الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انكشفَ الأمر بعد الوضع على خلاف الظاهر رجَعَتْ فاستدركتْ، وإن لم ينكشف الأمر استمرَّ حكم الظاهر فلا إعادة. نقله عنه في شرح الإقناع.
[أحكام النفاس]
أحكام النفاس أحكام النفاس كأحكام الحيض سواء بسواء، إلا فيما يأتي:
الأول: العدة فتعتبر بالطلاق دون النفاس لأنه إن كان الطلاق قبل وضع الحمل انقضتْ العدة بوضعه لا بالنفاس، وإن كان الطلاق بعد الوضع انتظرتْ رجوع الحيض كما سبق.
الثاني: مدة الإيلاء يحسب منها مدة الحيض ولا يحسبُ منها مدة النفاس.
والإيلاء: أن يحلف الرجل على ترك جماع امرأته أبدًا أو مدة تزيد على أربعة أشهر، فإذا حَلَفَ وطالبتْه بالجماع جَعَل له مدة أربعة أشهر من حلفه، فإذا تمَّتْ أجْبر على
الجماع أو الفراق بطلب الزوجة، فهذه المدة إذا مرّ بالمرأة نفاس لم يحسبْ على الزوج، وزيد على الشهور الأربعة بقدر مدته، بخلاف الحيض فإن مدته تحسبُ على الزوج.
الثالثة: البلوغ يحصلُ بالحيض ولا يحصلُ بالنفاس، لأن المرأة لا يمكنُ أن تحمل حتى تنزل فيكونَ حصول البلوغ بالإنزال السابق للحمل.
الرابع: أن دم الحيض إذا انقطع ثم عاد في العادة فهو حيض يقينًا، مثل أن تكونَ عادتها ثمانية أيام، فَترَى الحيض أربعة أيام ثم ينقطع يومين ثم يعود في السابع والثامن، فهذا العائد حيض يقينًا يثبتُ له أحكام الحيض، وأما دم النفاس، إذا انقطع قبل الأربعين ثم عاد في الأربعين فهو مشكوك فيه فيجب عليها أن تصلي وتصومَ الفرض المؤقت في وقته ويحرمُ عليها ما يحرمُ على الحائض غير الواجبات وتقضي بعد طهرها ما فعلته في هذا الدم. مما يجبُ على الحائض قضاؤه. هذا هو
المشهور عند الفقهاء من الحنابلة والصواب أن الدم إذا عاودها في زمن يمكنُ أن يكونَ نفاسًا فهو نفاس، وإلا فهو حيض إلا أن يستمرَّ عليها فيكونَ استحاضة، وهذا قريب مما نقله في المغني (1) عن الإمام مالك حيث قال: وقال مالك: " إِن رأتْ الدم بعد يومين أو ثلاثة يعني من انقطاعه فهو نفاس وإلا فهو حيض ". اهـ وهو مقتضى اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وليس في الدماء شيء مشكوك فيه بحسب الواقع، ولكن الشك أمر نسبي يختلف فيه الناس بحسب علومهم وأفهامهم. والكتاب والسنة فيهما تبيان كل شيء، ولم يوجبْ الله سبحانه على أحد أن يصوم مرتين، أو يطوفَ مرتين، إلا أن يكون في الأول خَلَل لا يمكن تداركه إلا بالقضاء، أما حيث فعل العبد ما يقدرْ عليه من التكليف بحسب استطاعته فقد برئتْ ذمته، كما قال تعالى:
(1) المغني 1: 349.
{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]
الخامس: أنه في الحيض إذا طَهُرَتْ قبل العادة جاز لزوجها جماعها بدون كراهة. وأما في النفاس إذا طَهُرَتْ قبل الأربعين فيكره لزوجها جماعها على المشهور في المذهب، والصواب أنه لا يكرهُ له جماعها. وهو قول جمهور العلماء، لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل شرعي، وليس في هذه المسألة سوى ما ذكره الإمام أحمد عن عثمان بن أبي العاص أنها أتتهْ قبل الأربعين، فقال لا تقْربيني. وهذا لا يستلزمُ الكراهة لأنه قد يكون منه على سبيل الاحتياط خوفًا من أنها لم تتيقنْ الطُّهْر، أو من أن يتحرك الدم بسبب الجماع، أو لغير ذلك من الأسباب. والله أعلم.