المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌سُورَةُ الشَّمْسِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. يَدُلُّ عَلَى - دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

[محمد الأمين الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌سُورَةُ الْبَقَرَةِ

- ‌سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ

- ‌سُورَةُ النِّسَاءِ

- ‌سُورَةُ الْمَائِدَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَنْعَامِ

- ‌سُورَةُ الْأَعْرَافِ

- ‌سُورَةُ الْأَنْفَالِ

- ‌سُورَةُ بَرَاءَةٌ

- ‌سُورَةُ يُونُسَ

- ‌سُورَةُ هُودٍ

- ‌سُورَةُ يُوسُفَ

- ‌سُورَةُ الرَّعْدِ

- ‌سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ

- ‌سُورَةُ الْحِجْرِ

- ‌سُورَةُ النَّحْلِ

- ‌سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌سُورَةُ الْكَهْفِ

- ‌سُورَةُ مَرْيَمَ

- ‌سُورَةُ طه

- ‌سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ

- ‌سُورَةُ الْحَجِّ

- ‌سُورَةُ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ

- ‌سُورَةُ النُّورِ

- ‌سُورَةُ الْفُرْقَانِ

- ‌سُورَةُ الشُّعَرَاءِ

- ‌سُورَةُ النَّمْلِ

- ‌سُورَةُ الْقَصَصِ

- ‌سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ

- ‌سُورَةُ الرُّومِ

- ‌سُورَةُ لُقْمَانَ

- ‌سُورَةُ السَّجْدَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌سُورَةُ سَبَأٍ

- ‌سُورَةُ فَاطِرٍ

- ‌سُورَةُ يس

- ‌سُورَةُ الصَّافَّاتِ

- ‌سُورَةُ ص

- ‌سُورَةُ الزُّمَرِ

- ‌سُورَةُ غَافِرٍ

- ‌سُورَةُ فُصِّلَتْ

- ‌سُورَةُ الشُّورَى

- ‌سُورَةُ الزُّخْرُفِ

- ‌سُورَةُ الدُّخَانِ

- ‌سُورَةُ الْجَاثِيَةِ

- ‌سُورَةُ الْأَحْقَافِ

- ‌سُورَةُ الْقِتَالِ

- ‌سُورَةُ الْفَتْحِ

- ‌سُورَةُ الْحُجُرَاتِ

- ‌سُورَةُ ق

- ‌سُورَةُ الذَّارِيَاتِ

- ‌سُورَةُ الطُّورِ

- ‌سُورَةُ النَّجْمِ

- ‌سُورَةُ الْقَمَرِ

- ‌سُورَةُ الرَّحْمَنِ

- ‌سُورَةُ الْوَاقِعَةِ

- ‌سُورَةُ الْحَدِيدِ

- ‌سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ

- ‌سُورَةُ الْحَشْرِ

- ‌سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةِ

- ‌سُورَةُ الصَّفِّ

- ‌سُورَةُ الْجُمُعَةِ

- ‌سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ

- ‌سُورَةُ التَّغَابُنِ

- ‌سُورَةُ الطَّلَاقِ

- ‌سُورَةُ التَّحْرِيمِ

- ‌سُورَةُ الْمُلْكِ

- ‌سُورَةُ الْقَلَمِ

- ‌سُورَةُ الْحَاقَّةِ

- ‌سُورَةُ سَأَلَ سَائِلٌ

- ‌سُورَةُ نُوحٍ

- ‌سُورَةُ الْجِنِّ

- ‌سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ

- ‌سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ

- ‌سُورَةُ الْقِيَامَةِ

- ‌سُورَةُ الْإِنْسَانِ

- ‌سُورَةُ الْمُرْسَلَاتِ

- ‌سُورَةُ النَّبَأِ

- ‌سُورَةُ النَّازِعَاتِ

- ‌سُورَةُ عَبَسَ

- ‌سُورَةُ التَّكْوِيرِ

- ‌سُورَةُ الِانْفِطَارِ

- ‌سُورَةُ التَّطْفِيفِ

- ‌سُورَةُ الِانْشِقَاقِ

- ‌سُورَةُ الْبُرُوجِ

- ‌سُورَةُ الطَّارِقِ

- ‌سُورَةُ الْأَعْلَى

- ‌سُورَةُ الْغَاشِيَةِ

- ‌سُورَةُ الْفَجْرَ

- ‌سُورَةُ الْبَلَدِ

- ‌سُورَةُ الشَّمْسِ

- ‌سُورَةُ اللَّيْلِ

- ‌سُورَةُ الضُّحَى

- ‌سُورَةُ التِّينِ

- ‌سُورَةُ الْعَلَقِ

- ‌سُورَةُ الْقَدْرِ

- ‌سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ

- ‌سُورَةُ الْعَادِيَاتِ

- ‌سُورَةُ الْقَارِعَةِ

- ‌سُورَةُ الْعَصْرِ

- ‌سُورَةُ الْمَاعُونِ

- ‌سُورَةُ الْكَافِرُونَ

- ‌سُورَةُ النَّاسِ

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌سُورَةُ الشَّمْسِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. يَدُلُّ عَلَى

بسم الله الرحمن الرحيم

‌سُورَةُ الشَّمْسِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا.

يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يَجْعَلُ الْفُجُورَ وَالتَّقْوَى فِي الْقَلْبِ، وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ فُجُورَ الْعَبْدِ وَتَقْوَاهُ بِاخْتِيَارِهِ وَمَشِيئَتِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى [41 \ 17] .

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى [2 \ 16] ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي ضَلَّ فِيهَا الْقَدَرِيَّةُ وَالْجَبْرِيَّةُ.

أَمَّا الْقَدَرِيَّةُ فَضَّلُوا بِالتَّفْرِيطِ حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ عَمَلَ نَفْسِهِ اسْتِقْلَالًا مِنْ غَيْرِ تَأْثِيرٍ لِقُدْرَةِ اللَّهِ فِيهِ.

وَأَمَّا الْجَبْرِيَّةُ فَضَّلُوا بِالْإِفْرَاطِ حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ الْعَبْدَ لَا عَمَلَ لَهُ أَصْلًا حَتَّى يُؤَاخَذَ بِهِ.

وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَلَمْ يُفْرِطُوا وَلَمْ يُفَرِّطُوا، فَأَثْبَتُوا لِلْعَبْدِ أَفْعَالًا اخْتِيَارِيَّةً، وَمِنَ الضَّرُورِيِّ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُقَلَاءِ أَنَّ الْحَرَكَةَ الِاتِّعَاشِيَّةَ لَيْسَتْ كَالْحَرَكَةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَأَثْبَتُوا أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَهُوَ خَالِقُ الْعَبْدِ وَخَالِقُ قُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَتَأْثِيرُ قُدْرَةِ الْعَبْدِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى.

فَالْعَبْدُ وَجَمِيعُ أَفْعَالِهِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ مَعَ أَنَّ الْعَبْدَ يَفْعَلُ اخْتِيَارًا بِالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ اللَّتَيْنِ خَلَقَهُمَا اللَّهُ فِيهِ فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا يُثَابُ عَلَيْهِ وَيُعَاقَبُ.

وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ جَبْرِيًّا نَاظَرَ سُنِّيًّا فَقَالَ الْجَبْرِيُّ: حُجَّتِي لِرَبِّي أَنْ أَقُولَ إِنِّي لَسْتُ مُسْتَقِلًّا بِعَمَلٍ، وَإِنِّي لَا بُدَّ أَنْ تَنْفُذَ فِيَّ مَشِيئَتُهُ وَإِرَادَتُهُ عَلَى وَفْقِ الْعِلْمِ الْأَزَلِيِّ، فَأَنَا مَجْبُورٌ، فَكَيْفَ يُعَاقِبُنِي عَلَى أَمْرٍ لَا قُدْرَةَ لِي أَنْ أَحِيدَ عَنْهُ؟

ص: 270

فَإِنَّ السُّنِّيَّ يَقُولُ لَهُ: كُلُّ الْأَسْبَابِ الَّتِي أَعْطَاهَا لِلْمُهْتَدِينَ أَعْطَاهَا لَكَ، جَعَلَ لَكَ سَمْعًا تَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرًا تُبْصِرُ بِهِ، وَعَقْلًا تَعْقِلُ بِهِ،

وَأَرْسَلَ لَكَ رَسُولًا، وَجَعَلَ لَكَ اخْتِيَارًا وَقُدْرَةً، وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا التَّوْفِيقُ وَهُوَ مِلْكُهُ الْمَحْضُ، إِنْ أُعْطَاهُ فَفَضْلٌ، وَإِنْ مَنَعَهُ فَعَدْلٌ.

كَمَا أَشَارَ لَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [6 \ 149] ، يَعْنِي أَنَّ مِلْكَهُ لِلتَّوْفِيقِ حُجَّةٌ بَالِغَةٌ عَلَى الْخَلْقِ، فَمَنْ أُعْطِيَهُ فَفَضْلٌ، وَمَنْ مُنِعَهُ فَعَدْلٌ.

وَلَمَّا تَنَاظَرَ أَبُو إِسْحَاقَ الِاسْفَرَائِينِيُّ مَعَ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمُعْتَزِلِيِّ، قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: سُبْحَانَ مَنْ تَنَزَّهَ عَنِ الْفَحْشَاءِ، وَقَصْدُهُ أَنَّ الْمَعَاصِيَ كَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَى بِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ دُونَ مَشِيئَةِ اللَّهِ، لِأَنَّ اللَّهَ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يَشَاءَ الْقَبَائِحَ فِي زَعْمِهِمْ.

فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ مَنْ لَا يَقَعُ فِي مُلْكِهِ إِلَّا مَا يَشَاءُ.

فَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: أَتَرَاهُ يَخْلُقُهُ وَيُعَاقِبُنِي عَلَيْهِ؟

فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَتَرَاكَ تَفْعَلُهُ جَبْرًا عَلَيْهِ؟ أَأَنْتَ الرَّبُّ وَهُوَ الْعَبْدُ؟

فَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَانِي إِلَى الْهُدَى وَقَضَى عَلَيَّ بِالرَّدَى أَتَرَاهُ أَحْسَنَ إِلَيَّ أَمْ أَسَاءَ؟

فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: إِنْ كَانَ الَّذِي مَنَعَكَ مِنْهُ مِلْكًا لَكَ فَقَدْ أَسَاءَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فَإِنْ أَعْطَاكَ فَفَضْلٌ، وَإِنْ مَنَعَكَ فَعَدْلٌ. فَبُهِتَ عَبْدُ الْجَبَّارِ، وَقَالَ الْحَاضِرُونَ: وَاللَّهِ مَا لِهَذَا جَوَابٌ.

وَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَقَالَ لَهُ: ادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يَرُدَّ عَلَيَّ حِمَارَةً سُرِقَتْ مِنِّي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ حِمَارَتَهُ سُرِقَتْ وَلَمْ تُرِدْ سَرِقَتَهَا فَارْدُدْهَا عَلَيْهِ،

ص: 271

فَقَالَ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ: يَا هَذَا كُفَّ عَنِّي دُعَائَكَ الْخَبِيثَ، إِنْ كَانَتْ سُرِقَتْ وَلَمْ يُرِدْ سَرِقَتَهَا فَقَدْ يُرِيدُ رَدَّهَا وَلَا تُرَدُّ.

وَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ إِشْكَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [76] ، فَأَثْبَتَ لِلْعَبْدِ مَشِيئَةً، وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا مَشِيئَةَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، فَكُلُّ شَيْءٍ صَادِرٌ عَنْ قُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ جَلَّ وَعَلَا.

وَقَوْلِهِ: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ.

وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ فَسَّرَ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ بِأَنَّ مَعْنَى: فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا أَنَّهُ بَيَّنَ لَهَا طَرِيقَ الْخَيْرِ وَطَرِيقَ الشَّرِّ، فَلَا إِشْكَالَ فِي الْآيَةِ: وَبِهَذَا الْمَعْنَى فَسَّرَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

ص: 272