الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
102 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، نا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَوَارِيِّ، عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ، قَالَ: قِيلَ لِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ: " النَّارُ قَدْ وَقَعَتْ قَرِيبًا مِنْ دَارِكَ، قَالَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَأَخَذَتِ النَّارُ فَلَمَّا بَلَغَتْ دَارَهُ عَدَلَتْ عَنْهَا "
103 -
كَرَامَةُ وَلِيٍّ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ
ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ السَّعْدِيُّ، ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نُوحٍ وَكَانَ مِنَ الْعَابِدِينَ قَالَ: " صَحِبْتُ شَيْخًا فِي بَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ فَأَعْجَبَتْنِي هَيْئَتُهُ فَقُلْتُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَصْحَبَكَ، قَالَ: أَنْتَ وَمَا أَحْبَبْتَ، قَالَ: فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّهَارِ، فَإِذَا أَمْسَى أَقَامَ فِي مَنْزِلٍ كَانَ أَمْ غَيْرِهِ، قَالَ: فَيَقُومُ اللَّيْلَ يُصَلِّي، وَكَانَ يَصُومُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، فَإِذَا أَمْسَى عَمَدَ إِلَى جُرَيْبٍ مَعَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا فَأَلْقَاهُ فِي فِيهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَكَانَ يَدْعُونِي فَيَقُولُ: هَلُمَّ فَأَصِبْ مِنْ هَذَا، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: وَاللَّهِ مَا هَذَا بِمُجْزِيكَ أَنْتَ، فَكَيْفَ أَشْرُكُكَ فِيهِ؟ قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ، وَدَخَلَتْ لَهُ قَلْبِي مَهَابَةٌ عِنْدَمَا رَأَيْتُ مِنَ اجْتِهَادِهِ وَصَبْرِهِ، قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ إِذْ نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ يَسُوقُ حِمَارًا، فَقَالَ لِي: انْطَلِقْ فَاشْتَرِ ذَلِكَ الْحِمَارَ، قَالَ: فَمَنَعَتْنِي وَاللَّهِ هَيْبَتُهُ فِي صَدْرِي أَنْ أُرَادَّهُ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى صَاحِبِ الْحِمَارِ، وَأَنَا أَقُولُ فِي نَفْسِي: وَاللَّهِ مَا مَعِي ثَمَنُهُ، وَلَا أَعْلَمُ مَعَهُ ثَمَنَهُ، فَكَيْفَ أَشْتَرِيهِ؟ قَالَ: فَأَتَيْتُ صَاحِبَ الْحِمَارِ فَسَاوَمْتُهُ، فَأَبَى أَنْ يَنْقُصَهُ عَنْ ثَلَاثِينَ دِينَارًا، قَالَ: فَجِئْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: قَدْ أَبَى أَنْ يَنْقُصَهِ عَنْ ثَلَاثِينَ دِينَارًا، قَالَ: خُذْهُ وَاسْتَخِرِ اللَّهَ، قُلْتُ: الثَّمَنُ، قَالَ: سَمِّ اللَّهَ ثُمَّ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي الْجِرَابِ فَخُذِ الثَّمَنَ فَأَعْطِهِ، قَالَ: فَأَخَذْتُ الْجِرَابَ، ثُمَّ قُلْتُ: بِسْمِ اللَّهِ، وَأُدْخِلْتُ يَدِي، فِيهِ فَإِذَا صُرَّةٌ فِيهَا ثَلَاثُونَ دِينَارًا لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ، قَالَ: فَدَفَعْتُهَا إِلَى الرَّجُلِ، وَأَخَذْتُ الْحِمَارَ وَجِئْتُ، قَالَ: فَقَالَ لِيَ
: ارْكَبْ، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَضْعَفُ مِنِّي فَارْكَبْ أَنْتَ، قَالَ: فَلَمْ يُرَادَّنِي الْكَلَامَ وَرَكِبَ، فَكُنْتُ أَمْشِي مَعَ حِمَارِهِ، فَحَيْثُ أَدْرَكَهُ اللَّيْلُ أَقَامَ، فَإِنَّمَا هُوَ رَاكِعٌ وَسَاجِدٌ، حَتَّى أَتَيْنَا عُسْفَانَ فَلَقِيَهُ شَيْخٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ خَلَّيَا فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ، فَلَمَّا أَرَادَا أَنْ يَفْتَرِقَا قَالَ صَاحِبِي لِلشَّيْخِ: أَوْصِنِي، قَالَ: نَعَمْ، أَلْزِمِ التَّقْوَى قَلْبَكَ، وَانْصُبْ ذِكْرَ الْمَعَادِ أَمَامَكَ، قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: نَعَمْ، اسْتَقْبِلِ الْآخِرَةَ بِالْحَسَنِ مِنْ عَمَلِكَ، وَبَاشِرْ عَوَارِضَ الدُّنْيَا بِالزُّهْدِ مِنْ قَلْبِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَكْيَاسَ هُمُ الَّذِينَ عَرَفُوا عَيْبَ الدُّنْيَا حِينَ عَمِيَ عَلَى أَهْلِهَا، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، قَالَ: ثُمَّ افْتَرَقَا، فَقُلْتُ لِصَاحِبِي: مَنْ هَذَا الشَّيْخُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ فَمَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ كَلَامًا مِنْهُ؟ قَالَ: عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ، قَالَ: فَخَرَجْنَا مِنْ عُسْفَانَ حَتَّى أَتَيْنَا مَكَّةَ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى الْأَبْطَحِ نَزَلَ عَنْ حِمَارِهِ وَقَالَ: اثْبُتْ مَكَانَكَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ نَظْرَةً ثُمَّ أَعُودَ إِلَيْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: فَانْطَلَقَ، وَعَرَضَ لِي رَجُلٌ فَقَالَ: أَتَبِيعُ الْحِمَارَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: بِكَمْ؟ قُلْتُ: بِثَلَاثِينَ دِينَارًا، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا هَذَا، وَاللَّهِ مَا هُوَ لِي، وَإِنَّمَا هُوَ لِرَفِيقٍ لِي، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَجِيءَ الْآنَ، قَالَ: فَإِنِّي لَأُكَلِّمُهُ إِذْ طَلَعَ الشَّيْخُ فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ بِعْتُ الْحِمَارَ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا، قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوِ اسْتَزَدْتَهُ لَزَادَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَأَمَّا إِذْ بِعْتَ فَأَوْجِزْ، فَأَخَذْتُ مِنَ الرَّجُلِ ثَلَاثِينَ دِينَارًا وَدَفَعْتُ الْحِمَارَ وَجِئْتُ بِالدَّنَانِيرِ، فَقُلْتُ: مَا أَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: هِيَ لَكَ، فَانْتَفِقْهَا، قُلْتُ: لَا حَاجَةَ لِي بِهَا، قَالَ: فَأَلْقِهَا فِي الْجِرَابِ، فَأَلْقَيْتُهَا فِي الْجِرَابِ، قَالَ: وَطَلَبْنَا مَنْزِلًا بِالْأَبْطَحِ فَنَزَلْنَاهُ، فَقَالَ: ابْغِنِي دَوَاةً وَقِرْطَاسًا، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاسٍ، قَالَ: فَكَتَبَ كِتَابَيْنِ ثُمَّ شَدَّهُمَا، فَدَفَعَ أَحَدَهُمَا إِلَيَّ، فَقَالَ: انْطَلِقَ بِهِ إِلَى عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ وَهُوَ نَازِلٌ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ، وَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَمَنْ حَضَرَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ دَفَعَ الْآخَرَ إِلَيَّ فَقَالَ: لِيَكُنْ هَذَا مَعَكَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَاقْرَأْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ فَأَتَيْتُ بِهِ عَبَّادَ بْنَ عَبَّادٍ وَهُوَ قَاعِدٌ يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَسَلَّمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، كِتَابُ بَعْضِ إِخْوَانِكَ إِلَيْكَ، قَالَ: فَأَخَذَ الْكِتَابَ فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَمَّا بَعْدُ يَا عَبَّادُ، فَإِنِّي أُحَذِّرُكَ الْفَقْرَ يَوْمَ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى الذُّخْرِ، فَإِنَّ فَقْرَ الْآخِرَةِ لَا يَسُدُّهُ غِنًى، وَإِنَّ مُصَابَ الْآخِرَةِ لَا تُجْبَرْ مُصِيبَتُهُ أَبَدًا، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِكَ، وَأَنَا مَيِّتٌ السَّاعَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَاحْضُرْ لِتَلِيَنِي، وَتَوَلَّ الصَّلَاةَ عَلَيَّ، وَأَدْخِلَانِي حُفْرَتِي، وَأَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ، وَاقْرَأِ السَّلَامَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَعَلَيْكُمْ جَمِيعًا السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، قَالَ: فَلَمَّا قَرَأَ عَبَّادٌ الْكِتَابَ قَالَ: يَا هَذَا، أَيْنَ هَذَا الرَّجُلُ. قُلْتُ: بِالْأَبْطَحِ قَالَ: أَفَمَرِيضٌ هُوَ؟ قُلْتُ: تَرَكْتُهُ السَّاعَةَ صَحِيحًا، قَالَ: فَقَامَ وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ مَيِّتٌ مُسَجًّى عَلَيْهِ عَبَاءَةٌ، فَقَالَ لِي عَبَّادٌ: هَذَا صَاحِبُكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: تَرَكْتَهُ صَحِيحًا؟ قُلْتُ: تَرَكْتُهُ
السَّاعَةَ صَحِيحًا، فَجَلَسَ يَبْكِي عِنْدَ رَأْسِهِ، ثُمَّ أَخَذَ فِي جِهَازِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَفَنَهُ، وَاحْتَشَدَ النَّاسُ فِي جَنَازَتِهِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ قُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَقْرَأَنَّ الْكِتَابَ، فَفَتَحْتُهُ فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: أَمَّا بَعْدُ، فَأَنْتَ يَا أَخِي فَنَفَعَكَ اللَّهُ بِمَعْرِوفِكَ يَوْمَ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى صَالِحِ أَعْمَالِهِمْ، وَجَزَاكَ عَنْ صُحْبَتِنَا خَيْرًا، فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَعْرُوفِ يَجِدُ لِجَنْبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَضْطَجَعًا، فَإِنَّ حَاجَتِي إِلَيْكَ إِذَا قَضَى اللَّهُ عَنْكَ تَنْطَلِقُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَتَدْفَعُ مِيرَاثِي إِلَى وَارِثِي، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، قَالَ: قُلْتُ فِي نَفْسِي: كُلُّ أَمْرِكَ رَحِمَكَ اللَّهُ عَجَبٌ، وَهَذَا مِنْ أَعْجَبِ أَمْرِكَ، كَيْفَ آتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَلَمْ تُسَمِّ لِي أَحَدًا، وَلَمْ تَصِفْ لِي مَوْضِعًا، وَلَا أَدْرِي إِلَى مَنْ أَدْفَعُهُ؟ قَالَ: وَخَلَّفَ قَدَحًا وَجِرَابَهُ ذَاكَ وَعَصًا كَانَ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا، قَالَ: وَكَفَّنَّاهُ فِي ثَوْبَيْ إِحْرَامِهِ، وَلَفَفْنَا الْعَبَاءَةَ فَوْقَ ذَلِكَ، فَلَمَّا انْقَضَى الْحَجُّ قُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَنْطَلِقَنَّ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَعَلِّي أَنْ أَقَعَ عَلَى وَارِثِ هَذَا الرَّجُلِ، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَهُمْ حِلَقٌ حِلَقٌ، قَوْمٌ فُقَرَاءُ مَسَاكِينُ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا أَدُورُ أَتَصَفَّحُ النَّاسَ لَا أَدْرِي عَمَّنْ أَسْأَلُ إِذْ نَادَانِي رَجُلٌ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْحِلَقِ بِاسْمِي: يَا فُلَانُ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَإِذَا بِشَيْخٍ كَأَنَّهُ صَاحِبِي، قَالَ: هَاتِ مِيرَاثَ فُلَانٍ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْعَصَا وَالْقَدَحَ وَالْجِرَابَ، ثُمَّ وَلَّيْتُ رَاجِعًا، فَوَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى قُلْتُ لِنَفْسِي: تَضْرِبُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَقَدْ رَأَيْتَ مِنَ الشَّيْخِ الْأَولِ مَا رَأَيْتَ، وَرَأَيْتَ مِنْ هَذَا الشَّيْخِ الثَّانِي مَا رَأَيْتَ، لَا تَسْأَلُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ أَيُّ شَيْءٍ قِصَّتُهُمْ؟ وَتَسْأَلُهُمْ عَنْ أَمْرِهِمْ، وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: فَرَجَعْتُ وَمِنْ رَأْيِي أَلَّا أُفَارِقَ هَذَا الشَّيْخَ الْآخَرَ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ أَمُوتَ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَدُورُ فِي الْحِلَقِ، وَأَجْهَدُ عَلَى أَنْ أَعْرِفَهُ أَوْ أَقَعَ عَلَيْهِ، فَلَمْ أَقَعْ عَلَيْهِ، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَسْأَلُ عَنْهُ وَلَبِثْتُ أَيَّامًا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ أَطْلُبُهُ وَأَسْأَلُ عَنْهُ فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَدُلُّنِي عَلَيْهِ، فَرَجَعْتُ مُنْصَرِفًا إِلَى الْعِرَاقِ "
104 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَعْفَرٍ، ذَكَرَ ابْنُ أَبِي نُوحٍ، ذَكَرَ رَجُلٌ بِمَكَّةَ قَالَ: " كَانَ رَجُلٌ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ لَا يَفْتُرُ بُكَاءً وَنَحِيبًا، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنِّي لَأَرَى أَنَّ عِنْدَهُ خَيْرًا، فَجَعَلْتُ أَرْصُدُهُ، قُلْتُ: يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَأَتْبَعُهُ، فَكَانَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا فِي نَحْوٍ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ، قَالَ: فَخَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَاتَّبَعْتُهُ، فَأَتَى الثَّنِيَّةَ ثُمَّ جَازَهَا، حَتَّى خَرَجَ عَنِ الْأَبْيَاتِ وَأَصْحَرَ وَأَنَا خَلْفَهُ لَا يَشْعُرُ بِمَكَانِي، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ، ثُمَّ قَالَ: إِلَهِي وَخَالِقِي وَسَيِّدِي، قَدْ سَئِمْتُ لِطُولِ النَّظَرِ إِلَى
⦗ص: 45⦘
أَهْلِ مَعْصِيَتِكَ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ ذَلِكَ فَرَجًا فَعَجِّلْهُ سَرِيعًا يَا كَرِيمُ، ثُمَّ جَلَسَ فَاحْتَبَى بِكِسَاءٍ كَانَ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ أَتَاهُ بِطَبَقٍ فِيهِ طَعَامٌ وَدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ، فَوَضَعَ الطَّبَقَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُ ثُمَّ أَخَذَ الدَّلْوَ فَشَرِبَ مِنْهُ، قَالَ: وَلَمْ يَقْعُدِ الرَّجُلُ الَّذِي بِيَدِهِ الدَّلْوُ وَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى تَنَاوَلَ الدَّلْوَ مِنْهُ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَتَبِعْتُهُ، قُلْتُ: أَسْأَلُهُ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ وَحَالِهِ، قَالَ: فَكَأَنَّ الْأَرْضَ انْشَقَّتْ فَدَخَلَ فِيهَا فَلَمْ أَرَ لَهُ أَثَرًا، قَالَ: فَحَرَصْتُ بَعْدُ عَلَى أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فِي الطَّوَافِ فَلَمْ أَرَهُ "
105 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ صَخْرٍ، يَقُولُ: رَأَيْتُ سَالِمًا الدَّوْرَقِيَّ بِمَكَّةَ وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ قِيشَاشَ وَقَدْ أَتَى الْمُلْتَزَمَ، وَهُوَ يَقُولُ: إِلَهِي، كَمْ أَسْأَلُكَ وَأَطْلُبُ إِلَيْكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنْ نَفْسِي مَا أَرَى مِنْهَا "
106 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ جَنَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ أَرْمِيَا: " أَيْ رَبِّ، أَيُّ عِبَادِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: أَكْثَرُهُمْ لِي ذِكْرًا، الَّذِينَ يَشْتَغِلُونَ بِذِكْرِي عَنْ ذِكْرِ الْخَلَائِقِ، الَّذِينَ لَا تَعْرِضُ لَهُمْ وَسَاوِسُ الْغِنَى، وَلَا يُحَدِّثُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالْبَقَاءِ، الَّذِينَ إِذَا عَرَضَ لَهُمْ عَيْشٌ مِنَ الدُّنْيَا قَلَوْهُ، وَإِذَا زُوِيَ عَنْهُمْ سُرُّوا بِذَلِكَ، أُولَئِكَ أُنْحِلُهُمْ مَحَبَّتِي، وَأُعْطِيهِمْ فَوْقَ غَايَاتِهِمْ "
107 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِيُ مَرْيَمَ، عَنْ زُهَيْرٍ بنِ سَعِيدٍ الْمَوْصِلِيِّ، قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ خَرِبَةً فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ، فَنَظَرَ إِلَى ثَعْلَبٍ قَدْ أَقْبَلَ مُسْتَوْفِرًا بِذَنَبِهِ حَتَّى دَخَلَ جُحْرَهُ، فَقَالَ:" الْحَمْدَ لِلَّهُ الَّذِي جَعَلَ لِكُلُّ شَيْءٍ مَأْوًى، إِلَّا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ لَا مَأْوَى لَهُ، فَإِذَا بِصَوْتٍ: يَا ابْنَ آدَمَ، ادْخُلِ الْفَجَّ، فَدَخَلَ عِيسَى الْفَجَّ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ يُصَلِّي، فَأَقَامَ عِنْدَهُ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا يَنْتَظِرُهُ لِيَنْفَتِلَ مِنْ صَلَاتِهِ فَيُكَلِّمَهُ، فَلَمَّا انْفَتَلَ قَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا الَّذِي أَذْنَبْتَ؟ فَأَقْبَلَ الْعَابِدُ عَلَى الْبُكَاءِ وَقَالَ: يَا رُوحَ اللَّهِ، أَذْنَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: قُلْتُ يَوْمًا لِشَيْءٍ كَانَ يَا لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ "
108 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يَحْيَى، نا عُثْمَانُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ: " خَرَجْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ وَأَنَا أُرِيدُ عَسْقَلَانَ، فَإِذَا أَنَا بِرَكْبٍ، فَقَالُوا لِي: أَيُّهَا الشَّيْخُ، أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أُرِيدُ الرِّبَاطَ بِعَسْقَلَانَ، قَالُوا: مَا مَعَكَ وَحْشَةٌ؟ قُلْتُ:، لَا وَمَضَيْتُ مَعَهُمْ حَتَّى وَرَدْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ فِرَاقَهُمْ قَالُوا لِي: نُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَلُزُومِ
⦗ص: 46⦘
دَرَجَةِ الْوَرَعِ، فَإِنْ تَبْلُغُ بِهِ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّ الزُّهْدَ يَبْلُغُ بِكَ حُبَّ اللَّهِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: فَمَا الْوَرَعُ؟ فَبَكَوْا، ثُمَّ قَالُوا: يَا هَذَا، الْوَرَعُ مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالُوا: تُحَاسِبُ نَفْسَكَ مَعَ كُلِّ طَرْفَةٍ، وَكُلَّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ حَذِرًا كَيِّسًا لَمْ يَخْرُجْ عَلَيْهِ الْفَضْلُ، فَإِذَا دَخَلَ فِي دَرَجَةِ الْوَرَعِ احْتَمَلَ الْمَشَقَّةَ، وَتَجَرَّعَ الْغَيْظَ وَالْمَرَارَ أَعْقَبَهُ اللَّهُ وَرَعًا وَصَبْرًا، وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّبْرَ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، وَمِلَاكُ هَذَا الْأَمْرِ الصَّبْرُ، وَأَمَّا الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ أَلَّا يُقِيمَ الرَّجُلُ عَلَى رَاحَةٍ تَسْتَرِيحُ إِلَيْهَا نَفْسُهُ، وَأَمَّا الْمُحِبُّ لِلَّهِ فَهُوَ فِي ضِيقَةٍ، لَا يَزْدَادُ لِلَّهِ إِلَّا حُبًّا، وَمِنْهُ إِلَّا تَوَدُّدًا "
109 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ كَثِيرَ الْبُكَاءِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أَبْكَانِي تَذَكُّرِي مَا جَنَيْتُ عَلَى نَفْسِي حِينَ لَمْ أَسْتَحيِ مِمَّنْ شَاهَدَنِي وَهُوَ يَمْلِكُ عُقُوبَتِي، فَأَخَّرَنِي إِلَى يَوْمِ الْعُقُوبَةِ الدَّائِمَةِ، وَأَجَّلَنِي إِلَى يَوْمِ الْحَسْرَةِ الْبَاقِيَةِ، وَاللَّهِ لَوْ خُيِّرْتُ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ تُحَاسَبَ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِكَ إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ يُقَالُ لَكَ كُنْ تُرَابًا، لَاخْتَرْتُ أَنْ أَكُونَ تُرَابًا "
110 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، نا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ صَالِحٍ، قَالَ:«كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يَرْعَى رِكَابَ أَصْحَابِهِ وَغَمَامَةٌ تُظِلُّهُ»
111 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، نا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ صَالِحٍ، قَالَ:«كَانَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ يُصَلِّي وَالسَّبُعُ يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ لَحْمَتَهُ»
112 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، نا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ، نا عُثْمَانُ بْنُ صَخْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زَيْدٍ، يَقُولُ:" خَرَجْتُ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِي فِي الْبَحْرِ وَمَعِي غُلَامٌ لِي لَهُ فَضْلٌ يَخْدُمُنِي، فَمَاتَ الْغُلَامُ فَدَفَنْتُهُ فِي جَزِيرَةٍ فَنَبَذَتْهُ الْأَرْضُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ، فَبَيْنَا نَحْنُ وَقُوفٌ نَتَفَكَّرُ فِيهِ مَا نَصْنَعُ، إِذِ انْقَضَّتِ النُّسُورُ وَالْعُقْبَانُ فَمَزَّقُوهُ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ أَتَيْتُ أُمَّ الْغُلَامِ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا كَانَ حَالُ ابْنِكِ؟ قَالَتْ: خَيْرًا، كُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ احْشُرْنِي مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ "
113 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، نا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عُمَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَحمرِ، قَالَ:" خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ لِقَاءَ رَجُلٍ مِنْ أَوْلِيَائِهِ فَلَمْ أَزَلْ أَدُورُ حَتَّى وَقَعْتُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أُفَارِقَهُ قُلْتُ: أَوْصِنِي قَالَ: صَدِّقِ اللَّهَ فِي مَقَالَتِهِ "
114 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، نا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ، نا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ:" كَانَ شَيْخٌ يَدْخُلُ عَلَيْنَا الْمَسْجِدَ فِي كِسَاءٍ لَهُ، فَأَتَانِي يَوْمًا فَقَالَ لِي: بِكَمْ أَخَذْتَ قَمِيصَكَ؟ قُلْتُ: بِكَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَعِمَامَتَكَ؟ قُلْتُ: بِكَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَرِدَاءَكَ؟ قُلْتُ: بِكَذَا وَكَذَا، فَقَالَ لِي: قَدْ بَلَغَتْ كَسَوْتُكَ هَذَا وَأَنْتَ تَقُصَّ عَلَى النَّاسِ؟ قَالَ مَيْمُونٌ: فَأَخَذَ قَوْلُهُ بِقَلْبِي، فَقُلْتُ لِشَرِيكٍ لِي: اجْمَعْ مَالَنَا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ جُمْعَةٍ مَرَّ بِي ذَلِكَ الشَّيْخُ فَقَالَ لِي: لِمَنْ هَذَا الْمَالُ؟ فَقُلْتُ: لِي، فَجَلَسَ إِلَيَّ، فَقَالَ: لَرُبَّ خَيْرٍ قَدْ عَمِلْتَهُ، وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ جَمِيعَ حَسَنَاتِكَ لِي وَأَنَّ هَذَا الْمَالَ بَاتَ فِي مَنْزِلِي، قَالَ: ثُمَّ أَرَادَ صَاحِبُ الْكِسَاءِ الْخُرُوجَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَطَلَبْتُ إِلَيْهِ فِي نَفَقَةٍ يَقْبَلُهَا مِنِّي فَأَبَى فَطَلَبْتُ إِلَيْهِ فِي كِرَاءٍ لِيَرْكَبَهُ فَأَبَى قَالَ: فَسَأَلْنَا الرِّفَاقَ عَنْهُ فَلَمْ نُخْبَرْ عَنْهُ بِشَيْءٍ حَتَّى قَدِمَتْ رُفْقَةٌ فَسَأَلْنَاهُمْ عَنْهُ فَقَالُوا: أَمَّا الرَّجُلُ فَلَا نَعْرِفُهُ وَأَمَّا صَفِيُّكُمْ صَاحِبُ الْكِسَاءِ فَقَدْ مَرَّ بِنَا وَقَدْ حَبَسَ السَّبُعُ الطَّرِيقَ وَأَهْلَهُ، وَصَاحِبُ الْكِسَاءِ سَالِكٌ فِيهِ فَقُلْنَا: يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَمَا تَرَى السَّبُعَ فِي الطَّرِيقِ؟ فَمَا كَلَّمَنَا وَلَا تَكَلَّمَ إِلَّا أَنَّا رَأَيْنَا كِسَاءَهُ أَصَابَ السَّبُعَ حِينَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ مَاضٍ "
115 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، نا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، نا أَبُو شِهَابٍ الْحَنَّاطُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: " لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُوسَى وَهَارُونَ عليهما السلام إِلَى فِرْعَوْنَ، قَالَ: «لَا يَرُعْكُمَا لِبَاسُهُ الَّذِي لَبِسَ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ نَاصِيَتَهُ بِيَدِي، لَيْسَ يَنْطِقُ وَلَا يَطْرُقُ وَلَا يَتَنَفَّسَ إِلَّا بِإِذْنِي، وَلَا يُعْجِبْكُمَا مَا مُتِّعَ بِهِ مِنْهَا فَإِنَّمَا هِيَ زَهْرَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَزِينَةُ الْمُتْرَفِينَ، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أُزَيِّنَكُمَا بِزِينَةٍ مِنَ الدُّنْيَا لِيَعْرِفَ فِرْعَوْنُ حِينَ يَرَاهَا أَنَّ مَقْدِرَتَهُ تَعْجَزُ عَمَّا أُوتِيتُمَا لَفَعَلْتُ، وَلَكِنِّي أَرْغَبُ بِكُمَا عَنْ ذَلِكَ، وَأَزْوِي ذَلِكَ عَنْكُمَا، وَكَذَلِكَ أَفْعَلُ بِأَوْلِيَائِي، وَقَدِيمًا مَا خِرْتُ لَهُمْ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا، وَإِنِّي لَأَذُودُهُمْ عَنْ نَعِيمِهَا كَمَا يَذُودُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ غَنَمَهُ عَنْ مَرَاتِعِ الْهَلَكَةِ، وَإِنِّي لَأُجَنِّبُهُمْ سَلْوَتَهَا كَمَا يُجَنِّبُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ غَنَمَهُ عَنْ مَبَارِكِ الْعَرَةِ، وَمَا ذَاكَ لِهَوَانِهِمْ عَلَيَّ، وَلَكِنْ لِيَسْتَكْمِلُوا نَصِيبَهُمْ مِنْ كَرَامَتِي مُوَفَّرًا، لَمْ يَكْلَمْهُ الطَّمَعُ، وَلَمْ
⦗ص: 48⦘
تَنْتَقِصْهُ الدُّنْيَا بِغُرُورِهَا، إِنَّمَا يَتَزَيَّنُ لِي أَوْلِيَائِي بِالْخُشُوعِ، وَالذَّلِّ، وَالْخَوْفِ، وَالتَّقْوَى تَثْبُتُ فِي قُلُوبِهِمْ فَتَظْهَرُ عَلَى أَجْسَادِهِمْ، فَهُوَ ثِيَابُهُمُ الَّتِي يَلْبَسُونَ، وَدِثَارُهُمُ الَّذِي يُظْهِرُونَ، وَضَمِيرُهُمُ الَّذِي يَسْتَشْعِرُونَ، وَنَجَاتُهُمُ الَّتِي بِهَا يَفُوزُونَ، وَرَجَاؤُهُمُ الَّذِي إِيَّاهُ يَأْمَلُونَ، وَمَجْدُهُمُ الَّذِي بِهِ يَفْخَرُونَ، وَسِيمَاهُمُ الَّتِي بِهَا يُعْرَفُونَ، فَإِذَا لَقِيتَهُمْ فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَكَ، وَذَلِّلْ لَهُمْ قَلْبَكَ وَلِسَانَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ أَخَافَ لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ، ثُمَّ أَنَا الثَّائِرُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
116 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ أَبُو السُّكَيْنِ الطَّائِيُّ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ مُسْلِمٍ، ذَكَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ:" خَرَجْتُ إِلَى نَاحِيَةِ الْخُرَيْبَةِ فَإِذَا أَسْوَدُ مَجْذُومٌ قَدْ تَقَطَّعَتْ كُلُّ جَارِحَةٍ لَهُ بِالْجُذَامِ وَعَمِيَ وَأُقْعِدَ، وَإِذَا هُوَ يَزْحَفُ، وَإِذَا صِبْيَانٌ يَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى رَمَوا وَجْهَهُ، فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ لَأَسْمَعَ مَا يَقُولُ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: يَا سَيِّدِي، إِنَّكَ لَوْ قَرَضْتَ لَحْمِي بِالْمَقَارِيضِ، وَنَشَرْتَ عَظْمِي بِالْمَنَاشِيرِ مَا ازْدَدْتُ لَكَ إِلَّا حُبًّا، فَاصْنَعْ بِي مَا شِئْتَ "
117 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، نا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدِيُّ، نا غَسَّانُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، ذَكَرَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَالَ:«كَانَ بَيْنَ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَبَيْنَ رَجُلٍ تَنَازُعٌ، فَتَنَاوَلَ الرَّجُلُ سُلَيْمَانَ فَغَمَزَ بَطْنَهُ فَجَفَّتْ يَدُ الرَّجُلِ»
118 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، نا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا أَبُو مُعَاوِيَةَ الْغَلَّانِيُّ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ قَوْمًا تَبِعُوا النَّضْرَ بْنَ كَثِيرٍ يُرِيدُونَ أَنْ يَسْتَقْفُوا ثِيَابَهُ بَعْدَ الْعَتَمَةِ قَالَ: فَقَالُوا: «كُنَّا إِذَا دَنَوْنَا مِنْهُ صَارَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سَدٌّ حَتَّى لَا نَرَاهُ، فَلَمَّا رَأَيْنَا ذَلِكَ رَجَعْنَا وَتَرَكْنَاهُ»
119 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، نا الْمُعَلَّى بْنُ عِيسَى، نا نَهْشَلُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَفَعَهُ قَالَ:" ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ اسْتَحَقَّ وِلَايَةَ اللَّهِ وَطَاعَتَهُ: حِلْمٌ أَصِيلٌ يَدْفَعُ بِهِ سَفَهَ السَّفِيهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَوَرَعٌ صَادِقٌ يَحْجِزُهُ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ، وَخُلُقٌ حَسَنٌ يُدَارِي بِهِ النَّاسَ "
120 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ الْعَتَكِيُّ، ذَكَرَ فَضْلٌ أَبُو حَاتِمٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ حَرِيقُ عَرْمَانَ كَانَ رَجُلٌ فِي خُصٍّ لَهُ يَسِفُّ خُوصًا، وَالنَّارُ قَدْ أَحْدَقَتْ بِهِ فَلَمْ تَضُرَّهُ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:" إِنِّي عَزَّمْتُ عَلَى رَبِّ النَّارِ أَنْ لَا يُحْرِقَنِي بِالنَّارِ، قِيلَ لَهُ: فَاعْزِمْ عَلَيْهِ أَنْ يُطْفِئَهَا، قَالَ: فَفَعَلَ، فَلَمْ تَلْبَثِ النَّارُ أَنْ طُفِئَتْ "
121 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ، ذَكَرَ يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ الْخُرْقِيُّ، ذَكَرَ عَبَّادُ بْنُ وَاقِدٍ وَهُوَ عُبَيْدٌ، قَالَ:" خَرَجْتُ أُرِيدُ الْحَجَّ، فَوَقَفْتُ عَلَى رَجُلٍ بَيْنَ يَدَيْهِ غُلَامٌ كَأَحْسَنِ الْغِلْمَانِ وَأَكْثَرِهِ حَرَكَةً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: ابْنِي، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْهُ، خَرَجْتُ مَرَّةً حَاجًّا وَمَعِي أُمُّ هَذَا وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ، فَلَمَّا كُنَّا فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ فَوَلَدَتْ هَذَا وَمَاتَتْ، وَحَضَرَ الرَّحِيلُ، وَأَخَذْتُ الصَّبِيَّ فَلَفَفْتُهُ فِي خِرْقَةٍ وَجَعَلْتُهُ فِي غَارٍ، وَبَنَيْتُ عَلَيْهِ أَحْجَارًا وَارْتَحَلْتُ وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ يَمُوتُ مِنْ سَاعَتِهِ، فَقَضَيْتُ الْحَجَّ وَرَجَعْتُ، فَلَمَّا نَزَلْنَا ذَلِكَ الْمَنْزِلَ بَادَرَ رَفِيقِي إِلَى الْغَارِ فَنَقَضَ الْأَحْجَارَ، فَإِذَا هُوَ بِالصَّبِيِّ مُلْتَقِمٌ إِبْهَامَهُ، فَنَظَرْنَا فَإِذَا اللَّبَنُ يَخْرُجُ مِنْهَا، فَاحْتَمَلْتُهُ مَعِي، فَهُوَ هَذَا الَّذِي تَرَى "