الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة الأولى
في العرب والعربية
إجمال عن العرب قبل الإسلام
بلادهم ومواقعها
جزيرة العرب واقعة في الجنوب الغربي من آسيا، ويحيط بها البحر الأحمر وصحراء التيه المتصلة بترعة (السويس) من غربها والخليج الفارسي من شرقها وبحر عمان الذي هو قسم من بحر (الهند) من جنوبها والصحارى الممتدة بين بلاد الشام والفرات من شمالها.
ومساحتها 1.100.000 ميل مربع. أو 3.156.558 كيلو مترا مربعا. أو 126.000 فرسخ مربع. وقد عملنا حسابها بالميل والكيلو متر والفرسخ فجاء الحساب متقاربا.
ونفوسها اثنا عشر مليونا، وقيل عشرة ملايين.
وهي اليوم تقسم إلى ثمانية أقسام: القسم الأول: الحجاز وهو الواقع في الجنوب الشرقي من أرض (طور سيناء) على ساحل البحر الأحمر، وسمي حجازاً لأنه حاجز بين تهامة ونجد، وتهامة محصورة بين الحجاز واليمن. و (مكة المكرمة) و (المدينة المنورة) من هذا القسم. وفي وسط (مكة) مسجدها الجامع المسمى بالحرم والكعبة، في وسطه، وبجانبها الحجر الأسود، و (مكة) هي البلد الذي ولد فيه الرسول ونشأ وفيه أكرم بالنبوة، وتسمى أيضا (بكة) وقيل: إن (بكة) هو بطن مكة، وسمي بهذا لازدحام الناس فيه، لأنه يقال: بكه إذا زحمه، وتسمى (أم القرى) وكانت تسمى في القديم (الباس والباسة والبساسة) - وأما المدينة المنورة فكانت تسمى (يثرب) وهي دار هجرة الرسول وقطب نصرته وفيها قبره الطاهر.
ولكل من (مكة والمدينة) حرم له حدود مذكورة في كتب الفقه.
وأرض (تهامة) تحسب اليوم من الحجاز.
القسم الثاني: اليمن، وهو الواقع في جنوب الحجاز، وفي شماله بلاد (عسير) وفيه عدة مدن مشهورة بتجارة البن وهي (مخا وحديدة وعدن) . وفيه مدينة سبأ (مأرب) وصنعاء. وسميت اليمن بهذا الاسم لوقوعها عن يمين الكعبة إذا استقبلت المشرق كما أن بلاد الشام عن شمالها.
القسم الثالث: حضرموت، في شرق (اليمن) وعلى ساحل (بحر الهند) ومنه يخرج العود ذو الرائحة الزكية المعروف بالقاقلى.
القسم الرابع: إقليم مهرة في شرق (حضرموت) .
القسم الخامس: عمان، المتصل بالخليج الفارسي من الشمال، ومن الشرق والجنوب بحر الهند. ويوجد فيه قليل من النحاس.
القسم السادس: الحسا، ويجاوره جزائر (البحرين) بالخليج الفارسي، ويمتد على ساحله إلى نهر الفرات: وسكان هذا القسم يستخرجون اللؤلؤ القسم السابع: نجد، وأراضيه مرتفعة وهو في وسط الجزيرة بين الحجاز والحسا وصحارى الشام وإقليم اليمامة، وهو يتصل بالشام شمالا والعراق شرعا والحجاز غربا واليمامة جنوبا. وأرضه أطيب أرض في بلاد العرب. وفي نجد أرض (العالية) التي كان يحميها (كليب بن وائل بن ربيعة) حتى أفضى ذلك إلى قتله ونشوب (حرب البسوس) التي دامت أربعين سنة، حتى ضرب بها المثل:"أشام من حرب البسوس". وفيها جبل (عكاد) الذي لم تثبت العربية الفصحى بعد فسادها إلا في أهله.
وفي (نجد) كثير من الواحات والخيول الجميلة (المعروفة بالكحيل) وهي مرغوبة في بلاد الدنيا كافة. وفي جنوب نجد أرض اليمامة.
القسم الثامن: إقليم الأحقاف، وهو في أرض منخفضة في بلاد العرب وفي الجنوب الغربي من بلاد (عمان) ، ويلحق به أرض (اليمامة) وكان هذا القسم معمورا بأقوام من الجبابرة يقال لهم (عاد) ، وقد أهلكهم الله بريح عظيمة وأهال عليهم الرمال.
أما في القديم فكانت تقسم إلى ستة أقسام: الحجاز واليمن ونجد وتهامة والإحساء واليمامة.
فاليمامة: بين نجد واليمن وهي في جنوب نجد بين الإحساء شرقا والحجاز غربا، ومن مدائناها (اليمامة وهجر) ، وتسمى (العروض) أيضا لأنها معترضة بين نجد واليمن.
وتهامة: تحسب اليوم من أرض الحجاز كما قدمنا، وهي واقعة بين اليمن جنوبا والحجاز شمالا.
والإحساء: تمتد على ساحل الخليج من (عمان) إلى أرض (بصرى) ، وتسمى بالبحرين، ومن مدائنها (الإحساء والظهران والقطيف) .
والحجاز قد دخل فيه تهامة. واليمن انفصل عنه أقاليم حضرموت ومهرة عمان. ونجد دخل في اليمامة والإحساء.
أنسابهم وطبقاتهم
طبقات العرب ثلاث وهي:
العاربة الأولى: أو العرباء وتسمى (البائدة) وهم العرب الخلص الأولون، وقد ذهبت عنا تفصيلات أخبارهم لتقادم العهد، وقد كانوا شعوبا وقبائل كثيرة، وهم من ولد (إرم بن سام بن نوح) . وهم تسع قبائل (عاد وثمود وأميم وعبيل وطسم وجديس وعمليق وجرهم الأولى ووبار) ، ومنهم تعلم إسماعيل جد الرسول العربية، وهم أقدم الأمم بعد قوم نوح وأعظمهم قدرة وأشدهم قوة وآثارا في الأرض، وقد انتقلوا إلى جزيرة العرب من (بابل) لما زاحمهم فيها بنو (حام) . ثم كان لكل فرقة منهم ملوك وآطام وقصور إلى أن غلب عليهم بنو (يعرب بن قحطان) .
وكانت مساكنهم في اليمامة من جزيرة العرب.
الطبقة الثانية: العرب العاربة الثانية، وبعضهم يسميها بالمتعربة، وهم من ولد (جرهم بن قحطان بن عابر) وعابر اسم هود عليه السلام، وكانت مساكنهم الحجاز، ويسمون أيضا بالعرب اليمانية، لأن مواطنهم كانت في اليمن. ومن العرب المتعربة أو العاربة الثانية (بنو سبأ) واسم سبأ (عبد شمس) فلما أكثروا الغزو والسبي سموا (سبأ) وهو (ابن يشجب بن يعرب بن قحطان) ، وكان لسبأ عدة أولاد منهم (حمير وكهلان) . وجميع قبائل عرب اليمن وملوكها التبابعة من ولد سبأ المذكور ما عدا (عمران) وأخاه فإنهما ابنا (عامر بن حارثة بن امرئ القيس) . وكان هؤلاء العرب يغلب عليهم الميل إلى الحضارة، فسكنوا المدن وأسسوا الممالك، ومنهم ملوك الحيرة (أي المناذرة) وملوك الشام (أي الغسانيون) .
وكانت هذه الطبقة - أي العرب المتعربة - معاصرة أخيرا لإخوانهم من عرب تلك الطبقة أي العاربة الأولى، موالين لهم ومناصريهم. ولم يزالوا مجتمعين في رحاب بادية بعيدين عن الملك الذي كان لإخوانهم (العاربة الأولى) إلى أن تشعبت في الأرض فصائلهم وتعددت أفخاذهم وعشائرهم ونما عددهم، فزاحموا معاصريهم أبناء الطبقة الأولى، وانتهزوا فرصة اضمحلال دولتهم وانتزعوا منهم - على ما يقال - في القرن الثامن قبل المسيح عليه السلام، فاستجدوا بالي الدولة بما استأنفوا من عزهم.
وكان (قحطان بن عامر) أول من نزل اليمن وغلب عليها حتى ملكها ولبس التاج، وملك بعده ابنه (يعرب) وهو أول من نطق بالعربية وقيل بل أبوه قحطان أول من نطق بها من العرب المتعربة أي العاربة الثانية، وليس المراد أنه أول من نطق بها على الإطلاق لأنه قد كان للعرب جيل آخر وهم العاربة الأولى، ومنهم تعلم قحطان وابنه يعرب العربية.
وقد غلب (يعرب) على قوم (عاد) في اليمن وعلى (العمالقة) في (الحجاز) وولى إخوته جميع أعمالهم فولى (جرهما) على الحجاز وولى (عاد ابن قحطان) على الشحر، وولى (عمان بن قحطان) على بلاد (عمان) .
وكان من نسل (يعرب بن قحطان) التبابعة ملوك اليمن المشهورة بالحضارة والتمدن، وفي عصرهم حصل سيل العرم فأغرق اليمن وفرق السكان وجعلهم طوائف، كانت هذه الحادثة على ما يقال سنة (120) قبل المسيح عليه السلام، ويسمون (الغساسنة) ، ومنها (آل المنذر) ملوك الحيرة من قبل الفرس ويسمون (المناذرة) .
الطبقة الثالثة: العرب المستعربة أي التابعة للعرب. ومنهم الرسول صلى الله عليه وسلم ويقال لهم (العدنانيون) نسبة إلى (عدنان) وهو أول شعب اشتهر من ولد إسماعيل، وسموا بالمستعربة لأن أباهم (إسماعيل بن الخليل) عليهما السلام لم يكن عربيا بل جاء به أبوه إبراهيم الخليل مع أمه (هاجر) إلى مكة فتزوج إسماعيل ببنت (مضاض) سيد قبيلة (جرهم) وتكلم بالعربية وكانت لغته عبرانية. وقد تناسل منه جيل عظيم كانوا شعوبا وقبائل متفرقة بعضها بدو اعتاد المعيشة في البادية تحت الخيام ويقال لهم الأعراب. (ويسمى كل من سكن البادية أعرابا ولو كانوا غير عرب، ومفرد الأعراب أعرابي) ، ويعيشون من ألبان الإبل والغنم ولحومها، وينتقلون من مكان إلى مكان في طلب العشب والماء. وبعضها حضر يسكن المدن كمكة والمدينة وجدة وغيرها ويقال لهم العرب. ولم يخضعوا قط لسلطة خارجة عنهم.
ومن ولد عدنان (معد) ومن معد (نزار)، واشتهر من أولاد نزار أربعة شعوب وهي: إياد وأنمار وربيعة ومضر.
وبنو (مضر) كانوا من أهل الكثرة والغلبة في الحجاز وقد انفردوا برياسة الحرم. واشتهر من قبائلهم (كنانة) ثم (قريش) التي منها النبي صلى الله عليه وسلم.