المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة الأولى

- ‌في العرب والعربية

- ‌بلادهم ومواقعها

- ‌أنسابهم وطبقاتهم

- ‌ممالك العرب قبل الإسلام

- ‌أخلاقهم وعاداتهم، ما حسن منها وما قبح

- ‌المقدمة الثانية

- ‌شذرة في‌‌ اللغةوآدابها

- ‌ اللغة

- ‌اللغة العربية

- ‌تصريفها

- ‌حصولها

- ‌تدوينها

- ‌الصرف والنحو

- ‌متن اللغة

- ‌البيان والأدب

- ‌العروض، وقرض الشعر

- ‌العرب الذين أخذت عنهم اللغة

- ‌أدب اللغة

- ‌المطالعة

- ‌علم الأدب العربي

- ‌رياضة القلم واللسان والفكر

- ‌تاريخ أدب اللغة

- ‌تهذيب اللغة

- ‌التهذيب الأول

- ‌التهذيب الثاني

- ‌التهذيب الثالث - أو - أسواق العرب

- ‌التهذيب الرابع

- ‌اللغة في العصر الجاهلي

- ‌النظم والنثر فيه

- ‌الكتابة فيه

- ‌علوم العرب في جاهليتها

- ‌اللغة في صدر الإسلام

- ‌‌‌النثر والنظم فيه

- ‌النثر والنظم فيه

- ‌الكتابة فيه

- ‌اللغة في العصر الأموي

- ‌الخطابة والرسائل فيه

- ‌الخط فيه

- ‌العلوم والمعارف فيه

- ‌اللغة في عصر الدولة العباسية

- ‌النثر والنظم فيه

- ‌الكتابة فيه

- ‌العلوم والمعارف فيه

- ‌اللغة في عصر الدول المتتابعة

- ‌اللغة في العصر الحديث

- ‌النظم والنثر فيه

- ‌(المعلقات)

- ‌تنبيه

- ‌أصحاب المعلقات

- ‌أشعر شعراء المعلقات

- ‌(امرؤ القيس بن حجر) :

- ‌شيء عن قومه

- ‌مذهب المزدكية

- ‌قتل المزدكيين

- ‌خبر أبي امرئ القيس

- ‌خبر امرئ القيس

- ‌طرد أبيه إياه

- ‌ما كان من أمره بعد مقتل أبيه

- ‌مطاردة المنذر لامرئ القيس

- ‌نزوله على السموأل

- ‌سفره إلى (فروق) مستنجدا بقيصر

- ‌رجوعه من عند قيصر

- ‌موت امرئ القيس

- ‌الكلام على شعره

- ‌معلقته وسبب نظمها

- ‌نخبة من معلقته

- ‌طرفة بن العبد

- ‌سبب غضب عمرو بن هند على طرفة

- ‌قتل طرفة وموته

- ‌الكلام على شعره

- ‌معلقته وسبب نظمها

- ‌نخبة من معلقته

- ‌زهير بن أبي سلمى

- ‌موت زهير

- ‌الكلام على شعره

- ‌استطراد لفائدة جلة

- ‌معلقته وسبب نظمها

- ‌نخبة من معلقته

- ‌لبيد بن ربيعة

- ‌حاله قبل الإسلام

- ‌قدومه على النعمان بن المنذر

- ‌حاله بعد الإسلام

- ‌وفاة لبيد

- ‌الكلام على شعره

- ‌معلقته وسبب نظمها

- ‌نخبة من معلقته

- ‌عمرو بن كلثوم

- ‌وفاة عمرو بن كلثوم

- ‌الكلام على شعره

- ‌معلقته وسبب نظمها

- ‌نخبة من معلقته

- ‌عنترة بن شداد

- ‌أخلاقه وشجاعته

- ‌موت عنترة

- ‌قصته

- ‌الكلام على شعره

- ‌معلقته وسبب نظمها

- ‌نخبة من معلقته

- ‌الحارث بن حلزة اليشكري

- ‌معلقته وشيء من أخباره وشعره

- ‌نخبة من معلقته

- ‌الأعشى ميمون

- ‌شيء من أخباره

- ‌وفاة الأعشى ميمون

- ‌الكلام على شعره

- ‌معلقته وسبب نظمها

- ‌نخبة من معلقته

- ‌النابغة الذبياني

- ‌ما جرى للنابغة مع النعمان بن المنذر

- ‌موت النابغة

- ‌الكلام على شعره

- ‌معلقته وسبب نظمها

- ‌نخبة من معلقته

- ‌عبيد بن الأبرص

- ‌شيء من أخباره

- ‌موت عبيد

- ‌الكلام على شعره

- ‌معلقته وسبب نظمها

- ‌نخبة من معلقته

الفصل: ‌الكلام على شعره

وسأل (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أحد أولاد (زهير) : "ما فعلت الحلل التي كساها (هرم) أباك؟ "، قال:"قد أبلاها الدهر". قال عمر: ولكن الحلل التي كساها أبوك (هرما) لم يبلها الدهر".

ويروى عنه أيضا أنه قال لبعض ولد (هرم) : "أنشدني بعض مدح (زهير) أباك، فأنشده". فقال: "إنه كان ليحسن فيكم المدح". قال: "ونحن والله كنا لنحسن له العطية". قال: "قد ذهب ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم".

وقيل: لم يترك (زهير) من آل (أبي حارثة) وهوجد (هرم) غنيا ولا فقيرا إلا مدحه.

‌موت زهير

كان (زهير) قد رأى في منامه في آخر عمره أن آتيا أتاه فحمله إلى السماء حتى كاد يمسها بيده، ثم تركه فهوى إلى الأرض، فلما احتضر قص رؤياه على ولده (كعب) . ثم قال:"إني لا أشك أنه كائن من خبر السماء بعدي، فإن كان فتمسكوا به وسارعوا إليه". هم توفي قبل مبعث النبي عليه الصلاة والسلام بسنة.

فلما بعث الرسول عليه الصلاة والسلام خرج إليه ولده (كعب) بقصيدته (بانت سعاد) المشهورة، وأسلم.

وروي أيضا أنه رأى في منامه أن سببا تدلى من السماء إلى الأرض كأن الناس يمسكونه. وكلما أراد أن يمسكه تقلص عنه. فأوله بنبي آخر الزمان، فإنه واسطة بين الله وبين الناس، وإن مدته لا تصل إلى زمن مبعثه. فأوصى بنيه أن يؤمنوا به عند ظهوره.

وكانت وفاته سنة (631) لميلاد المسيح عليه الصلاة والسلام.

ولما مات (زهير) قالت أخته (خنساء) ترثيه:

وما يغني توقي المرء شيئا،

وعلا عقد التميم ولا الغضار

إذا لاقى منيته فأمسى

يساق به، وقد حق الحذار

ولاقاه من الأيام يوم،

كما من قبل لم يخلد قدار

‌الكلام على شعره

هو أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء - كما قدمنا - وكما أن امرأ القيس امتاز بتلطيف المعاني، وابتداع الأساليب، واستنباط الأفكار، فقد امتاز (زهير) بما نظمه من منثور الحكمة البالغة، وكثرة الأمثال وسني المدح، وتجنب وحشي الكلام، وأجمعهم لكثير من المعاني في قليل من اللفظ.

وكان لزهير أخلاق عالية، ونفس كبيرة، مع سعة صدر وحلم وورع. فرفع القوم منزلته وجعلوه سيدا. وكثر ماله واتسعت ثروته. وكان مع ذلك عريقا في الشعر.

قال ابن الأعرابي: "لزهير في الشعر ما لم يكن لغيره: كان أبوه شاعرا، وخاله شاعرا، وأخته (سلمى) شاعرة، وأخته (الخنساء) شاعرة، وابناه (كعب) و (بجير) شاعرين، وابن ابنه (المضرب بن كعب) شاعرا. ولهذا قال الأخطل: "أشعر الناس قبيلة (بنو قيس) ، وأشعر الناس بيتا آل (أبي سلمى) ، وأشعر الناس رجلا ف رجل في قميصي". يعني نفسه.

وكان لشعره تأثير كثير في نفوس العرب. وهو واسطة عقد الفحول من شعراء الطبقة الأولى.

وكان (عمر بن الخطاب) جالسا مع قوم يتذاكرون أشعار العرب إذ أقبل (ابن عباس) فقال عمر: "قد جاءكم أعلم الناس بالشعر". فلما جلس قال: "يا ابن عباس، من أشعر الناس؟ ". قال: "زهير بن أبي سلمى"، قال:"فهل تنشد شيئا تستدل به على ما قلت؟ "، قال: نعم، امتدح قوما من (غطفان) يقال لهم (بنو سنان) فقال:

لو كان يقعد فوق الشمس من أحد

قوم، لأولهم يوما إذا قعدوا

محسدون على ما كان من نعم

لا ينزع الله عنهم ماله حسدوا

ومن محاسن شعر زهير قوله:

ولا تكثر على ذي الضغن عتبا،

ولا ذكر التجرم للذنوب

ولا تسأله عما سوف يبدي،

ولا عن عيبه لك في المغيب

متى تك في صديق أو عدو

تخبرك الوجوه عن القلوب

قال ابن الأعرابي: "أم أوفى التي ذكرها (زهير) في شعره كانت امرأته فولدت منه أولادا ماتوا، ثم تزوج بعد ذلك امرأة أخرى وهي أم ابنيه (كعب) و (بجير) ، فغارت من ذلك وآذته، فطلقها، ثم ندم، فقال فيها:

لعمرك (والخطوب مغيرات،

وفي طول المعاشرة التقالي)

لقد باليت مظعن أم أوفى،

ولكن أم أوفى ما تبالي

ص: 30

وكان رجل من بني (عبد الله بن غطفان) أتى (بني غليب) وأكرموه لما نزل بهم وأحسنوا جواره. وكان رجلا مولعا بالقمار، فنهوه عنه فأبى على المقامرة، فقمر مرة فردوا عليه، ثم قمر أخرى فردوا عليه، ثم قمر الثالثة فلم يردوا عليه. فترحل عنهم. وشكا ما صنع به إلى (زهير) (والعرب حينئذ يتقون الشعراء اتقاء شديدا) . فقال (زهير) :"ما خرجت في ليلة ظلماء إلى خفت أن يصيبني الله بعقوبة لهجائي قوما ظلمتهم" والذي هجاهم به (زهير) قوله:

عفا من آل فاطمة الجواء

فيمن فالقوادم فالحساء

لقد طلبتها، ولكل شيء

وإن طالت لحاجته

انتهاء

ومنها يذمهم:

وما أدري (وسوف إخال أدري)

أقوم آل حصن أم نساء؟

فمن في كفه منهم خضاب

كمن في كفه منهم قناء

وفيها يقول:

أرونا خطة لا ضيم فيها،

يسوى بيننا فيها السواء

فإن ترك السواء فليس بيني

وبينكم

بني حصن

بقاء

فإن الحق مقطعه ثلاث:

يمين، أو نفار، أو جلاء

فذلكم مقاطع كل حق،

ثلاث كلهن له شفاء

قال بعض الرواة: لو أن (زهيراً) نظر إلى رسالة (عمر بن الخطاب) إلى (أبي موسى الأشعري) ما زال على ما قال: "فإن الحق مقطعه ثلاث إلخ".

وقد لقب (زهير) بقاضي الشعراء بهذا البيت.

ومما ينسب لزهير - وقد ذكره ابن هشام في أوائل شرح قصيدة (بانت سعاد) - قوله:

إن كنت لا ترهب ذمي لما

تعرف من صفحي عن الجاهل

فاخش سكوتي إذ أنا منصت،

فيك لمسموع خنا القائل

فسامع الذم شريك له،

ومطعم المأكول كالآكل

مقالة السوء إلى أهلها

أسرع من منحدر سائل

ومن دعا الناس إلى ذمه

ذموه بالحق وبالباطل

ونسب صاحب كتاب زهر (الآداب) هذه الأبيات إلى (محمد بن حازم الباهلي) وزاد عليها هذه الثلاثة:

فلا تهج

إن كنت ذا إربة

حرب أخي التجربة العاقل

فإن ذا العقل إذا هجته

هجت به ذا خبل خابل

تبصر من عاجل شداته

عليك غب الضرر الآجل

ويستحسن قوله:

هو الجواد الذي يعطيك نائله

عفوا ويظلم أحيانا، فينظلم

ومما حسن من تشابيهه أنه شبه امرأة بثلاثة أصناف في بيت واحد، وهو قوله:

تنازعت المها شبها، ودر

البحور، وشاكهت فيها الظباء

ثم فسر فقال:

فأما ما فويق العقد منها

فمن أدماء، مرتعها الخلاء

وأما المقلتان فمن مهاة،

وللدر الملاحة والصفاء

وقال (عبد الملك) لقوم من الشعراء: "أي بيت أمدح؟ ". فاتفقوا على قول (زهير)

تراه

إذا ما جئته

متهللا،

كأنك تعطيه الذي أنت سائله

وهذا البيت من أبيات يمدح فيها (هرم بن سنان أبي حارثة المري) وفيها يقول:

وأبيض فياض، يداه غمامة،

على معتفيه ما تغب فواضله

تراه

إذا ما جئته

متهللا،

كأنك تعطيه الذي أنت سائله

أخو ثقة، لا تتلف الخمر ماله

ولكنه قد يهلك المال نائله

ترى الجند والأعراب يغشون بابه،

كما وردت ما (الكلاب) هوامله

فلو لم يكن في كفه غير نفسه

لجاد بها فليتق الله سائله

ومن شعره الجيد قوله في مدح (سنان بن أبي حارثة وقومه) :

إذا فزعوا طاروا إلى مستغيثهم

طوال الرماح، لا ضعاف ولا عزل

بخيل عليها جنة عبقرية

جديرون يوما أن ينالوا فيستعلوا

عليها أسودت ضاريات، لبوسهم

سوابغ بيض، لا تخرقها النبل

ومنها:

هم جددوا أحكام كل مضلة

من العقم، لا يلفي لأمثالها فصل

بعزمة مأمور مطيع، وآمر

مطاع، فلا يلفي لحزمهم مثل

هم خير حي من معد، علمتهم

لهم نائل في قومهم ولهم فضل

ومنها:

تداركتما الأحلاف، قد ثل عرشها،

وذبيان، قد زلت بأقدامها النعل

فأصبحتما منها على خير موطن،

سبيلكما فيه

وإن أحزنوا

سهل

إذا السنة الشهباء بالناس أجحفت،

ونال كرام المال في الحجرة الأكل

ص: 31

رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم،

قطينا بها، حتى إذا نبت البقل

وفيهم مقامات حسان وجوههم،

وأندية ينتابها القول والفعل

على مكتريهم رزق من يعتريهم،

وعند المقلين السماحة والبذل

وإن قام فيهم حامل قال قاعد:

هديت، فلا غرم عليك، ولا خذل

وما يك من خير أتوه فإنما

توارثه آباء آبائهم قبل

وهل ينبت الخطي إلا وشيجه؟،

وتغرس إلا في منابتها النخل؟

والبيت الأخير مما يتمثل به.

ومن محاسن شعره قوله يمدح (الحارث بن ورقاء) ويهجو قومه:

أبلغ بني نوفل عني (فقد بلغوا

مني الحفيظة لما جاءني الخبر)

أن ابن ورقاء لا تخشى غوائله،

لكن وقائعه في الحرب تنتظر

لولا ابن ورقاء والمجد التليد له

كانوا قليلا، فما عزوا ولا كثروا

المجد في غيرهم، لولا مآثره،

وصبره نفسه، والحرب تستعر

أولى لهم، ثم أولى أن تصيبهم

مني بواقر، لا تبقي ولا تذر

وأن يعلل ركبان المطي بهم

بكل قافية شنعاء تشتهر

وسبب هذه الأبيات أن (الحارث بن ورقاء الصيداوي) من بني (أسد) أغار على (بني عبد الله بن غطفان) ، فغنم وأخذ إبل (زهير) وغلامه "يسارا". فهجاه "زهير" بقصيدة، فلم يلتفت إليها "الحارث". فهجاه ثانية. فقال له قومه: أقتل يسارا غلام زهير. فأبى عليهم ذلك وكساه ورده. فمدحه "زهير" بهذه الأبيات.

ومن حكمته العالية قوله:

إذا أنت لم تقصر عن الجهل والخنا

أصبت حليما، أو أصابك جاهل

ومن مدائحه في (هرم بن سنان) قوله:

قف بالديار التي لم يعفها القدم،

بلى، وغيرها الأرواح والديم

لا الدار غيرها بعدي الأنيس، ولا

بالدار

لو كلمت ذا حاجة

صمم

ومنها:

إن البخيل ملوم حيث كان، ولكن

الجواد على علاته هرم

هو الجواد الذي يعطيك نائله

عفوا. ويظلم أحيانا، فيظلم

وان أتاه خليل يوم مسألة

يقول لا غائب مالي ولا حرم

ومنها:

ومن ضريبته التقوى ويعصمه

من سيء العثرات لله والرحم

مورث المجد، لا يغتال همته

عن الرياسة لا عجز ولا سأم

كالهنداواني لا يخزيك مشهده

وسط السيوف، إذا ما تضرب البهم

ومن مدائحه فيه قوله أيضا:

لمن طلل برامة لا يريم،

عفا وأحاله عهد قديم

تطالعني خيالات لسلمى

كما يتطالع الدين الغريم

ومنها:

لعمر أبيك ما هرم بن سلمى

بملحي، إذا اللؤماء ليموا

ولا ساهي الفؤاد ولا عيي

اللسان إذا تشاجرت الخصوم

أراه غيثنا في كل عام،

يلوذ به المخول والعديم

وعود قومه هرم عليه

ومن عاداته الخلق الكريم

كذلك خيمهم، ولكل قوم

إذا مستهم الضراء

خيم

له في الذاهبين أروم صدق

وكان لكل ذي حسب أروم

ومن محاسن شعره الذي جمع بين الحكمة والموعظة والرونق قوله:

ألا ليت شعري، هل يرى الناس ما أرى

من الأمر؟، أو يبدو لهم ما بدا ليا؟:

بدا لي أن الناس تفنى نفوسهم

وأموالهم، ولا أرى الدهر فانيا

وأني متى أهبط من الأرض تلعة

أجد أعثرا قبلي جديدا وعافيا

أراني إذا أمسيت أمسيت ذا هوى،

فثم إذا أصبحت أصبحت غاديا

إلى حفرة أهوي إليها مصمة،

يحث إليها سائق من ورائيا

بدا لي أن الله حق، فزادني

إلى الحق تقوى الله ما كان باديا

بدا لي أني لست مدرك ما مضى،

ولا سابق شيئا إذا كان جائيا

أراني إذا ما شئت لاقيت آية،

تذكرني بعض الذي كنت ناسيا

وما إن أرى نفسي تقيها منيتي،

وما إن تقي نفسي كرائم ماليا

ألم تر أن الله أهلك تبعا،

وأهلك لقمان بن عاد وعاديا؟

وأهلك ذا القرنين من قبل ما ترى،

وفرعون جبارا طغى، والنجاشيا؟

ألم تر للنعمان كان بنجوة

من الشر، لو أن أمرأ كان ناجيا

فغير منه رشد عشرين حجة

من الدهر يوم واحد كان غاويا

ص: 32