المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابعفي أنها حرام - زهر العريش في تحريم الحشيش

[بدر الدين الزركشي]

الفصل: ‌الفصل الرابعفي أنها حرام

‌الفصل الرابع

في أنها حرام

وقد تظاهرت الأدلة الشرعية والعقلية على ذلك.

أما الكتاب والسنة، فالنصوص الدالة على تحريم المسكر تناولتها، وفي صحيح مسلم:(كل مسكر خمر، وكل خمر حرام)

ص: 115

وأي خبيث أعظم مما يفسد العقول التي اتفقت الملل والشرائع على إيجاب حفظها، وقد حرم الله تعالى إذهاب العقول باستعمال ما يزيلها، أو يفسدها أو يخرجها عن مخرجها المعتاد،

ص: 117

ولا شك أن تناول الحشيشة يظهر به أثر التغيير في انتظام العقل، والقول المستمد كماله من تصرف العقل شرعاً وعرفا.

وقد روى أبو داود في سننه بإسناد حسن عن ديلم الحميري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: (يا رسول الله إنا بأرض باردة نعالج عملاً شديداً، وإنا نتخذ شراباً من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا، وعلى برد بلادنا. قال: هل يسكر؟ قلت: نعم. قال: فاجتنبوه. قال: قلت: فإن الناس غير تاركيه. قال: فإن لم يتركوه فقاتلوهم)

وهذا منه صلى الله عليه وسلم تنبيه على العلة التي لأجلها حرم المزر، فوجب أن كل شيء عمل عمله يجب تحريمه.

ولا إشكال أن الحشيشة تعمل ذلك وفوقه.

روى الإمام أحمد رحمه الله في مسنده، وأبو داود في سننه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر.

ص: 118

قال العلماء: المفتر كل ما يورث الفتور، والخدر في الأطراف، وهذا الحديث أدل دليل على تحريم الحشيشة بخصوصها، فإنها إن لم تكن مسكرة كانت مفترة مخدرة، ولذلك يكثر النوم من متعاطيها، وتثقل الرأس بواسطة تبخيرها للدماغ.

وأما الإجماع على تحريمها فقد نقله غير واحد، منهم القرافي في قواعده، وكذلك ابن تيمية، وهو حافظ، قال: ومن استحلها فقد كفر. وفي

ص: 119

هذا نظر؛ لأن تحريمها ليس معلوما من الدين بالضرورة، ولو سلمنا ذلك، لكن لا بد أن يكون دليل الإجماع قطعياً على أحد الوجهين، وقد أجمع الفقهاء من أصحابنا وغيرهم على أنه يحرم تناول المسكر، وعمم النبات وغيره. وقال الإمام الرافعي رحمه الله: عمموا النبات وغيره. وقال الرافعي رضي الله عنه في باب الأطعمة في " بحر المذهب ": إن النبات الذي يسكر وليست فيه شدة مطربه يحرم أكله.

وفي فتاوى المرغيناني من الحنفية أن المسكر من البنج، وأن

ص: 120

لبن الرماك حرام ولا تحل، ولا حد فيه، قاله الفقيه أبو جعفر، ونص عليه شمس الأئمة السرخسي انتهى.

وفيه فائدة: أن هذا الذي يستعمله الترك ويسمونه القمز حرام.

ص: 121