المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الهدي -ما هو - دروس الشيخ عبد الكريم الخضير - جـ ٤١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الهدي -ما هو

يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى- في الهدي -ما هو بالهدي الذي يذبح يهدى للحرم، لا، كتابه اسمه: زاد المعاد في هدي خير العباد، وأهل العلم يختصرونه بالهدي-: "الأضحية والهدايا والعقيقة مختصة بالأزواج الثمانية المذكورة في سورة (الأنعام) ولم يعرف عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة هدي، ولا أضحية، ولا عقيقة من غيرها، وهذا مأخوذ من القرآن من مجموع آيات:

إحداها: قوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [(1) سورة المائدة] والثانية: قوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [(27) سورة الحج] والثالثة: قوله تعالى: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [(142 - 143) سورة الأنعام] ثم ذكرها، الرابعة: قوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [(95) سورة المائدة] فدل على أن الذي يبلغ الكعبة من الهدي هو هذه الأزواج الثمانية، وهذا استنباط علي بن أبي طالب رضي الله عنه".

وهذا أمر مجمع عليه، إلا ما حكي عن الحسن بن صالح أنها تجوز التضحية ببقرة الوحش عن عشرة، والضبي عن واحد، وروي عن أسماء أنها قالت:"ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيل" وما روي عن أبي هريرة أنه ضحى بديك، يعني يذكر عن أبي هريرة، وحديث أسماء لا يصح، وما يذكر عن الحسن بن صالح هذا اجتهاده، وما يذكر عن أبي هريرة أنه ضحى بديك أيضاً لا يثبت عنه.

أثيرت مسألة التضحية بالدجاج قبل بضع سنين ثلاث سنوات أو أربع في جهة من الجهات، واستدلوا بهذا، استدلوا بقول من يقول:"إنها غنم المساكين" نعم المساكين يأكلونها مع طعامهم لا شك، وهي غنمهم، الذين لا يجدون الغنم ولا الإبل؛ لكن لا يضحون بها، وليس من هديه عليه الصلاة والسلام التضحية بهذا النوع، على كل حال الإجماع قائم على أن الأضحية لا تكون إلا من الإبل والبقر والغنم.

‌وقت الذبح:

ص: 25

ووقت الذبح في يوم العيد بعد الصلاة أو قدرها إلى آخر يومين من أيام التشريق، فعلى هذا تكون أيام النحر ثلاثة: يوم العيد، ويومان بعده، هذا المذهب عند الحنابلة، وهو قول عمر وعلي وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأنس، وإليه ذهب مالك والثوري وأبو حنيفة، يعني قول الأكثر أن أيام الذبح ثلاثة: يوم النحر، ويومان بعده.

وروي عن علي رضي الله عنه أنه يستمر إلى آخر أيام التشريق، فعلى هذا تكون أيام الذبح أربعة، وبه قال عطاء والحسن والشافعي، لحديث:((أيام منى كلها منحر)) ولأنها أيام تكبير وإفطار، فكانت محل للنحر كالأولين، واختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا هو المرجح، والمعمول به الآن.

وقال ابن سيرين: "لا يجوز النحر إلا في يوم النحر خاصة؛ لأنها وظيفة عيد فاختصت بيوم العيد كالصلاة

وأداء الفطرة يوم الفطر".

ويستدل للمذهب باقتصارهم على اليومين مع يوم العيد النهي عن الادخار فوق ثلاث، ولا يجوز الذبح في وقت لا يجوز ادخار الأضحية إليه، وعلى كل حال الحكم واحد بالنسبة للهدي والأضاحي، حكمها واحد، فإذا جاز في الهدي إلى آخر أيام التشريق فليجز في الأضاحي، ومن قال بهذا يلزمه القول بهذا.

من ذبح قبل أن يصلي الإمام -إمام المسلمين- صلاة العيد فإن ذبيحته لا تجزئه عن الأضحية، وإنما شاته التي ذبحها شاة لحم يأكلها، هو ومن شاء، وليست بشاة نسك، لما روى البخاري في صحيحه عن البراء -رضي الله تعالى عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أول ما يبدئ به في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، من فعل فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء)) وفي الباب عن أنس وجندب بن سفيان البجلي، وكلها متفق عليها.

ص: 26

ومن كان في مكان لا تصلى فيه العيد فإنه يتحرى بذبح أضحيته قدر ما يصلي الإمام صلاة العيد عادة ثم يذبح، والمراد بالإمام إمام المسلمين إن كان يتولى صلاة العيد، وإلا فمن ينوب عنه في البلدان والأقطار والأقاليم؛ لكن إذا كان بعض الأقطار يصلي قبل بعض بساعة، وافترضنا أن إمام المسلمين في البلد المتأخر؟ يعني إمام المسلمين في مكة مثلاً، وأهل الشرق يصلون قبل مكة بساعة، نقول: انتظروا حتى تصلى الصلاة التي فيها إمام المسلمين؟ لا، كل بلد يخاطب بصلاته هو، فإذا صحت الصلاة دخل وقتها، وأديت الصلاة مع الخطبة انتهى الإشكال.

وعلى هذا إذا كان في بلد لا يصلى فيه صلاة العيد فإنهم يقدرون قدره، يعني بعد طلوع الشمس بساعة مثلاً تكون الصلاة قد انتهت، لا سيما الأضحى الذي أمر بتعجيلها.

عرفنا أنه إذا ذبح الأضحية قبل صلاة العيد فإنها شاة لحم، ليست بأضحية، وعلى هذا لا تصح ولا يجوز ذبحها قبل صلاة العيد.

الهدي يذبح قبل صلاة العيد أو قبل يوم النحر أو لا؟ يذبح وإلا ما يذبح؟ يعني حكمه حكم الأضحية وإلا يختلف؟

طالب:. . . . . . . . .

طيب هدي {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] يعني هل المقصود مكان حلوله أو وقت حلوله؟ يعني إذا أحرم يذبح؟ يعني لو أحرم في أربعة ذو الحجة يذبح؟ إذا أحرم في ثمانية يأكلها في يوم ثمانية وتسعة؟ على كل حال قيل بهذا، والأكثر على أنها لا تذبح إلا يوم العيد كالأضحية، يعني بعد صلاة العيد.

ص: 27

والقاعدة عند أهل العلم كما ذكر ابن رجب وغيره أنه إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب فإنه لا يجوز تقديمها على السبب إجماعاً، وتصح بعد الوقت، لا يعني بعد خروجه، يعني بدخوله اتفاقاً، والكلام فيما بين السبب والوقت، يعني لو قال شخص: أنا الآن عندي عيش زائد أو تمر زائد عن حاجتي أخرج كفارة أو كفارتين أو ثلاث من كفارات اليمين ما دام عندي، وهو ما بعد حلف إلى الآن، سبب الوجوب ما انقعد، نقول: تجزئ هذه الكفارات عن أيمان لاحقة؟ لا، لكن لو حلف وحنث وقعت المخالفة منه لما حلف عليه، يجوز أن يكفر اتفاقاً بعد وقت الوجوب، يعني بعد دخوله لا خروجه لا نفهم من بعد خروج الوقت، ثم يأتينا من يقول: أنه يجوز ذبح الهدي بعد أيام التشريق، لا، يعني بعد دخوله، بينهما، بين اليمين وبين الحنث يجوز وإلا ما يجوز؟ يعني بين السبب والوقت، هو حلف ألا يفعل كذا، هل نقول: كفر عن يمينك، ثم افعل ما شئت؟ أو نقول: افعل خالف احنث ثم كفر؟ ((والله إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني، ثم أتيت الذي هو خير)) أو العكس في رواية بالعكس: ((إلا أتيت الذي هو خير، ثم كفرت عن يميني)) ولذا يجوز عند أهل العلم أن يكفر قبل الحنث بعد انعقاد السبب، وأما تأخيره بعد الحنث هذا ما فيه إشكال، اتفاق.

نأتي إلى مسألة أخرى، الآن كيف تدخل مسألتنا في الهدي، هدي المتعة والقران مثلاً في العبادة التي لها سبب وجوب ووقت وجوب؟

نقول: سبب الوجوب الإحرام بالعمرة في أشهر الحج ممن يريد الحج، انعقد سبب الوجوب ووقت الوجوب هو وقت الأضحية، فهل نقول: إنه يجوز ذبح الهدي بين السبب والوقت؟ مقتضى القاعدة الجواز، وهذا قول معروف عند جمع من أهل العلم؛ لكن المرجح وهو قول الأكثر أنها لا تجوز إلا في وقتها، لا يلزم أن تكون هذه القواعد كلية ما يخرج عنها شيء.

ص: 28

نأتي إلى الهدي، هدي التمتع والقران من أعمال يوم النحر، أعمال يوم النحر أول ما يبدأ برمي جمرة العقبة، ثم ينحر، ثم يحلق، ثم يقصر، ثم يطوف؛ لكن هذه الأفعال لو قدم بعضها على بعض افعل ولا حرج، طيب من ساغ له التعجل، مكث في مزدلفة أكثر الليل، وساغ له أن يتعجل، وله أن يرمي، وإن كان في حديث ابن عباس:((لا ترموا حتى تطلع الشمس)) ساغ له أن يرمي عند الجمهور، وحديث ابن عباس فيه كلام، وساغ له أن يطوف، وبقي من أعمال يوم النحر الحلق والنحر، وما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال:((افعل ولا حرج)) الآن لو قال: أنا لما انصرفت من مزدلفة إلى منى وبدلاً من أن أرمي ويسوغ لي أن أقدم وأأخر أذبح، الآن المجزرة فاضية، هو ما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال:((افعل ولا حرج))؟ الأصل أن يذهب إلى منى؛ لأن الرمي تحية منى، فقال: أنا يسوغ لي أن أقدم وأأخر ليش ما أقدم الذبح؟

طالب:. . . . . . . . .

لا يجوز تقديمه، فيكون مثل هذا مستثنى، يعني فما سئل عن شيء قدم ولا أخر يعني مما يجوز تقديمه إلا قال:((افعل ولا حرج)).

هذا الذي قدم النحر في وقته، يعني بعد صلاة العيد، وصل إلى منى فنحر، لا يسوغ له أن يلبس؛ لأنه إلى الآن ما بعد تحلل؛ لكن يلبي وإلا ما يلبي؟ "فما زلنا نلبي حتى رمينا جمرة العقبة" افترض أنه ما رمى إلا في آخر النهار، يلبي وإلا ما يلبي؟ وقد كان تحلل التحلل الأول ولبس ثيابه في أول النهار.

طالب:. . . . . . . . .

يعني أول ما يباشر أعمال التحلل يقطع التلبية، سواءً كان بالرمي أو بما يتحلل به من الحلق أو الطواف، فعلى هذا مجرد ما يباشر أول ما يُتحلل به تنقطع التلبية.

اختلف العلماء في السن المجزئ في الأضحية، ففي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)) والمسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم، قاله النووي.

ص: 29

ومذهب الجمهور أن الجذعة من الضأن يجزئ، مطلقاً سواءً وجد غيره أو لا، وحكي عن عمر أو ابن عمر والزهري أنهما قالا:"لا يجزئ"، وقد يحتج لهما بظاهر هذا الحديث؛ لأن الترخيص بذبح الجذعة من الضأن عند عدم أو عند عسر الجذعة.

طالب:. . . . . . . . .

عند إيش؟

طالب:. . . . . . . . .

المسنة، نعم، الذي هي الثنية.

قال الجمهور هذا الحديث محمول على الاستحباب.

اختلفوا في الجذع من الضأن فقيل: ما له سنة تامة، قال النووي: وهو الأصح عند أصحابنا، وهو الأشهر عند أهل اللغة وغيرهم، وقيل: ما له ستة أشهر، وهو قول الحنابلة، في المقنع للإمام الموفق:"ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن، وهو ما له ستة أشهر، والثني مما سواه، والثني من الإبل ما كمل له خمس سنين، ومن البقر ما له سنتان، ومن الماعز ما له سنة" فيجزئ الجذع من الضأن، لحديث أبي هريرة عند أحمد والترمذي قال:"سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((نعمت الأضحية الجذع من الضأن)) وعن أم بلال بنت هلال عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يجوز الجذع من الضأن ضحية)) وعن مجاشع بن سليم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((إن الجذع يوفي مما يوفي منه الثنية)) وعن عقبة بن عامر قال: "ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجذع من الضأن" وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضاً، وعلى العمل بها عامة أهل العلم، هذا بالنسبة للجذع من الضأن، وبه يصرف بهذه الأحاديث بمجموع هذه الأحاديث يصرف الحديث السابق:((لا تذبحوا إلا مسنة)) يصرف من الوجوب إلى الاستحباب.

ترجم الإمام البخاري بقوله: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بردة: ((ضحِ بالجذع من المعز، ولن تجزئ عن أحد بعدك)) وذكر حديث أبي بردة، وأنه ضحى قبل الصلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((شاتك شاة لحم)) فقال: يا رسول الله، إن عندي داجناً، جذعة من المعز، فقال:((اذبحها ولا تصلح لغيرك)) يعني لو جاء وذبح من المعز جذعة بالنسبة للضأن يجزئ؛ لكن بالنسبة للمعز لا يجزئ، وحديث أبي بردة هانئ بن نيار واضح في الموضوع.

ص: 30

شيخ الإسلام رحمه الله في الاختيارات يقول: "تجوز الأضحية بما كان أصغر من الجذع من الضأن لمن ذبح قبل صلاة العيد جاهلاً بالحكم، ولم يكن عنده ما يعتد به في الأضحية غيرها، لقصة أبي بردة بن نيار"، يعني هل يمكن أن يستدل بقصة أبي بردة على الجواز مع قوله:((ولا تصلح لغيرك)) ((ولن تجزئ عن أحد بعدك)).

شيخ الإسلام يقول: "تجوز الأضحية بما هو أصغر من الجذع من الضأن لمن ذبح قبل صلاة العيد جاهلاً بالحكم، ولم يكن عنده ما يعتد به في الأضحية، لقصة أبي بردة بن نيار".

يعني هل يستطيع أحد أن يجرؤ ويقول مثل هذا الكلام؟ وهل نقول: أن هذا النص خفي على شيخ الإسلام وهو يقول: لقصة أبي بردة بن نيار؟

طالب:. . . . . . . . .

في إيش؟

طالب:. . . . . . . . .

يقول: يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: ((ولن تجزئ عن أحد بعدك)) أي بعد حالك، ولا شك أن مثل هذه الجرأة من شيخ الإسلام إذا قبلت منه، وقد أحاط بنصوص الشريعة، وقواعدها العامة، يعني مثل هذا يقبل من شيخ الإسلام؛ لكن ولا يلزم أن يكون راجح؛ لكن ما يمكن أن نقول: أن شيخ الإسلام صادم النصوص، الرسول يقول: لا تجزئ وهو يقول: تجزئ، والرسول يقول:((أحابستنا هي؟ )) وهو يقول: الحائض ما تحبس الرفقة، هل يمكن أن نقول هذا؟ لكن لو قاله من دون شيخ الإسلام، يعني هل هذا مجرد عاطفة من شيخ الإسلام، أو لعلمنا أن شيخ الإسلام يأوي إلى علم مكين متين من علم الكتاب والسنة؟ وأن إحاطته بالنصوص وإحاطته بالقواعد، ومراعاة المصالح العامة التي جاءت الشريعة بتقريرها، نعم نقبل مثل هذا من شيخ الإسلام، ولا يعني أنه راجح عندنا، ولا نشك بعلم شيخ الإسلام، وتقوى شيخ الإسلام، وورع شيخ الإسلام في هذا الباب؛ لكن بعض الناس يصادم وهو من النكرات.

طالب:. . . . . . . . .

كيف جاهلاً؟

طالب:. . . . . . . . .

جاهلاً بالحكم.

طالب:. . . . . . . . .

لكن لو جاءنا واحد جاهل قال: أنا والله ذبحت قبل العيد وعندي ها السخل ذا الصغير، نقول له: اذبح؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 31