المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عمر الدنيا وحتمية انقضائها ونهايتها - دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - جـ ٩

[محمد الحسن الددو الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌فرصة العمر

- ‌العمر الشخصي للإنسان وكيفية استغلاله في الطاعة

- ‌عاقبة من لم يستغل عمره في طاعة الله

- ‌عوامل تعين على استغلال العمر في الطاعة

- ‌أعداء وموانع تشغل الإنسان عن استغلال عمره في الطاعة

- ‌العدو الخامس: مفاتن هذه الدنيا وشهواتها

- ‌العدو الرابع: الأهل والأموال والأقارب

- ‌العدو الثالث: إخوان السوء

- ‌العدو الأول: الشيطان الرجيم

- ‌العدو الثاني: النفس الأمارة بالسوء

- ‌عمر الدنيا وحتمية انقضائها ونهايتها

- ‌عمر التمكين وكيفية استغلاله

- ‌أقسام الناس في التذكر والذكرى

- ‌الأسئلة

- ‌حكم تكفير المسلمين وشروط تكفير المعين

- ‌الفرق بين الدعاة إلى الجنة والدعاة إلى النار

- ‌حكم دخول الرجل على جمع النساء للتعليم

- ‌الأسباب التي تعين على التوبة

- ‌الإنسان بين الخاطر الإلهي الملكي والخاطر الشيطاني النفسي

- ‌مراتب استشعار النعمة وشكرها

- ‌حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌عوامل تقوية الإيمان

- ‌علاج نسيان المواعظ وعدم العمل بها

- ‌دعوة التجار إلى الإنفاق في أبواب الخير

الفصل: ‌عمر الدنيا وحتمية انقضائها ونهايتها

‌عمر الدنيا وحتمية انقضائها ونهايتها

العمر الثاني بعد العمر الشخصي هو عمر هذه الدنيا التي لها نهاية حتمية لا بد منها، ومشكلتها أن نهايتها مثل نهاية العمر الشخصي بغتة:{لا تَأْتِيكُمْ إِلَاّ بَغْتَةً} [الأعراف:187].

لكننا نعلم أن الإنسان إذا طلعت عليه الشمس من مغربها -ولا يدري متى تطلع- لا يمكن أن يستفيد من عمل إذا كان مقصراً، كما قال الله تعالى:{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} [الأنعام:158].

فعمر هذه الدنيا فائدته أن الإنسان يقدم فيه لنفسه ويتوب ويستغفر ما دام باب التوبة مفتوحاً، وهو باب من قبل المغرب، فإذا طلعت منه الشمس أغلق هذا الباب فلم تقبل توبة أحد.

ولهذا فإن هذه الدنيا فانية، وهي ذاهبة منطلقة، كما قال علي رضي الله عنه في خطبته:(هذه الآخرة قد أقبلت، وتلك الدنيا قد أدبرت، فليتذكر الإنسان أنه اليوم في آخر هذه الدنيا في آخر الأمم).

وقد مضت الأمم كلها قبلنا وجئنا على الأثر، فنحن اليوم لا ننتظر إلا ما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه عنه الترمذي في السنن في قوله:(بادروا بالأعمال ستاً: فهل تنتظرون إلا غنىً مطغياً، أو فقراً منسياً، أو هرماً مفنداً، أو مرضاً مقعداً، أو الدجال فالدجال شر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر)، لهذا فإن فرصة هذه الدنيا فرصة لا تعوض، فعندما يؤتى بالناس فينادي المنادي في الناس: هلموا إلى ربكم، فيخرجون من الأجداث إلى ربهم ينسلون، ويجتمعون في الساهرة، ويؤتى بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام، في كل زمام سبعون ألف ملك، وتحيط بالناس من كل جانب، وتدنو الشمس ميلاً، ويتجلى الباري سبحانه وتعالى لفصل الخصام:{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة:17]، حينئذ يعرف الإنسان أن هذه الدنيا كانت نعمة عظيمة؛ لأنها الوقت المتاح للعبادة، ولأن الآخرة لا يطلب من الإنسان فيها عمل، ولذلك فإن نعمة وجودنا في هذه الدنيا نعمة لا بد من استحضارها والسعي لاستغلالها في الوجه الصحيح، فهي فرصة لا تعوض، ونحن لا ندري متى تطلع الشمس من مغربها ويغلق باب التوبة، ولذلك علينا أن نبادر بالتوبة كما أمرنا الله سبحانه وتعالى حيث قال:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31]، وفي قوله:{قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر:53 - 54]، وكذلك في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً} [التحريم:8].

ص: 11