المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌فضائل كلمة لا إله إلا الله

‌باب: المبحث الثاني: لا إله إلا الله، فضلها ومعناها وشروطها ونواقضها

‌فضائل كلمة لا إله إلا الله

المبحث الثاني: لا إله إلَاّ الله، فضلها ومعناها وشروطها ونواقضها:

* المطلب الأول: فضائل لا إله إلَاّ الله

إنَّ كلمة التوحيد: لا إله إلاّ الله، هي أفضل هؤلاء الكلمات الأربع، وأجلّهنّ وأعظمهنّ؛ فلأجلها خُلقت الخليقةُ، وأُرسلت الرسلُ، وأُنزلت الكتبُ، وبها افترق الناس إلى مؤمنين وكفار، وسعداء أهل الجنة وأشقياء أهل النار، فهي العروة الوثقى، وهي كلمة التقوى، وهي أعظم أركان الدِّين وأهم شعب الإيمان، وهي سبيل الفوز بالجنة والنجاة من النار، وهي كلمة الشهادة، ومفتاح دار السعادة، وأصل الدين وأساسه ورأس أمره، وفضائل هذه الكلمة وموقعها من الدين فوق ما يصفُه الواصفون ويعرفه العارفون {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُولُو العِلْمِ قَائِماً بِالقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} 1.

ولهذا فإنَّ لهذه الكلمة الجليلة فضائلَ عظيمةً، وفواضلَ كريمةً، ومزاياً جمّةً، لا يُمكن لأحد استقصاؤها، ومما ورد في فضل هذه الكلمة في القرآن الكريم أنَّ الله تبارك وتعالى جعلها زبدةَ دعوة الرسل، وخلاصةَ رسالاتهم، قال الله - تعالى -:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} 2، وقال - تعالى -:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 3، وقال - تعالى - في أول سورة النحل:{يُنَزِّلُ المَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَّشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنَا فَاتَّقُونِ} 4، وهذه

1 سورة آل عمران، الآية:(18) .

2 سورة الأنبياء، الآية:(25) .

3 سورة النحل، الآية:(36) .

4 سورة النحل، الآية:(2) .

ص: 20

الآية هي أول ما عدّد الله على عباده من النعم في هذه السورة، فدلّ ذلك على أنَّ التوفيق لذلك هو أعظم نعم الله تعالى التي أسبغها على عباده كما قال - سبحانه -:{وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} 1. قال مجاهد: "لا إله إلا الله"2.

وقال سفيان بن عيينة: "ما أنعم الله على عبد من العباد نعمةً أعظم من أن عرَّفهم لا إله إلا الله"3.

ومن فضائلها: أنَّ الله وصفها في القرآن بأنَّها الكلمة الطيّبة، قال الله - تعالى -:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حَينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} 4.

وهي القول الثابت في قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ} 5.

وهي العهد في قوله تعالى: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَاّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} 6، روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال:"العهد: شهادة أن لا إله إلا الله، ويتبرّأ إلى الله عز وجل من الحول والقوة، وهي رأس كلِّ تقوى"7.

1 سورة لقمان، الآية:(20) .

2 رواه ابن جرير في تفسيره (11/78) .

3 ذكره ابن رجب في ((كلمة الإخلاص)) (ص:53) .

4 سورة إبراهيم، الآية:(24) .

5 سورة إبراهيم، الآية:(27) .

6 سورة مريم، الآية:(87) .

7 رواه الطبراني في الدعاء (3/1518) .

ص: 21

ومن فضائلها: أنَّها العروة الوثقى التي من تمسّك بها نجا، ومن لم يتمسّك بها هلك، قال تعالى:{فَمَن يَّكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} 1، وقال تعالى:{وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى} 2.

ومن فضائلها: أنَّها الكلمة الباقية التي جعلها إبراهيم الخليل عليه السلام في عقِبِه لعلهم يرجعون، قال الله - تعالى -:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَاّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} 3.

وهي كلمة التقوى التي ألزمها الله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا أحقَّ بها وأهلَها، قال الله - تعالى -:{إِذْ َجَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاِهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} 4.

روى أبو إسحاق السبيعي، عن عمرو بن ميمون قال: ما تكلّمَ الناس بشيء أفضل من لا إله إلا الله، فقال سعد بن عياض:"أتدري ما هي يا أبا عبد الله؟ هي والله كلمة التقوى ألزمها الله أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا أحقّ بها وأهلَها رضي الله عنهم"5.

ومن فضائل هذه الكلمة: أنَّها منتهى الصواب وغايته، قال الله تعالى:{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالمَلَائِكَةُ صَفاًّ لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً} 6.

1 سورة البقرة، الآية:(256) .

2 سورة لقمان، الآية:(22) .

3 سورة الزخرف، الآية:(26 - 28) .

4 سورة الفتح، الآية:(26) .

5 رواه الطبراني في الدعاء (3/1533) .

6 سورة النبأ، الآية:(38) .

ص: 22

روى علي بن طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:{إِلَاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً} أنَّه قال: "إلا من أذنَ له الربّ عز وجل بشهادة أن لا إله إلا لله، وهي منتهى الصواب"1.

وقال عكرمة: "الصواب: لا إله إلا الله"2.

ومن فضائلها: أنَّها هي دعوة الحق المرادة بقوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَاّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى المَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ الكَافِرِينَ إِلَاّ فِي ضَلَالٍ} 3.

ومن فضائلها: أنَّها هي الرابطة الحقيقية التي اجتمع عليها أهل دين الإسلام، فعليها يُوالون ويعادون، وبها يُحبّون ويُبغضون، وبسببها أصبح المجتمع المسلم كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوص يَشُدُّ بعضها بعضاً.

قال الشيخ العلاّمة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في كتابه أضواء البيان: "والحاصل أنَّ الرابطة الحقيقية التي تَجمع المفترقَ وتؤلف المختلف هي رابطة لا إله إلا الله، ألا ترى أنَّ هذه الرابطة التي تجمع المجتمع الإسلامي كلَّه كأنَّه جسدٌ واحدٌ، وتجعله كالبنيان يشدّ بعضه بعضاً، عطفت قلوب حملة العرش ومن حوله من الملائكة على بني آدم في الأرض مع ما بينهم من الاختلاف، قال تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كَلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً، فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ

1 رواه الطبراني في الدعاء (3/1520) .

2 رواه الطبراني في الدعاء (3/1520) .

3 سورة الرعد، الآية:(14) .

ص: 23

وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ} 1، فقد أشار - تعالى - إلى أنَّ الرابطة التي ربطت بين حملة العرش ومن حوله وبين بني آدم في الأرض حتى دعوا الله لهم هذا الدعاء الصالح العظيم إنَّما هي الإيمان بالله - جلَّ وعلا -.

إلى أن قال رحمه الله: وبالجملة فلا خلاف بين المسلمين أنَّ الرابطة التي تربط أفراد أهل الأرض بعضهم ببعض وتربط بين أهل الأرض والسماء هي رابطة لا إله إلا الله، فلا يجوز ألبتة النداءُ برابطة غيرها"2 اهـ.

ومن فضائل هذه الكلمة: أنَّها أفضل الحسنات، قال الله - تعالى -:{مَن جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} 3.

وقد ورد عن ابن مسعود، وابن عباس، وأبي هريرة، وغيرهم: أنَّ المراد بالحسنة: "لا إله إلا الله" 4، وعن عكرمة رحمه الله في قول الله عز وجل:{مَن جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} قال: "قول: لا إله إلا الله. قال: له منها خير؛ لأنَّه لا شيء خير من لا إله إلا الله"5.

وقد ثبت في المسند وغيره عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله عَلِّمني عملاً يُقرّبني من الجنة ويُباعدني من النار. فقال: "إذا عملتَ سيّئةً فاعمل حسنةً فإنَّها عشر أمثالها". قلت: يا رسول الله، أفَمِنَ الحسنات لا إله إلا الله؟

1 سورة غافر، الآية:(7 - 9) .

2 أضواء البيان (3/447،448) .

3 سورة النمل، الآية:(89) ، القصص، الآية:(84) .

4 انظر: الدعاء للطبراني (3/1497،1498) .

5 أورده ابن البنا في ((فضل التهليل وثوابه الجزيل)) (ص:74) .

ص: 24

قال: "نعم هي أحسن الحسنات"1.

فهذه بعض فضائل هذه الكلمة العظيمة، من خلال ما ورد في القرآن الكريم، وفيما يلي ذكر لبعض فضائلها من خلال ما ورد من ذلك في سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

فمن فضائلها: أنَّها أفضلُ الأعمال وأكثرُها تضعيفاً، وتَعدِلُ عِتقَ الرِّقاب، وتكون لقائلها حِرزًا من الشيطان، كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيء قديرٌ في يوم مائة مرّة كانت له عِدْل عشرِ رقاب، وكُتب له مائة حسنة، ومُحي عنه مائة سيّئة، ولم يأت أحدٌ بأفضل مما جاء به، إلا أحدٌ عملَ أكثرَ من ذلك"2.

وفيهما - أيضاً - عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قالها عشرَ مرات كان كمن أَعتقَ أربعة أنفس من وَلَدِ إسماعيل"3.

ومن فضائلها: أنَّها أفضل ما قاله النبيّون، لما ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"أفضل ما قلتُ أنا والنبيّون عشيةَ عَرَفَةَ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيء قدير" 4، وفي لفظ:"خيرُ الدعاءِ دعاءُ يوم عرفة، وخيرُ ما قلته أنا والنبيُّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيء قدير"5.

1 المسند (5/169) .

2 صحيح البخاري (رقم:3293)، و (رقم:6403) ، وصحيح مسلم (رقم:2691) .

3 صحيح البخاري (رقم:6404)، وصحيح مسلم (رقم:2693) .

4 أخرجه الطبراني في الدعاء (رقم:874) من حديث علي رضي الله عنه.

5 أخرجه الترمذي في السنن (رقم:3585) من حديث عبد الله بن عمرو. وحسنه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة (4/7،8)، وقال: الحديث ثابت بمجموع هذه الشواهد.

ص: 25

ومن فضائلها: أنَّها ترجحُ بصحائف الذنوبِ يوم القيامة كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما المُخرَّج في المسند، وسنن النسائي، والترمذي، وغيرهما بإسناد جيّد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"يُصاح برجل من أمّتي على رؤوس الخلائق يوم القيامةِ، فيُنشرُ له تسعةٌ وتسعون سِجِلاً، كلُّ سِجِلٍّ منها مدّ البصر، ثم يقول الله تبارك وتعالى له: أَتُنكر من هذا شيئا؟ فيقول: لا يا ربّ. فيقول عز وجل: أَلَكَ عُذر أو حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا يا رب. فيقول عز وجل: بلى إنَّ لك عندنا حسنة، وإنَّه لا ظلم عليك، فتُخرجُ له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السِجِلَاّت؟ فيقول عز وجل: إنَّك لا تُظلم، قال: فتُوضَع السجلات في كِفَّة والبطاقة في كِفَّة، فطاشت السِجِلَاّت وثقُلت البطاقة"1.

ولا ريب أنَّ هذا قد قام بقلبه من الإيمان ما جعل بطاقته التي فيها لا إله إلا الله تطيش بتلك السِجلاّت، إذ الناس متفاضلون في الأعمال بحسب ما يقوم بقلوبهم من الإيمان، وإلا فكم من قائل لا إله إلا الله لا يحصل له مثل هذا لضعف إيمانه بها في قلبه، فقد ورد في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرةٍ من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برّة من خير ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير" 2، فدلّ ذلك على أنَّ أهل لا إله إلا الله متفاوتون فيها بحسب ما قام في قلوبهم من إيمان.

1 المسند (2/213)، سنن الترمذي (رقم:2639) ، سنن ابن ماجه (رقم:4300) ، وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع (رقم:8095) .

2 صحيح البخاري (رقم:44)، وصحيح مسلم (رقم:193) (325) .

ص: 26

ومن فضائل هذه الكلمة: أنَّها لو وُزِنت بالسموات والأرض رجحت بهنّ كما في المسند عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنَّ نوحاً قال لابنه عند موته: آمُرُك بلا إله إلا الله، فإنَّ السموات السبع والأرضين السبع لو وُضعت في كفة، ووُضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهنّ لا إله إلا الله، ولو أنَّ السموات السبع في حلقة مبهمة لقصمتهنّ لا إله إلا الله"1.

ومن فضائلها: أنَّها ليس لها دون الله حجاب، بل تخرق الحُجب حتى تصل إلى الله عز وجل، ففي الترمذي بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"ما قال عبدٌ لا إله إلا الله مخلصاً إلا فُتحت له أبواب السماء حتى تُفضي إلى العرش ما اجتَنَب الكبائر"2.

ومن فضائلها: أنَّها نجاةٌ لقائلها من النار، ففي صحيح مسلم: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سمع مؤذِّناً يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال:"خرج من النار" 3، وفي الصحيحين من حديث عِتبان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"إنَّ الله حرّم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله"4.

ومن فضائل هذه الكلمة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جعلها أفضل شُعب الإيمان، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق"5.

1 المسند (2/170)، وصححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم:134) .

2 سنن الترمذي (3590)، وحسنه العلامة الألباني في صحيح الجامع (رقم:5648) .

3 صحيح مسلم (رقم:382) .

4 صحيح البخاري (رقم:6938)، وصحيح مسلم (رقم: 33) (263) .

5 صحيح البخاري (رقم:9)، وصحيح مسلم (رقم: 35) .

ص: 27