المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أدلة القائلين بعدم الوجوب: - دروس الشيخ عبد الكريم الخضير - جـ ٤١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌أدلة القائلين بعدم الوجوب:

محتاجة إلى التمر، تقول: أنا معي ألف ريال، نقول لك: اشترِ عشرة كيلو، ووزعهم على تمرة واحدة، أو اشترِ خمسمائة كيلو ووزع على الجميع شيء يكفيهم مدة، لا شك أن هذا مطلوب، الموازنة مطلوبة، فالخبث هنا نسبي.

‌أدلة القائلين بعدم الوجوب:

استدل من قال بعدم وجوبها وهم الجمهور بأدلة، منها:

ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً)).

وفي لفظ عند مسلم أيضاً: ((إذا دخل العشر وعنده أضحية يريد أن يضحي فلا يمس شعراً، ولا يقلمن ظفراً)) وفي لفظ له عنها: ((إذا أراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره)) ووجه الاستدلال من حديث أم سلمة بألفاظه أن الأضحية موكولة إلى إرادة المضحي؛ لكن هل الحكم سيق لبيان حكم الأضحية، أو سيق لحكم ما يحتف بها من مقدماتها؟ يعني لو كان نص لمجموعة من الناس فيهم الذي حج، وفيهم الذي لم يحج الفرض، وقيل لهم: من أراد منكم أن يحج فليحتط لنفسه؛ لأن الجو بارد، هل في هذا ما يدل على أن الحج ليس بواجب؟

طالب: لا.

ما يدل على أن الحج ليس بواجب، فكونه موكول إلى إرادته ما سيق لبيان حكم الأضحية، الجمهور يستدلون بهذا الحديث، قالوا: إن الأضحية موكولة إلى إرادة المضحي، ولو كانت واجبة لما كانت كذلك، يقول النووي نقلاً عن الإمام الشافعي:"هذا دليل على أن التضحية ليست بواجبة لقوله: ((وأراد)) فجعله مفوضاً إلى إرادته ولو كانت واجبةً لقال: "فلا يمس من شعره حتى يضحي" لكن هل السياق فيه دلالة صريحة على عدم وجوب الأضحية؟ ما في دلالة صريحة؛ لأن الخبر ما سيق لذلك، وهذه المسألة، مسألة الدلالة الأصلية، والدلالة التبعية، الدلالة الأصلية يجمع أهل العلم على أنها هي المعتبرة، ولا ينازع فيها أحد؛ لكن الدلالة التبعية يختلفون فيها اختلاف قوي، والشاطبي في الموافقات بسط المسألة، وقرر أنه لا يستدل بها، مع أن الكلام في القبول والرد بالإطلاق لا يسوغ.

ص: 16

يعني من أمثلة هذه المسألة حديث: ((إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمثل رجل استأجر أجيراً من أول النهار إلى منتصفه بدينار، ثم استأجر أجيراً من الزوال إلى وقت العصر بدينار، ثم استأجر أجيراً من العصر إلى المغرب بدينارين، فاحتج أهل الكتاب فقالوا: نحن أكثر عملاً، وأقل أجراً)).

يستدل به الحنفية على أن وقت صلاة العصر يبدأ من مصير ظل الشيء مثليه، هل الحديث سيق لهذا؟ ما سيق لهذا، كيف يتم الاستدلال للحنفية؟ قالوا: اليهود عملوا من أول النهار إلى المنتصف، هذا ما فيه إشكال هذا أكثر؛ لكن عمل النصارى من الزوال إلى وقت العصر، وعمل المسلمين من وقت العصر إلى الغروب لا بد أن يكون عمل النصارى أكثر ليتم صدق القول بأنهم أكثر عملاً، فلا بد أن يكون الظهر أطول من العصر، وعلى هذا فالعصر يبدأ من مصير ظل الشيء مثليه، ومع ذلكم الحديث ما سيق لهذا، ومعارض بأدلة صحيحة صريحة تدل على المقصود، وأن وقت العصر يبدأ من مصير ظل الشيء مثله، معارض بأدلة صحيحة صريحة، ومع ذلكم الظهر حتى على القول بأن وقت العصر يبدأ من مصير ظل الشيء مثله أطول في كل زمان وفي كل مكان، لو حسبنا لو نظرنا التقويم وجدنا هذا.

هذه دلالة تبعية ما سيق الحديث من أجلها، فهل نستدل بهذا على هذا الحكم، فضلاً عمن يقول: أن عمر الأمة من هذا الحديث ألف وأربعمائة سنة، ثم يقول: إن مدة العالم سبعة آلاف سنة، والعصر مقداره خمس المدة خمس النهار، إذاً المدة خمس الألف، وما أدري إيش؟ ألف وأربعمائة سنة، يعني هل الحديث سيق لهذا؟ هذه دلالة تبعية وليست أصلية، وهذه مما يختلف فيها أهل العلم.

ص: 17

فهل الحديث ((إذا دخلت العشر وأرد أحدكم أن يضحي)) هو سيق لبيان حكم الأضحية، أو لبيان حكم آخر؟ ومع ذلكم الأدلة يأتي منها الدليل الواحد بل الجملة الواحدة ما يستنبط منها عشرة أحكام، وهذا واضح من صنيع أهل العلم في التفاسير يستنبطون من الآية الواحدة أحكام كثيرة، شيء جاء بالأصالة، شيء دلالته على المراد كالشمس، ومنها ما دلالته أخفى، إلى أن يصل إلى الدلالة التي لا تلوح لكل أحد، فالدلالة التبعية لا شك أنها معتبرة ما لم تعارض بما هو أقوى منها، يعني لو لم يرد في الباب في وقت صلاة العصر شيء إلا هذا الحديث التمسناه؛ لكن ورد أحاديث صحيحة صريحة تحدده بدقة من أوله إلى آخره، فلسنا بحاجة إلى هذه الدلالة التبعية.

ص: 18

من الأدلة ما رواه البيهقي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((هن علي فرائض، وهن لكم تطوع، النحر والوتر وركعتا الضحى)) لكن إسناده ضعيف، وقال النووي في الشرح المهذب:"صح عن أبي بكر وعمر -رضي الله تعالى عنهما- أنهما كانا لا يضحيان، مخافة أن يعتقد الناس وجوبها" وجوب الأضحية، يقول النووي:"صح عن أبي بكر وعمر -رضي الله تعالى عنهما- أنهما كانا لا يضحيان مخافة أن يعتقد الناس وجوبها" هل هذا سائغ من الشيخين؟ أو هما إمامان إماما هدى وقدوة للناس، يعني لو لم يتركها أبو بكر ولا سَنة، ولم يتركها عمر ولا سَنة ظن الناس وجوبهما، وقد أمرنا بالاقتداء بهما؟ لا شك أن مثلهما في مقامهما قد يكون الترك أفضل في حقهما، أما في حقه عليه الصلاة والسلام إذا ترك هذا واضح لبيان الجواز، ومقام أبا بكر وعمر وقد صح عنهما ذلك أيضاً هما قدوة، وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالاقتداء بهما، وكونها سنة مؤكدة لا شك أنه قد يعرض للمفوق وهو الترك ما يجعله فائقاً، لا سيما إذا وجدت قرائن تدل على أن بعض الناس يرى الوجوب، يعني مثل ما جاء في أنواع النسك، بعض الصحابة ترك الفاضل إلى المفضول لبيان أنه جائز، وليس هذا لكل أحد، شاب في الثانوي أو في السادسة عشر من عمره، جالس ما صلى على الجنازة في المسجد الحرام، فلما قيل له: قال: لبيان الجواز؛ لئلا يعتقد وجوبها، هذا الحرمان بعينه، هذه مسألة واقعة ورده بالحرف؛ لكن هل يؤخذ من مثل هذا، أو يقتدى به، أو يلتفت إليه؟ بينما مثل أبي بكر وعمر لا شك أنهما قدوة، قدوة للناس، فلو لم يتركها أبو بكر ولا عمر ولو مرة واحدة يبينان فيها الجواز؟ لا شك أن فعلهما ينظر إليه من قبل الأمة، وهما إماما هدى، والنووي رحمه الله صحح ما ذكر عنهما.

قال ابن حجر في فتح الباري: "قال ابن حزم: لا يصح عن أحد من الصحابة أنها واجبة، وصح أنها غير واجبة عن الجمهور، ولا خلاف في كونها من شرائع الدين".

ص: 19

واستدل المجد ابن تيمية في المنتقى على عدم الوجوب بتضحية الرسول صلى الله عليه وسلم عن أمته، وذكر حديث جابر -رضي الله تعالى عنهما- قال:"صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الأضحى، فلما انصرف أتي بكبش فذبحه" فقال: ((باسم الله والله أكبر، هذا عني وعن من لم يضحِ من أمتي)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي.

وأيضاً ذكر حديث علي بن الحسين عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين، فإذا صلى وخطب الناس أتي بأحدهما، وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية، ثم يقول:((اللهم هذا عن أمتي جميعاً، من شهد لك بالتوحيد، وشهد لي بالبلاغ)) ثم يؤتى بالآخر فيذبحه بنفسه، ويقول:((هذا عن محمد وآل محمد)) فيطعمهما جميعاً المساكين، ويأكل هو وأهله منهما، يقول: فمكثنا سنين ليس لرجل من بني هاشم يضحي، قد كفاه الله المئونة برسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه الإمام أحمد.

يقول الشوكاني في شرحه نيل الأوطار: "ووجه الدلالة من الحديثين على عدم الوجوب أن تضحيته صلى الله عليه وسلم عن أمته وعن أهله تجزئ كل من لم يضحِ، سواءً كان متمكناً من الأضحية أو غير متمكن، ثم تعقبه بقوله: ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن حديث: ((على كل أهل بيت أضحية)) يدل على وجوبها على كل أهل بيت يجدونها، فيكون قرينةً على أن تضحية رسول الله صلى الله عليه وسلم عن غير الواجدين من أمته".

فقوله: ((من لم يضحِ)) يعني مع عدم القدرة، أما القادر فلا يعفى عنها، على كل حال مما تقدم يتضح أن أقوى الأدلة للقائلين بالوجوب الآية:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] وحديث جندب بن سفيان ((فليعد)) ((وليذبح)) لا شك أن اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب.

وأقوى أدلة المخالفين رد أمر التضحية إلى إرادة المضحي، كما في حديث أم سلمة عند مسلم وغيره، ولا شك أن المسألة في الطرفين محتملة.

طالب: لماذا لا يكون قول النبي صلى الله عليه وسلم ((فليعد)) ((وليذبح)) لأنه عين الأضحية؟

لا، قال:((من ذبح قبل صلاة الإمام فليعد)) غير قصة أبي بردة بن نيار، غيرها.

ص: 20

وإذا كان الأمر كذلك فالمرجح قول الجمهور؛ لأن الأدلة تكاد تكون متكافئة، ومع ذلك إذا كانت المسألة بهذه المثابة فلا يلزم المسلم إلا بملزم، والأصل براءة الذمة، وعلى هذا على المسلم أن يحرص على هذه الشعيرة، لا سيما وأنه قيل بوجوبها، والأدلة قابلة للنظر، إبراءً لذمته، وخروجاً من الخلاف.

وترجم الإمام البخاري رحمه الله: باب سنة الأضحية، وقال ابن عمر:"هي سنة ومعروف"، إذا عرفنا ذلك فقد استثنى الإمام مالك الحاج بمنى، وقال:"لا تسن له الأضحية؛ لأن ما يذبحه هدي لا أضحية" واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ففي الاختيارات: "ولا تضحية بمكة، وإنما هو الهدي".

لا تضحية بمكة، هل المقصود مكة الحاج؟ أو ممن وجد في مكة وقت الأضحية؟ وإذا أهدى غير الحاج إذا أهدى للبيت هو غير حاج، شيخ الإسلام يقول:"ولا تضحية بمكة، وإنما هو الهدي" يعني هل كلام شيخ الإسلام على عمومه أن كل من وجد بمكة لا أضحية عليه؟ أو أن المراد به الحاج، كما قال مالك؟ استثنى مالك الحاج بمنى، وقال:"لا تسن له الأضحية؛ لأن ما يذبحه هدي لا أضحية"؟

ويمكن التوفيق بين القولين أن من كان بمكة ممن يريد الهدي من الحاج، وعلى هذا لو حج مفرداً، ولا هدي عليه، لا واجب ولا تطوع، يضحي وإلا ما يضحي؟ مالك وشيخ الإسلام ما تركوا الأضحية إلى غير بدل، وإنما تركاها لبدل وهو الهدي، فالحاج مفرداًً نقول: والله شيخ الإسلام الحاج ما عليه أضحية فلا تضحي، وهو لا يهدي لا واجب ولا مستحب، أو تبقى أدلة الأضحية في محلها؟ وإنما إذا أهدى سقطت عنه الأضحية؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 21

أدلة الأضحية في محلها، الأدلة الدالة على استحبابها استحباباً مؤكداً في محلها، فإن أراد أن يهدي سواءً كان هديه واجب، كهدي التمتع والقران، أو مستحب، كما يساق إلى البيت من غير إيجاب، فإن هذا تسقط عنه الأضحية، هذا كلام شيخ الإسلام، وقبله الإمام مالك، خالفهم جميع أهل العلم، أو جماهير أهل العلم نظراً لعموم أدلة الأمر بالأضحية في الحاج وغيره، ولبعض النصوص المصرحة بمشروعية الأضحية للحاج بمنى، وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه: باب الأضحية للمسافر والنساء، وذكر حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها، وحاضت بسرف، يعني وقد حاضت بسرف، قبل أن تدخل مكة، وهي تبكي، فقال:((ما لك؟ أنفست؟ )) قالت: نعم، قال:((إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) فلما كنا بمنى أتيت بلحم بقر، تقول عائشة:"أتيت بلحم بقر" فقلت: ما هذا؟ قالوا: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه بالبقر"، يعني تمسك بقوله: "ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه بالبقر" من يقول: بأن الأضحية مشروعة للحاج بمنى، يعني ولو أهدى، ولو أهدى يضحي، وهذا في الصحيحين، أخرجه مسلم بلفظ: "أهدى" بدل "ضحى"، قال ابن حجر: "الظاهر أن التصرف من الرواة" يعني التصرف بين أهدى وضحى إنما هو من الرواة؛ لأنه ثبت في الحديث ذكر النحر فحمله بعضهم على الأضحية، فإن رواية أبي هريرة صريحة في أن ذلك كان عمن اعتمر من نسائه، فقويت رواية من رواه بلفظ: "أهدى" وتبين أنه هدي التمتع، فليس فيه حجة على مالك في قوله: "لا ضحايا على أهل منى" وتبين توجيه الاستدلال به على جواز الاشتراك في الهدي والأضحية، إلى آخره.

الآن في الحديث المخرج في البخاري: "ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه بالبقر" يعني تمسك بهذا الجماهير فقالوا: أن الأضحية إضافة إلى النصوص العامة التي وردت في الأضحية، أن الحاج بمنى يضحي، أخذاً من لفظ:"ضحى"، اللفظ الثاني وهو عند مسلم:"أهدى" فلا يكون في الحديث دليل، وتبقى النصوص العامة على وضعها.

ص: 22

إذا عرف هذا فليس في الحديث ما ينفي التضحية، يعني إذا لم يكن به ما يثبت التضحية؛ لأنه ورد بدل "ضحى""أهدى" إذا كان لا يوجد فيه ما يثبت التضحية فليس فيه ما ينفي التضحية، لعدم ذكرها، فتبقى على حكمها المبين في النصوص الأخرى، كما قال الجمهور، طيب إذا أراد أن يضحي ويهدي يجمع بينهما، بناءً على قول الجمهور؟ أراد أن يضحي ويهدي ويذبح عقيقة عن ولده أو بنته، عندنا ثلاثة أشياء، هدي وأضحية وعقيقة، اجتمعت في يوم واحد، أراد أن يهدي، وينويها أضحية وعقيقة في الوقت نفسه، يصح وإلا ما يصح؟

طالب: ذبيحة واحدة؟

ذبيحة واحدة.

طالب: ما يصح.

يصح وإلا ما يصح؟ الهدي هدي تطوع ساقه من الحل أهداه للبيت من غير إيجاب، وقال: تدخل فيها، واليوم السابع ولدت له بنت في اليوم الرابع من الحجة، وقال: هذا اليوم السابع نذبح واحدة تكفي عن ثلاث.

طالب:. . . . . . . . .

طيب ننظر في قواعد ابن رجب يقول رحمه الله: "إذا اجتمعت عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مفعولة على جهة القضاء، ولا على طريق التبعية للأخرى في الوقت تداخلت أفعالهما، واكتفى فيهما بفعل واحد، وهو على ضربين: أحدهما: أن يحصل له بالفعل الواحد العبادتان جميعاً، بشرط أن ينويهما جميعاً على المشهور، الثاني: أن يحصل له إحدى العبادتين، وتسقط عنه الأخرى، ولذلك أمثلة: فذكر منها:

إذا اجتمع عقيقة وأضحية، فهل تجزئ الأضحية عن العقيقة أم لا؟ على روايتين منصوصتين:

وفي معناهما لو اجتمع هدي وأضحية، واختار الشيخ تقي الدين أنه لا تضحية بمكة، وإنما هو الهدي.

وتقدم المراد من قوله: "بمكة" أنه ليس المراد به الموجود بمكة، ولا يريد هدي ولا أضحية، ولا شك أن حضور المسجد الحرام له دخل في التخفيف، لما ذكر هدي التمتع قال:{ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(196) سورة البقرة] يعني كون الإنسان بمكة من أهل المسجد الحرام ومن حاضريه لا شك أن هذا له دخل في التخفيف.

الآن اجتمع عندنا عبادات من جنس واحد، وكلها مؤداة، لا مقضية، وليست واحدة منها تبع للأخرى، يقول:"تداخلت أفعالهما، واكتفي فيهما بفعل واحد".

ص: 23