المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الخمسون: في منطوقه ومفهومه - الإتقان في علوم القرآن - جـ ٣

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي الْمُحْكَمِ والمتشابه

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي مُقَدَّمِهِ وَمُؤَخَّرِهِ

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي عَامِّهِ وَخَاصِّهِ

- ‌النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي مُجْمَلِهِ وَمُبَيَّنِهِ

- ‌النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي مُشْكِلِهِ وَمُوهِمِ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَاقُضِ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: فِي مُطْلَقِهِ وَمُقَيَّدِهِ

- ‌النَّوْعُ الْخَمْسُونَ: فِي مَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ

- ‌النوع الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: فِي وُجُوهِ مُخَاطَبَاتِهِ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ: فِي تَشْبِيهِهِ وَاسْتِعَارَاتِهِ

- ‌النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: فِي كِنَايَاتِهِ وَتَعْرِيضِهِ

- ‌النَّوْعُ الْخَامِسُ وَالْخَمْسُونَ: فِي الْحَصْرِ والاختصاص

- ‌النَّوْعُ السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ: فِي الْإِيجَازِ وَالْإِطْنَابِ

- ‌النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ: فِي الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ

- ‌النَّوْعُ الثَّامِنُ وَالْخَمْسُونَ: فِي بَدَائِعِ الْقُرْآنِ

- ‌النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ: فِي فَوَاصِلِ الْآيِ

- ‌النَّوْعُ السِّتُّونَ: فِي فَوَاتِحِ السُّوَرِ

- ‌النَّوْعُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: فِي خَوَاتِمِ السُّوَرِ

- ‌النَّوْعُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: فِي مُنَاسَبَةُ الْآيَاتِ وَالسُّوَرِ

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ: فِي الْآيَاتِ الْمُشْتَبِهَاتِ

الفصل: ‌النوع الخمسون: في منطوقه ومفهومه

‌النَّوْعُ الْخَمْسُونَ: فِي مَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ

الْمَنْطُوقُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ فَإِنْ أَفَادَ مَعْنًى لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ فَالنَّصُّ نَحْوَ: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} وَقَدْ نُقِلَ عَنْ قَوْمٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا بِنُدُورِ النَّصِّ جِدًّا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَدْ بَالَغَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ قَالَ: لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ النَّصِّ الِاسْتِقْلَالُ بِإِفَادَةِ الْمَعْنَى عَلَى قَطْعٍ مَعَ انْحِسَامِ جِهَاتِ التَّأْوِيلِ وَالِاحْتِمَالِ وَهَذَا وَإِنْ عَزَّ حُصُولُهُ بِوَضْعِ الصِّيَغِ رَدًّا إِلَى اللُّغَةِ فَمَا أَكْثَرَهُ مَعَ الْقَرَائِنِ الْحَالِيَّةِ وَالْمَقَالِيَّةِ انْتَهَى

أَوْ مَعَ احْتِمَالِ غَيْرِهِ احْتِمَالًا مَرْجُوحًا فَالظَّاهِرُ نَحْوُ: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} فَإِنَّ الْبَاغِيَ يُطْلَقُ عَلَى الْجَاهِلِ وَعَلَى الظَّالِمِ وَهُوَ فِيهِ أَظْهَرُ وَأَغْلَبُ وَنَحْوُ: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} فإنه يقال للإقطاع طُهْرٌ وَلِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَهُوَ فِي الثَّانِي أَظْهَرُ

فإن حُمِلَ عَلَى الْمَرْجُوحِ لِدَلِيلٍ فَهُوَ تَأْوِيلٌ وَيُسَمَّى الْمَرْجُوحُ الْمَحْمُولُ عَلَيْهِ مُؤَوَّلًا كَقَوْلِهِ {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ حَمْلُ

ص: 104

الْمَعِيَّةَ عَلَى الْقُرْبِ بِالذَّاتِ فَتَعَيَّنَ صَرْفُهُ عَنْ ذَلِكَ وَحَمْلُهُ عَلَى الْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ أَوْ عَلَى الْحِفْظِ وَالرِّعَايَةِ

وَكَقَوْلِهِ: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ حَمْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ لِلْإِنْسَانِ أَجْنِحَةٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْخُضُوعِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ وَقَدْ يَكُونُ مُشْتَرِكًا بَيْنَ حَقِيقَتَيْنِ أَوْ حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ وَيَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا سَوَاءٌ قُلْنَا بِجَوَازِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَيَيْهِ أَوْ لَا وَوَجْهُهُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ قَدْ خُوطِبَ بِهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً أُرِيدَ هَذَا وَمَرَّةً أُرِيدَ هَذَا

وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ: لَا يُضَارِرُ الْكَاتِبُ وَالشَّهِيدُ صَاحِبَ الْحَقِّ بِجَوْرٍ فِي الكتابة والشهادة و" لا يُضَارَرُ" بِالْفَتْحِ أَيْ لَا يَضُرُّهُمَا صَاحِبُ الْحَقِّ بإلزامهما مالا يَلْزَمُهُمَا وَإِجْبَارِهِمَا عَلَى الْكِتَابَةِ وَالشَّهَادَةِ

ثُمَّ إِنْ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى إِضْمَارٍ سُمِّيَتْ دَلَالَةَ اقتضاء نحو: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أَيْ أَهْلَهَا وَإِنْ لَمْ تَتَوَقَّفْ وَدَلَّ اللَّفْظُ عَلَى مَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ سُمِّيَتْ دَلَالَةَ إِشَارَةٍ كَدَلَالَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} عَلَى صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا إِذْ إِبَاحَةُ الْجِمَاعِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ تَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ جُنُبًا فِي جُزْءٍ مِنَ النَّهَارِ وَقَدْ حُكِيَ هَذَا الِاسْتِنْبَاطُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ

ص: 105

فصل

وَالْمَفْهُومُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ لَا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ وَهُوَ قِسْمَانِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَمَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ

فَالْأَوَّلُ: مَا يُوَافِقُ حُكْمُهُ الْمَنْطُوقَ فَإِنْ كَانَ أَوْلَى سُمِّي فَحْوَى الْخِطَابِ كَدَلَالَةِ {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} عَلَى تَحْرِيمِ الضَّرْبِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا سُمِّي لَحْنَ الْخِطَابِ أَيْ مَعْنَاهُ كَدَلَالَةِ {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً} عَلَى تَحْرِيمِ الْإِحْرَاقِ لِأَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْأَكْلِ فِي الْإِتْلَافِ وَاخْتُلِفَ هَلْ دَلَالَةُ ذَلِكَ قِيَاسِيَّةٌ أَوْ لَفْظِيَّةٌ مَجَازِيَّةٌ أَوْ حَقِيقِيَّةٌ عَلَى أَقْوَالٍ بَيَّنَّاهَا فِي كُتُبِنَا الْأُصُولِيَّةِ

وَالثَّانِي: مَا يُخَالِفُ حُكْمُهُ الْمَنْطُوقَ وَهُوَ أَنْوَاعٌ:

مَفْهُومُ صِفَةٍ نَعْتًا كَانَ أَوْ حَالًا أَوْ ظَرْفًا أَوْ عَدَدًا نَحْوُ: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْفَاسِقِ لَا يَجِبُ التَّبَيُّنُ فِي خَبَرِهِ فَيَجِبُ قَبُولُ خَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ

{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} أَيْ فَلَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِهِ فِي غَيْرِهَا {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} أَيْ فَالذِّكْرُ عِنْدَ غَيْرِهِ لَيْسَ مُحَصِّلًا لِلْمَطْلُوبِ {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} أي لا أقل ولا أكثرو

شرط نَحْوُ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} أَيْ فَغَيْرُ أُولَاتِ الْحَمْلِ لَا يَجِبُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِنَّ

ص: 106

وَغَايَةٍ نَحْوُ: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} أَيْ فَإِذَا نَكَحَتْهُ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ بِشَرْطِهِ

وَحَصْرٍ نَحْوُ: {لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ} {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ} أَيْ فَغَيْرُهُ لَيْسَ بِإِلَهٍ {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} أَيْ فَغَيْرُهُ لَيْسَ بِوَلِيٍّ {لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} أَيْ لَا إِلَى غَيْرِهِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أَيْ لَا غَيْرَكَ

وَاخْتُلِفَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهَذِهِ الْمَفَاهِيمِ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ وَالْأَصَحُّ فِي الْجُمْلَةِ أَنَّهَا كلها حجة بشروط:

منها ألا يَكُونَ الْمَذْكُورُ "خَرَجَ لِلْغَالِبِ" وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَعْتَبِرِ الْأَكْثَرُونَ مَفْهُومَ قَوْلِهِ:

{وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} فَإِنَّ الْغَالِبَ كَوْنُ الرَّبَائِبِ فِي حُجُورِ الْأَزْوَاجِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا خُصَّ بِالذِّكْرِ لِغَلَبَةِ حضوره في الذهن

وألا يَكُونُ مُوَافِقًا لِلْوَاقِعِ وَمِنْ ثَمَّ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} وَقَوْلِهِ: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} وَقَوْلِهِ: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} وَالِاطِّلَاعُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ فَوَائِدَ مَعْرِفَةِ أَسْبَابِ النُّزُولِ.

ص: 107

فَائِدَةٌ

قَالَ بَعْضُهُمُ الْأَلْفَاظُ إِمَّا أَنْ تَدُلَّ بِمَنْطُوقِهَا أَوْ بِفَحْوَاهَا أَوْ بِاقْتِضَائِهَا وَضَرُورَتِهَا أَوْ بِمَعْقُولِهَا الْمُسْتَنْبَطِ مِنْهَا حَكَاهُ ابْنُ الْحَصَّارِ وَقَالَ هَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ قُلْتُ فَالْأَوَّلُ دَلَالَةُ الْمَنْطُوقِ وَالثَّانِي دَلَالَةُ الْمَفْهُومِ وَالثَّالِثُ دَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ وَالرَّابِعُ دَلَالَةُ الْإِشَارَةِ.

ص: 108