المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الرابع والأربعون: في مقدمه ومؤخره - الإتقان في علوم القرآن - جـ ٣

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي الْمُحْكَمِ والمتشابه

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي مُقَدَّمِهِ وَمُؤَخَّرِهِ

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي عَامِّهِ وَخَاصِّهِ

- ‌النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي مُجْمَلِهِ وَمُبَيَّنِهِ

- ‌النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي مُشْكِلِهِ وَمُوهِمِ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَاقُضِ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي مُطْلَقِهِ وَمُقَيَّدِهِ

- ‌النَّوْعُ الْخَمْسُونَ: فِي مَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ

- ‌النوع الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: فِي وُجُوهِ مُخَاطَبَاتِهِ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ: فِي تَشْبِيهِهِ وَاسْتِعَارَاتِهِ

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: فِي كِنَايَاتِهِ وَتَعْرِيضِهِ

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ: فِي الْحَصْرِ والاختصاص

- ‌النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ: فِي الْإِيجَازِ وَالْإِطْنَابِ

- ‌النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: فِي الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ: فِي بَدَائِعِ الْقُرْآنِ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ: فِي فَوَاصِلِ الْآيِ

- ‌النَّوْعُ السِّتُّونَ: فِي فَوَاتِحِ السُّوَرِ

- ‌النَّوْعُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: فِي خَوَاتِمِ السُّوَرِ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: فِي مُنَاسَبَةُ الْآيَاتِ وَالسُّوَرِ

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ: فِي الْآيَاتِ الْمُشْتَبِهَاتِ

الفصل: ‌النوع الرابع والأربعون: في مقدمه ومؤخره

‌النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي مُقَدَّمِهِ وَمُؤَخَّرِهِ

وَهُوَ قِسْمَانِ:

الْأَوَّلُ: مَا أَشْكَلَ مَعْنَاهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ فَلَمَّا عُرِفَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ اتَّضَحَ وَهُوَ جَدِيرٌ أَنْ يُفْرَدَ بِالتَّصْنِيفِ وَقَدْ تَعَرَّضَ السَّلَفُ لِذَلِكَ فِي آيَاتٍ: فَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا} قَالَ: هَذَا مِنْ تَقَادِيمِ الْكَلَامِ يقول: " وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ " وَأَخْرَجَ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمّىً} قَالَ: هَذَا مِنْ تَقَادِيمِ الْكَلَامِ يَقُولُ: "لَوْلَا كَلِمَةٌ وَأَجَلٌ مُسَمًّى لَكَانَ لِزَامًا" وَأَخْرَجَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّماً} قَالَ: هَذَا مِنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ "أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا " وَأَخْرَجَ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} قَالَ: هَذَا مِنَ الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ أَيْ " رَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُتَوَفِّيكَ "

ص: 38

وَأَخْرَجَ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} قَالَ: هَذَا مِنَ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ يَقُولُ: "لَهُمْ يَوْمَ الْحِسَابِ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا " وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلاً} قَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ مُقَدَّمَةٌ وَمُؤَخَّرَةٌ إِنَّمَا هِيَ" أَذَاعُوا بِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَمْ يَنْجُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ "وَأَخْرَجَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} قَالَ: إِنَّهُمْ إِذَا رَأَوُا اللَّهَ فَقَدْ رَأَوْهُ إِنَّمَا قَالُوا: "جَهْرَةً أَرِنَا اللَّهَ "قَالَ: هُوَ مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: يَعْنِي أَنَّ سُؤَالَهُمْ كَانَ جَهْرَةً وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} قَالَ الْبَغَوِيُّ: هَذِهِ أَوَّلُ الْقِصَّةِ وَإِنْ كَانَ مُؤَخَّرًا فِي التِّلَاوَةِ وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْقَاتِلِ قَبْلَ ذَبْحِ الْبَقَرَةِ وَإِنَّمَا أُخِّرَ فِي الْكَلَامِ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ} الآية عَلِمَ الْمُخَاطَبُونَ أَنَّ الْبَقَرَةَ لَا تُذْبَحُ إِلَّا لِلدَّلَالَةِ عَلَى قَاتِلٍ خَفِيَتْ عَيْنُهُ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ عِلْمُ هَذَا فِي نُفُوسِهِمْ أَتْبَعَ بِقَوْلِهِ: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} فَسَأَلْتُمْ مُوسَى فَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}

وَمِنْهُ: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} وَالْأَصْلُ "هَوَاهُ إِلَهَهُ " لِأَنَّ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ غَيْرُ مَذْمُومٍ فَقَدَّمَ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ لِلْعِنَايَةِ بِهِ

ص: 39

وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} عَلَى تَفْسِيرِ "أَحْوَى" بِالْأَخْضَرِ وَجَعَلَهُ نَعْتًا لِلْمَرْعَى أَيْ أَخْرَجَهُ أَحْوَى وَأُخِّرَ رِعَايَةً لِلْفَاصِلَةِ وَقَوْلُهُ: {وَغَرَابِيبُ سُودٌ} وَالْأَصْلُ "سُودٌ غَرَابِيبُ" لِأَنَّ الْغِرْبِيبَ الشَّدِيدُ السَّوَادِ وَقَوْلُهُ: {فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا} أَيْ فَبَشَّرْنَاهَا فَضَحِكَتْ

وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ} أَيْ لَهَمَّ بِهَا وَعَلَى هَذَا فَالْهَمُّ مَنْفِيٌّ عَنْهُ

الثَّانِي: مَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَقَدْ أَلَّفَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الصَّائِغِ كِتَابَهُ الْمُقَدِّمَةُ فِي سِرِّ الْأَلْفَاظِ الْمُقَدَّمَةِ قَالَ: فِيهِ الْحِكْمَةُ الشَّائِعَةُ الذَّائِعَةُ فِي ذَلِكَ الِاهْتِمَامُ كَمَا قَالَ: سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ كَأَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ الَّذِي بَيَانُهُ أَهَمُّ وَهُمْ بِبَيَانِهِ أَعْنَى

قَالَ: هَذِهِ الْحِكْمَةُ إِجْمَالِيَّةٌ وَأَمَّا تَفَاصِيلُ أَسْبَابِ التَّقْدِيمِ وَأَسْرَارِهِ فَقَدْ ظَهَرَ لِي مِنْهَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ:

الْأَوَّلُ: التَّبَرُّكُ كَتَقْدِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأُمُورِ ذَاتِ الشَّأْنِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} وَقَوْلُهُ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الْآيَةَ.

الثَّانِي: التَّعْظِيمُ كَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} {إِنَّ اللَّهَ

ص: 40

وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ} {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}

الثَّالِثُ: التَّشْرِيفُ كَتَقْدِيمِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى نَحْوَ: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} الْآيَةَ وَالْحُرِّ فِي قَوْلِهِ: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى} وَالْحَيِّ فِي قَوْلِهِ: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} الْآيَةَ: {وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ} وَالْخَيْلِ فِي قَوْلِهِ: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} وَالسَّمْعِ فِي قَوْلِهِ: {وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} وَقَوْلِهِ:: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ} وَقَوْلِهِ: {إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ} حَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ عَنِ النَّقَّاشِ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى تَفْضِيلِ السمع والبصر وَلِذَا وَقَعَ فِي وَصْفِهِ تَعَالَى: {سَمِيعٌ بَصِيرٌ} بِتَقْدِيمِ" السَّمِيعُ" وَمِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى نُوحٍ وَمَنْ مَعَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} الْآيَةَ وَتَقْدِيمُ الرَّسُولِ فِي قَوْلِهِ: {مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ} وَتَقْدِيمُ الْمُهَاجِرِينَ فِي قَوْلِهِ: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ} وَتَقْدِيمُ الْإِنْسِ عَلَى الْجِنِّ حَيْثُ ذُكِرَا فِي الْقُرْآنِ وَتَقْدِيمُ النَّبِيِّينَ ثُمَّ الصِّدِّيقِينَ ثُمَّ الشُّهَدَاءِ ثُمَّ الصَّالِحِينَ فِي آيَةِ النِّسَاءِ وَتَقْدِيمُ إِسْمَاعِيلَ عَلَى إِسْحَاقَ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ بِكَوْنِ

ص: 41

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَلَدِهِ وَأَسَنُّ وَتَقْدِيمُ مُوسَى عَلَى هَارُونَ لِاصْطِفَائِهِ بِالْكَلَامِ وَقَدَّمَ هَارُونَ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ طه رِعَايَةً لِلْفَاصِلَةِ وَتَقْدِيمُ جِبْرِيلَ عَلَى مِيكَائِيلَ فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَتَقْدِيمُ الْعَاقِلِ عَلَى غَيْرِهِ فِي قَوْلِهِ: {مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ} {يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ} . وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْأَنْعَامِ فِي قَوْلِهِ: {تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ} فَلِأَنَّهُ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الزَّرْعِ فَنَاسَبَ تَقْدِيمَ الْأَنْعَامِ بِخِلَافِ آيَةِ "عَبَسَ" فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ فِيهَا: {فَلْيَنْظُرِ الأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} فَنَاسَبَ تَقْدِيمَ" لَكُمُ" وَتَقْدِيمُ"الْمُؤْمِنِينَ"عَلَى "الْكُفَّارِ" فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَأَصْحَابِ الْيَمِينِ عَلَى أَصْحَابِ الشِّمَالِ وَالسَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ وَالشَّمْسِ عَلَى الْقَمَرِ حَيْثُ وَقَعَ إِلَّا فِي قَوْلِهِ: {خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً} فَقِيلَ لِمُرَاعَاةِ الْفَاصِلَةِ وَقِيلَ لِأَنَّ انْتِفَاعَ أَهْلِ السموات الْعَائِدِ عَلَيْهِنَّ الضَّمِيرُ بِهِ أَكْثَرُ

وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: يُقَالُ إِنَّ الْقَمَرَ وَجْهُهُ يُضِيءُ لِأَهْلِ السموات وَظَهْرُهُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فِيهِنَّ} لَمَّا كَانَ أَكْثَرُ نُورِهِ يُضِيءُ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ

وَمِنْهُ تَقْدِيمُ الْغَيْبِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي قَوْلِهِ: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} لِأَنَّ عِلْمَهُ أَشْرَفُ وَأَمَّا: {فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} فأخر فيه رعاية للفاصلة

الرابع: الْمُنَاسَبَةُ وَهِيَ إِمَّا مُنَاسَبَةُ الْمُتَقَدِّمِ لِسِيَاقِ الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ:

ص: 42

{وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} فَإِنَّ الْجَمَالَ بِالْجَمَالِ وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا حَالَتَيِ السَّرَاحِ وَالْإِرَاحَةِ إِلَّا أَنَّهَا حَالَةُ إِرَاحَتِهَا وَهُوَ مَجِيئُهَا مِنَ الْمَرْعَى آخِرَ النَّهَارِ يَكُونُ الْجَمَالُ بِهَا أَفْخَرَ إِذْ هِيَ فِيهِ بِطَانٌ وَحَالَةُ سَرَاحِهَا لِلْمَرْعَى أَوَّلَ النَّهَارِ يَكُونُ الْجَمَالُ بِهَا دُونَ الْأَوَّلِ إِذْ هِيَ فِيهِ خِمَاصٌ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} قدم نفي الإسراف لأن الشرف فِي الْإِنْفَاقِ

وَقَوْلُهُ: {يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً} لِأَنَّ الصَّوَاعِقَ تَقَعُ مَعَ أَوَّلِ بَرْقَةٍ وَلَا يَحْصُلُ الْمَطَرُ إِلَّا بَعْدَ تَوَالِي الْبَرْقَاتِ

وَقَوْلُهُ: {وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} قَدَّمَهَا عَلَى الِابْنِ لَمَّا كَانَ السِّيَاقُ فِي ذِكْرِهَا فِي قَوْلِهِ: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} وَلِذَلِكَ قَدَّمَ الِابْنَ فِي قَوْلِهِ: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} وَحَسَّنَهُ تَقَدُّمُ مُوسَى فِي الْآيَةِ قَبْلَهُ

وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {وَكُلاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} قَدَّمَ الْحُكْمَ وَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ سَابِقًا عَلَيْهِ لِأَنَّ السِّيَاقَ فِيهِ لِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ: {إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ}

وَإِمَّا مُنَاسَبَةُ لَفْظٍ هُوَ مِنَ التَّقَدُّمِ أَوِ التَّأَخُّرِ كَقَوْلِهِ: {الأَوَّلُ وَالآخِرُ} {وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} {بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} {ثُلَّةٌ مِنَ

ص: 43

الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ} {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} {لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ} وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى} فَلِمُرَاعَاةِ الْفَاصِلَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ: {جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ}

الْخَامِسُ: الْحَثُّ عَلَيْهِ وَالْحَضُّ عَلَى الْقِيَامِ بِهِ حَذَرًا مِنَ التَّهَاوُنِ بِهِ كَتَقْدِيمِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الدَّيْنِ فِي قَوْلِهِ: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} مَعَ أَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا شَرْعًا

السَّادِسُ: السَّبْقُ وَهُوَ إِمَّا فِي الزَّمَانِ بِاعْتِبَارِ الْإِيجَادِ بِتَقْدِيمِ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ وَالظُّلُمَاتِ عَلَى النُّورِ وَآدَمَ عَلَى نُوحٍ وَنُوحٍ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمَ عَلَى مُوسَى وَهُوَ عَلَى عِيسَى وَدَاوُدَ عَلَى سُلَيْمَانَ وَالْمَلَائِكَةَ عَلَى الْبَشَرِ فِي قولهك: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ} وَعَادٍ عَلَى ثَمُودَ وَالْأَزْوَاجِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ فِي قَوْلِهِ:: {قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ}

وَالسِّنَةِ عَلَى النَّوْمِ فِي قَوْلِهِ: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} أَوْ بِاعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ كَقَوْلِهِ: {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} {وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالأِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} أَوْ بِاعْتِبَارِ الْوُجُوبِ وَالتَّكْلِيفِ نَحْوَ:: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} الْآيَةَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} وَلِهَذَا قَالَ: صلى الله عليه وسلم "نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ"

ص: 44

أَوْ بِالذَّاتِ نَحْوَ: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَاّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَاّ هُوَ سَادِسُهُمْ} وَكَذَا جَمِيعُ الْأَعْدَادِ كُلُّ مَرْتَبَةٍ هِيَ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى مَا فَوْقَهَا بِالذَّاتِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ:{أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى} فَلِلْحَثِّ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَالِاجْتِمَاعِ عَلَى الْخَيْرِ

السَّابِعُ: السَّبَبِيَّةُ كَتَقْدِيمِ الْعَزِيزِ عَلَى الْحَكِيمِ لِأَنَّهُ عَزَّ فَحَكَمَ وَالْعَلِيمِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْإِحْكَامَ وَالْإِتْقَانَ نَاشِئٌ عَنِ الْعِلْمِ وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْحَكِيمِ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ فَلِأَنَّهُ مَقَامُ تَشْرِيعِ الْأَحْكَامِ

وَمِنْهُ تَقْدِيمُ الْعِبَادَةِ عَلَى الِاسْتِعَانَةِ فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّهَا سَبَبُ حُصُولِ الْإِعَانَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ: {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} لِأَنَّ التَّوْبَةَ سَبَبُ الطَّهَارَةِ: {لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} لِأَنَّ الْإِفْكَ سَبَبُ الْإِثْمِ: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} لِأَنَّ الْبَصَرَ دَاعِيَةٌ إِلَى الْفَرْجِ

الثَّامِنُ: الْكَثْرَةُ كَقَوْلِهِ: {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} لِأَنَّ الْكُفَّارَ أَكْثَرُ: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} الْآيَةَ قَدَّمَ الظَّالِمَ لِكَثْرَتِهِ ثُمَّ الْمُقْتَصِدَ ثُمَّ السَّابِقَ وَلِهَذَا قَدَّمَ السَّارِقَ عَلَى السَّارِقَةِ لِأَنَّ السَّرِقَةَ فِي الذُّكُورِ أَكْثَرُ وَالزَّانِيَةَ عَلَى الزَّانِي لِأَنَّ الزِّنَى فِيهِنَّ أَكْثَرُ

وَمِنْهُ تَقْدِيمُ الرَّحْمَةِ عَلَى الْعَذَابِ حَيْثُ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ غَالِبًا وَلِهَذَا وَرَدَ: "إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي" وَقَوْلُهُ: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} قَالَ:

ص: 45

ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ إِنَّمَا قَدَّمَ الْأَزْوَاجَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِخْبَارُ أَنَّ فِيهِمْ أَعْدَاءً وَوُقُوعُ ذَلِكَ فِي الْأَزْوَاجِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْأَوْلَادِ وَكَانَ أَقْعَدَ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ فَقُدِّمَ وَلِذَلِكَ قُدِّمَتِ الْأَمْوَالُ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} لِأَنَّ الْأَمْوَالَ لَا تَكَادُ تُفَارِقُهَا الْفِتْنَةُ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} وَلَيْسَتِ الْأَوْلَادُ فِي اسْتِلْزَامِ الْفِتْنَةِ مِثْلَهَا فَكَانَ تَقْدِيمُهَا أَوْلَى

التَّاسِعُ: التَّرَقِّي مِنَ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى كَقَوْلِهِ: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا} الْآيَةَ بَدَأَ بِالْأَدْنَى لِغَرَضِ التَّرَقِّي لِأَنَّ الْيَدَ أَشْرَفُ مِنَ الرِّجْلِ وَالْعَيْنَ أَشْرَفُ مِنَ الْيَدِ وَالسَّمْعَ أَشْرَفُ مِنَ الْبَصَرِ وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ تَأْخِيرُ الْأَبْلَغِ وَقَدْ خُرِّجَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الرَّحْمَنِ عَلَى الرَّحِيمِ وَالرَّءُوفِ عَلَى الرَّحِيمِ وَالرَّسُولِ عَلَى النَّبِيِّ فِي قَوْلِهِ: {وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً} وَذُكِرَ لِذَلِكَ نُكَتٌ أَشْهَرُهَا مُرَاعَاةُ الْفَاصِلَةِ

الْعَاشِرُ: التَّدَلِّي مِنَ الْأَعْلَى إِلَى الْأَدْنَى وَخُرِّجَ عَلَيْهِ: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} {لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً} {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ}

هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّائِغِ وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَسْبَابًا أُخَرَ مِنْهَا كَوْنُهُ أَدَلَّ عَلَى الْقُدْرَةِ وَأَعْجَبَ كَقَوْلِهِ: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ}

ص: 46

الْآيَةَ وَقَوْلِهِ: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ} قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: قَدَّمَ الْجِبَالَ عَلَى الطَّيْرِ لِأَنَّ تَسْخِيرَهَا لَهُ وَتَسْبِيحَهَا أَعْجَبُ وَأَدَلُّ عَلَى الْقُدْرَةِ وَأَدْخَلُ فِي الْإِعْجَازِ لِأَنَّهَا جَمَادٌ وَالطَّيْرَ حَيَوَانٌ نَاطِقٍ وَمِنْهَا رِعَايَةُ الْفَوَاصِلِ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ

وَمِنْهَا إِفَادَةُ الْحَصْرِ لِلِاخْتِصَاصِ وَسَيَأْتِي فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ وَالْخَمْسِينَ.

تَنْبِيهٌ

قَدْ يُقَدَّمُ لَفْظٌ فِي مَوْضِعٍ وَيُؤَخَّرُ فِي آخَرَ وَنُكْتَةُ ذَلِكَ إِمَّا لِكَوْنِ السِّيَاقِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَقْتَضِي مَا وَقَعَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ وَإِمَّا لِقَصْدِ الْبَدَاءَةِ وَالْخَتْمِ بِهِ لِلِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ} الْآيَاتِ وَإِمَّا لِقَصْدِ التَّفَنُّنِ فِي الْفَصَاحَةِ وَإِخْرَاجِ الْكَلَامِ عَلَى عِدَّةِ أَسَالِيبَ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ} وَقَوْلِهِ: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً} وَقَوْلِهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ} وَقَالَ: فِي الْأَنْعَامِ {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ} .

ص: 47