المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدعوة بالتي هي أحسن - دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - جـ ٣٢

[محمد الحسن الددو الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌الحكمة في الدعوة [1]

- ‌التذكير بالله والدعوة إليه ضرورة دينية

- ‌تذكر النبي الدائم لربه جل وعلا

- ‌تذكر الإنسان بآيات الله وضرورته

- ‌الدعوة بالتي هي أحسن

- ‌سهولة الدعوة ويسرها

- ‌أقسام الناس تجاه الدعوة إلى الله

- ‌الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

- ‌الحكمة في إفتاء السائلين

- ‌الحكمة في نصيحة الناس

- ‌الحكمة في مخاطبة المدعوين

- ‌درجات تغيير المنكر وصورها

- ‌صفات الداعية إلى الله

- ‌حب الداعية لكل عباد الله

- ‌اختيار الداعية للمكان والزمان المناسب للدعوة

- ‌حرص النبي في دعوة أمته

- ‌النظر إلى المدعوين بعين الرحمة

- ‌الأسئلة

- ‌وجوب الإحسان إلى الوالدين وبرهما

- ‌فضل سماع الحديث النبوي

- ‌أحكام اللقطة

- ‌طريقة تغيير قناعات الوالدين الواقعين في الشرك

- ‌الأسلوب المناسب لدعوة الأقارب

- ‌حكم زواج الأب من زوجة ابنه من الرضاعة

- ‌حكم الجمع بين المملوكتين في الوطء

- ‌السنة في العقيقة عن الأولاد

- ‌طاعة الوالد فيما لا يعارض الشرع

- ‌حكم عضل المولى لموليته

- ‌دعاء

الفصل: ‌الدعوة بالتي هي أحسن

‌الدعوة بالتي هي أحسن

وجاء فبال في المسجد، فجعل الناس يزحزحونه ويصيحون عليه، فقال صلى الله عليه وسلم:(لا تزرموه لا تزرموه، فتركوه حتى قضى بوله، ثم أمر بذنوب من ماء فأهريق عليه، ثم دعاه فقال: إن هذه المساجد لم تبن لهذا، وإنما بنيت لذكر الله والصلاة).

وكذلك قال للرجل الآخر الذي تكلم في الصلاة فصمته الناس وضربوا على أفخاذهم، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(دعاني فبأبي هو وأمي ما رأيت قبله ولا بعده معلماً أحسن منه، فوالله ما ضربني ولا كهرني، وإنما وضع يده على منكبي فقال: إن هذه الصلاة لا يصلح لها شيء من كلام الناس، إنما هي لذكر الله وقراءة القرآن).

وكذلك جاء رجل آخر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يريد أن يؤمن وهو شاب حدث، فقال: يا محمد! إني أريد أن أتبعك وأدخل في دينك، لكني أريد أن أستثني شيئاً أشترطه، قال: وما هو؟ قال: الزنا.

فقال: تستثني بالزنا! فضحك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظنوا أن هذا الرجل من السفهاء، وأرادوا أن يؤدبوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوه لي.

فدعاه حتى اقترب منه فناجاه فقال: هل ترتضيه لأمك؟ قال: لا.

قال: هل ترتضيه لأختك؟ قال: لا.

قال: هل ترتضيه لزوجتك؟ قال: لا.

قال: هل ترتضيه لابنتك؟ قال: لا.

فالنساء أمهات قوم، وزوجات قوم، وأخوات قوم، وبنات قوم.

فقال: والله لقد صدقت، فنزعه الله من قلبي).

هكذا تكون الدعوة بالتي هي أحسن، وهكذا أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم وأمر المؤمنين عموماً، فقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم -وأمره أمر لأمته- بقوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125]، وأمر المؤمنين كذلك بالتي هي أحسن في مجادلة أهل الكتاب في قوله تعالى:{وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت:46]، فأمرهم في مجادلة أهل الكتاب الذين هم أشد الأعداء وأعتاهم أن يجادلوهم بالتي هي أحسن، وأن لا يصدقوهم وأن لا يكذبوهم، وأن يقولوا:{آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت:46]، فيأتوا بالمسلمات والمتفق عليها قبل أن يذكروا مسائل الخلاف، وهذا هو أدب الدعوة، فالصحيح أن يبتدئ الإنسان بذكر المسائل المتفق عليها قبل أن يذكر المسائل الخلافية، فإذا صحت المسائل الإجماعية -وهي الأصول والأسس- فإن ما عداها يسهل تغييره وتعديله بعد ذلك.

ص: 5