الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولذا جاءت العبادات متنوعة، وهذه العبادة الخاصة وهي عبادة النسك، والذبح لله -جل وعلا- الذي هو نوع من أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها لغير الله -جل وعلا-:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [(162 - 163) سورة الأنعام] فمن ذبح لغير الله -جل وعلا- فقد أشرك.
قد يلتبس على بعض الناس ما يذبح لإكرام الضيف مثلاً، أو لكونه سكن بيتاً جديداً، أو ما أشبه ذلك مما تعارف الناس على ذبحه، فهل هذا يتعارض؟ هل يقول الإنسان: أن هذه ذبيحة لفلان وليست لله؟ وقد ذبحت على اسم الله -جل وعلا-، قال ذابحها: بسم الله والله أكبر، وأكرم بها ضيفه ممتثلاً لقول النبي عليه الصلاة والسلام:((من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)) وقد تعزب هذه النية عنه، لكنها داخلة فيما يجمل، وإن كان الأجر يترتب على استحضار هذه النية، وما أشبه ذلك، فالضيافات المعروفة عند العرب ثمان كما قدرها أهل العلم وحددوها، المقصود أن مما يذبح تقرباً إلى الله -جل وعلا- هذه الشعيرة من شعائر الدين.
اللغات في الأضحية:
ويقال لها: أضحية، بضم الهمزة، وإِضحية بكسرها، والجمع أضاحي، كما يقال لها: ضحية، وجمعها ضحايا، ويقال لها أيضاً: أضحاة، وجمعها أضحى، كأرطاة وأرطى.
هذه اللغات في هذه اللفظة: أضحية وإضحية، وجمعهما أضاحي، وضحية كعطية وهدية، وجمعها ضحايا، كهدايا وعطايا، وأضحاه، وجمعها أضحى، كأرطاة وأرطى.
والأضحية مشروعة بإجماع المسلمين، وشرعيتها تظافرت عليها الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع.
ورد أحاديث كثيرة كما جاء في القرآن ما يشير إليها من قوله -جل وعلا-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] والمراد بالصلاة في هذه الآية هي صلاة العيد وعيد النحر، والنحر هنا المأمور به في قوله:{وَانْحَرْ} ذبح الضحايا والهدايا، هذا ما يتعلق بعيد الأضحى، أما بالنسبة لعيد الفطر فجاء قوله -جل وعلا-:{قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [(14 - 15) سورة الأعلى] هذه وظيفة عيد الفطر، ووظيفة عيد الأضحى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] والأمر هنا الأصل فيه الوجوب، وثبوته قطعي؛ لكن دلالته على المراد (فصلِ) أمر بالصلاة، (وانحر) أمر بالنحر، يستدل بهذا من يقول: بوجوب الأضحية على ما سيأتي.
الثبوت قطعي؛ لأنه بين الدفتين في المصحف؛ لكن دلالة الصلاة هنا على صلاة العيد، ودلالة الأمر بالنحر على الأضحية ليست بقطعية، ولذا اختلف أهل العلم في حكمها، في الطرفين، في صلاة العيد وفي النحر، والجمهور على عدم وجوب صلاة العيد وجوباً عينياً، كما يدل له قوله:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ} كما أن مذهب الجمهور على عدم وجوب الأضحية كما سيأتي، وذلكم لأن دلالة الآية في الموضعين على الصلاة وعلى النحر ليست قطعية، وقال بالوجوب في الطرفين الحنفية، قال بوجوب صلاة العيد الحنفية، وقالوا بوجوب النحر، بوجوب الأضحية الحنفية أيضاً، فمذهبهم مطرد.
شيخ الإسلام يوافقهم على وجوب صلاة العيد، ويؤكد في استحباب الأضحية؛ لكنه لا يصل بها إلى حد الوجوب، المقصود أن الأضحية هي ما يذبح يوم عيد النحر، وما يليه من أيام التشريق، على ما سيأتي من الخلاف في هذه المسألة.