الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعْلِيقٌ عَلَى قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: يَحْتَمِلُ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَقَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ اللُّوطِيَّ يُرْجَمُ أُحْصِنَ أَوْ لَمْ يُحْصَنْ سُنَّةً مَاضِيَةً ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ ، وَلَمْ يَقُلْ مُحْصَنًا ، وَلَا غَيْرَ مُحْصَنٍ
، فَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ يُقْتَلُ ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أَحْرَقَهُمْ بِالنَّارِ ، بَعْدَ مُشَاوَرَتِهِ لِلصَّحَابَةِ ، وَمَا أَشَارَ بِهِ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه ، وَلَمْ يَقُلْ مُحْصَنًا وَلَا غَيْرَ مُحْصَنٍ ، فَإِنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه رَجَمَ اللُّوطِيَّ ، وَلَمْ يَقُلْ: مُحْصَنًا وَلَا غَيْرَ مُحْصَنٍ ، وَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: يُرْجَمُ اللُّوطِيُّ ثَيِّبًا كَانَ أَوْ بِكْرًا ، وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوهُ ، فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ الزُّهْرِيُّ سُنَّةً مَاضِيَةً ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ: أَنَّ اللُّوطِيَّ يُرْجَمُ أُحْصِنَ أَوْ لَمْ يُحْصَنْ ، مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ
الرَّدُّ عَلَى مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُحْصَنِ وَغَيْرِهِ
51 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ الْكَوْسَجُ ، قَالَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ يَعْنِي ابْنَ حَنْبَلَ: اللُّوطِيُّ أُحْصِنَ أَوْ لَمْ
⦗ص: 71⦘
يُحْصَنْ؟ قَالَ: يُرْجَمُ أُحْصِنَ أَوْ لَمْ يُحْصَنْ. قَالَ إِسْحَاقُ يَعْنِي ابْنَ رَاهَوَيْهِ: كَمَا قَالَ وَالسُّنَّةُ فِي الَّذِي يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ أَنْ يُرْجَمَ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوهُ. رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ ، ثُمَّ أَفْتَى ابْنُ عَبَّاسٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ أَنَّهُ يُرْجَمُ وَإِنْ كَانَ بِكْرًا ، فَحَكَمَ فِي ذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ اللُّوطِيَّ يُرْجَمُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحْصَنًا وَلَا غَيْرَ مُحْصَنٍ ، وَكَذَا فَعَلَ اللَّهُ عز وجل بِقَوْمِ لُوطٍ ، وَكَذَا يُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه أَنَّهُ حَرَّقَهُمْ بِالنَّارِ
52 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُسْلِمٍ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى الْبَلْخِيُّ عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ الرَّجُلِ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ؟ فَقَالَ: عَلَيْهِ الرَّجْمُ أُحْصِنَ أَوْ لَمْ يُحْصَنْ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: إِذَا شَهِدَ عَلَى الْفَاعِلَ
⦗ص: 72⦘
وَالْمَفْعُولِ بِهِ أَرْبَعَةٌ رُجِمَا ، وَلَا يُرْجَمَانِ حَتَّى يَرَوْا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ ، أُحْصِنَا أَوْ لَمْ يُحْصَنَا ، إِذَا كَانَا قَدْ بَلَغَا الْحُكْمَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكُلُّ مَنْ أَتَى غُلَامًا أَوْ رَجُلًا فَهُوَ لُوطِيٌّ ، يُوجَبُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ ، فَإِنِّي أَقُولُ: إِنَّمَا اللُّوطِيُّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّجْمُ ، هُوَ الَّذِي يَأْتِيهِ فِي الدُّبُرِ ، فَإِنْ أَتَاهُ فِي غَيْرِ الدُّبُرِ فَهَذَا مِنَ الْفُسَّاقِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعَاقِبَهُمَا الْعُقُوبَةَ الشَّدِيدَةَ ، وَيُنَكِّلَ بِهِمَا إِذَا كَانَا بَالِغَيْنِ ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَالِغًا ، وَالْآخَرُ غَيْرَ بَالِغٍ ، ضُرِبَ الْبَالِغُ الضَّرْبَ الشَّدِيدَ ، وَكَانَ مِثْلُهُ لَا يُصَلَّى خَلْفَهُ ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ، وَلَا يُؤْتَمَنُ عَلَى أَمَانَةٍ ، وَلَا يُجَالَسُ وَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتُوبَ ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ زُجِرَ عَنْ ذَلِكَ ، وَقِيلَ لَهُ: هَذَا لَا يَحِلُّ ، وَنُهِيَ عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا أَدَّبَهُ الْإِمَامُ ، وَتَوَعَّدَهُ بِعَظِيمٍ مِنَ الْعِقَابِ ، إِنْ هُوَ عَاوَدَ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ ، وَنَهَاهُ عَنْ صُحْبَةِ الْفُسَّاقِ الَّذِينَ يَمِيلُونَ إِلَى مُبَاشَرَةِ الْغِلْمَانِ ، وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْهَى الْغِلْمَانَ أَنْ يُظْهِرُوا زِيَّ الْفُسَّاقِ ، وَلَا يَصْحَبُوا أَحَدًا مِمَّنْ يُشَارُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِلْغِلْمَانِ، وَكَذَا يَجِبُ عَلَى الْآبَاءِ أَنْ يَنْهُوا أَوْلَادَهُمْ عَنْ زِيِّ الْفُسَّاقِ ، وَعَنْ صُحْبَةِ الْفُسَّاقِ ، وَكَذَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُدْفَعَ عَنْ مُجَالَسَةِ الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ ، خَوْفًا عَلَى دِينِهِ وَسَأُبَيِّنُ فِي كِتَابِ غَضُّ الطَّرْفِ بَابَ مَنْ كَرِهَ النَّظَرَ إِلَى الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ ، وَمَنْ كَرِهَ مُجَالَسَتَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ