الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10-الشهيد القس السابق الأثيوبي ملقاه فقادو
مانشرته صحيفة المسلمين عنه عدد 2 اكتوبر 1991-بتصرف:
القس الأثيوبي الذي أسلم على يديه الكثيرون نال ثقة الكنيسة فيما يقوم به من نشاط في حركات التبشير والتنصير حتى وصل إلى أعلى المراتب الكنسية، ولكن داخله الشك عندما وقع تحت يده كتاب يتضمن تفاسير قرآنية وكانت بداية خطواته على طريق الإيمان الذي يحكيه فيقول:
" عشت سنوات من التيه، ولم أكن أدري ما يخبئه القدر لي
…
خدمت المسيحية بكل ما أستطيع، ومن ثم تدرجت في السلم الكنسي حتى وصلت إلى مراتب عليا في الكنيسة وأصبحت أحد القياديين فيها، ثقةً من كبار القساوسة في شخصي وفيما أقوم به من نشاط بكل إخلاص وهمة، مما دفعهم إلى تحميلي مسئوليات كبرى في التبشير والتنصير.
كنت محباً للقراءة والاطلاع، فلم أجد كتاباً عن الإنجيل إلا قرأته حتى فوجئت وأنا أقرأ بعض الكتب الإنجيلية المترجمة أنها تتناول الدين الإسلامي وتطرح سؤالاً مؤداه: أهو دين سماوي أم لا؟ .. وعندما وصلت إلى هذه النقطة بدأت أعيد طرح السؤال مرة أخرى
…
ثم مرت الأيام وعثرت على كتاب للتفاسير القرآنية مكتوب باللغة الأمهرية، فبدأت أقارن بين ما وجدته في هذا الكتاب وما قرأته سابقاً في الترجمات، فبدأت أقارن بين ما وجدته في هذا الكتاب وما قرأته سابقاً في الترجمات الإنجيلية عن دين محمد، حتى بدأ يداخلني الشك وأشعر بالفرق الهائل وبالتحريف الذي حدث تجاه دين الإسلام، حتى أيقنت تماماً أن الإسلام هو الدين الحقيقي.. بعدها أشهرت إسلامي وتسميت باسم "محمد سعيد قفادو"
…
بعدها عكفت على إعداد دراسة تبين أسباب إسلامي موضحاً فيها حقيقة المعلومات الخاطئة المنحرفة في الكتب الإنجيلية، ومن ثم أوردت الحقائق الثابتة ورفعتها إلى المجلس الإسلامي الأعلى في أديس أبابا ".
ثم يصمت برهةً يلتقط فيها أنفاسه ليعرض رد فعل الكنيسة فيقول:
" لم تقف الكنيسة موقف المتفرج بعد أن فضحها من عاش بداخلها ردحاً من الزمن، فتحركت بسرعة وحركت أذنابها في السلطة الشيوعية إبَّان عهد "منجستو" وسلطوا عليّ أجهزة الأمن التي قامت باعتقالي، ودخلت السجن لمدة ثلاثة أشهر بلا ذنب سوى أنني اعتنقت الإسلام وتخليت عن المسيحية ".
وكان لمحمد سعيد دور في الدعوة الإسلامية فيعبر عن ذلك بقوله:
" بعد خروجي من السجن استفدت من علاقاتي الشخصية ونجحت في إدخال أكثر من مائتي شخص جديد لدين الإسلام، ولكن الأسقف "كارلويوس" رئيس القساوسة لم يهنأ له بال حتى قام برشوة أجهزة القمع في نظام "منجستو" الديكتاتوري، ومرةً ثانية جرى اعتقالي وتأكد لي أنني لن أخرج هذه المرة من السجن، ولا سيما أن الكنسيين مستمرون في ملاحقتي، غير أنه بعد زيارة قام بها الدكتور "عبد الله عمر نصيف" الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي لأثيوبيا ولقائه مع الرئيس السابق "منجستو" طلب منه الإفراج عني، فاستجاب لطلبه "
وهكذا نجد أنفسنا أمام شخصية صارت تستميت من أجل عقيدتها لا يثنيها عنها المكائد المتلاحقة.
وهذا ماكتبته مجلة الفيصل عنه عدد أبريل 1992-بتصرف-:
ولد ملقاه فقادو لأب يهودي وأم نصرانية في إحدى قرى أثيوبيا، ودرس في صباه المبكر التوراة والإنجيل، واختار أن يصير نصرانياً كأمه، ولم يكن اختياره نابعاً عن قناعة بالديانة النصرانية، ولكن للأفضلية التي يحظى بها أتباع هذه العقيدة في بلاده التي تعد أحد معاقل النصرانية في إفريقيا.
ولم يجد "ملقاه" ذاته في التوراة أو الإنجيل، إذ رأى في الأولى مجموعة من الأقاصيص والأساطير التي عمد الكهان والأحبار إلى حشوها بكل ما هو غريب بعد أن حرفوا الكلم عن مواضعه، فلم يتقبل عقل "ملقاه" ما في التوراة المحرفة من خرافات وأباطيل، فنبذها إلى دراسة الإنجيل الذي تؤمن به والدته، فوجد أن التناقض بين نصوص الأناجيل واضح، فضلاً عن كونها لا تقدم تفسيراً للحياة والكون ولا تحاول تنظيم أية علاقة في شئون الدنيا والآخرة، فأدرك أنها ليست الكتاب المنزل على عيسى عليه السلام، أما الإسلام فلم يحاول "ملقاه" أن يدرسه ولم يَسْعَ إليه لحظة، فالدعاية الكنسية القوية والمؤثرة تصور الإسلام على أنه دين المتخلفين وتنسب العديد من الافتراءات والأكاذيب عليه وعلى المسلمين، ومن ثم كبر "ملقاه" على بغض الإسلام، وبحث عن مهنة تليق بمستوى أسرته الاجتماعي وتتيح له أن يحيا حياته في بحبوحة ورغد من العيش، فلم يجد أفضل من السلك الكنسي، حيث سيحظى بالاحترام وبالمرتب الكبير وبالسيارة، وقد ساعده على الالتحاق بالعمل في الكنيسة حفظه التوراة، وصار الشاب "ملقاه" قساً يشار إليه بالبنان وتقبل العامة يديه وينادونه "أبانا"..
واستمر عمله في الكنيسة ست سنوات، اجتهد خلالها في الدعوة إلى النصرانية دونما كلل أو ملل ن ولاسيما أنه ينعم بمميزات عدة من راتب سخي وسكن أنيق وسيارة فاخرة في بلد تهدده المجاعة كل يوم وتفتك بالكثيرين من مواطنيه.
وظل هكذا يعمل بجد في خدمة الكنيسة والدعوة لمعتقداتها حتى كانت ليلة فاصلة إذ رأى فيها ـ فيما يرى النائم ـ رجلاً يقترب منه في المنام ويوقظه هاتفاً به أن يقرأ شهادتي: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"، وسورة الإخلاص:{قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كُفُواً أحد} .. فقام من نومه فزعاً وقد روعته تلك الرؤيا التي لم يستوعبها، وإنما فسرها بفهمه القاصر على أنها من الشيطان.
وتكررت الرؤيا ليلتين أخريين، ورأى في الليلة الثالثة نوراً يضئ أمامه الطريق ورجلاً يقرئه الشهادتين وسورة الإخلاص، فأدرك من فوره أن هذه رؤيا حق وليست من عمل شيطان رجيم كما كان يتوهم، فالنور الذي أضاء سبيله في الرؤيا قد تسرب في وجدانه وأنار بصيرته فأصبح من يومه وفي قرارة نفسه إيمان عميق بأن عقيدة الإسلام هي الحق وما دونها باطل.. ولم يطُل به التفكير لأنه بحكم دراسته اللاهوتية كان مطلعاً على البشارات العديدة برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ولذا أشهر إسلامه عن اقتناع تام.
وعندما حدث زوجته في الأمر عارضاً عليها الدخول في الإسلام جاوبته بالإيجاب ودخلت معه في عقيدة التوحيد، وكذلك فعل أطفاله الثلاثة.
وكان أول ما فعله "ملقاه" بعد إشهار إسلامه أن قام بتغيير اسمه إلى "محمد سعيد" معتبراً ذلك اليوم يوم ميلاده الحقيقي شاكراً الله تعالى ما أنعم به عليه من نعمة الهداية إلى دين الحق.
أما بالنسبة للأوساط الكنسية الأثيوبية فقد استقبلت نبأ إسلام "محمد سعيد" بغضب شديد، ولم تكتفِ بحرمانه من الامتيازات التي كان ينعم بها من مسكن راقٍ وسيارة فاخرة وراتب ضخم وغير ذلك، بل سعت حتى أدخلته السجن ليلقى صنوفاً وألواناً من التعذيب في محاولة لرده عن إيمانه وليكون عبرة وعظة لكل من يفكر في ترك النصرانية والالتحاق بركب الإسلام.
وتحمل "محمد سعيد" كل ذلك صابراً محتسباً أجره عند الله، ولم يتزحزح إيمانه قيد أُنمُلة، ولسانه يلهج بالقول:"سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله"..
وحين لم تُجدِ معه وسائل التعذيب ـ وما أكثرها! ـ اضطر القساوسة إلى تركه لكيلا يتحول إلى رمز وقدوة تنير الطريق لكثير من رعايا الكنيسة إلى درب دين الحق.
وخرج "محمد سعيد" من السجن أقوى إيماناً واشد تصميماً على إيصال دعوة الحق إلى غيره، إذ زادته محنة السجن ثباتاً وحرصاً على أن يصبح داعية للإسلام بعدما كان قساً يدعو إلى النصرانية، وجعله الله سبباً في هداية نحو 280 شخصاً اعتنقوا الإسلام على يديه.
ويذكر "محمد سعيد" أنه قد استفاد من دراسته العميقة للتوراة والإنجيل في استكشاف الكثير من أوجه الإعجاز القرآني، وأنه بحكم عمله السابق كقس يدرك الأساليب غير السوية التي يلجأ إليها المنصرون من أجل جذب الفقراء والمحتاجين إلى الديانة النصرانية، حيث يستغلون فقر الناس وعَوَزهم بالتظاهر بمواساتهم مادياً ومعنوياً والاهتمام بهم صحياً وتعليمياً في محاولة لاكتساب ودهم ومحبتهم، ومن ثم السيطرة على عقولهم وإقناعهم بأن في النصرانية خلاصهم من عذاب الآخرة وفقر الدنيا!!
هذا ويقضي "محمد سعيد" أوقاته في حفظ القرآن الكريم، مع ما في ذلك من مشقة لكونه من غير الناطقين باللغة العربية ليتمكن من الدعوة الإسلامية. وعن أسلوبه في الدعوة يقول:
" أعتمد على معرفة عقيدة من أدعوه من غير المسلمين، ومن ثم مناقشته في عقيدته وإظهار بطلانها ومخالفتها للفطرة والعقل، ثم بعد ذلك أقوم بشرح ما في الإسلام من نواحٍ خيِّرة عديدة مبيناً أنه الدين الحق الذي اختاره الله للبشرية منذ بدء الخليقة، فالإسلام يعني التسليم لله بالربوبية والطاعة والانقياد لأوامره عز وجل واجتناب نواهيه "
وعن أمنية "محمد سعيد" يقول:
" أمنيتي الخاصة أن أتمكن من هداية والدي ووالدتي إلى دين الحق.. أما أمنيتي العامة فهي أن أستطيع أن أكون أحد فرسان الدعوة الإسلامية وأن يوفقني الله لما فيه خير أمة الإسلام وأن ينصرها ويعلي شأن دينه "
أجل.. أمنيات تدل على صدق إيمان القس السابق "ملقاه" بدين محمد صلى الله عليه وسلم الذي صار سعيداً باعتناقه له فتسمى باسم نبي الإسلام ويقرنه بكونه سعيداً.
أما آخر اخباره فكان الخبر التالي من موقع مفكرة الإسلام:
(فقادو) من أشهر قساوسة أثيوبيا، ذاع صيته وانتشر اسمه لنشاطه في تنصير أعداد كبيرة من أبناء جلدته، تعمق في دراسة النصرانية واطلع على أدق تفاصيلها وخفاياها، وأصبح علماً بارزاً من أعلامها، وقد أكسبته هذه الشهرة الجاه والمال وأصبح ذا شأن عظيم في أوساط نصارى القرن الأفريقي.
رأى في منامه كأنه يقرأ سورة الإخلاص بكاملها {قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد} ونظراً لما يمتاز به من ذكاء حاد وفطنة وحس يقظ لم تمر عليه هذه الرؤيا مرور الكرام بل ظل يدور حولها ويمعن النظر في تفسيرها ويفكر في فحواها ومغزاها. ولما لم يصل إلى نتيجة مقنعة حول تعبير هذه الرؤيا ذهب إلى مكتب رابطة العالم الإسلامي بأثيوبيا علّه يجد ما يطفىء ظمأه، ويجد تعليلاً وتوضيحاً وتفسيراً لرؤيته التي لم يهدأ له بال بعدها لادراكه بأن هذه السورة من سور القرآن. وقد وجد في مكتب الرابطة ضالته إذ أوضح له مدير المكتب مغزى هذه الرؤيا وأن الله عز وجل أراد له الهداية وإخراجه من الظلمات إلى النور وكعادة مكاتب الرابطة، المنتشرة في مختلف أنحاء العالم، في نشر الدعوة الإسلامية وإرشاد الناس إلى دين الله اقتنع السيد (فقادو) بعد عدة زيارات للمكتب بالإسلام وأشهر إسلامه بحمد الله وأصبح اسمه (محمد سعيد) .
ونظراً لما يمثله هذا الرجل من ثقل في النصرانية فقد أزعج إسلامه الكنيسة واعتبروه مارقاً عن ديانتهم ولا مناص من عودته إلى النصرانية أو تصفيته جسدياً. وفي الجانب الآخر يعتبر إسلام هذا الرجل مكسباً كبيراً للمسلمين نظراً لكثرة أتباعه وتأثيره عليهم وتأثرهم به مما سيؤدي إلى إسلام قرى بأكملها وهذا ما تم بالفعل.
ولما أحس رجال الكنيسة بما يمثله (فقادو) من خطورة وأدركوا تمسكه بالإسلام واستحالة عودته إلى ديانتهم قرروا الانتقام منه وقد فطن إلى ذلك. وقام مكتب الرابطة بأثيوبيا بالتنسيق مع الأمانة العامة للرابطة بمكة المكرمة بمنحه تأشيرة دخول إلى المملكة العربية السعودية لإبعاده عن مضايقات رجال الكنيسة من جهة ولتعليمه مبادىء الإسلام في مهبط الوحي من جهة أخرى. ونظراً لعدم إلمامه باللغة العربية فقد تم إلحاقه بمعهد اللغة العربية التابع لجامعة أم القرى بمنحة من الرابطة وتم تأمين سكن مناسب له ولأسرته بمكة المكرمة وتخصيص راتب شهري يليق بمكانته. ونظراً لحدة ذكائه كما أسلفت فقد تعلم أساسيات اللغة العربية في وقت قياسي وتعمق في دراسة الإسلام وحسن إسلامه وظهرت سمات الصلاح في وجهه وحفظ بعض أجزاء القرآن الكريم وترقق قلبه وأصبح دائم البكاء من شدة فرحه بما أنعم الله عليه من نور الهداية.
وفي هذه الأثناء جاءته ابنة راعي الكنيسة قادمة من إثيوبيا وهى شابة حسناء، أتته باكية مستنجدة مدعية بأن أباها طردها عندما أدرك أنها سوف تعتنق الدين الإسلامي وهى جاءت إلى فقادو لكي ينقذها من أسرتها التي تريد قتلها وطلبت منه أن يتزوجها ويعلمها الإسلام وتم لها ما أرادت فتزوجها وأسكنها في جدة لأن زوجته الأولى أسلمت معه وسكنت في مكة المكرمة.
ولم يكن يعلم بما حيك له من سوء وما دبر له من مكائد فقد يئس رجال الكنيسة من عودته إلى ديانتهم فخططوا لقتله حتى وإن كان خارج أثيوبيا.
وأرسلوا له هذه الحسناء المصابة بمرض الإيدز وبالتالي انتقلت إليه العدوى ونقلها دون أن يعلم إلى زوجته الأولى. ولما أدركت هذه الشابة نجاح مهمتها ولّت هاربة إلى إثيوبيا تاركة هذا المرض يسري في جسد محمد سعيد وزوجته. ولم يمهلهما المرض كثيراً حيث توفيت زوجته بعد عدة أشهر أما هو فقد هزل جسمه وضعفت قوته ثم قضى نحبه ودفن بمكة المكرمة. نسأل الله أن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جناته.
وصدق الله العظيم: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملّتهم....} [البقرة:120] .
رحمك الله يا فقادو وتقبلك شهيداً في جنة الخلد.