الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
99 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ذَكَرَ عَمَّارُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَلَبِيُّ، ذَكَرَ حُصَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْوَزَّانُ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ:" خَرَجْتُ إِلَى الشَّامِ فِي طَلَبِ الْعُبَّادِ، فَجَعَلْتُ أَجِدُ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ شَدِيدَ الِاجْتِهَادِ، حَتَّى قَالَ لِي رَجُلٌ: قَدْ كَانَ هَا هُنَا رَجُلٌ مِنَ النَّحْوِ الَّذِي تُرِيدُ، وَلَكِنَّا فَقَدْنَا مِنْ عَقْلِهِ، فَلَا نَدْرِي يُرِيدُ أَنْ يَحْتَجِبَ مِنَ النَّاسِ بِذَلِكَ، أَوْ هُوَ شَيْءٌ أَصَابَهُ؟ قُلْتُ: وَمَا أَنْكَرْتُمْ مِنْهُ؟ قَالَ: إِذَا كَلَّمَهُ أَحَدٌ قَالَ: الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ، لَا يَزِيدُهُ عَلَيْهِ، قَالَ: قُلْتُ: فَكَيْفَ لِي بِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ مَدْرَجَتُهُ قَالَ: فَانْتَظَرْتُهُ فَإِذَا بِرَجُلٍ وَالِهٍ وكَرِيهِ الْمَنْظَرِ، كَرِيهِ الْوَجْهِ، وَافِرِ الشَّعْرِ، مُغَيَّرِ اللَّوْنِ، وَإِذَا الصِّبْيَانُ حَوْلَهُ وَخَلْفَهُ، وَهُوَ سَاكِتٌ يَمْشِي، وَهُمْ خَلْفَهُ سُكُوتٌ يَمْشُونَ، عَلَيْهِ أَطْمَارٌ لَهُ دَنِسَةٌ، قَالَ: فَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ، فَقَالَ: الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ، فَقُلْتُ: قَدْ أُخْبِرْتُ بِقِصَّتِكَ، فَقَالَ: الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَجَعَ الصِّبْيَانُ الَّذِينَ كَانُوا يَتَّبِعُونَهُ، فَاعْتَزَلَ إِلَى سَارِيَةٍ، فَرَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: رَجُلٌ غَرِيبٌ يُرِيدُ أَنْ يُكَلِّمَكَ وَيَسْأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَطِلْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَقْصِرْ، فَلَسْتُ بِبَارِحٍ أَوْ تُكَلِّمَنِي، قَالَ: وَهُوَ فِي سُجُودِهِ يَدْعُو وَيَتَضَرَّعُ، قَالَ: فَفَهِمْتُ عَنْهُ وَهُوَ سَاجِدٌ وَهُوَ يَقُولُ: سَتَرَكَ سَتَرَكَ، قَالَ: فَأَطَالَ السُّجُودَ حَتَّى سَئِمْتُ، قَالَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَلَمْ أَسْمَعْ لَهُ نَفَسًا وَلَا حَرَكَةً، قَالَ: فَحَرَّكْتُهُ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ كَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ مُنْذُ دَهْرٍ طَوِيلٍ، قَالَ: فَخَرَجْتَ إِلَى صَاحِبِي الَّذِي دَلَّنِي عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: تَعَالَ فَانْظُرْ إِلَى الَّذِي زَعَمْتَ أَنَّكَ أَنْكَرْتَ مِنْ عَقْلِهِ، قَالَ: وَقَصَصْتُ عَلَيْهِ مِنْ قِصَّتِهِ، قَالَ: فَهَيَّأْنَاهُ وَدَفَنَّاهُ "
مِنْ كَرَامَاتِ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ
100 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، نا هِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: " كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَدِ اعْتَزَلَ النَّاسَ فِي
⦗ص: 41⦘
كَهْفِ جَبَلٍ، وَكَانَ أَهْلُ زَمَانِهِ إِذَا قَحَطُوا اسْتَغَاثُوا بِهِ فَدَعَا اللَّهَ فَسَقَاهُمْ، قَالَ: فَأَتَوْهُ فِي بَعْضِ أَمْرِهِمْ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ وَبِيَدِهِ عُودٌ يُقَلِّبَ بِهِ جَمَاجِمَ الْمَوْتَى وَعِظَامَهُمْ، فَجَلَسُوا يَنْتَظِرُونَهُ وَكَرِهُوا أَنْ يُعَجِّلُوهُ عَمَّا هُوَ فِيهِ، ثُمَّ خَلَوْا بِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ صَرَخَ صَرْخَةً وَسَقَطَ، فَذَهَبُوا يَنْتَظِرُونَ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ، قَالَ: فَأَكْبَرُوا ذَلِكَ، وَحُشِدَ عَلَيْهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَخَذُوا فِي جِهَازِهِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ هُوَ بِسَرِيرٍ يُرَفْرِفُ فِي أَعْنَانِ السَّمَاءِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ:«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَصَّهُ بِهِ بِمَا رَأَيْتُهُ» ، فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، فَارْتَفَعَ السَّرِيرُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى غَابَ عَنْهُمْ، فَقَالَ بَعْضُ أَحْبَارِهِمْ: سُبْحَانَكَ، مَا أَكْرَمَ الْمُؤْمِنَ عَلَيْكَ "
101 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَاتِمٍ الْأَزْدِيُّ، ذَكَرَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ السَّائِحِ، أنا ابْنُ وَهْبٍ، وَغَيْرُهُ يَزِيدَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْحَدِيثِ:" أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ كَانَ مِنْ أَفْضَلِ الْعَابِدِينَ، فَفَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ، يَقُومُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَا يَزَالُ قَائِمًا إِلَى الْعَصْرِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَقَدِ انْتَفَخَتْ سَاقَاهُ وَقَدَمَاهُ، فَيَقُولُ: «يَا نَفْسِي، إِنَّمَا خُلِقْتِ لِلْعِبَادَةِ يَا أَمَّارَةً بِالسُّوءِ، فَوَاللَّهِ لَأَعْمَلَنَّ لَكَ عَمَلًا لَا يَأْخُذُ الْفِرَاشُ مِنْكِ نَصِيبًا» ، قَالَ: وَهَبَطَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ وَادِي السِّبَاعِ، وَفِي الْوَادِي عَابِدٌ حَبَشِيٌّ يُقَالُ لَهُ حُمَمَةُ، فَانْفَرَدَ عَامِرٌ فِي نَاحِيَةٍ وَحُمَمَةُ فِي نَاحِيَةٍ يُصَلِّيَانِ، لَا هَذَا يَنْصَرِفُ إِلَى هَذَا، وَلَا هَذَا يَنْصَرِفُ إِلَى هَذَا، أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، إِذَا جَاءَتِ الْفَرِيضَةُ صَلَّيَا ثُمَّ أَقْبَلَا يَتَطَوَّعَانِ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَامِرٌ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَجَاءَ إِلَى حُمَمَةَ فَقَالَ: «مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ» ، قَالَ: دَعْنِي وَهَمِّي، قَالَ: «أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ» ، قَالَ: أَنَا حُمَمَةُ قَالَ عَامِرٌ: «لَئِنْ كُنْتَ أَنْتَ حُمَمَةُ الَّذِي ذُكِرَ لِي لَأَنْتَ أَعْبَدُ مَنْ فِي الْأَرْضِ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَفْضَلِ خَصْلَةٍ» ، قَالَ: إِنِّي لَمُقَصِّرٌ، وَلَوْلَا مَوَاقِيتُ الصَّلَاةِ تَقْطَعُ عَلَيَّ الْقِيَامَ وَالسُّجُودَ لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَجْعَلَ عُمُرِي رَاكِعًا، وَوَجْهِي مَفْرَشًا حَتَّى أَلْقَاهُ، وَلَكِنَّ الْفَرَائِضَ لَا تَدَعُنِي أَفْعَلُ ذَلِكَ، فَمَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: " أَنَا عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ قَالَ: إِنْ كُنْتَ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ الَّذِي ذُكِرَ لِي فَأَنْتُ أَعْبَدُ النَّاسِ، فَأَخْبِرْنِي بِأَفْضَلِ خَصْلَةٍ، قَالَ: إِنِّي لَمُقَصِّرٌ، وَلَكِنْ وَاحِدَةٌ عَظَّمْتُ هَيْبَةَ اللَّهِ فِي صَدْرِي حَتَّى مَا أَهَابُ شَيْئًا غَيْرَهُ "، فَاكْتَنَفَتْهُ السِّبَاعُ، فَأَتَاهُ سَبُعٌ مِنْهَا فَوَثَبَ عَلَيْهِ مِنْ خَلْفِهِ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَعَامِرٌ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ} [هود: 103] فَلَمَّا رَأَى
⦗ص: 42⦘
السَّبُعُ أَنَّهُ لَا يَكْتَرِثُ لَهُ ذَهَبَ، فَقَالَ حُمَمَةُ: بِاللَّهِ يَا عَامِرُ أَمَا هَالَكَ مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: «إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أَهَابَ شَيْئًا غَيْرَهُ» ، قَالَ حُمَمَةُ: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ ابْتَلَى بِالْبَطْنِ فَإِذَا أَكَلْنَا لَا بُدَّ لَنَا مِنَ الْحَدَثِ مَا رَآنِي رَبِّي إِلَّا رَاكِعًا وَسَاجِدًا، وَكَانَ يُصَلِّي فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ثَمَانِمِائَةِ رَكْعَةٍ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنِّي لَمُقَصِّرٌ فِي الْعِبَادَةِ، وَكَانَ يُعَاقِبُ نَفْسَهُ "