المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حياة الأنبياء البرزخية - الآيات البينات في عدم سماع الأموات

[ابن الألوسي]

الفصل: ‌حياة الأنبياء البرزخية

‌الْفَصْل الثَّالِث

فِي حَيَاة الْأَنْبِيَاء عليهم السلام البرزخية وَفِي أَن النَّعيم وَالْعَذَاب على الرّوح وَالْبدن كَمَا هُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور من أهل السّنة السّنيَّة وَأَن زِيَارَة الْقُبُور أَمر مَشْرُوع ايضا عِنْد أَئِمَّتنَا الْحَنَفِيَّة

فَاعْلَم إرشدنا الله وَإِيَّاك إِلَى الطَّرِيق الأسلم أَن الْمَشَايِخ الْحَنَفِيَّة وَإِن قَالُوا بِعَدَمِ سَماع الْأَمْوَات كَلَام الْأَحْيَاء إِلَّا أَنهم قَالُوا بِأَن النَّعيم وَالْعَذَاب للروح وَالْبدن وَأَن الزِّيَارَة أَمر مَشْرُوع ولننقل لَك من كَلَام الْعلمَاء فِي ذَلِك سالكين إِن شَاءَ الله تَعَالَى أقصر المسالك

‌حَيَاة الْأَنْبِيَاء البرزخية

أما حَيَاة الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام الْحَيَاة البرزخية الَّتِي هِيَ فَوق حَيَاة الشُّهَدَاء الَّذين قَالَ الله تَعَالَى فيهم {بل أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ} فَأمر ثَابت بالأحاديث الصَّحِيحَة قَالَ بخاري عصره شيخ مَشَايِخنَا الشَّيْخ عَليّ السويدي

ص: 39

الْبَغْدَادِيّ فِي كِتَابه العقد أخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ وَصَححهُ عَن انس رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الْأَنْبِيَاء أَحيَاء فِي قُبُورهم يصلونَ وَأخرج الإِمَام أَحْمد وَمُسلم فِي صَحِيحه وَالنَّسَائِيّ عَن أنس بن

ص: 40

مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَرَرْت لَيْلَة أسرِي بِي على مُوسَى قَائِما يُصَلِّي فِي قَبره قَالَ الْمَنَاوِيّ أَي يَدْعُو ويثني عَلَيْهِ ويذكره فَالْمُرَاد الصَّلَاة اللُّغَوِيَّة وَهِي الدُّعَاء وَالثنَاء وَقيل المُرَاد الشَّرْعِيَّة وَعَلِيهِ القرضي وَلَا تدافع بَين هَذَا وَبَين رُؤْيَته إِيَّاه تِلْكَ اللَّيْلَة فِي السَّمَاء السَّادِسَة لِأَن للأنبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام مسارح أَو لِأَن أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء بعد مُفَارقَة الْبدن فِي الرفيق الْأَعْلَى وَلها إشراف على الْبدن وَتعلق بِهِ وَبِهَذَا التَّعَلُّق رَآهُ يُصَلِّي فِي قَبره وَرَآهُ فِي السَّمَاء فَلَا يلْزم كَون مُوسَى عليه الصلاة والسلام عرج بِهِ من قَبره ثمَّ رد إِلَيْهِ بل ذَلِك مقَام روحه واستقرارها وقبره مقَام بدنه واستقراره إِلَى يَوْم معاد الْأَرْوَاح إِلَى الأجساد كَمَا أَن روح نَبينَا صلى الله عليه وسلم بالرفيق الْأَعْلَى وبدنه الشريف فِي ضريحه المكرم يرد السَّلَام على من يسلم عليه الصلاة والسلام وَمن غلظ طبعه عَن إِدْرَاك هَذَا فَلْينْظر

ص: 41

إِلَى السَّمَاء فِي علوها وتعلقها وتاثيرها فِي الأَرْض وحياة النَّبَات وَالْحَيَوَان إِذا تَأَمَّلت فِي هَذِه الْكَلِمَات علمت أَن لَا حَاجَة الى التكلفات الْبَعِيدَة الَّتِي مِنْهَا أَن هَذَا كَانَ رُؤْيَة مَنَام أَو تمثيلا أَو اخبارا عَن وَحي لَا رُؤْيَة عين وَفِي الْمَوَاهِب اللدنية

اخْتلف فِي رُؤْيَة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لهَؤُلَاء الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام فَحمل ذَلِك بَعضهم على رُؤْيَة أَرْوَاحهم الا عِيسَى عليه السلام فَيحْتَمل أَن يكون عليه الصلاة والسلام عاين كل وَاحِد مِنْهُم فِي قَبره فِي الأَرْض على الصُّورَة الَّتِي أخبر بهَا من الْموضع الَّذِي ذكر أَنه عاينه فِيهِ فَيكون الله عز وجل قد أعطَاهُ من الْقُوَّة فِي الْبَصَر والبصيرة مَا أدْرك بِهِ ذَلِك وَيشْهد لَهُ رُؤْيَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الْجنَّة وَالنَّار فِي عرض الْحَائِط وَالْقُدْرَة صَالِحَة

ص: 42

لكليهما الى آخر مَا قَالَ انْتهى مَا فِي الْمَوَاهِب وَشَرحه وَتَمام الْبَحْث فِيهِ وَأَن أجسام الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا تاكلها الارض كَمَا ورد بِالْحَدِيثِ بِخِلَاف غَيرهم وَقد روى فِي الْمَوَاهِب عَن أبي دَاوُد بِلَفْظ إِن الأَرْض لَا تَأْكُل اجساد الْأَنْبِيَاء وَمن خَصَائِص نَبينَا عليه الصلاة والسلام أَن الله تَعَالَى وكل ملكا يبلغهُ صَلَاة الْمُصَلِّين وَالْمُسْلِمين عليه الصلاة والسلام

وَورد أَيْضا مَا من أحد يسلم عَليّ إِلَّا رد الله عَليّ روحي فَرددت عليه الصلاة والسلام فَلَا تغفل

ص: 43