المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌العدو الخامس: مفاتن هذه الدنيا وشهواتها - دروس للشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - جـ ٩

[محمد الحسن الددو الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌فرصة العمر

- ‌العمر الشخصي للإنسان وكيفية استغلاله في الطاعة

- ‌عاقبة من لم يستغل عمره في طاعة الله

- ‌عوامل تعين على استغلال العمر في الطاعة

- ‌أعداء وموانع تشغل الإنسان عن استغلال عمره في الطاعة

- ‌العدو الخامس: مفاتن هذه الدنيا وشهواتها

- ‌العدو الرابع: الأهل والأموال والأقارب

- ‌العدو الثالث: إخوان السوء

- ‌العدو الأول: الشيطان الرجيم

- ‌العدو الثاني: النفس الأمارة بالسوء

- ‌عمر الدنيا وحتمية انقضائها ونهايتها

- ‌عمر التمكين وكيفية استغلاله

- ‌أقسام الناس في التذكر والذكرى

- ‌الأسئلة

- ‌حكم تكفير المسلمين وشروط تكفير المعين

- ‌الفرق بين الدعاة إلى الجنة والدعاة إلى النار

- ‌حكم دخول الرجل على جمع النساء للتعليم

- ‌الأسباب التي تعين على التوبة

- ‌الإنسان بين الخاطر الإلهي الملكي والخاطر الشيطاني النفسي

- ‌مراتب استشعار النعمة وشكرها

- ‌حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌عوامل تقوية الإيمان

- ‌علاج نسيان المواعظ وعدم العمل بها

- ‌دعوة التجار إلى الإنفاق في أبواب الخير

الفصل: ‌العدو الخامس: مفاتن هذه الدنيا وشهواتها

‌العدو الخامس: مفاتن هذه الدنيا وشهواتها

إن للدنيا زخرفاً يجذب النفوس، وتميل وراءه العيون والطباع، وهذا ما نبه الله عليه في قوله:{وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه:131 - 132].

ونبهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على خطر هذه الدنيا ومفاتنها فيما أخرج عنه البخاري ومسلم في الصحيحين أنه قال: (إن أخوف ما أخافه عليكم ما ستجدون بعدي من زهرة الدنيا، فإنها خضرة حلوة، وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطاً أو يلم، إلا آكلة الخضر، فإنها رتعت حتى إذا امتدت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت).

فهؤلاء الأعداء الخمسة الذين يحيطون بالإنسان، وهم الشواغل التي تصرف الإنسان عن أن يستغل عمره وأن ينتهز الفرصة لإنقاذ نفسه ولنجاته من الموقف عندما يعرض على الله.

ولذلك يقول المختار بن بُنى رحمه الله تعالى: للإنسان شيطان ونفس وحظها ودنيا وإخوان حميتهم خطر ولله فضل لا يزال ورحمة ومنّ وتوفيق وعفو لمن وزر إلهي اكفنا الخمس التي في اتباعها هلاك وعاملنا بخمستك الأخر ثم إن فوات الأوان يأتي بالتدريج والتقصير؛ لأن العمر لا يراه الإنسان وحدة متكاملة، وإنما هو أيام وليال وساعات وثوان تمضي بالتدريج، وكل يوم يمر هو عمر بكامله ينقضي؛ لأن أمس الدابر أمره لا يعود، بل يختم على عمله.

ولهذا ينادي المنادي إذا انصدع المنذر وقت طلوع الفجر فيقول: يا ابن آدم! إن أمسي قد ذهب بما فيه، وختم على أعمالي، وإنك أمامك الغد فاجتهد فيه.

ولهذا يقول أحد العلماء: أقبل على صلواتك الخمس كم مصبح وعساه لا يمسي واستقبل اليوم الجديد بتوبة تمحو ذنوب صحيفة الأمس فليفعلن بوجهك الغض البلى فعل الظلام بصورة الشمس وهذا التدريج الحاصل في الوقت بين الله سبحانه وتعالى حكمته في قوله: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان:61 - 62]، فالليل والنهار جعلهما الله تعالى خلفة يتعاقبان، فمن لم يزعه النهار ولم يذكره بالتوبة فإن الليل كفيل بذلك، ومن لم يزعه الليل ولم يذكره بالتوبة فإن النهار كفيل بذلك، والله سبحانه وتعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.

ص: 6