المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدور الثالث والأخير: دور التصحيح - الإسلام في أفريقيا عبر التاريخ

[محمد أمان الجامي]

الفصل: ‌الدور الثالث والأخير: دور التصحيح

‌الدور الثالث والأخير: دور التصحيح

مما لا يختلف فيه اثنان فاهمان للأسلام حق فهمه أن مفهوم الإسلام بحاجة إلى التصحيح لدى كثير من المسلمين في قارة إفريقيا وغيرها من القارات ولعل إنشاء الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بهذا المستوى العالمي يعتبر عنوانا بارزا في دور التصحيح إن وفق المسئولون فيها وأحسنوا التصرف في استغلالها في ميدان التصحيح لأن تجمع أبناء المسلمين من أقطار الدنيا في هذه الجامعة الفتية ليدرسوا منهجا موحدا في جو إسلامي كهذا ثم ليرجعوا إلى ديارهم ليفقهوا قومهم. فهذا العمل بحق نوع من أنواع التصحيح إن صدق طلاب الجامعة وأخلصوا عملم لله ونهجوا وأنصفوا وهو المتوقع منهم بإذن الله.

ولقد أدركت الجامعة الإسلامية وإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالرياض حاجة القارة الأفريقية الماسة إلى هذا التصحيح وقدرتا ذلك كما يجب. فتقديرا منهما بتلك الحاجة قد اتفقتا على التعاون والتنسيق العمل التصحيحي فيما بينهما بأن تختار الجامعة الإسلامية من خريجيها من يحصل بهم المقصود فتقدمهم لرياسة إدارة البحوث العلمية بالرياض لتبعثهم إلى القارة شرقها وغربها ووسطها. وهو كما ترى؟ تعاون إسلامي مشكور ومثمر بإذن الله إلا أنه لا يزال بحاجة إلى مزيد من التخطيط والتنظيم فنسأل الله تعالى مزيد التوفيق للمسئوولين في كل من الجامعة وإدارة البحوث حتى يتم تنظيم هذا العمل الجليل أكثر من ذي قبل ليتحقق الغرض الذي نظم التعاون من أجله على أحسن وجه وهو تجديد وتصحيح مفهوم الإسلام لدى جمهور المسلمين وإزالة تلك الرواسب الوثنية التي علقت بعقيدتهم

ص: 30

والبدع التي شاعت في عباداتهم وفساد الأخلاق الذي ساد صفوفهم وإلحاد الدستور الذي استوردوه من بلاد أعدائهم واستبدلوا به كتاب ربهم وسنة نبيهم وإزالة تلك الوحشية التي خيمت على قلوبهم حتى فقدوا نعمة الأنس بالله والتوكل عليه والثقة به والالتجاء إليه والاكتفاء به، هذه هي ميادين التجديد والتصحيح.

وإذا سمينا هذا الدور دور التصحيح فليس يعني ذلك الحط من قيمة الأعمال الجبارة التي يقوم بها الدعاة هناك لأن التصحيح الذي نعنيه لا يتم بجرة قلم أو بجعل حرف مكان حرف أو جملة مكان جملة أخرى. بل هو تصحيح يعني استئصال الجاهلية المزمنة ليحل الإسلام مكانها وتطهير القلوب من آثار الوثنية والبدع والخرافات القديمة حتى تحيا تلك القلوب بنور الإيمان والتوحيد الخالص، وحتى تحل الأحكام الإسلامية العادلة مكان تلكم الأحكام الجائرة التي خلفها الاستعمار وورثها قوما آخرين.

وعمل هذا ليس بالأمر السهل بل هو عمل شاق وجهاد عظيم رزقنا الله وإياهم الإخلاص فيه وابتغاء وجهه بنفع عباده وتعليمهم ما يجهلونه إنه عليم بذات الصدور.

ص: 31