المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌توبة شاب عاق لأمه - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ٤

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌بداية الهداية

- ‌أسباب تجديد الإيمان في القلوب

- ‌السبب الأول: دعاء الله وسؤاله تجديد الإيمان

- ‌السبب الثاني: الذكرى بالآيات والأحاديث والقصص

- ‌أهمية استقامة القلب وأسباب فساده وقسوته

- ‌من أسباب قسوة القلب ومرضه: التهاون بالمعاصي

- ‌من أسباب قسوة القلب ومرضه: استحسان المنكرات

- ‌من أسباب قسوة القلب ومرضه: الإعراض عن القرآن

- ‌من أسباب قسوة القلب ومرضه: الإعراض عن ذكر الله تبارك وتعالى

- ‌أسباب استقامة القلب وشفائه من القسوة

- ‌من أسباب استقامة القلب وشفائه من القسوة مجالسة التائبين

- ‌مراحل التوبة

- ‌معنى قوله تعالى: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم) وسبب نزولها

- ‌نماذج من التائبين في الزمن القديم والمعاصر

- ‌توبة ابن المبارك والفضيل بن عياض وسببها

- ‌توبة شاب بعد إنقاذه من الغرق

- ‌توبة شاب من استعمال الحبوب المنبهة

- ‌توبة شاب من استعمال المخدرات وسبب تعاطيه لها

- ‌توبة شاب عاق لأمه

- ‌توبة شاب بسبب دعاء أمه له

- ‌توبة شاب من سماع الغناء بسبب طفل صغير

- ‌توبة أسرة كاملة من مشاهدة الأفلام والمسلسلات الماجنة في التلفاز وغيره

- ‌توبة من في المرقص على يد شيخ وعظهم فيه

الفصل: ‌توبة شاب عاق لأمه

‌توبة شاب عاق لأمه

هذا شاب ذهب إلى الخارج، تعلم وحصل على شهادات عالية، ثم رجع إلى بلاده، وتزوج من فتاة غنية جميلة كانت سبباً في تعاسته لولا عناية الله، يقول: مات والدي وأنا صغير، فأشرفت أمي على رعايتي، عملت خادمة في البيوت حتى تستطيع أن تنفق علي، فقد كنت وحيدها، أدخلتني المدرسة، وتعلمت حتى أنهيت الدراسة الجامعية، كنت باراً بها، وجاءت بعثتي إلى الخارج، فودعتني أمي والدموع تملأ عينيها وهي تقول لي: انتبه يا ولدي على نفسك ولا تقطعني من أخبارك، أرسل لي رسائل حتى أطمئن على صحتك، أكملت تعليمي بعد مضي زمن طويل ورجعت شخصاً آخر -قد أثرت فيه الحضارة الغربية-، فصرت أرى في الدين تخلفاً ورجعية، وأصبحت لا أؤمن إلا بالحياة المادية والعياذ بالله، وتحصلت على وظيفة عالية، وبدأت أبحث عن الزوجة، حتى حصلت عليها، وكانت والدتي قد اختارت لي فتاة متدينة محافظة، ولكني أبيت إلا تلك الفتاة الغنية الجميلة؛ لأني كنت أحلم بالحياة الأرستقراطية كما يقولون.

وخلال ستة أشهر من زواجي، كانت زوجتي تكيد لأمي حتى كرهت والدتي، وفي يوم من الأيام دخلت البيت وإذا بزوجتي تبكي، فسألتها عن السبب؟ فقالت لي: إما أنا وإما أمك في هذا البيت، لا أستطيع أن أصبر عليها أكثر من ذلك، جن جنوني وطردت أمي من البيت في لحظة غضب، فخرجت وهي تبكي وتقول: أسعدك الله يا ولدي! وبعد ذلك بساعات خرجت أبحث عنها ولكن بلا فائدة، فرجعت إلى البيت واستطاعت زوجتي بمكرها وجهلي أن تنسيني تلك الأم الغالية الفاضلة، وانقطعت أخبار أمي عني فترة من الزمن، وأصبت خلالها بمرض خبيث، دخلت على إثره المستشفى، وعلمت أمي بالخبر فجاءت تزورني، وكانت زوجتي عندي، وقبل أن تدخل علي طردتها زوجتي وقالت لها: ابنك ليس هنا، ماذا تريدين منا؟ اذهبي عنا؟ رجعت أمي من حيث أتت، وخرجت من المستشفى بعد وقت طويل، وانتكست فيه حالتي النفسية، وفقدت الوظيفة والبيت، وتراكمت علي الديون، وكل ذلك بسبب زوجتي، فقد كانت ترهقني بطلباتها الكثيرة.

وفي آخر المطاف ردت زوجتي الجميل وقالت: ما دمت قد فقدت وظيفتك ومالك، ولم يعد لك مكان في المجتمع؛ فإني أعلنها لك صريحة: أنا لا أريدك، طلقني! كان هذا الخبر بمثابة صاعقة وقعت على رأسي، فطلقتها بالفعل، فاستيقظت من السبات الذي كنت فيه، خرجت أهيم على وجهي أبحث عن أمي، وفي النهاية وجدتها، ولكن أين وجدتها؟ كانت تقبع في أحد الأرصفة تأكل من صدقات المحسنين، وجدتها وقد أثر عليها البكاء فبدت شاحبة، وما إن رأيتها حتى ألقيت بنفسي عند رجليها وبكيت بكاء مراً، وما كان منها إلا أن شاركتني البكاء، بقينا على هذه الحالة حوالى ساعة كاملة، بعدها أخذتها إلى البيت، وآليت على نفسي أن أكون طائعاً لها، وقبل ذلك أكون متبعاً لأوامر الله ومجتنباً لنواهيه، وهأنا الآن أعيش أحلى أيامي وأجملها مع حبيبة العمر أمي حفظها الله، وأسأل الله أن يديم علينا الستر والعافية.

ص: 19