المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثانيفي مضارها في العقل والبدن - زهر العريش في تحريم الحشيش

[بدر الدين الزركشي]

الفصل: ‌الفصل الثانيفي مضارها في العقل والبدن

‌الفصل الثاني

في مضارها في العقل والبدن

وذكر بعضهم أنه جُمع فيها مائة وعشرون مضرة دينية ودنيوية، وقد أجمع الأطباء على أنها تورث الفكرة، والفكرة تثير الحرارة الغريزية، وربما قويت على الحرارة الغريزية فعزلتها عن الجسد، واستولت على البدن فجففت الرطوبات واستعد للأمراض الحارة والسيئة والحمايات.

قال محمد بن زكريا الرازي: أكل ورق الشهدانق البستاني يصدع الرأس ويقطع

ص: 93

المنى ويجففه، ويولد الفكرة، والعلة في ذلك أن رطوبات الأبدان الكائنة على حد الاعتدال تقع تبعاً لبقاء الحيوان، فما يجفف الرطوبة منه فإنه مضر معين على إتلافه، وهو يورث موت الفجاءة، واختلال العقل، والدق، والسل، والاستسقاء، والأبنة.

ص: 94

وقال بعض الأئمة: كل ما في الخمر من المذمومات موجود في الحشيشة وزيادة، فإن أكثر ضرر الخمر في الدين لا في البدن، وضررها فيهما، وهي تشارك الخمر في السكر وفساد الفكر ونسيان الذكر وإفشاء السر وذهاب الحياء وكثرة المراء وعدم المروءة وكشف العورة وقمع الغيرة وإتلاف الكيس ومجالسة

ص: 95

إبليس وترك الصلاة والوقوع في المحرمات.

هذا بعض ضررها في الدين.

وأما البدن: فتفسد العقل، وتقطع النسل، وتولد الجذام، وتورث البرص، وتجلب الأسقام وتكسب الرعشة، وتنتن الفم، وتجفف المني، وتسقط شعر الأجفان، وتحرق الدم، وتحفر

ص: 96

الأسنان، وتظهر الداء الخفي، وتضر الأحشاء، وتبطل الأعضاء، وتضيق النفس، وتقوي الهوس، وتنقص القوى، وتقل الحياء، وتصفر الألوان، وتسود الأسنان، وتثقب الكبد، وتوهج المعدة، وتولد في الفم البخر، وفي العين الغشاوة، وقلة النظر، وفي المخيلة كثرة الفكر.

ص: 97

ومن أوصافها المذمومة أنها تكسب آكلها الكسل، وتورثه الفشل، وتجعل الأسد كالعجل، وتصير العزيز ذليلا، والصحيح عليلا، إن أكل لا يشبع، وإن أعطى لا يقنع، وإن كلم لا يسمع، تجعل الفصيح أبكما، والفطيح به أبلما، تسقط المروءة، وتزيل الفتوة، ثم إنها تفسد الفكرة، وتبلد الفطرة، وتخمد الفطنة، وتولد البطنة، تجعل الأكل فنه،

ص: 98

والنوم له مظنة، فهو بعيد عن السنة، طريد من الجنة، موعود من الله تعالى باللعنة، إلا أن يقلع من الندم سنه، ويحسن بالله تعالى ظنه، ولله در القائل:

وأصغر دائها والداء جم

بغاء أو جنون أو نشاف

قلت: ومن أعظم دائها أن متعاطيها لا يكاد يتوب لتأثيرها في مزاجه، وأنت ترى أهلها أكثر الخلق ضلالاً وتجافياً عن الاستقامة، وأقرب إلى الدنية

ص: 99

وأسفه أحلاماً، وأفسد تصرفاً، ولله در القائل:

قل لمن يأكل الحشيشة جهلا

يا خسيسا قد عشت شر معيشة

دية العقل بدرة فلماذا يا سفيها قد بعتها بحشيشة

ص: 100