المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة تسع وأربعين وثماني مائة - حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور - ق ١ - جـ ١

[ابن تغري بردي]

الفصل: ‌سنة تسع وأربعين وثماني مائة

‌سنة تسع وأربعين وثماني مائة

استهلت الولاة على حالهم في الماضية المحرم أوله الجمعة، في ليلة الجمعة ثامنه سقطت مئذنة المدرسة الفخرية القديمة التي بالقرب من سوق الرقيق داخل القاهرة وقعت على الفندق المجاور لها وعلى عدة أماكن فقتل فيها عالم كثيرون من الخلائق ولما بلغ السلطان ذلك سأل عن ناظرها فقيل له نور الدين القليوبي أحد نواب الشافعي وأمين الحكم فطلبه في الحال ورسم بتوسيطه فشفعوا فيه وكان ممن شفع فيه الدوادار الكبير اينال العلائي بعد أن سبه ولعنه والزمه بمال كثير لعمارتها ثم التفت السلطان للشافعي فخاطبه مخاطبات منكية يستحي من ذكرها وعزله في الحال عن القضاء وولي عوضه القاياتي

ص: 117

ولا يعاب على السلطان ما وقع منه في حق القاضي ومستنيبه فأن من شأن القضاة عدم الالتفات لعمارة الأوقاف والمدارس الذي يلون أنظارها وما ادري ما الذي يعتذرون به عن ذلك بين يدي الله عز وجل وما حجتهم عند الله وهذا الأمر مما يقبح على العامي الجاهل فكيف الفقهاء والقضاة وقد شاع ذلك في الأقطار عن قضاة زماننا وصار غالب الناس إذا وقف وقفا على مدرسة أو رباط أو ذرية أو غير ذلك يجعل النظر يه لحاجب أو الدوادار أو الزمام ولا يجعله للمتعمم لما ثبت عدهم من عدم التفاتهم إلى مصالح الأنظار فلا حول ولا قوة إلا بالله.

ص: 118

وفي يوم السبت ثالث عشرينه وصل أمير حاج المحمل تمرباي إلى القاهرة وفي يوم الاثنين خامس عشرينه غضب السلطان على قراجا العمري الناصري الوالي كان وأمير الرجبي في هذه لسنة وأمر بنفيه إلى حلب لسوء سيرته في الحاج وغير ذلك.

صفر أوله الأحد في يوم الاثنين ثانيه خلع على ماماي السيفي صفر بيبغا المظفري أحد الدوادارية ورسم بالتوجه إلى طرابلس ليحاس ناظر جيشها يوسف بن موسى الكركي على ما كان تحت يده من تعلقات السلطان ربيع الأول أوله الاثنين ثاني عشرينه سافر الزيني يحيى الاستادار إلى ناحية بليس ومعه جماعة كثيرون من المماليك السلطانية لقتال العرب الخارجين عن الطاعة

ص: 119

ربيع الآخر أوله الأربعاء في يوم السبت ثامن عشرة وصل الزيني المذكور إلى القاهرة ومعه جماعة كثيرون من العرب وفي العشر الأخير منه ولدت امرأة سكنها بالقرب من جامع ابن طولون بنتا لها رأسان رأس إحداهما بشعر والأخرى بغير شعر.

وفي يوم الثلاثاء عشرينه استقر القاياتي الشافعي في مشيخة البيبرسية ونظرها عوضا عن شيخ الإسلام ابن حجر بحكم عزله.

ص: 120

وفي يوم السبت رابع عشرينه أرسل السلطان الشريف علي بن حسن بن عجلان من البرج إلى حبس الإسكندرية.

وفي يوم الأحد خامس عشرينه حبس بيبرس بن بقر شيخ العرب بالوجه الشرقي بالبرج من القلعة لأمور نقمها عليه قديما وحديثا.

وفي أوائل هذا الشهر وفي النيل ونزل المقام الفخري عثمان ابن السلطان ففتح الخليج على العادة وخلع عليه أبوه وللصفدي (المجتث)

لمْ لَا أيمُ بِمِصْرٍ

وأرْتَضيهَا وَأعْشَقْ

وَمَا تَرَى العَيْنُ أحْلَى

مِنْ مائها أن تُمْلَقْ

جمادى الآخرة أوله السبت. . .

ص: 121

فإن قاتباي الجاركسي كان قد إذ أمره مائة وتقدمه ألف زيادة على المشدية فاستمر لما ولي الدوادارية على اقطاعه.

ص: 122

رمضان أوله الأربعاء في يوم السبت حادي عشرة استقر المحب ابن الأشقر ناظر الجيش في مشيخة الصرغتمشية بعد وفاة ابن التفهني.

شوال أوله الخميس في يوم السبت ثالثه وصلت إلى القاهرة تقدمة محمد بك بن مراد بك ابن عثمان على يدي قاصده وأخبر القاصد أن والده نزل لولده هذا عن مملكته وأقامه مقام نفسه وأرسل يعلم السلطان بذلك وان يكون الولد تحت نظر السلطان.

وفي يوم الاثنين ثاني عشرة المغاربة تقدمتهم إلى السلطان وفي ثلاثون فرسا أكثرها حجورة أشياء غير ذلك.

وحججت أنا في هذه السنة باشا في المحمل وعلى باي الاشرفي باشا في الأول.

ذو العقدة أوله السبت في يوم السبت خامس عشرة قدم الزيني الاستادار للسلطان أربعمائة فرس منها ستون بسروج مغرقة وأربعون بسروج سذج

وفيه أيضا توجهت جماعة من المماليك المفسدين وهم اكثر من عشرين نفرا إلى بيوت النصارى لأخذ الخمور منها فوثب عليهم الناس وأخذ النصارى في الدفع عن بيوتهم فوقع بينهم قتال قتلت فيه ثلاثة من المماليك إلى سقر.

ص: 123

ذو الحجة أوله الاثنين في هذا الشهر وقعت حادثة غريبة وهي أن العبيد الغلمان الذين في الربيع ببر الجيزية ومنبابة لما توجهوا بخيول أستاذيهم وأقاموا هناك يسيرا أقاموا من بينهم عبدا وجعلوه سلطانا ورتبوا له أرباب دولة وأرباب وظائف وصار بحكم فيهم بما شاء ونصبوا له سختا يجلس عليه وبقي يفعل ما أحب ولا يقدر أحد على رده حتى خالفه رجل آخر من العبيد فحشدا وتقاتلا فانتصر الذي تسلطن ووسط من تلك الطائفة جماعة ولم يقدر أستاذ العبد المقتول أن يتكلم وقيل إنه توجه إلى هناك وكلم العبد المتسلطن فمن الناس من قال إنه رام أن يوسطه أيضا ومنهم من قال إنه أرضاه في ثمنه وبلغ السلطان ذلك وأتهم ولوا نائب الشام ونائب حلب وهم على حالهم إلى الآن فسكت السلطان عن ذلك وقال بعض أكابر الدولة هذا أمر فشار إذا فرغ الربيع تفرق كل منهم إلى حال سبيله وإنما فعلوا ذلك على سبيل المزاح ومشى ذلك وتم وهو شيء لم نسمع بمثله في سالف الأعصار.

ص: 124