الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في بيان حقيقة شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأدلة
أما حقيقة شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي متضمنة لأمور، رأسها وأساسها الإيمان به، وذلك بالإيمان واليقين التام بأنه رسول الله حقا {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} (1) وأن رسالته عامة للبشر، عربهم وعجمهم، يقول الله - سبحانه -:{قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (2) ويقول عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (3)
ويقول صلى الله عليه وسلم: «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة (4) » متفق عليه، ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم
(1) سورة الفتح الآية 29
(2)
سورة الأعراف الآية 158
(3)
سورة سبأ الآية 28
(4)
[صحيح البخاري](1 \ 86) واللفظ له، و [صحيح مسلم](1 \ 370، 371) رقم الحديث (521) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما
«والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار» رواه مسلم (1)
بل رسالته تعم الجن أيضا: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} (2) إلى قوله تعالى: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (3){وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (4)
ومن الإيمان به: الإيمان بأنه صلى الله عليه وسلم عبد لا يعبد، ورسول لا يكذب. ومن الإيمان به: الإيمان بأنه خاتم الأنبياء
(1)[صحيح مسلم](1 \ 134) رقم الحديث (153)
(2)
سورة الأحقاف الآية 29
(3)
سورة الأحقاف الآية 31
(4)
سورة الأحقاف الآية 32
والمرسلين، وأن كتابه القرآن الكريم هو آخر الكتب المنزلة المهيمن عليها، وشريعته الناسخة للشرائع قبلها، يقول عز وجل:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (1) الآية، ويقول عز وجل:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (2) ويقول - سبحانه -: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (3)
وقد أجمع المسلمون على ذلك، وهو عندهم من
(1) سورة الأحزاب الآية 40
(2)
سورة الأعراف الآية 157
(3)
سورة آل عمران الآية 85
العقائد الثابتة بيقين، والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم قد جاءت به الآيات صريحة قاطعة للمعذرة، يقول الله عز وجل:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ} (1) ويقول - سبحانه -: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (2) ويقول - سبحانه -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ} (3)
بل إن الله أخذ ميثاق النبيين على الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ونصرته، فلا يسع أحدا منهم لو كان حيا وقت بعثته صلى الله عليه وسلم
(1) سورة النساء الآية 170
(2)
سورة الأعراف الآية 158
(3)
سورة النساء الآية 136
إلا اتباعه، يقول الله عز وجل:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} (1){فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (2)
ومن حقيقة شهادة أن محمدا رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، والاستجابة لدعوته صلى الله عليه وسلم فقد جعل الله طاعة الرسول طاعة له سبحانه، وقرن طاعته بطاعة الرسول في أكثر من موضع في كتابه، يقول عز وجل:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (3) ويقول - سبحانه -: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (4) ويقول عز وجل:
(1) سورة آل عمران الآية 81
(2)
سورة آل عمران الآية 82
(3)
سورة النساء الآية 80
(4)
سورة النور الآية 54
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (1)
وعلق الهداية على طاعته صلى الله عليه وسلم فقال - سبحانه -: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (2)
وجعل من حقق طاعة الله ورسوله في زمرة أشرف الخلق فقال عز وجل: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (3)
بل علق على طاعة الله ورسوله الفوز العظيم، ألا وهو دخول الجنات، قال - سبحانه -:
(1) سورة النساء الآية 59
(2)
سورة النور الآية 54
(3)
سورة النساء الآية 69
وأما تصديق خبره فهو حقيقة الشهادة، ولا تتم الشهادة إلا بتصديقه، وإلا كان كاذبا منافقا، وقد أثنى الله على المسلمين بتصديقهما النبي صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (2)
قال مجاهد وقتادة والربيع بن أنس وابن زيد: الذي جاء بالصدق هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} (3) هو رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَصَدَّقَ بِهِ} (4) قال: المسلمون.
وقد ذم الله من كفر بالرسول صلى الله عليه وسلم وتوعده بأشد العذاب قال تعالى:
(1) سورة النساء الآية 13
(2)
سورة الزمر الآية 33
(3)
سورة الزمر الآية 33
(4)
سورة الزمر الآية 33
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ} (1) وقال في سورة المدثر فيمن كذب خبر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من القرآن - يقول الله عز وجل: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} (2){وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا} (3){وَبَنِينَ شُهُودًا} (4){وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا} (5){ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ} (6){كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا} (7){سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (8){إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} (9){فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} (10){ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} (11){ثُمَّ نَظَرَ} (12){ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} (13){ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ} (14){فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} (15){إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} (16){سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} (17)
بل إن سنة الله فيمن كذب رسله ماضية في نزول العذاب والهوان بهم، يقول الله - سبحانه -:{إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} (18) ويقول - سبحانه -:
(1) سورة الزمر الآية 32
(2)
سورة المدثر الآية 11
(3)
سورة المدثر الآية 12
(4)
سورة المدثر الآية 13
(5)
سورة المدثر الآية 14
(6)
سورة المدثر الآية 15
(7)
سورة المدثر الآية 16
(8)
سورة المدثر الآية 17
(9)
سورة المدثر الآية 18
(10)
سورة المدثر الآية 19
(11)
سورة المدثر الآية 20
(12)
سورة المدثر الآية 21
(13)
سورة المدثر الآية 22
(14)
سورة المدثر الآية 23
(15)
سورة المدثر الآية 24
(16)
سورة المدثر الآية 25
(17)
سورة المدثر الآية 26
(18)
سورة ص الآية 14
ودليل الاستجابة لدعوته صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (2)
فأمر بالاستجابة للرسول صلى الله عليه وسلم، وقرنها بالاستجابة لله سبحانه وتعالى، وسمي ما يدعو إليه صلى الله عليه وسلم حياة، لما فيه من نجاتهم وبقائهم، وحياتهم بالإسلام بعد موتهم بالكفر، وحذر من عدم الاستجابة للرسول صلى الله عليه وسلم فقال - سبحانه -:{فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (3)
(1) سورة المؤمنون الآية 44
(2)
سورة الأنفال الآية 24
(3)
سورة القصص الآية 50
ومن حقيقة شهادة أن محمدا رسول الله: محبته صلى الله عليه وسلم ونصرته وموالاته وتعظيمه، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم تكون النصرة لسنته صلى الله عليه وسلم.
فدليل محبته صلى الله عليه وسلم قوله صلى الله عليه وسلم: «فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده (1) » وفي حديث أنس عنه صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين (2) » متفق عليه وقوله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما (3) » . . . الحديث
وتوعد الله - سبحانه - من قدم محبة أحد - كائنا من كان -
(1)[صحيح البخاري](1 \ 9) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
(2)
[صحيح مسلم](1 \ 67) رقم الحديث (44)(70)
(3)
[صحيح البخاري](1 \ 9، 10) و (8 \ 56) ، واللفظ له، [صحيح مسلم](1 \ 66) رقم الحديث (43)(67، 68) من حديث نس رضي الله عنه
على محبة الله ورسوله، فقال - سبحانه -:{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (1)
(1) سورة التوبة الآية 24
(2)
[مسند الإمام أحمد](4 \ 336) واللفظ له، و [صحيح البخاري](7 \ 218)
ودليل النصرة والتعظيم قوله تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (1) وقال - سبحانه -: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (2){لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (3) ويقول - سبحانه -: {ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} (4)
ووصف طائفة من المؤمنين، وأثنى عليهم بقوله - سبحانه -:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (5) ويقول - سبحانه -:
(1) سورة الأعراف الآية 157
(2)
سورة الفتح الآية 8
(3)
سورة الفتح الآية 9
(4)
سورة آل عمران الآية 81
(5)
سورة الحشر الآية 8
{إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} (1) ويقول - سبحانه -: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} (2)
ودليل الولاية قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (3){وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} (4)
ومما يدخل في حقيقة هذه الشهادة العظيمة: التسليم له صلى الله عليه وسلم، وتحكيم شرعه، والتحاكم إليه، والرضا به،
(1) سورة التوبة الآية 40
(2)
سورة النور الآية 63
(3)
سورة المائدة الآية 55
(4)
سورة المائدة الآية 56
وقال - سبحانه - في صفة المؤمنين مثنيا عليهم ومشيدا بهم: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2)
وقال - سبحانه - واصفا المنافقين الذين يظهرون خلاف ما يبطنون: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} (3){وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} (4){وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} (5){أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (6)
(1) سورة النساء الآية 95
(2)
سورة النور الآية 51
(3)
سورة النور الآية 47
(4)
سورة النور الآية 48
(5)
سورة النور الآية 49
(6)
سورة النور الآية 50
وقال - سبحانه - أيضا فاضحا أمرهم، مشددا في ترك طريقهم:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} (1){وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} (2)
فتحكيم شرع الله وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة، الأفراد على أنفسهم، وكذلك الحكام وولاة الأمر على رعاياهم ومن تحت أيديهم - واجب فرض
(1) سورة النساء الآية 60
(2)
سورة النساء الآية 61
متحتم، لا محيد عنه لمؤمن مسلم، بل هو من حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
ومن حقيقة هذه الشهادة العظيمة - شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم الاقتداء والتأسي به صلى الله عليه وسلم، واتباع سنته، والرد إليه في حياته عند التنازع، وإلى سنته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وتقديم سنته على رأي كل أحد كائنا من كان، والحذر من مخالفته ومشاقته ومحادته صلى الله عليه وسلم.
يقول الله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (1) ويقول عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (2)
ولما ادعى أقوام محبة الله - سبحانه - أنزل آية الامتحان في
(1) سورة الأحزاب الآية 21
(2)
سورة الحشر الآية 7
سورة آل عمران، وهي قوله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (1)
ويقول أيضا - جل وعلا -: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (2) ويقول عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (3) ويقول سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (4) وقال سبحانه وتعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (5)
(1) سورة آل عمران الآية 31
(2)
سورة النساء الآية 59
(3)
سورة الحجرات الآية 1
(4)
سورة الأحزاب الآية 36
(5)
سورة النور الآية 63
قال ابن عباس رضي الله عنهما: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟ !
وقال الشافعي - يرحمه الله -: أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد.
وقال الإمام أحمد رضي الله عنه: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1) أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك. أهـ.
هذا قول أحمد فيمن اتبع رأي سفيان، وهو: الثوري الإمام الزاهد العابد الثقة الفقيه، إذا كان رأيه يخالف الحديث فكيف بمن هو دونه؟ !
ويقول الله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (2)
(1) سورة النور الآية 63
(2)
سورة النساء الآية 115
وقال - سبحانه -: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1) ويقول عز وجل: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} (2)
هذه هي حقيقة شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء من التفصيل والبيان.
وقد أجملها بعض أهل العلم - وهو الشيخ محمد بن عبد الوهاب - يرحمه الله - فقال في معناها: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع.
(1) سورة الأنفال الآية 13
(2)
سورة التوبة الآية 63