المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السبب الأول: دعاء الله وسؤاله تجديد الإيمان - دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم - جـ ٤

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌بداية الهداية

- ‌أسباب تجديد الإيمان في القلوب

- ‌السبب الأول: دعاء الله وسؤاله تجديد الإيمان

- ‌السبب الثاني: الذكرى بالآيات والأحاديث والقصص

- ‌أهمية استقامة القلب وأسباب فساده وقسوته

- ‌من أسباب قسوة القلب ومرضه: التهاون بالمعاصي

- ‌من أسباب قسوة القلب ومرضه: استحسان المنكرات

- ‌من أسباب قسوة القلب ومرضه: الإعراض عن القرآن

- ‌من أسباب قسوة القلب ومرضه: الإعراض عن ذكر الله تبارك وتعالى

- ‌أسباب استقامة القلب وشفائه من القسوة

- ‌من أسباب استقامة القلب وشفائه من القسوة مجالسة التائبين

- ‌مراحل التوبة

- ‌معنى قوله تعالى: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم) وسبب نزولها

- ‌نماذج من التائبين في الزمن القديم والمعاصر

- ‌توبة ابن المبارك والفضيل بن عياض وسببها

- ‌توبة شاب بعد إنقاذه من الغرق

- ‌توبة شاب من استعمال الحبوب المنبهة

- ‌توبة شاب من استعمال المخدرات وسبب تعاطيه لها

- ‌توبة شاب عاق لأمه

- ‌توبة شاب بسبب دعاء أمه له

- ‌توبة شاب من سماع الغناء بسبب طفل صغير

- ‌توبة أسرة كاملة من مشاهدة الأفلام والمسلسلات الماجنة في التلفاز وغيره

- ‌توبة من في المرقص على يد شيخ وعظهم فيه

الفصل: ‌السبب الأول: دعاء الله وسؤاله تجديد الإيمان

‌السبب الأول: دعاء الله وسؤاله تجديد الإيمان

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم) رواه الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقال الهيثمي: إسناده حسن، ورواه الحاكم عن ابن عمرو رضي الله عنهما وقال: رواته ثقات، وأقره الذهبي، وصححه الألباني، ومن قبله قال الحافظ العراقي في أماليه: حديث حسن من طريقين، عن ابن عمرو وابن عمر رضي الله عنهم.

قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الإيمان ليخلق) أي: يكاد أن يبلى.

قوله: (في جوف أحدكم) يعني: أيها المؤمنون.

قوله: (كما يخلق الثوب) شبه الإيمان بالثوب الذي لا يستمر على هيئته، فحينما تشتري ثوباً جديداً له ألوان معينة فبمرور الوقت يتعرض للشمس والغسل فيصبح ثوباً خلقاً قديماً، وتتغير ألوانه، فهكذا الإيمان أيضاً إذا دخل القلب لابد أن يجدد، وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن ندعو بهذا الدعاء حتى يجدد الله الإيمان في قلوبنا، وإلا فإن الإيمان يخلق ويطول الأمد على القلب، ويطرأ عليه القساوة والران، وربما اشتدت به الأمراض حتى يموت ذلك القلب.

قوله: (كما يخلق الثوب) وذلك أن العبد يتكلم بكلمة الإيمان وبذكر الله والتوحيد، ثم يدنس هذه الكلمة بسوء أفعاله، فإذا عاد واعتذر واستغفر فقد جدد ما أخلق وطهر ما دنس من قلبه.

قوله: (فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم) يعني: حتى لا يكون لقلوبكم وجهة غير الله تبارك وتعالى، ولا رغبة في سواه، ولهذا قال معاذ لبعض أصحابه:(اجلس بنا نؤمن ساعة) أي: نجدد إيماننا بذكر الله تبارك وتعالى وتعلم العلم.

هذا الحديث يبين الخطر الذي يهدد قلب أي مؤمن، ولا يكفي الإنسان مجرد أن يدخل في الإيمان أو ينعم الله عليه بالتوبة، ثم يظن أنه نجا، بل لابد مع التقوى من الاستقامة عليها، لابد من الثبات حتى الممات، وإلا فأكثر الناس يشرعون في هذا الطريق ثم لا يثبتون عليه، وتتخطفهم الشهوات والأهواء من الجانبين، وقل من يسلم، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأخذ هذا السبب من أسباب تثبيت الإيمان في القلب، وهو الدعاء، وهو أعظم سبب؛ فإنه عليه الصلاة والسلام قال:(الدعاء هو العبادة)، وقال عز وجل قبل ذلك:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60].

فهذا الدعاء أحد أسباب مداواة القلوب وشفائها وعافيتها من القساوة وعودة الإيمان من جديد، وهو أن نقول: اللهم جدد الإيمان في قلوبنا!

ص: 3