المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الاستعانة بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ٢٦١

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌سددوا وقاربوا

- ‌يسر الدين

- ‌اليسر في التفكير

- ‌اليسر في العمل والعبادة

- ‌اليسر في القرآن

- ‌الغلبة للدين

- ‌السداد والمقاربة

- ‌البشرى لمن سدد وقارب

- ‌الاستعانة بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة

- ‌حديث تحويل القبلة

- ‌نزول النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة

- ‌تحويل القبلة

- ‌الإسلام يهدم ما قبله

- ‌شرح الحديث وذكر حديث يؤيد معناه

- ‌الدواوين عند الله ثلاثة

- ‌تكلفة النفس بما تطيق

- ‌معاملة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء

- ‌شرح حديث: عليكم من الأعمال ما تطيقون

- ‌معنى قوله: لا يمل الله حتى تملوا

- ‌فضل لا إله إلا الله

- ‌(لا إله إلا الله) تحتاج إلى الإخلاص للتخلص من النار

- ‌شرح ألفاظ حديث الإخراج من النار

- ‌مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاته

- ‌المعنى الإجمالي للحديث

- ‌حجة الوداع في يوم الجمعة

- ‌مرض الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الوداع وموت الرسول

- ‌الأسئلة

- ‌إقبال النفس وإدبارها

- ‌حكم تارك الصلاة

- ‌حكم لبس السراويل الكاشفة للعورة تحت الثوب

- ‌حكم رفع الصوت بقراءة القرآن بين الأذان والإقامة

- ‌حكم السلام على حلقة علم أو قرآن

- ‌حديث (لا صمت إلا في ثلاث)

- ‌الفرق بين الفاسق والعاصي

- ‌حكم الصلاة وراء الإمام المسبل أو الحالق لحيته

- ‌حكم حفظ مقاطع من القرآن لمدة وترك بقيته

- ‌حكم الهجر فوق ثلاثة أيام للمصلحة

- ‌التوفيق بين الحقوق الخاصة والعامة

الفصل: ‌الاستعانة بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة

‌الاستعانة بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة

ثم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة} الغدوة: هي أول النهار بعد صلاة الفجر إلى الضحى، وهي معروفة عند العرب، وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم:{إذا غدا المسلم إلى المسجد أو راح أعدَّ الله له نزلاً في الجنة كلما غدا أو راح} ويقول سبحانه وتعالى: {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [الأعراف:205].

في كتابه بالغدو: أول النهار، والآصال: هي ما بعد صلاة الظهر إلى الغروب، يقول النابغة الذبياني:

زعم البوارح أن رحلتنا غداً وبذاك خبرنا الغراب الأسود

أي: في غدو النهار، فيقول صلى الله عليه وسلم:{استعينوا بالغدوة} أي: ما بعد صلاة الفجر، وأغلى وقت في حياة المسلم هو ما بعد صلاة الفجر، إذا أراد مهمة أو عبادة أو ذكراً فعليه بذاك الوقت، وإذا أراد أن يطلع في كتاب أو يفهم فعليه بما بعد صلاة الفجر، وإذا أراد عملاً ما، أو سفراً، أو تجارة فعليه بما بعد صلاة الفجر، ولذلك روى الإمام أحمد في مسنده، عن أبي صخر الغامدي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:{بارك الله لأمتي في بكورها} ومن أراد كذلك أن يخصص وقتاً لقراءة القرآن وتدبره فبعد صلاة الفجر، قال تعالى:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} [الإسراء:78]{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير:17 - 18] قالوا: تنفس وكأنه كان في الليل مكبوتاً حزيناً، فتنفس مع الإصباح، وتنفست معه الطيور، ووزعت الأرزاق في الصباح، والمواهب والأعطيات، ونزل خير الله سبحانه وتعالى ورحمته، فيقول صلى الله عليه وسلم استغلوا هذه الساعة، أي: بعد صلاة الفجر وهذه بالغدوة والروحة، قال أهل العلم: الروحة بعد صلاة العصر، ومن لم يستطع بعد صلاة العصر فقبل الغروب قال تعالى:{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم:17 - 18] فبعد صلاة الفجر وقبل صلاة المغرب هما أفضل وقت، وأصفى وقت للمسلم ليحاسب نفسه، ويراجع معاملته مع الله سبحانه وتعالى من ذكر وعبادة.

ثم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {وشيء من الدلجة} أي: من الليل، خذوا قليلاً بعد صلاة الفجر، وقليلاً بعد صلاة المغرب، وخذوا قليلاً من الدلجة، وكأنه يقول في السحر؛ لأنها أعظم ساعة تتصل فيها بالحي القيوم تبارك وتعالى، ولم يقل صلى الله عليه وسلم: واستعينوا بالدلجة؛ لأنه نهى عن قيام كل الليل، إنما يقام شيء من الليل قال تعالى:{كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:17] وحملها بعض أهل التفسير على أنهم يصلون قليلاً من الليل، فليكن للمسلم ساعة من أي جزء من أجزاء الليل، وإن لم يستطع ذلك فليوتر قبل أن ينام، ثم ليذكر الله سبحانه وتعالى؛ لتسبح روحه في الملأ الأعلى، وليكون من الذاكرين الله وهو نائم على فراشه، وهذا هو نوم العباد الصالحين المتصلين بالحي القيوم، هذه هي قضايا هذا الحديث، يريد صلى الله عليه وسلم أن يقرب إلى الأفهام أن هذا الدين ليس بالمغالبة، وإنما هو باليسر وبالسهولة، وبأخذه بالتي هي أحسن؛ لأن الله تعالى يسره للناس.

ص: 9