الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للعراق " سنة 1339 هـ (1921 م) فانصرف إلى الإصلاح الداخلي، بوضع دستور للبلاد، وإنشاء مجلس للأمة. وأقام العلاقات بين العراق وبريطانيا على أسس معاهدات (1922 - 1926 - 1927 و 1930) وأصلح ما بين العراق وجيرانه: البلاد العربية السعودية، وتركيا، وإيران.
وزار العاصمة التركية والعاصمة البريطانية. ثم قصد سويسرة للاستجمام فتوفي بالسكتة القلبية في عاصمتها " برن " بفندق " بل فو " ونقل جثمانه إلى بغداد فدفن فيها. ومما كتب في سيرته " فيصل ملك العراق - ط لمسز ستورث أرسكين، ترجمه عن الإنكليزية عمر أبو النصر، و "فيصل ابن الحسين - ط " أصدرته الدعاية العامة ببغداد، و " فيصل الأول - ط " لأمين الريحاني (1)
فَيْصَل الدَّوِيش
(1299 - 1349 هـ = 1882 - 1930 م)
فيصل بن سلطان بن فيصل بن نايف الدويش: آخر شيوخ " مطير " ومن كبار أصحاب الثورات في نجد. وهو من بني الدويش، ويقال لهم:" الدُّوشان " من بني علوة (بكسر العين وسكون اللام) أصحاب الرياسة في " مطير ". ومطير خليط من قبائل متعددة تناسبت وتحالفت وجمعتها عصبية واحدة، تمتد منازلها من الصمّان (غربي الأحساء) إلى سهول الدبدبة فالقصيم فأطراف الحجاز.
وكان فيصل بدويا قحا، فيه شراسة ودهاء واعتزاز بعدده الضخم. قام بزعامة " مطير " بعد أبيه.
صحب ابن سعود (الملك عبد العزيز
(1) الكتب الوارد ذكرها في آخر الترجمة. ومقدرات العراق 3: 286 والدليل العراقي الرسمي لسنة 1936 وملوك العرب 2: 284 وما رأيت وما سمعت 125 والأعلام الشرقية 1: 24 ومذكرات كرد علي 1: 130 وملوك المسلمين 63 وجريدة المفيد، دمشق2 ربيع الأول 1338 والثورة في الصحراء: انظر فهرسته.
ابن عبد الرحمن) في صباه، وخالفه سنة 1330 هـ (1912 م) فقصد أطراف العراق بجماعة من عشيرته، فطاردته السلطات العثمانية، فعاد إلى نجد، بعد سنتين. وأنزله ابن سعود في " الأرطاوية " وهي دار " هجرة " كبيرة للإخوان، بين الزّلفى والكويت. وانتدبه لإخضاع عشائر من نجد خرجت عليه ولجأت إلى أطراف العراق، فمضى إليها ومزقها. وظفر في معركة بينه وبين الشيخ سالم بن مبارك الصباح (سنة 1920 م) فاحتل " الجهرة " من أراضي الكويت، وكاد يحتل الكويت، وتدخل البريطانيون، فعقد اتفاق العقير (سنة 1921 م) بتعيين الحدود بين الكويت ونجد. ورافق الرعب اسم فيصل الدويش، فكان يرى نفسه ندّا لابن سعود واحتمله هذا على عنجهيته وأطماعه، لشجاعته وزعامته. وكانت لفيصل مواقف في حصار " حائل " وطمع بإمارتها، وخاب أمله. وحاصر " المدينة المنورة " في الحرب الحجازية (سنة 1925 م) فخاف أهل المدينة بطشه، فكتبوا يلتمسون من الملك عبد العزيز (ابن سعود) إرسالد أحد أبنائه ليتسلمها،
فأرسل ابنه محمدا، فدخلها، وكان في الرابعة عشرة من عمره. وتزوج فيصل ببنت " سلطان بن بجاد " من شيوخ عتيبة (انظر ترجمته) فازدادت عصبيته قوة. وعاد بعد حرب الحجاز، إلى " الأرطاوية " غير راض فائتمر مع جماعة بالانتقاض على ابن سعود الّذي قام بزحف كبير (سنة 1929 م) ضرب به جموع الدويش على ماء يقال له " السبلة " بقرب " الزلفي " وجرح الدويش فحمل على " نعش " تحفّ به نساؤه وأولاده يندبون، وأنزل بين يدي ابن سعود، فلم ير الإجهاز عليه، وتركه للآتين به. وعولج في الأرطاوية، واندملت جراحة، فعاد يستنفر القبائل للقيام على ابن سعود، ويقاتل من يتخلف منها عن نصرته. وكانت له في ذلك معارك. وزحف ابن سعود إلى مكان يسمى " الثمامة " من أراضي " الصّمان " لحربه. ولم تكن إلا مناوشات انفضَّت في خلالها جماعات الدويش. وضاقت في وجهه السبل، فلجأ إلى بادية العراق ومنها إلى الكويت، واحتمى ببارجة بريطانية. وأنذر ابن سعود البريطانيين بالهجوم على الكويت. ودارت مفاوضات عاجلة. وجئ بالدويش على طائرة (سنة 1930 م) فأرسل إلى سجن " الأحساء " مكبلا بالأغلال، فمات بعد سبعة شهور من حبسه. وكان يقال له " ابن الشقحاء " وهي أمه، من آل " حثلين " من العجمان، ورث عنها بياض اللون وسعة العينين (1) .
فيصل بن عبد العزيز
(1324 - 1395 هـ = 1906 - 1975 م)
فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، الابن الثالث لوالده الملك عبد العزيز.
ولد في مدينة الرياض في 14 صفر سنة 1324 هـ (1906 م) شارك في سنّ مبكّرة في المعارك والأحداث التي واكبت نشوء المملكة، فكان له
في كل ذلك خير إعداد لما تمرّس به بعد من مهمّات. في عام 1345 هـ - 1927 م ندبه والده لينوب عنه في المباحثات مع بريطانية التي انتهت بالتوقيع على معاهد جدة في 18 / 11 / 1345 هـ (20 / 5 / 1927 م) التي اعترفت بريطانية بمقتضاها بحكومة الملك عبد العزيز. قام بعدها بزيارة معظم دول أوربة وآسية، ممثلا بلاده في مختلف المؤتمرات.
وتوالت مجالات بروز أثره العالمي، فرئس مؤتمر القمة العربية الثاني ومؤتمر الدول غير المنحازة في مصر، عام 1964. وكان هذا الحضور الفاعل الّذي مارسه الفيصل في المجالات الواسعة، العربية والعالمية، عاملا لبلورة ملكة القيادة لديه، التي برزت في أخذه المملكة نحو آفاق التطوير المدني العلمي الحديث السليم، أثناء توليه رئاسة الحكومة في نواح من المملكة، أو نيابته عن والده أو رئاسته لمجلس الشورى أو تولّيه وزارة الخارجية أو رئاسة مجلس الوكلاء ثم رئاسة مجلس الوزراء، إلى أن بويع - أثر انتقال والده إلى رحمته الله وتولّي أخيه للملك - بولاية العهد وذلك في 11 / 3 / 1373 هـ = 9 / 11 / 1953 م. وفي يوم الإثنين 27 جمادي الآخرة عام 1384 هـ = 3 / 11 / 1964، بايع الشعب العربيّ السعودي بالإجماع جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز ملكا شرعيّا على المملكة العربية السعودية. كان تصور الملك فيصل لدوره في قيادة بلاده، ودور بلاده التي اتخذت أقيسة عالمية في قدراتها وأثر تحركاتها - يدور على ثلاثة محاور، الأول: النهوض بالمملكة العربية السعودية. الثاني: إحياء مجد الإسلام.
الثالث: دعم التضامن العربيّ والإسلامي، والدفاع عن الحقوق المغتصبة من العرب والشعور والعمل الأوفيان للنصرة الحقيقية لقضيتهم الأولى، قضية فلسطين. ففي المجال الداخلي كانت الشريعة الإسلامية الراية والمنطلق والهدف، التي
تحدد الإطار لعمل الدولة العام، وذلك في وضع وتنفيذ قواعد تنظّم علاقات مختلف سلطات الحكم بعضها ببعض. كما تجعل الفعاليات المختلفة للدولة تنهج سبلا حديثة وأسسا حضارية طبيعية: هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فقد كانت الشريعة الإسلامية تؤمّن تحقيق العلاقات الشرعية العادلة بين الفرد والفرد وبين الحاكم والمحكوم. كان ذلك الإطار العامّ لمشاريع تغطّي أنشطة المجتمع كافة، وذلك ضمن خطط خمسية تعمل على تطوير العنصر البشري في المملكة والنواحي الاقتصادية والعمرانية المختلفة فيها، تهيئة لاضطلاعها بمسؤولياتها الجسام في الشرق وفي العالم أجمع. من هنا كانت النهضة العملاقة - الصعبة التصور على غير الّذي عايشها عن كثب - في جميع أركان المجتمع، كما كان العمب بدأب وتضحية ومثابرة على تحقيق كل ما يلزم لقيام البلاد بدور المنتجع لمسلمي العالم لأداء ركن من أركان دينهم، ضمن شروط يطّرد تحسينها.
ولكن الله لم يشأ أن يتم تحقيق هذا البرنامج الفذّ في حياة الملك فيصل، فانتقلت مسيرة البلاد إلى الملك خالد ومعاونة ولي العهد الأمير فهد بن عبد العزيز، وذلك إثر وفاة الملك فيصل فجأة، صباح الثلاثاء الواقع فيه 13 / 3 1395 هـ (25 آذار 1975 م) متأثرا من جراحة التي خلّفها حادث الاعتداء الأثيم عليه من قبل الأمير فيصل بن مساعد بن عبد العزيز، المعروف باختلال عقله. وقد خلّف، رحمه الله، من الأنجال، الأمراء: عبد الله، وسعودا ومحمدا وخالدا وعبد الرحمن وسعدا وبندر وتركيّا. ولعل أوضح ما يوجز ما قام به، وما كان يقوم به، وما كان ينوي أن يقوم به، تصريحه لمحطة التلفزيون قبل يومين من وفاته الّذي جاء فيه ما يلي: قد لا يكون تطور المملكة الّذي أنجز حتى اليوم مرضيا لطموحنا، ولكنه يتميز بأنه مدروس، وأنه أقصى ما يمكن تنفيذه عملا، ونحن نريد أن تكون هذه المملكة، الآن، وبعد خمسين سنة من الآن، إن شاء الله، مصدر إشعاع للإنسانية والسلام، يسكنها شعب مؤمن باللَّه. يجب أن تشكل الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية، وتعود الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، كما أن عودة القدس إلى الإدارة العربية أمر حيوي في نظرنا، ولا يمكن أن نقبل بغير ذلك. وصفه أحد معايشيه فقال عنه: " كان رجلا كلّه جدّ في وداعة، وتواضع في ترفّع، يعمل لمواجهة ما يضمره المستقبل مع الإيمان به.
طويل الصبر والحلم والأناة، دون أن يستكين أو يتواكل أو يغفو، يستمع إلى ما يدور في أعماق الناس أكثر مما يستمع إلى ما يقولون، يقف في شهامة إلى جانب الحق حيثما كان، مع عفة لسان ودون جلية، أذناه أعمل من لسانه، وأغواره أعمق من مظهرة، يجلوه وقار، دون تجهّم