الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَنْ غَدَا وَرَاحَ فِي تَعَلُّمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
859 -
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُوسُفَ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْفَاكِهِيُّ قَالَا: أَنْبَأَنَا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُلَيِّ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ فِي الصَّفَا، فَقَالَ:«أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَا إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِيَ كُلَّ يَوْمٍ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ زَهْرَاوَيْنِ فَيَأْخُذُهُمَا مِنْ غَيْرِ إِثْمٍ بِاللَّهِ وَلَا قَطِيعَةِ رَحِمٍ» . قَالَ: قُلْنَا: كُلُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ يُحِبُّ ذَلِكَ قَالَ: «يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَتَعَلَّمَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ مِنْ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الْإِبِلِ»
860 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ الْقَنْطَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُرِيدُ إِلَّا لِيَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ يُعَلِّمَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُ مُعْتَمِرٍ تَامِّ الْعُمْرَةِ. وَمَنْ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُرِيدُ إِلَّا لِيَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ يُعَلِّمَهُ فَلَهُ أَجْرُ حَاجٍّ تَامِّ الْحَجَّةِ»
861 -
أَخْبَرَنَا. . . . . .، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ،. . . . .، حَدَّثَنَا أَبُو. . . . . . بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا
⦗ص: 348⦘
حُمَيْدُ بْنُ صَخْرٍ الْخَرَّاطُ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ جَاءَ مَسْجِدِي هَذَا لَمْ يَأْتِ إِلَّا لِخَيْرٍ يَتَعَلَّمُهُ أَوْ يُعَلِّمُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل، وَمَنْ جَاءَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى مَتَاعِ غَيْرِهِ»
862 -
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ إِمْلَاءً، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى السَّاجِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أَطْلُبُ حَدِيثًا بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا جَاءَتْنِي بِكَ حَاجَةٌ وَلَا جَاءَتْ بِكَ تِجَارَةٌ وَلَا جَاءَ بِكَ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضَاءً بِمَا يَصْنَعُ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي جَوْفٍ مِنَ الْمَاءِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» . وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، فِي آخَرِينَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيُّ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدٍ بِدِمَشْقَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ جِئْتُكَ مِنَ الْمَدِينَةِ، مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَلَا جِئْتَ لِحَاجَةٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَلَا لِتِجَارَةٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَلَا جِئْتَ إِلَّا لِهَذَا الْحَدِيثِ؟ قَالَ: لَا، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ
863 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِنِصْفِ النَّهَارِ، فَقُلْنَا: مَا بَعَثَ إِلَيْهِ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا لِشَيْءٍ يَسْأَلُهُ، فَلَمَّا خَرَجَ سَأَلْنَاهُ، فَقَالَ نَعَمْ: سَأَلَنَا عَنْ كَلِمَةٍ سَمِعْنَاهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ، ثَلَاثٌ لَا يُغَلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأُمُورِ، وَالِاعْتِصَامُ بِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ دُعَاهُمْ يُحِيطُ مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الْآخِرَةَ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ وَجَعَلَ الْغِنَى فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ ". قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنَا جَهْضَمٌ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
864 -
حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمَشٍ الْأُسْتَاذُ إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: 30] وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} [الإسراء: 19] . وَقَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَهْلِكُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا هَالِكٌ» .
865 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحِ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْعَنْبَرِيُّ، أَنْبَأَنَا جَدِّي يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عز وجل. «إِنَّ رَبَّكُمْ رَحِيمٌ، مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ، وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَشْرَ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ. وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ أَوْ مَحَاهَا اللَّهُ، وَلَا يَهْلِكُ عَلَى اللَّهِ إِلَّا هَالِكٌ» . قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: فَمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تبارك وتعالى لِاعْتِقَادِ مَا سَبَقَ ذِكْرُنَا لَهُ فِي كِتَابِ الِاعْتِقَادِ، وَأَعَانَهُ عَلَى عِبَادَتِهِ بِمَا قَدْ بَيَّنَّا ذِكْرَهُ فِي مُخْتَصَرِ كِتَابِ السُّنَنِ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْمُنَاكَحَاتِ وَالْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ، ثُمَّ عَلَى اسْتِعْمَالِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْآيَاتِ فِيهِ. وَفِي هَذَا الْكِتَابِ فِي أُمُورِ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ وَفِيمَا يَلِيهِ مِنَ الْمُخْتَصَرِ مِنْ كِتَابِ الدَّعَوَاتِ، كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ. وَقَدْ قَالَ عز وجل، وَقَوْلُهُ حَقٌّ، وَوَعْدُهُ صِدْقٌ:{إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: 30] . وَاللَّهَ نَسْأَلُ عَوْنَهُ عَلَى عِبَادَتِهِ، وَإِلَيْهِ نَرْغَبُ فِي حُسْنِ تَوْفِيقِهِ فَلَا وصُولَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ وَطَاعَتِهِ إِلَّا بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ.
⦗ص: 351⦘
قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} [النور: 21] . وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ، فَلَا سَبِيلَ إِلَى الْفَوْزِ بِجَنَّتِهِ وَالنَّجَاةِ مِنْ عُقُوبَتِهِ إِلَّا بِفَضْلِهِ وَسِعَةِ رَحْمَتِهِ
866 -
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَارِبُوا وَسَدِّدُوا فَإِنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ» . قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ وَفَضْلٍ» . أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَهُ. وَعَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: وَهَذَا لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَمْكَنَهُ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ إِيَّاهُ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا تَرَكَ الْمَعْصِيَةَ بِعِصْمَةِ اللَّهِ إِيَّاهُ عَنْهَا. وَالتَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ بِإِرَادَةِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ وَعِصْمَتِهِ، وَهِيَ رَحْمَتُهُ. فَالنَّجَاةُ فِي الْحَقِيقَةِ وَاقِعَةٌ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ، وَلَا بُدَّ مِنَ الْعَمَلِ لِامْتِثَالِ الْأَمْرِ، وَلْتَكُنْ عَلَامَةُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلْعَامِلِينَ فِي الْمَعَادِ، ثُمَّ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ إِنَّمَا يَعْمَلُ مَا تَيَسَّرَ لَهُ عَلَى مَا جَرَى بِهِ الْقَلَمُ فِي الْأَزَلِ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يَعْمَلُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» . وَقَدْ مَضَى بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابِ الِاعْتِقَادِ