَكَذَا قَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نعم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فأسرينا أَي سرنا لَيْلًا فَذكر لَيْلَة تَأْكِيدًا لذَلِك قَوْله فحبسنا على بِنَاء

ص: 297

الْمَفْعُول فَقَالَ مَا على الأَرْض تبشيرا وتهوينا لما لحقهم من الْمَشَقَّة بِفَوَات الصَّلَاة قَوْله عرسنا من التَّعْرِيس أَي نزلنَا آخر اللَّيْل ليَأْخُذ كل انسان الخ أَي لنخرج من هَذَا الْمحل

قَوْله

[624]

من يكلؤنا بِهَمْزَة فِي آخِره أَي يحفظ لنا وَقت الصُّبْح لَا نرقد جملَة مستأنفة فِي مَحل التَّعْلِيل فَضرب على آذانهم أَي ألْقى عَلَيْهِم نوم شَدِيد مَانع عَن وُصُول الْأَصْوَات إِلَى الآذان بِحَيْثُ كَأَنَّهُ ضرب الْحجاب عَلَيْهَا قَوْله أدْلج بِالتَّخْفِيفِ أَي سَار أول اللَّيْل

[625]

ثمَّ عرس بِالتَّشْدِيدِ أَي نزل آخِره

ص: 298