الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَلما طَغى كيوان فى الشَّام واعتدى
…
وأرجف أهليها وللظلم فصلا)
(فَقلت لَهُم قزوا عيُونا وأرخوا
…
ففى بعلبك قتل كيوان أصلا)
وَذهب دَمه هدرا وَالله تَعَالَى أعلم
حرف اللَّام
لطف الله بن زَكَرِيَّا بن بيرام الرومى وَالِد أستاذى وَاحِد الدَّهْر عزتى روح الله تَعَالَى روحهما فَرد الزَّمَان فى التفضل وَالْجمع لاشتات النعم والتمول لَازم من شيخ الاسلام سعد الدّين بن حسن جَان وَولى بعض المناصب ثمَّ أعْطى قَضَاء قلبه بالمولوية فَأَقَامَ بهَا واستوطنها واقتنى بهَا دورا وأتباعا وعبيدا وتملك عقارات وبساتين وحوانيت وحمامات تفوت الْحصْر وَجمع من الحواشى والمواشى مَا تقصر عَنهُ احاطة الْحساب وَعمر بهَا جَامعا وَجعل لَهُ وَقفا ورتب بِهِ خيرات كَثِيرَة وَاسْتمرّ بهَا قَاضِيا نَحْو خَمْسَة وَأَرْبَعين عَاما لم يعْزل الا مرَّتَيْنِ مَا تجاوزت مدتهما العامين بِكَثِير وَعوض عَنْهَا فى احداهما بِقَضَاء أَيُّوب وَوَقع لَهُ فى الثَّانِيَة أَنه صَار مَكَانَهُ الْمولى عبد الله الشهير ببلبل زَاده وَكَانَ من أخصاء أَخِيه شيخ الاسلام يحيى فاجتمعا فى وَلِيمَة عرس أَو ختان وَكَانَ بِهِ بعض أَرْبَاب الملاعب فَأَرَادَ بلبل زَاده اظهار التكرم على المترجم فَأمر بعض أَتْبَاعه بِأَن يعْطى الملاعب مائَة قِرْش فَانْتدبَ صَاحب التَّرْجَمَة وَأمر بِخَمْسِمِائَة قِرْش وَقَالَ لبلبل زَاده أَنا بعناية الله تَعَالَى فى قدرتى أَن أعْطى أَمْثَال هَذَا فى كل لَيْلَة هَذَا الْمِقْدَار فمثلى لَا يُقَابل باظهار مثل هَذَا التكرم مَعَ الْعلم بِعَدَمِ المسكنة ثمَّ أُعِيد الى قَضَائهَا وَأعْطى رُتْبَة قَضَاء الْعَسْكَر بانا طولى ثمَّ بروم ايلى وَكَانَت وَفَاته فى سنة خمس وَأَرْبَعين وَألف تَقْرِيبًا وَعين أَخُوهُ لضبط مخلفاته الْمولى مُحَمَّد بن عبد الْحَلِيم البورسوى فَأَقَامَ فى ضَبطهَا ثَلَاث سنوات
لطف الله بن مُحَمَّد الغياث بن الشجاع بن الْكَمَال بن دَاوُد الظفيرى قَالَ ابْن أَبى الرِّجَال فى تَارِيخه شيخ الشُّيُوخ وامام أهل الرسوخ الحرى بِأَن يُسمى أستاذ الْبشر وَالْعقل الحادى عشر بهاء الدّين وسلطان الْمُحَقِّقين الى آخر مَا وَصفه بِهِ مِمَّا لَا مزِيد عَلَيْهِ قَالَ وَلَقَد صَار مفخرة لليمن على سَائِر الْبِلَاد وَنقل أهل الاقاليم الشاسعة أَقْوَاله وَمَا وَضعه من الْكتب هُوَ ومرجع الطالبين فى الْيمن مِنْهَا المناهل الصافية على الشافية كالمختصر للرضى أبرز فِيهَا الْفَوَائِد من الرضى فى صُورَة تعشقها الافهام
وأتى للمنتهى والقاصر بِمَا يُريدهُ حَتَّى لم يفتح الطالبون بعْدهَا كتابا فى الْفَنّ الا المتوسع المتبحر وَقد صَارَت الشُّرُوح كالمنسوخة بالمناهل وَكَانَ الْعَلامَة أَحْمد بن يحيى بن حَابِس أَرَادَ التَّقْرِيب لنجم الائمة على أفهام الطّلبَة فَلَمَّا رأى هَذَا الْكتاب أعرض عَن ذَلِك وَقَالَ اذا جَاءَ نهر الله بَطل نهر معقل وَله عَلَيْهَا حَاشِيَة وولع بِهَذَا الْكتاب من رَآهُ وَلَقَد جعله شَيخنَا القيروانى من فَوَائِد سَفَره الى الْيمن واعتنى بتملكه وَله شرح على الكافية لكنه مَا تمّ لَهُ وَمن أعجب كتبه الايجاز فى علمي الْمعَانى وَالْبَيَان شَرحه شرحا مُفِيدا أَتَى فِيهِ بزبد المقالات لاهل الْفَنّ وَله الْحَاشِيَة المفيدة على شرح التَّلْخِيص الْمُخْتَصر للسعد وهى حَاشِيَة مفيدة مَا تناقل النَّاس بعْدهَا غَيرهَا وَكَانَت حَاشِيَة الْعَلامَة الخطائى كَثِيرَة الدوران وان لم تكن كَامِلَة فألقاها النَّاس وحاشية حفيد الشَّارِح وَغَيرهمَا وَلم يسمهَا الشَّيْخ باسم فسماها السَّيِّد الامام صَلَاح بن أَحْمد بن المهدى المؤيدى بالوشاح على عروس الافراح وَالسَّيِّد اخْتَار هَذَا الِاسْم بِنَاء مِنْهُ على أَن الشَّرْح الصَّغِير يُسمى بعروس الافراح وَهُوَ كَذَلِك شَائِع فى الطّلبَة وَلَيْسَ كَذَلِك انما عروس الافراح شرح السبكى وَنِعما هُوَ فانه شرح مُفِيد جدا وَله أَيْضا شرح على الْفُصُول اللؤلؤية لم يتم لَهُ بلغ فِيهِ الى الْعُمُوم وَهُوَ كتاب منقح مُفِيد وَكَانَ قد اشْتغل بِكِتَاب يفك فِيهِ الْعبارَات المبهمة فى الازهار وَلم يكن قد علم بِالْفَتْح لانه كَانَ يَوْمئِذٍ بِالطَّائِف فَلَمَّا وصل الى الْيمن اطلع على كتاب يحيى ابْن حميد الْمُسَمّى بِفَتْح الْغفار وَشَرحه الْمُسَمّى بالشموس والاقمار فَاكْتفى بذلك لموافقته لما أَرَادَ وَله فى الطِّبّ ملكة عَظِيمَة كَانَ الامام الْقَاسِم وَهُوَ من عُلَمَاء هَذَا الْفَنّ يَقُول الشَّيْخ بلطف الله طَبِيب ماهر وَمَعَ ذَلِك لم يتظهر بِهَذَا الْفَنّ ورعا وَله فى علم الجفر والزيجات وَغَيرهَا ادراك كَامِل وَكَانَ قد أَرَادَ القاء شئ الى تِلْمِيذه السَّيِّد الْحُسَيْن بن الامام الْقَاسِم فانه أرسل اليه قبل وَفَاته أَن يبْعَث اليه بالقاضى الْعَلامَة أَحْمد بن صَالح العنيسى ليستودعه شَيْئا من مَكْنُون علمه فوصل القاضى وَقد نَقله الله الى جواره وَله أرجوزة مثل الارجوزة الْمُسَمَّاة برياضة الصّبيان وَكَانَ كَابْن الهائم فى الْفَرَائِض والحساب اليه النِّهَايَة فى هَذَا الْعلم وَكتب جَعْفَر بن وبير العنقاوى الْحسنى أَيَّام اقامته بِمَكَّة فانه أسلف فى مَكَّة أَيَّامًا غرا وَاخْتَلَطَ بالفضلاء واختلطوا بِهِ وَكَانَ مجللا مكرما اليه كتابا يلْتَمس مِنْهُ تأليف كتاب فى الْفَرَائِض وَالْفِقْه وَلَفظه
(أيا شيخ لطف الله الى لقَائِل
…
وَلَا شكّ من سماك فَهُوَ مُصِيب)
(لانى رَأَيْت اللطف فِيك سجية
…
وَللَّه فى كل الامور حبيب)
(سَأَلتك سفرا أستعين بهَا على
…
عبَادَة ربى لابرحت تجيب)
(فتوضح لى يَا شَيخنَا مَا أقوله
…
فَأَنت لداء الْجَاهِلين طَبِيب)
(وَأَنت لنا فى الدّين عون وقدرة
…
بقيت على مر الزَّمَان تصيب)
فنظم لَهُ أرجوزة فى الْفَرَائِض وكتابا يتَعَلَّق بِربع الْعِبَادَات ككتاب أَبى شُجَاع فى فقه الشَّافِعِيَّة وَلم يخرجَا الى الْيمن وأجابه بقوله
(أمولاى يَا من فاق مجدا وسوددا
…
وَمَا ان لَهُ فى الْخَافِقين ضريب)
(أتانى عقد يخجل الدّرّ نظمه
…
ويعجز عَنهُ أَحْمد وحبِيب)
(معَان وألفاظ زكتْ وتناسقت
…
فَكل لكل فى الْبَيَان نسيب)
(وَمَا كَانَ قدرى يقتضى أَن أُجِيبهُ
…
ومثلى لذاك الْملك لَيْسَ يُجيب)
(وقلتم بِأَن اسمى يُشِير بِأَن لى
…
نَصِيبا وكلا لَيْسَ فِيهِ نصيب)
(أتحسب مَا أَعْطَيْت من لطف شِيمَة
…
تقصر عَنْهَا شمأل وجنوب)
(تعدى الى مثلى وأنى وَكَيف ذَا
…
وانى من أدنى الْكَمَال سليب)
(وَلَكِن حويت اللطف أَنْت جَمِيعه
…
فَقلت على ذَا النَّاس أَنْت عَجِيب)
(وأمركم مَاض وحظى قبولكم
…
وانى على قدر الْقُصُور مُجيب)
وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة فى سكناهُ مَكَّة وَأَهْلهَا معلقون بأَشْيَاء قد استنكرها الْعَلامَة ابْن حجر وصنف للزجر عَنْهَا كتابا سَمَّاهُ كف الرعاع عَن تعاطى اللَّهْو وَالسَّمَاع وَقل من يسلم من ذَلِك الا من توفرت أَسبَاب تقواه كالشيخ فانه كَانَ أعف خلق الله عَن كل رِيبَة وَحكى أَنه مرض مَرضا آل بِهِ الى السكتة وَتغَير الْحس فَقَالَ بعض مهرَة الاطباء انه يفِيدهُ السماع فَقَالَ المعتنى بشأن الشَّيْخ انه لَا يرضى بذلك فَقَالَ افعلوا مَعَ غَفلَة حسه فَفَعَلُوا فَتحَرك ثمَّ استمروا فميز فَلم يكن المهم لَهُ غير تسكيتهم وَله شرح على خطْبَة الاساس للامام الْقَاسِم وأجوبة مسَائِل منقحة وَكَانَت وَفَاته بظفير حجَّة فى رَجَب سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَألف رحمه الله
لطفى بن مُحَمَّد بن يُونُس الْكَاتِب الدمشقى الاديب البليغ الْفَائِق الْمَعْرُوف بالبصير كَانَ فى الذكاء وَقُوَّة الحافظة مِمَّا يقْضى مِنْهُ بالعجب وَلم يكن فى زَمَنه من يماثله فى الحذق وَقُوَّة البراعة وَسُرْعَة الِانْتِقَال والبديهة وَشدَّة الْحِفْظ ولد بِدِمَشْق
وَنَشَأ بهَا فى نعْمَة أَبِيه وَكَانَ أَبوهُ كَاتبا فى الْعِمَارَة السليمانية بالميدان الاخضر وَكَانَ ذَا ثروة عَظِيمَة يضْرب بِهِ الْمثل فى كَثْرَة المَال وجده يُونُس رومى ورد فى خدمَة السُّلْطَان سليم لما جَاءَ الى دمشق واستخلصها من أيدى مُلُوك الجراكسة وَأما لطفى هَذَا فان وَالِده مَاتَ وَهُوَ فى سنّ خمس وَعشْرين تَقْرِيبًا وَخلف لَهُ مَا ينيف على عشْرين ألف دِينَارا وَمن الملبوس الفاخر والاملاك شَيْئا كثيرا فسلك أَولا طَرِيق الْعلم فَقَرَأَ ودأب وَأخذ الصّرْف والنحو والمعانى عَن الْعَلامَة الْكَبِير عَلَاء الدّين بن عماد الدّين الاحدب وَأخذ الْفِقْه والاصول عَن عُلَمَاء ذَلِك الْعَصْر والْحَدِيث وَالتَّفْسِير عَن الْبَدْر الغزى وأتقن فنونا كَثِيرَة وتأدب كثيرا ونقلت من خطّ الْحسن البورينى أَنه رافقه فى الْقِرَاءَة على فَاضل الشرق الْعِمَاد السمرقندى لما ورد دمشق صُحْبَة الْوَزير حسن باشا ابْن مُحَمَّد باشا قَالَ وقرأنا عَلَيْهِ المعقولات فتشاركا فى هِدَايَة الْحِكْمَة والمنطق والهيئة وَكُنَّا كل يَوْم نَقْرَأ عَلَيْهِ فى درس وَاحِد وَذَلِكَ فى فن وَاحِد لَا غير وفى يَوْم آخر نَقْرَأ دروسا فى غير ذَلِك وَكَانَ ذَلِك الدَّرْس الْوَاحِد يطول من كَثْرَة التحقيقات من مطلع الشَّمْس الى وسط النَّهَار وَكَانَ الْعِمَاد الْمَذْكُور فى المعقولات كالسعد التفتازانى فى عصره فاستمرت قراءتنا عَلَيْهِ فى تِلْكَ الْفُنُون الثَّلَاثَة مُدَّة ثَلَاث سِنِين انْتهى ثمَّ بعد ذَلِك تنقلت بلطفى الاحوال وابتلى فى بَصَره من كَثْرَة الرمد والوجع فَقل نظره جدا من تراكم الوجع على عَيْنَيْهِ فَكَانَ لَهُ شوق لحفظ كَلَام الله تَعَالَى قيل انه اشْترى جَارِيَة حسناء وَكَانَت تقْرَأ الْقُرْآن أحسن قِرَاءَة فحفظه مِنْهَا أتم حفظ وَكَانَ لَهُ طلبة يطالعون لَهُ الْكتب بِأُجْرَة وَهُوَ يحفظ مَا يسمع من الْعبارَات من قراءتهم حَتَّى حفظ كتبا كَثِيرَة فى سَائِر الْفُنُون فَصَارَ آيَة عَظِيمَة فى جَمِيع الْفُنُون خُصُوصا فى فنون الادب برمتها وَكَانَ اذا أَرَادَ ايراد شئ من هَذِه الْفُنُون يملى الْعبارَات كَمَا هى من حفظه ثمَّ ترك الْقِرَاءَة واشتغل بهوى نَفسه وعاشر الْقَيْنَات والغلمان وَمِمَّا اتّفق لَهُ أَنه تعشق وَلدين للشرفى يحيى بن شاهين الصالحى أَحدهمَا يدعى ابراهيم وَالْآخر درويشا وَكَانَا بارعين فى الْجمال وَصرف عَلَيْهِمَا جَمِيع مَا اقتناه من تراث أَبِيه وَكَانَ يُوقد بحضرتهما فى مجْلِس المدام ثَلَاث شمعات من الشمع العسلى وَيَضَع فى كل وَاحِدَة مَا يزِيد على خمسين دِينَارا فَكلما ذاب مِنْهَا شئ يسْقط دِينَار فيتنا وَله أحد الغلامين ودام على هَذَا زَمَانا حَتَّى فقد مِنْهُ المَال وأثرى ابراهيم وَصَارَ ذَا دَائِرَة وَاسِعَة وبقى هُوَ صفر الْيَدَيْنِ وَآل أمراه الى بيع