المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السكتات في الصلاة: - دروس الشيخ عبد الكريم الخضير - جـ ١٧

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌السكتات في الصلاة:

ومنهما معنى: ((إذا قال آمين فقولوا آمين)) لأننا لو حملناه على أنه إذا فرغ من التأمين كما حملنا التكبير معنى هذا أيش؟ أننا ننتظر حتى يؤمن الإمام، إذا قال: آمين، وانقطع صوته، نقول: آمين، هل هذا هو المراد؟ أو أننا نؤمن مع الإمام؛ لأنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه، فعلى هذا يكون المراد، إذا أراد التأمين فأمنوا معه في وقت واحد بحيث يكون صوت المأموم مع صوت الإمام، وعرفنا أن الفعل يطلق ويراد به الإرادة، ويطلق ويراد به الشروع، ويطلق ويراد به الفراغ من الفعل ((غفر له ما تقدم من ذنبه)) إيش معنى:((من وافق تأمينه تأمين الملائكة))؟ هل المراد بذلك الوقت أو الكيفية بحيث يكون مده مثل مد الملائكة في ابتدائه وانتهائه؟ أو نقول: هذا أمر غيبي يوفق الله -جل وعلا- له من شاء؟ نحرص على إتباع السنة ولن نخيب بعد ذلك؟ ما الذي يدريك أنك وافقت تأمين الملائكة؟ لكن أنت تحرص على تطبيق السنة، وتنتظر حتى يقول الإمام:(ولا الضالين)((فإذا قال: ولا الضالين، فقولوا: آمين)) ، فإذا انقطع صوته بقوله:(ولا الضالين) فقولوا: (آمين).

لأن عندك النص: ((إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا)) وفيه: ((وإذا قال: ولا الضالين، فقولوا: آمين)) ، وهذا النص مفسر للذي قبله، بمعنى أننا نقول:(آمين) مع الإمام.

فعلى الإنسان أن يحرص، ويستحضر قلبه؛ لأن هذا دعاء، معنى (آمين): اللهم استجب، والله -جل وعلا- لا يقبل من قلب غافل، فنستحضر هذه الصلاة، ونستحضر هذه الأدعية، فإذا قلنا:(آمين) ووافق تأميننا تأمين الملائكة غفر لنا، ووُفقنا لموافقتهم.

‌السكتات في الصلاة:

ص: 20

قال ابن القيم: وكان له سكتتان، سكتة بين التكبير والقراءة، يريد بها السكتة التي سأله عنها عليه الصلاة والسلام أبو هريرة: أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ هذه السكتة الأولى وهي في الصحيحين، اختلف الثانية، جاء إجمالاً أنه كانت له سكتتان، اختُلِف في الثانية، وجاء ما يدل على أنها بعد الفراغ من الفاتحة، وجاء ما يدل على أنها بعد الفراغ من القراءة، فمن أهل العلم من قال: المراد بالسكتة الثانية، إذا فرغ الإمام من قراءة الفاتحة يسكت ليقرأ المأموم الفاتحة، ليمكِّن المأموم من قراءة الفاتحة، هذا قول، ومنهم من يقول: لا، السكتة الثانية بعد الفراغ من القراءة، ليتراد النَّفَسُ قبل الركوع، ومنهم من يقول: هي ثلاث سكتات، لا يصل بين القراءتين، فإذا قال:(آمين) انتظر قليلاً وهي سكتة، وإذا فرغ من القراءة سكت ليتراد النَّفَس، وكلام أهل العلم في هذه المسألة معروف، فعلى الكلام الأخير تكون ثلاثاً.

يقول ابن القيم: والظاهر أنما هي اثنتان فقط، وأما الثالثة فسكتةٌ لطيفةٌ لأجل تراد النَّفَس، فلم يكن يصل القراءة بالركوع، بخلاف السكتة الأولى، فإنه يجعلها بعد الاستفتاح، والثانية قد قيل: إنها لأجل قراءة المأموم فعلى هذا ينبغي تطويلها بقدر قراءة الفاتحة، ليتمكن المأموم من قراءة الفاتحة، وأما الثالثة فللراحة والنَّفَس فقط، وهي سكتة كما قال ابن القيم لطيفة، فمن لم يذكرها فلقصرها، ومن اعتبرها جعلها سكتة ثالثة، فلا اختلاف بين الروايتين.

ص: 21

روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث الحسن البصري عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسكت سكتتين: إذا استفتح، وإذا فرغ من القراءة كلها، وفي رواية: سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراءة {غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] مجموع الروايات تدل على أن السكتات ثلاث، لكن هل يثبت مثل هذا الحكم بمثل هذا الإسناد: الحسن عن سمرة؟ هل سمع الحسن من سمرة أو لم يسمع؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، أما سماع الحسن من سمرة حديث العقيقة فهذا في صحيح البخاري، عن حبيب بن الشهيد: قال لي محمد بن سيرين: سل الحسن عمن سمعت حديث العقيقة؟ فقال: عن سمرة، فهذا نص على أن الحسن سمع من سمرة حديث العقيقة، لكن هل سمع غيره؟ المسألة خلاف بين أهل العلم، فيبقى كل على مذهبه، من يثبت سماع الحسن من سمرة مطلقاً يقول: الحديث صحيح، ومن لا يثبته يقول: الحديث فيه انقطاع، والحسن رحمه الله معروف بالإرسال، وهو موصوف بالتدليس.

على كل حال بعد قراءة الفاتحة يسكت الإمام، ولو لم يكن بقدر قراءة الفاتحة للمأموم، المقصود أنه يفصل بين القراءتين، وإذا أنهى القراءة يسكت ليتراد النَّفَس، وبهذا يكون جمع بين الروايات كلها.

من لا يحسن القراءة وعجز عن تعلمها؛ لأن بعض الناس لا سيما من كبار السن ممن لم يلتفت إلى الحفظ إلا بعد أن طعن في السن، مثل هذا يصعب عليه القراءة، قد يكون حافظاً للفاتحة، لكن حفظه غير مجزئ حفظ غير صحيح، يُخَيَّل للإنسان أنه قارئ، وليس بقارئ بالفعل.

فالذي يقرأ وهو إمام -إمام مسجد- في بلد من البلدان يقول: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [(8) سورة التكاثر] هل هذا قراءته صحيحة؟ لا، ليست بصحيحة. هل هذا تغيير يسير؟ هذا يقلب المعنى رأساً على عقب، اللام لام التأكيد تُقلَب (لا) نافية؟ فبعض الناس من هذا النوع يظنه يقرأ و

، وسمعنا بعض الشياب من كبار السن من العوام قراءات فيها تصحيف وفيها تحريف، واللحن عاد حدِّث ولا حرج، الذي هو تغيير الحركات التصحيف والتحريف شيء لا يخطر على البال عند بعض العوام، وعنده أنه يحسن القراءة.

ص: 22