الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا الْغِنَاءُ مِنْ غَيْرِ عُودٍ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الرَّجُلِ يَتَّخِذُهُ صِنَاعَةً: لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنَ اللَّهْوِ الْمَكْرُوهِ الَّذِي يُشْبِهُ الْبَاطِلَ، وَمَنْ صَنَعَهُ كَانَ مَنْسُوبًا إِلَى السَّفَهِ، وَسَقَاطَةِ الْمُرُوءَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا بَيِّنَ التَّحْرِيمِ. وَإِنْ كَانَ لَا يَنْسِبُ نَفْسَهُ إِلَى الْغِنَاءِ وَلَا يُؤْتِي
لِذَلِكَ وَلَا يَأْتِي عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِأَنَّهُ يُطْرِبُ فِي الْحَالِ فَيَتَرَنَّمُ فِيهَا، لَمْ يُسْقِطْ هَذَا شَهَادَتَهُ.
وَهَذَا لِمَا رُوِّينَاهُ عَنْ عَائِشَةَ فِي دُخُولِ أَبِي بَكْرٍ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ، وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَزْمُورُ الشَّيْطَانِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«يَا أَبَا بَكْرٍ، لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدٌ، وَهَذَا عِيدُنَا» ، وَرُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ التَّرَنُّمَ بِالشِّعْرِ، وَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَشِيدَ الْأَعْرَابِ، وَالْحُدَاءَ.
624 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَنْشَدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِائَةَ قَافِيَةٍ مِنْ قَوْلِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: هِيهْ، هِيهْ، ثُمَّ قَالَ:«كَادَ فِي شِعْرِهِ لَيُسْلِمُ» . وَرُوِّينَا عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً» ، وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحْدَى لَهُ فِي السَّفَرِ، وَأَنَّ أَنْجَشَةَ كَانَ يَحْدُو بِالنِّسَاءِ، وَالْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ يَحْدُو بِالرِّجَالِ
625 -
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَادٍ يُقَالُ لَهُ: أَنْجَشَةُ، وَكَانَتْ أُمِّي مَعَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«يَا أَنْجَشَةُ، كَذَاكَ سَوْقُكَ بِالْقَوَارِيرِ» .
⦗ص: 257⦘
وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ الرَّجُلِ قَيْحًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» فَمَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: أَنْ يَمْتَلِئَ قَلْبُهُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَيْهِ فَيَشْغَلُهُ عَنِ الْقُرْآنِ، وَعَنْ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ