الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الخيل ثلاثة: هي لرجل أجْر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزِرْ؛ فأما الذي هي له أجر فرجل أتخذها في سبيل الله، فلو عرض له نهر فسقاها منه كان له بكل قطرة تدخل بطونها أجر، ولو عرض له مَرْج فرعت فيه كان له بكل شيء يدخل في بطونها أجر، وبكل خطوة تخطوها أجر، حتى ذكر الأجر في أرواثها وأبوالها؛ وأما الذي هي له ستر فرجُلٌ اتخذها تجمُّلا وتكرماً، ولم ينس حق الله في ظهروها ولا رقابها؛ وأما الذي هي عليه وزر فرجل أتخذها أشراً وبطراً ورئاء الناس، ولم يؤد حق ظهورها ولا بطونها.
وعن خَبَّاب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخيل ثلاثة: فرس للرحمن، وفرس للإنسان، وفرس للشيطان. فأما فرس الرحمن فما أتُّخذِ لله في سبيل الله وقوتل عليه أعداء الله، وأما فرس الإنسان فما استطرق عليه، وأما فرس الشيطان فما روهن وقومر عليه.
وعن أَنَس بن مالك قال: لما استقرت الدار بالحجاج بن يوسف ووَضَع الحربَ خرجنا حتى قدمنا) واسط (. وذكر اجتماعه بالحجاج وعرض الحجاج خيله عليه، فقال رضي الله عنه: الخيل ثلاثة أفراس: فرس يتخذه صاحبه) و (يريد أن يجاهد عليه، ففي قيامه عليه وعلفه إياه وأدبه له، أحسبه قال: وكسْحِ مذوده، أَجْرٌ في ميزانه يوم القيامة؛ وفرس يصيب أهلها من نسلها يريدون وجه الله فقيامهم عليها وعلفهم إياها وأدبهُمَ لها وكسح روثها أَجْرٌ في ميزانهم يوم القيامة، وأهلها معانون عليها؛ وفرس للشيطان، فقام أهلها عليها، وذكر غير ذلك، وزْرٌ في ميزانهم يوم القيامة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بإناث الخيل، فأن ظهورها حِرْز، وبطونها كنز. وقيل لبعض الحكماء: أي الأموال أَثْرَى؟ قال: فرس، يتبعها فرس، في بطنها فرس.
وقال عَدِيُّ بن الفضل: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم أي المال خير؟ قال: سكة مأبورة، أو مهرة مأمورة. والسكة المأبورة السطر من النخل والمهرة المأمورة الكثيرة الولد. وزعمو أن دار أمير المؤمنين عليّ، التي بالكوفة كانت لعُرْوَةَ بن الجعد، فباعها بفرس أنثى فأصاب) من (تلك الفرس مالا كثيراً؛ وسيأتي ذكر عروة بعد هذا.
وعن عمرَ بن أبي أَنَس قال: قال سعد: يا رسول الله! إن لي خيلاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احبسها واحمل عليها الفحول، واحبس الإناث منها، تنل الدرجاتِ العلا من الجنة، فكان سعد يفعل ذلك.
وكان خالد بن صَفْوان يقول في اتخاذ الدواب: أما الخيل فللرعب والرهب، وأما البراذين فللجَمال والدَّعة، وأما البغال فللسفر البعيد، وأما الإبل فللحمل، وأما الحمير فللدبيب وخفة المئونة.
الباب الثاني
فضائل الخيل
وما جاء في ارتباطها
أقسم الله تعالى بالخيل في كتابه العظيم لفضلها عنده، فقال سبحانه:) والعادياتِ ضَبحا (إلى قوله) إن الإنسان لربه لكنود (. قال المفسرون: العاديات هي الخيل؛ والضَّبح حلوقها إذا عَدتَ.) فالموريات قَدحْا (: أي أورت النار بحوافرها.) فأثَرْن به نَقعا (: النقع الغبار وقيل التراب.) فوسَطن به جمعا (: أي توسطن جمعاً من الناس أغارت عليهم.) إن الإنسان لربه لكنود (: أي كفور.
وسماها أيضاً في كتابه بالخير، فقال سبحانه على لسان نبيه سليمان ابن داود:) إني أحببت حبَّ الخير عن ذكر ربي (.
وفضَّلها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرجال في السُّهمان؛ فجعل للفرس سهمين وللرجل سهماً واحداً. وجاءت في فضلها عنه صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة.
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:) الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (. وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم والنسائي.
وروى مسلم أيضاً عن عُروة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:) الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، قيل: يا رسول الله! وما ذلك؟ قال: الأجر والغنيمة (. وعروة المذكور هو ابن أبي الجَعْد البارقي. وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، وجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة، فكان لو أشترى التراب ربح فيه.
قال شبيب بن غَرْقدة: رأيت في دار عروة بن أبي الجعد تسعين فرساً رغبةً منه في رباط الخيل. قال محمد بن المنتشر: كان له فَرسَ أخذه بعشرين ألفاً.
وعن جَرير بن عبد الله قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفتل ناصية فرسه بإصبعيه ويقول:) الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة (.
قالوا: وفي فتله عليه السلام ناصيةَ فرسه الفضلُ في خدمة الرجل دابتَه المعَّدة للجهاد، وفيه دليل أن الجهاد باق ثابت إلى يوم القيامة، وفيه بقاء الإسلام والمجاهدين الذابين عنه إلى يوم القيامة.
وعن أبي كبشة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:) الخيل معقودة في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها؛ والمنفق عليها كالباسط يَدَه بالصدقة (. وفي لفظ آخر:) الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها؛ فامسحوا بنواصيها، وادعوا الله لها بالبركة (.
وعن سَوَادة بن الربيع الجَرمي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر لي بذوْدٍ، وقال لي:) عليك بالخيل، فأن الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة (.
وعن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:) الخيل في نواصيها الخير معقود أبداً إلى يوم القيامة، فمن ربطها عُدَّة في سبيل الله، فأن شبعها وجوعها، وريها وظمأها، وأرواثها وأبوالها، فلاح في موازينة يوم القيامة؛) ومن ربطها رياء وسمعة، وفرحاً ومرحاً، فأن شبعها وجوعها، وريها وظمأها، وأرواثها وأبوالها، خسران في موازينه يوم القيامة ((.
والناصية الشعر المسترسل على الجبهة، وقد يكنى به عن النفْس؛ يقال: فلان مبارك الناصية، أي النفس.
وعن أَنس بن مالك قال: لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد النساء من الخيل.
وعن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:) من حبس فرساً في سبيل الله كان سِترْهَ من النار (.
وعن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:) من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً بالله وتصديقاً بوعد الله، كان شبعُه وريه وروثه حسناتٍ في ميزانه يوم القيامة (.
وروى ابن سعد في الطبقات قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:) المنفق على الخيل كباسط يده بالصدقة لا يقبضها؛ وأبوالها وأرواثها عند الله يوم القيامة كذكيَّ المسك (.
وحكى عبد الرحمن بن زياد أنه لما نزل المسلمون مصر كانت لهم مراغة للخيل فمر حُديج بن صومي بأبي ذَرٍّ رضي الله عنه وهو يمرغ فرسه الأجدل، فقال: ما هذا الفرس يا أبا ذر؟ قال: هذا فرس لي لا أراه إلا مستجاباً، قال: وهل تدعو الخيل فتجاب؟ قال: نعم! ما من ليلة إلا والفرس يدعو فيها ربه يقول: اللهم إنك سخَّرتني لأبن آدم، وجعلت رزقي بيده، فاجعلني أحب إليه من أهله وماله، اللهم ارزقه مني وارزقني على يديه.
وروى أبو الحسن الإسكندر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:) لقي عيسى بن مريم إبليس لعنه الله، فقال: يا إبليس! إني سائلك عن شيء فهل أنت صادقي فيه؟ قال: يا روح الله! سلني عما بدا لك، فقال: أسألك بالحي الذي لا يموت! ما الذي يُسِلُّ جسمك ويقطع ظهرك؟ قال: صهيل فرس في سبيل الله، وفي قرية من القرى أو حصن من الحصون؛ ولست أدخل داراً فيها فرس في سبيل الله (.
وعن عطاء الخراساني قال: إن الله ليأجُرُ العبد على حبه الخيلَ وإن لم يرتبطها.
وقال صلى الله عليه وسلم:) من همَّ أن يرتبط فرساً في سبيل الله بنَّية صادقة أُعطى أجر شهيد (.
وعن عُبادة بن الصامت أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:) إن الفرس ليستنُّ في طيلَة، وصاحبُه نائم على فراشه، فلا تبقى له خطيئة إلا وقعت (.
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:) من ارتبط فرساً في سبيل الله كان له مثل أجر الصائم الذي لا يفطر، والقائم الذي لا يفتر؛ والباسط يده بالصدقة) كذلك (ما أنفق على فرسه (.
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:) من كثرت سيئاته وقلت حسناته فليربط فرساً في سبيل الله، ومن ارتبط في سبيل الله كان كمن نصر موسى وهارون، وقاتل فرعون وهامان (.
وعن قيس بن باباه قال: سمعت سلمان رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم،) ما من مسلم إلا حق عليه أن يرتبط فرساً) في سبيل الله (إذا أطاق ذلك (.