الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
سُورَةُ الْحَدِيدِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ.
يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ عَالٍ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ [57] ، يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ تَعَالَى مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا قَالَ بِلَا كَيْفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ، اسْتِوَاءً لَائِقًا بِكَمَالِهِ وَجَلَالِهِ، وَجَمِيعُ الْخَلَائِقِ فِي يَدِهِ أَصْغَرُ مِنْ حَبَّةِ خَرْدَلٍ، فَهُوَ مَعَ جَمِيعِهِمْ بِالْإِحَاطَةِ الْكَامِلَةِ وَالْعِلْمِ التَّامِّ، وَنُفُوذِ الْقُدْرَةِ سبحانه وتعالى عُلُوًّا كَبِيرًا، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ عُلُوِّهِ عَلَى عَرْشِهِ وَمَعِيَّتِهِ لِجَمِيعِ الْخَلَائِقِ.
أَلَا تَرَى وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى أَنَّ أَحَدَنَا لَوْ جَعَلَ فِي يَدِهِ حَبَّةً مِنْ خَرْدَلٍ أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي شَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ تِلْكَ الْحَبَّةِ مَعَ أَنَّهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَمَعَ جَمِيعِ أَجْزَائِهَا، وَالسَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِمَا فِي يَدِهِ تَعَالَى أَصْغَرُ مِنْ حَبَّةِ خَرْدَلٍ فِي يَدِ أَحَدِنَا، وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى سبحانه وتعالى عُلُوًا كَبِيرًا، فَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْوَاحِدِ مِنَّا مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ بَلْ مِنْ حَبْلِ وَرِيدِهِ، مَعَ أَنَّهُ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِ خَلْقِهِ، جَلَّ وَعَلَا.