الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(حَتَّى اذا ولى الْقَضَاء رَأَيْته
…
أعمى البصيرة فِيهِ مكفوف النّظر)
(لَا يهتدى سبل الرشاد بقائد
…
كم حذروه مِنْهُ لَو نفع الحذر)
(لوشام بارق دِرْهَم لِجَهَنَّم
…
أَهْوى ليأخذه دولو كَانَت سقر)
(فَغَدَوْت مِنْهُ مثل همزَة وَاصل
…
أوراء وَاصل حِين لفظتها هجر)
(لَكِن أَقمت على التباعد عذره
…
والدهر فِيهِ عِبْرَة لمن اعْتبر)
(وَرَأَيْت أحسن مَا يُقَال لمثله
…
يَوْمًا اذا جَاءَ القضا عمى الْبَصَر)
انْتهى وَكَانَت وِلَادَته فى سنة خمسين وَتِسْعمِائَة وَتوفى فى سلخ جُمَادَى الاولى سنة عشْرين وَألف
حرف الْقَاف
المنلا قَاسم بن أَحْمد الكردى نزيل دمشق من أفاضل الاكراد ورد الى دمشق وَأقَام بِالْمَدْرَسَةِ الاحمدية قبالة قلعة دمشق وأقرأ بعض الطّلبَة وَسكن دمشق وَأَنْشَأَ دَارا بِالْقربِ من جَامع الدرويشية وَلما قدم محافظ الشَّام الْوَزير أَحْمد باشا الكوجك جعله اماما لَهُ وَحصل أَمْوَالًا كَثِيرَة وَصَارَ خَادِمًا لمزار سيدنَا يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلما عمر مخدومه الْمَذْكُور عِمَارَته بِدِمَشْق شَرط لَهُ النّظر عَلَيْهَا فَلَمَّا مَاتَ أَحْمد باشا اسْتَأْجر وَقفه ببعلبك وَصرف جهده فى تنمية الْوَقْف وَبعده اضمحل أمره وَخَربَتْ قراه وَمن عَجِيب أمره أَنه كَانَ سخيا الى الْغَايَة والسخاء فى الاكراد أعجب العجيب وَكَانَت وَفَاته لَيْلَة الاحد سادس الْمحرم سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَألف وَدفن بالقلندرية بمقبرة بَاب الصَّغِير
قَاسم بن عبد المنان الكردى الاصل نزيل دمشق نَاظر وقف سِنَان باشا بِالشَّام وَأحد الكبراء الصُّدُور هُوَ فى الاصل من عتقى الْوَزير الاعظم سِنَان باشا الْمَذْكُور خدمه فى صغره ثمَّ خدم ابْنه مُحَمَّد باشا وَهُوَ نَائِب حلب وَكَانَ وَكيل خرجه وَغَضب عَلَيْهِ آخر أمره بِسَبَب ان سوقة حلب طالبوه بِمَا لَهُم عِنْده من الْمصرف وَكَانَ مِقْدَاره تِسْعَة آلَاف قِرْش فَطَلَبه من مخدومه فطرده وألزمه باعطاء الْمبلغ من مَاله فَأعْطَاهُ وَلم يبْق عِنْده بعد ذَلِك الا ثِيَاب بدنه وَخرج من حلب إِلَى دمشق وَأقَام عِنْد يُوسُف أغانا نَاظر وقف السنانية وَاتفقَ أَن مخدومه ولى نِيَابَة الشَّام فصيره أَيْضا وَكيل خرجه وَفعل مَعَه فعلته الاولى فبقى بعده بِدِمَشْق وَلما مَاتَ يُوسُف أغا الْمَذْكُور ولى النظارة مَكَانَهُ ونجحت آماله وَأخذ فى تنمية الْوَقْف وَعمارَة مسقفاته وشاع أمره
وتملك دَار الْعدْل الْمَنْسُوب تعميرها الى السُّلْطَان نور الدّين الشَّهِيد بِالْقربِ من بَاب السَّعَادَة وعمرها عمَارَة متقنة ثمَّ سَافر الى الرّوم فى سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَألف وَحج مرَّتَيْنِ وَصَارَ وَكيلا عَن نواب الشَّام مَرَّات وَعمر ضريح سيدى سعد بن عبَادَة الصحابى رضى الله تَعَالَى عَنهُ بقرية المنيحة تَابع وقف السنانية وَبنى عَلَيْهِ قبَّة لَطِيفَة وأحدث الى جَانِبه مَسْجِدا وَبِالْجُمْلَةِ فقد صَار من ألطف المنتزهات وَله غير ذَلِك من المآثر الدَّالَّة على متانة رَأْيه وَحسن تصرفه وَالْحَاصِل انه كَانَ كَبِير الجاه وَالْعقل وَله التَّصَرُّف التَّام فى الامور وَكَانَت وَفَاته نَهَار الاحد ثانى وعشرى شهر ربيع الاول سنة سبع وَخمسين بعد الالف وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير وسيأتى ابْنه مصطفى فى حرف الْمِيم ان شَاءَ الله تَعَالَى
الامام الْقَاسِم الملقب بالمنصور بِاللَّه بن مُحَمَّد بن على بن مُحَمَّد بن على بن الرشيد صَاحب الْيمن وَتقدم ذكر بَقِيَّة نسبه فى تَرْجَمَة ابْنه الامام اسمعيل المتَوَكل على الله قَالَ السَّيِّد روح الله عِيسَى بن لطف الله بن المطهر فى كِتَابه الانفاس اليمنية فى الدولة المحمدية اعْلَم أَن هَذَا الامام يعْنى الْقَاسِم مَا لِآبَائِهِ وأجداده فى الرياسة الَّتِى هى قَود الْجنُود وخفق البنود قدم وَلَا قدم وَلَا كَانَ لسلفه عَلامَة وَلَا علم وَكَانَ أَبوهُ من عَسْكَر والدنا المطهر بن شرف الدّين وَله رزق يجرى عَلَيْهِ من جملَة الْعَسْكَر الَّذين هم غير مرابطين وَشهد مَعَ والدنا الْحَرْب الَّتِى جرت بَينه وَبَين الْوَزير الاعظم سِنَان باشا وَذَلِكَ فى قاع خوجان وَكَانَ مولد الْقَاسِم فى سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَلما بلغ سنّ الِاحْتِلَام قَرَأَ الْقُرْآن وَكَانَ فِيهِ فطنة وَقُوَّة ولازم الامام الْحسن الذى أدخلهُ الْوَزير حسن باشا الرّوم وَأقَام عِنْده فى بِلَاد الاهنوم وَبعد سفر الامام الْحسن فَارق تِلْكَ الْبِلَاد وَمَا برح ينْتَقل فى الْبلدَانِ وَيطْلب الْعلم وَلما أدْرك طرفا من الْعُلُوم دَعَتْهُ نَفسه الى أَن ينْهض على فَتْرَة من الْفِتَن وَذَلِكَ انه علم أَن الْبِلَاد كَانَت لوالدى لطف الله بن المطهر قد خلت عَن واليها وتعطلت من كاليها فَدَعَا وَقَامَ لثلاث بَقينَ من الْمحرم سنة سِتّ وَألف فى مَحل يُقَال لَهُ جَدِيد قاره من أَعمال شام الشرق فاتقدت عِنْد ذَلِك الْجَمْرَة وبزغ نجم الْفِتَن انْتهى كَلَامه وَقَالَ غَيره كَانَ من أمره أَنه لما توفى المتَوَكل عبد الله بن على بن الْحُسَيْن بن عز الدّين بن الْحسن بن على الْمُؤَيد فى سنة سِتّ عشرَة وَألف ظهر الامام الْقَاسِم فى الْيمن وكاتبه الامير عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّحْمَن بن مطهر مكاتبات اتفقَا عَلَيْهَا مِنْهَا فتح الْحَرْب عَن السلطنة
وَبث الامام الرسائل على كَافَّة الْقَبَائِل على جارى عَادَته فَأَجَابُوهُ وَقَامَت الْحَرْب على سَاقهَا فَوجه الْوَزير سِنَان باشا المحاط على الامام وَعبد الرَّحِيم فضعف الامام الْقَاسِم عَن المقاومة فعطفت العساكر على عبد الرَّحِيم وَحين رأى الامام اشْتِغَال العساكر بِعَبْد الرَّحِيم نَهَضَ على حصن شهارة وتحصن بِهِ ثمَّ وصلت الاخبار للوزير سِنَان باشا بِأَن السُّلْطَان أنعم بِالْيمن على جَعْفَر باشا فَتوجه من صنعاء الى الابواب السُّلْطَانِيَّة فَأَتَاهُ الاجل وألحد بالمخا وَسبب مَوته انه لما نزل من صنعاء أَرَادَ الِاجْتِمَاع بِجَعْفَر باشا وَهُوَ بتعز فَأكْثر النَّاس الاراجيف وأرهبوا جَعْفَر باشا من لِقَاء سِنَان باشا وَفهم الامراء مِنْهُ ذَلِك فألجؤه الى الْمُرُور فى أوعر المسالك فَلَمَّا وصل الى المخامات فى شعْبَان من سنة سِتّ عشرَة وَألف وَدفن على جنب قبر الشَّيْخ الامام على ابْن عمر الشاذلى وَكَانَ يحب الْعلمَاء والفقراء وآثار خيراته كَثِيرَة وَوصل جَعْفَر باشا الى صنعاء فى شَوَّال وَلما دَخلهَا رأى تقوى الامام الْقَاسِم بمساعدة عبد الرَّحِيم فَصَالح الامام فى ذى الْحجَّة سنة سِتّ عشرَة وَألف على جِهَات مَعْلُومَة وَفك أَوْلَاده من حصن كوكبان فَأَطْلَقَهُمْ الْوَزير وَأحسن اليهم وَوجه العساكر على عبد الرَّحِيم فَأسرهُ وأرسله الى الابواب السُّلْطَانِيَّة ثمَّ اسْتمرّ الامام الْقَاسِم واليا الى أَن حاربه الباشا وحصره فى حصن شهارة فَخرج مِنْهُ متنكرا وَلم يشْعر بِهِ أحد وبقى وَلَده مُحَمَّد الْمُؤَيد الى أَن عجز وضاق حَاله فَخرج بالامان على أَن يكون قراره عِنْد صَاحب كوكبان وَخرج باخوانه وَأَهله وَقبض الباشا حصن شهارة ثمَّ مَاتَ بأجله لَيْلَة الثلاثا خَامِس عشر شهر ربيع الاول سنة تسع وَعشْرين وَألف وَخلف عدَّة أَوْلَاد مِنْهُم مُحَمَّد وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَهُوَ أعلمهم وَأحمد المخلوع واسمعيل فَقَامَ من بَينهم مُحَمَّد بعد أَبِيه وجدد للصلح بَينه وَبَين الْوَزير مُحَمَّد باشا على مَا كَانَ عَلَيْهِ فى زمن وَالِده ثمَّ اجْتمعت كلمة الْيمن اليه وَأخرج الاتراك بأسرهم من الْيمن وَهُوَ أَبُو الْقَاسِم الامام ابْن الامام مُحَمَّد الداعى بعد موت عَمه الامام اسمعيل المتَوَكل دَعَا فَأَجَابَهُ جم غفير من عُلَمَاء الْيمن وَأَقْبلُوا اليه من كل حدب وخطب لَهُ على مَنَابِر شهارة والا هنوم والشرفين وَحجَّة والتهائم وَغَيرهَا وأجابه السَّيِّد مُحَمَّد بن الامام المهدى أَحْمد بن الْحسن وخطب لَهُ على مَنَابِر المنصورة وحيس وزبيد وَقد كَانَ دَعَا بعد وَفَاة الامام اسمعيل ابْن عَمه المهدى الْمَذْكُور فَتقدم الى جِهَات شهارة لطلب الِاجْتِمَاع بالقاسم وَاتفقَ رَأْيهمْ على تعْيين أكَابِر الْعلمَاء من الْجَانِبَيْنِ فعين من جِهَة الْقَاسِم جمَاعَة مِنْهُم
الْحُسَيْن بن نَاصِر المهلا وَالسَّيِّد يحيى بن أَحْمد والسيدان اسمعيل وَيحيى ابْنا ابراهيم بن حجاف والقاضى مُحَمَّد بن قدس وَالسَّيِّد على بن صَلَاح الصلعى وَغَيرهم وَمن جَانب المهدى القاضى على بن جَابر الهبل والقاضى يحيى بن اسمعيل الحادى وَالسَّيِّد مُحَمَّد الكبيسى وَغَيرهم واجتمعوا فى الرحبة من أَعمال شهارة للنَّظَر فى التَّرْجِيح بَين الامامين وفى خلال هَذَا كتب السَّيِّد يحيى بن أَحْمد الشرفى رِسَالَة أَولهَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أما بعد حمد الله كَمَا يسْتَحق أَن يحمد وكما ينبغى لكريم وَجهه وجلال سُلْطَانه وَأشْهد أَن لَا اله الا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة صادرة عَن الْحق الْيَقِين وعيانه وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْمُؤَيد بباهر المعجز ونير برهانه وَالصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَيْهِ وعَلى آله الَّذين شعشعوا أنوار الْحق وشادوا رفيع بُنْيَانه وعَلى أَصْحَابه الرَّاشِدين المرشدين وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ باحسان فأحيوا شرائع احسانه فَيَقُول العَبْد الْفَقِير الى الله الْغنى بِهِ عَمَّن سواهُ يحيى بن أَحْمد بن مُحَمَّد الشرفى تجَاوز الله عَنهُ وَعَافَاهُ وتلقاه برحمته اذا توفاه انه لما اخْتَار الله وَله الْخيرَة واليه يرجع الامر كُله لمولانا أَمِير الْمُؤمنِينَ المتَوَكل على الله رب الْعَالمين اسمعيل ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ قدس الله روحه مَا لَدَيْهِ من الْكَرَامَة وألحقه بآبائه الطاهرين الَّذين رفع درجاتهم فى دَار الكرامه وَجب النّظر فِيمَن يخلفه فى منصبه الْجَلِيل وَيقوم مقَامه وَكَانَ المؤهل لذَلِك الشَّأْن الْعَظِيم والمنظور اليه والمؤمل لتحمل الاعباء الثَّقِيلَة والمعول عَلَيْهِ هُوَ مَوْلَانَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَنْصُور بِاللَّه الْقَاسِم ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُؤَيد بِاللَّه أيده الله لما أَتَاهُ الله وَخَصه بِهِ من أَوْصَاف الْكَمَال فى الدّين وَالدُّنْيَا وَكَمَال الاوصاف الَّتِى يلغى بهَا فى محاسنه الى الْغَايَة القصوى من الْعلم والحلم وَالتَّقوى والورع وَالْكَرم والسخاء والتواضع والايثار المراضى ربه فى كل حَال وَحسن الاخلاق الَّتِى هى وَاسِطَة عقد شرائف الْخِصَال وطهارة المنشا وخصائص الكرامات الَّتِى يخص الله بهَا من عباده من يَشَأْ فَلم تتق نَفسه الى تَحْصِيل دنيا دنية وَلَا زاحم عَلَيْهَا أحدا من الْخلق بل اطرحها وأبت الِالْتِفَات اليها نَفسه الابية وهمته الْعلية وَقصر همه فى ليله ونهاره على الِاشْتِغَال بِمَا يزلفه عِنْد بارئ الْبَريَّة حَتَّى فاض عَلَيْهِ من مجَال الْكَرَامَة من ربه وَغَشيتهُ أنوار التَّوْفِيق الالهية فَألْقى الله عَلَيْهِ محبَّة فى قُلُوب عباده وعمرها بعظمته وغمرها بوداده وأبرز فِيهِ السِّرّ الْمُقَدّس الذى أودعهُ فى آبَائِهِ وأجداده فوفقه لاقتفاء
آثَارهم وَالْقِيَام بعهاده وَبعث همته الى الدعْوَة للامام على سَبِيل ربه وَأظْهر حجَّته فى جَمِيع بِلَاده فوردت الينا دَعوته الميمونة فى يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَثَمَانِينَ وَألف وَهُوَ الْيَوْم الثَّالِث من وَفَاة مَوْلَانَا المتَوَكل على الله الى كتاب الله وَسنة رَسُوله والى الرِّضَا عَن آل مُحَمَّد وَكَانَ سبق علمنَا بِمَا هُوَ عَلَيْهِ من تِلْكَ الاوصاف الحميدة والكمالات العديدة واختصاصه بهَا من بَين أهل هَذَا الْبَيْت واعترافهم لَهُ بهَا كَمَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الينا عَنْهُم الاخبار المفيدة للْعلم وتصريح من صرح مِنْهُم بِأَنَّهُ الاولى بِهَذِهِ الخطة الشَّرِيفَة ان احْتِيجَ الى من يقوم بهَا فَعلمنَا وجوب اجابة دَعوته وجوبا مضيقا ولزمنا فَرضهَا لُزُوما مَا محققا وانه الرضى الذى تجب اجابته اذ أَقَمْنَا على مَا قُلْنَاهُ برهانا مُصدقا وبادرنا الى مَا أوجب الله علينا من وجوب اجابته خوفًا من وَعبد الله على التراخى وَالله أَحَق أَن يتقى ثمَّ بعد ثَمَانِيَة أَيَّام من وُرُود هَذِه الدعْوَة الشَّرِيفَة وَردت الينا دَعْوَة من صفى الاسلام أَحْمد بن الْحسن ابْن أَمِير الْمُؤمنِينَ حفظه الله مثل ذَلِك فى كَونهَا الى الرضى من آل مُحَمَّد فالدعوتان عِنْد التَّحْقِيق وَاحِدَة اذا الرضى هُوَ الْمَدْعُو اليه فى كلتيهما فأجبنا عَلَيْهِ بِأَنا قد أجبنا الدعْوَة الى الرضى وان مَا قَضَت بِهِ الادلة من ذَلِك الحكم الْمضيق قد فرغ مِنْهُ وانقضى وَبينا لَهُ الْوُجُوه الَّتِى ثَبت بهَا على كل من عَلَيْهَا ذَلِك القضا من الْفَضَائِل الَّتِى اخْتصَّ بهَا من تقدّمت اجابتنا لَهُ وَعَلَيْهَا بنى الامر فى هَذِه المسئلة من عُلَمَاء الاسلام جَمِيع من مضى فتكررت كتبه اليه بعد ذَلِك قاضية بِأَنَّهُ غير مُوَافق على مَا قُلْنَاهُ وكاشفة بِأَنَّهُ يُرِيد بالرضى نَفسه وان ذَلِك مَقْصُود وَمَعْنَاهُ فَظهر حِينَئِذٍ تخَالف القصدين وَصَارَ المهم هُوَ النّظر فى أهْدى النجدين وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ سَابِقًا من الْفَضَائِل الظَّاهِرَة والمحاسن المتكاثرة لمولانا الْقَاسِم واختصاصه مَا يقْضى برجحان اسْتِحْقَاقه لذَلِك المنصب الْجَلِيل وَوُجُوب الحكم باستحقاقه لخلافة النُّبُوَّة أَن يُخَاطب بِمَا قبل
(أَتَت الامام الذى نرجو بِظَاهِرِهِ
…
يَوْم النشور من الرَّحْمَن رضوانا)
(أوضحت من ديننَا مَا كَانَ ملتبسا
…
جَزَاك رَبك عَنَّا فِيهَا احسانا)
فالذى أدين الله بِهِ وأشهده على اعتقادى لَهُ أَن امام هَذَا الْعَصْر المفترض الطَّاعَة على الْمُسلمين هُوَ مَوْلَانَا الْمَنْصُور بِاللَّه الْقَاسِم بن امير الْمُؤمنِينَ الْمُؤَيد بِاللَّه عَن نظر صَحِيح وأدلة يسطع مِنْهَا للمنصف نور الْحق الصَّرِيح وَأَسْتَغْفِر الله لى وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين
وَلَا حول وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه العلى الْعَظِيم انْتهى وَبعد أُمُور يطول شرحها اتّفقت الْكَلِمَة على امامة المهدى الْمُقدم ذكره وَلم يزل الْقَاسِم الْمَذْكُور ناشرا للمكارم الحسان مَقْصُودا من جَمِيع الْبلدَانِ منصفا للوافدين مُعظما للْعُلَمَاء العاملين وَله كرامات شهيرة مِنْهَا مَا اشْتهر أَيَّام دَعوته من ظُهُور اسْمه وَاسم أَبِيه مَكْتُوبًا على الْجَرَاد الْحَاصِلَة فى الْيمن فى ذَلِك الزَّمن ظهورا شهيرا فى الانام الى غير ذَلِك من الْفَضَائِل الَّتِى علمهَا الْخَاص وَالْعَام وَله السماعات الْكَثِيرَة فى الْفِقْه والاصلين والنحو وَالتَّفْسِير مَعَ الْحِرْص على التدريس والافادة فى ذَلِك الْخطب الْكَبِير ومولده فى ذى الْحجَّة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَألف
قَاسم الخوارزمى أَصله من بُخَارى من قَرْيَة فشلان جوبان رَحل الى خوارزم وسلك عِنْد الشَّيْخ حُسَيْن الخوارزمى النقشبندى ولازم عِنْده مُدَّة وَصَارَ من جملَة خلفائه فَلَمَّا دخل شَيْخه الى الشَّام نقل هُوَ أَيْضا الى بُخَارى وتوطن بهَا مشتغلا بارشاد الطالبين الى أَن توفى وَكَانَت وَفَاته فى سنة خمس بعد الالف قلت وَالشَّيْخ حُسَيْن الخوارزمى الْمَذْكُور هُوَ المدفون فى الحديقة قرب تربة الصُّوفِيَّة بالوادى المغربى وَله فى الْكَوَاكِب السائرة للغزى تَرْجَمَة فَليرْجع اليها ثمَّة فى الطَّبَقَة الثَّالِثَة
قانصوه باشا نَائِب الْيمن قدمهَا فى ثانى وعشرى الْمحرم سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَألف من الديار المصرية ثمَّ الى مَكَّة فى عَسْكَر عَظِيم وَصَحبه من الامراء والكبراء مَا يجل عَن الْوَصْف من مشاهيرهم الامير مُوسَى بن الْخَبِير من عرب مصر فى نَحْو ثلثمِائة فَارس أَو يزِيدُونَ والامير سُلَيْمَان بعد أَن كَانَ عزم الى مصر لخدمة الْوَزير عابدين بِمَال جزيل ليجهز لَهُ عسكرا فَلَمَّا بلغ الى مصر بلغه تجهيز قانصوه فساعده وَوصل صحبته وَتَوَلَّى تَدْبِير ملك الْمَذْكُور وَكَانَ مُتَّهمًا بنحوسة لسوء تَدْبيره حَتَّى عاجله الْقَضَاء الْمَقْدُور على يَد قانصوه الْمَذْكُور فى سنة أَرْبَعِينَ وَألف وصحبته حَمْزَة أغا وادريس أغا فى ثَلَاثَة آلَاف من الاسباهية من الابواب السُّلْطَانِيَّة وَنَحْو ألف من المغاربة وألفين من أهل الشَّام وَأَرْبَعَة آلَاف من مصر وألفين من مَكَّة فَحصل بَينه وَبَين الشريف أَحْمد بن عبد الْمطلب مُنَافَسَة فَقبض عَلَيْهِ وَقَتله وَأقَام مَكَانَهُ مَسْعُود بن ادريس وَأقَام بجدة وَاحِدًا من جماعته اسْمه مصطفى ثمَّ أَخذ من مَكَّة أَمْوَالًا جمة وَوجد مَعَ الشريف خَزَائِن كَثِيرَة وخيولا ونجائب وعجائب ثمَّ توجه من مَكَّة برا والمراكب بالخزائن والجنود تمشى محاذية لَهُ بحرا فَقدم أول عسكره مورا وَفِيهِمْ
الامير ابْن خَبِير وَذَلِكَ يَوْم الِاثْنَيْنِ عَاشر شهر ربيع الآخر فَلَمَّا علم بورودهم التقى بن ابراهيم انحاز بجُنُوده الى ربوع أَذْرع شرقى بَيت الْفَقِيه الزيدية وَكَذَلِكَ الشريف هَاشم انحاز الى جَانب اصاب وَكَذَلِكَ الامير سنبل قَامَ من حيس الى شرقية وَكَانَ عزم السَّيِّد هَاشم لَيْلَة الْخَمِيس ثَالِث عشر شهر ربيع الآخر وفى لَيْلَة الثُّلَاثَاء الثَّامِن عشر مِنْهُ مر يُوسُف الكتخذا فى مائتى حصان فى المراوعة الى بَيت الْفَقِيه ثمَّ الى زبيد وَذَلِكَ صبح الثلاثا فَتوجه الى المخا عصر ذَلِك الْيَوْم فورد يَوْم الاربعاء الى المخا ضحوة فَقبض على عابدين باشا وحبسه وَقَتله صبرا بعد ثَلَاثَة أَيَّام وَقبض خزائنه وَجعل عِيَاله فى مَكَان عِيَال الشريف أَبى الْقَاسِم الشّجر وسمعوا الْبكاء عَلَيْهِ كَمَا سمع الْبكاء مِنْهُم على الْمشَار اليه وَأما قانصوه فورد بَيت الْفَقِيه ابْن عجيل صبح الْجُمُعَة الحادى وَالْعِشْرين من شهر ربيع الآخر فَقبض على الْفَقِيه أَحْمد بن مُحَمَّد بن جَعْفَر العجيل وحبسه وَأخذ مِنْهُ مَالا جزيلا وصلبه فى صبح الِاثْنَيْنِ الثَّالِث وَالْعِشْرين وَعظم الْمُصَاب وأهدم بَيت الْفَقِيه ونهبت جملَة من بيُوت وأموال لانه كَانَ عينا فِي بَيت الْفَقِيه رَئِيسا مَقْبُولًا عِنْد السَّيِّد هَاشم فحسده أعداؤه ونسبوا اليه المكايد وَكَانَ هُوَ السَّبَب فى دُخُول الوهن على قانصوه لانه لما فعل بِهِ مَا فعل نفرت قُلُوب النَّاس مِنْهُ وخصوصا حَيْثُ انه كره شَفَاعَة السَّيِّد الطَّاهِر بن بَحر وَلم يقبل مشورته فى الْعَفو عَن اساءة النَّاس ووعظه بوصول الْوَزير سِنَان وعفوه فَأبى واستكبر لامر يُريدهُ الله تَعَالَى ثمَّ توجه من بَيت الْفَقِيه الى زبيد صبح الثلاثا خَامِس عشرى الشَّهْر بالجند الموفور فواجهه بهَا الامراء والكبراء والمشايخ والسادات وَورد اليه يُوسُف الكتخدا فى جملَة من عَسْكَر المخا فَدخل المحطة دخلة عَظِيمَة وَلما اسْتَقر بهَا أَمر بتجهيز الْوَزير حيدر وفكه من الْحَبْس الشَّديد فجهزوه الى سواكن هُوَ وَبَعض مماليكه ثمَّ دخل الى مصر فالى الرّوم وَحصل لَهُ مقَام كَامِل عِنْد السُّلْطَان وَأمر الامير مُوسَى بن الْخَبِير بِالْمَسِيرِ الى حيس فَدَخلَهَا بِجَيْش كَبِير فشرع الوباء فى الْجنُود وَمَات ابْن الْخَبِير الْمَذْكُور وَابْن أَخِيه وَأكْثر جَمَاعَتهمْ وَلم يبْق مِنْهُم الا الْيَسِير وَمَات بزبيد الامير أَحْمد وعالم كثير حَتَّى كل الحفارون عَن الْحفر والغالون عَن التغسيل فَأَقَامَ نَحْو أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ توجه الى حيس وَأقَام بهَا فَعظم الوباء وَمَات من جماعته عَالم كثير وَهَلَكت الْجمال الَّتِى وصلت من الشَّام وَكَانَت نَحْو عشرَة آلَاف أَو أَزِيد وَكَانَ من أَرَادَ جملا أَخذه لمَوْت الجمالين ومعظم الْخَيل ثمَّ توجه الى المخا فحط