الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يصلي وربما يصلى له.وقد صرح بهذا المعنى أحد رؤسائهم- أحسبه ابن عربي- إذ يقول:
الرب عبد والعبد رب
…
فياليت شعري من المكلف
هذه هي المنزلة التي يشمر لها كل شيخ من مشايخ الصوفية كما يعرف ذلك كل من له اتصال بالقوم. وهل يمكن إدخال هذا المعنى في مفهوم الدعوة الإسلامية؟.
وأما البيت الثالث فقد قاله الكولخى الأفريقي وهو يدعوا الناس إلى تقديس نفسه والغلو فيه إلى حد العبادات زاعما أن محبته ورؤيته توجبان للمرء دخول الجنة ولا محالة حيث يقول:
ومن أحبني ومن رآني
…
في جنة الخلد بلا بهتان
وأكتفى بهذا النموذج من، كلام القوم كشاهد وكدليل على صفاتهم ومن أراد المزيد فعليه بكتب القوم وهي منشورة في مناطقها والله المستعان.
من هذا الشرح الموجز نتبين أن الإسلام دخل القارة أول ما. دخل بمفهومه الصحيح وخالطت بشاشته القلوب وذاقت حلاوته، ثم بعد فترة غير قصيرة أخذ ينتشر على أيدي جماعة تتمتع بحب الإسلام ولا الخير والهداية للمسلمين ولكنها لم تهضم الإسلام ولم تفهمه حق فهمه وهم التجار.
ولما رأى مشايخ الصوفية خلو الميدان وتقاعس دعاة الحق عن واجبهم نزلوا الميدان ولقبوا أنفسه بما سبق أن سمعناه من الألقاب الخداعة فنزلوا ميدان الدعوة إلى الإسلام ليتاجروا بالدين وليجعلوا الإسلام واجهة لدعوتهم الوثنية أو الإلحادية أحيانا على ما تقدم. فأفسدوها حتى صار أتباعهم ومريدوهم يخشونهم كخشية الله أو أشد
خشية ويراقبونهم أشد من مراقبتهم لله، هل هذا هو الدين؟ وهل هذه كل الدعوة إلى الإسلام وأي إسلام هذا يا سبحان الله.
وللأسف الشديد هذا هو مفهوم الدين ا! سلأمى عند جمهور المسلمين الذين تلقو ا! سلأم على أيدى مشايخ الطرق ولدى كثير من الذين يحضون الظن بهم والذي يؤسف له كر ولثر أن يكون هذا موقف بض علماء المسلمين الذين درسوا ما جاء، به الرسول عليه الصلاة والسلام ولكنهم لم يرزقوا الفقه في الدين وثن يرد الله به خيرا يفقه في الدين1 والدراسة شىء والفقه شىء آخر. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتد لولا أن هدانا الله ولله الحمد والمنة وحده ربنا لا نحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
تمكين التصوف لجراثيم الشيوعية
…
تمكين النصوف لجراثيم الشيوعية
عندما دخلت الشيوعية كثيرا من الأقطار الإسلامية التي يزعم سكانها أنهم مؤمنون كيف كانت مقاومة إيمانهم لنار الشيوعية؟.
هل اطفأها إيمانهم ذلك حتى صارت بردا وسلاما على سكان تلك الأقطار؟ أم المشاهد أن نار الشيوعية سرت في تلك القلوب سريان النار في القصب اليابسة؟ أو ليس المشاهد أن إيمان أولئك السكان المؤمنين ذاب أمام الشوعية ذوبان الملح في الماء؟ وأكلته الشيوعية كما تأكل النار الحطب؟ هذا هو الواقع ولماذا؟ لماذا لم نجد المقاومة من أولئك المؤمنين أولماذا هذه الهزيمة أمام الشيوعية؟ وما السر في ذلك؟ ونحن نعلم جميعا أن الإيمان الصادق لا تقف أمامه الشبهات والشهوات بل لا يصادف شبهة أو شهوة أو ذنبا إلا أحرقه
1 أخرجه خ العلم وقد مضى تخريجه مرتين وذلك من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
-كما يقول بعض أهل العلم- وهذا حال الصادق إيمانه من علماء الشريعة الذين مصدر إيمانهم الوحي الإلهي الكتاب والسنة.
فأين أتباع الصوفية وأشباههم في الجهل من مثل هذا الموقف؟
أقول مستعينا بالله، إن الذي أستطيع أن أقوله اجوابا عن هذه الاستفهامات استنتاجا من واقع الجمهور جمهور المسلمين هو أن الفكرة الشيوعية عندما جاءت إلى المنطقة وجدت بعض القلوب تطوف حول صنم المادة، ووجدت قلوبا أخرى تطوف حول صنم الشهوات البهيمية كما وجدتا قلوبا أخرى تطوف حول وثن التصوف متعلقة بأستار أضرحة المشايخ لائذة بها راكعة وساجدة أمام عظمة الشيخ أو المشايخ ناسية ربهم وخالقهم أجل وجدت الشيوعية تلك القلوب في هذه الأماكن القذرة- على الرغم من دعوى الإيمان فساقتها كلها من حول تلك المعبودات الرخيصة وجمعتها وذوبتها وقضت عليها ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه القلوب هي التي كان إيمانها إيمانا تقليديا ضحلا ولم يبلغ درجة اليقين في قلوب جمهور المسلمين الذين انتسبوا إلى الإيمان على أيدي مشايخ الصوفية وأتباعهم وأشباههم في الجهل ولم يتمكن الإيمان من قلوبهم ولم يذوقوا حلاوته، ولا يخص هذا الموقف القارة التي نتحدث عنها ولكنه بلاء عام والله المستعان.
أما القلوب المؤمنة بالله المطمئنة في إيمانها والتي لم يجدوها حول تلك الأصنام والأوثان. بل لم يستطيعوا الوصول إليها. لأنها كانت مع الله في عبادة الله، في ذكر الله، في بيت من بيوت الله، وكانت مشغولة بالله عن غير الله في جنة الأنس بالله، وقد أغمضت عينها عما سوى الله، في تدبر كتاب الله تجول في مخلوقاته وآلائه ونعمائه لتثني على المنعم بها سبحانه.
وقد ابتعدت عن جيفة المادة وروث الشهوات وشرك الصوفية بل قد سمت همتها حتى كادت أن تكون مع الملائكة في طهارتها وسموهم. هذه القلوب في واد، والشيوعية في واد آخر. لا يجتمعان بل لو مرت الشيوعية بواديهم لأذابها إيمانهم وأخمدها وهذه القلوب هي التي بقيت في المنطقة اليوم مؤمنة بالله وبكتابه وبرسوله واليوم الآخر والله ولي التوفيق.
الدور الثالث والأخير: دور التصحيح
مما لا يختلف فيه اثنان فاهمان للأسلام حق فهمه أن مفهوم الإسلام بحاجة إلى التصحيح لدى كثير من المسلمين في قارة إفريقيا وغيرها من القارات ولعل إنشاء الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بهذا المستوى العالمي يعتبر عنوانا بارزا في دور التصحيح إن وفق المسئولون فيها وأحسنوا التصرف في استغلالها في ميدان التصحيح لأن تجمع أبناء المسلمين من أقطار الدنيا في هذه الجامعة الفتية ليدرسوا منهجا موحدا في جو إسلامي كهذا ثم ليرجعوا إلى ديارهم ليفقهوا قومهم. فهذا العمل بحق نوع من أنواع التصحيح إن صدق طلاب الجامعة وأخلصوا عملم لله ونهجوا وأنصفوا وهو المتوقع منهم بإذن الله.
ولقد أدركت الجامعة الإسلامية وإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالرياض حاجة القارة الأفريقية الماسة إلى هذا التصحيح وقدرتا ذلك كما يجب. فتقديرا منهما بتلك الحاجة قد اتفقتا على التعاون والتنسيق العمل التصحيحي فيما بينهما بأن تختار الجامعة الإسلامية من خريجيها من يحصل بهم المقصود فتقدمهم لرياسة إدارة البحوث العلمية بالرياض لتبعثهم إلى القارة شرقها وغربها ووسطها. وهو كما ترى؟ تعاون إسلامي مشكور ومثمر بإذن الله إلا أنه لا يزال بحاجة إلى مزيد من التخطيط والتنظيم فنسأل الله تعالى مزيد التوفيق للمسئوولين في كل من الجامعة وإدارة البحوث حتى يتم تنظيم هذا العمل الجليل أكثر من ذي قبل ليتحقق الغرض الذي نظم التعاون من أجله على أحسن وجه وهو تجديد وتصحيح مفهوم الإسلام لدى جمهور المسلمين وإزالة تلك الرواسب الوثنية التي علقت بعقيدتهم
والبدع التي شاعت في عباداتهم وفساد الأخلاق الذي ساد صفوفهم وإلحاد الدستور الذي استوردوه من بلاد أعدائهم واستبدلوا به كتاب ربهم وسنة نبيهم وإزالة تلك الوحشية التي خيمت على قلوبهم حتى فقدوا نعمة الأنس بالله والتوكل عليه والثقة به والالتجاء إليه والاكتفاء به، هذه هي ميادين التجديد والتصحيح.
وإذا سمينا هذا الدور دور التصحيح فليس يعني ذلك الحط من قيمة الأعمال الجبارة التي يقوم بها الدعاة هناك لأن التصحيح الذي نعنيه لا يتم بجرة قلم أو بجعل حرف مكان حرف أو جملة مكان جملة أخرى. بل هو تصحيح يعني استئصال الجاهلية المزمنة ليحل الإسلام مكانها وتطهير القلوب من آثار الوثنية والبدع والخرافات القديمة حتى تحيا تلك القلوب بنور الإيمان والتوحيد الخالص، وحتى تحل الأحكام الإسلامية العادلة مكان تلكم الأحكام الجائرة التي خلفها الاستعمار وورثها قوما آخرين.
وعمل هذا ليس بالأمر السهل بل هو عمل شاق وجهاد عظيم رزقنا الله وإياهم الإخلاص فيه وابتغاء وجهه بنفع عباده وتعليمهم ما يجهلونه إنه عليم بذات الصدور.
دعاة محليون
هنا أمر هام أرى ضرورة التنويه به. وهو أن القارة الإفريقية قد حظيت بالدعاة المحليين المصلحين في فترات متقطعة- وأماكن مختلفة- عبر التاريخ الطويل من أهم هؤلاء، الدعاة وأسبقهم زمنا وأشملهم دعوة، السلطان المجاهد العالم السلفي الشيخ عثمان بن محمد المعروف بابن فودى الفلاتي.
ولد الداعية عثمان فودى سنة 1169 هـ وتوفى سنة 1232 هـ
وبدأ في العمل الإصلاحي والدعوة إلى الإسلام سنة 1188 هـ، وقد دعا الناس إلى الإسلام الصحيح الذي ابتعد عنه كثير من الناس، وجاهد وقاتل في سبيل ذلك إذا دعت الحاجة إلى ألقتال واتصل بالأمراء والعلماء التائهين عن الصواب، دعاهم ليعودوا إلى الصواب وإلى فهم الإسلام وتصوره على حقيقته يوم جاء، من عند الله عقيدة وعبادة وسياسة وخلقا، ولا تزال تلوح أثار دعوته في شمال نيجيريا، وخصوصا أمهات المدن التي كانت عواصم لدعوته ودعوة أبنائه وأحفاده من بعده مثل سكتو وزاريا وجص وغيرها، من أراد أن يعرف الرجل، دعوته وأسلوب دعوته فعليه بقراءة بعض مؤلفاته، ومن أهمها " سراج الإخوان في أهم ما يحتاج إليه في هذا الزمان " وهو كتاب صغير الحجم لكنه جم العلم وكثير الفوائد ينبيء عن علم صاحبه وحرصه الشديد على هداية العباد مع ما يلاحظ من حزمه وصرامته وصراحته في بيان الحق.
ومن ذريته: الشهيد الإسلامي الحاج أحمد بلو رئيس وزراء شمال نيجيريا الذي ختم الله له حياته بالدعوة إلى الإسلام. وقد اعتنق الإسلام على يده خلق كثير من الوثنيين والمسيحيين. وقد حضرنا
أنا وزملائي أعضاء وفد الجامعة الإسلامية حملته العظيمة في الثبشير بالإسلام في شمال نيجيريا عام 1385هـ وقد تحولت مناطق كثيرة مسيحية أو وثنية إلى مناطق إسلامية بحمد الله تعالى وكم من قرى مسيحية وأخرى وثنية كانت تصبح مسيحية أو وثنية وتمسى إسلامية بدعوته وكم من كنائس نصرانية تحولت مساجد إسلامية بين عشية وضحاها وقد كانت الجرائد اليومية في نيجيريا تحمل إلى القراء أرقاما خيالية للمسلمين الجدد كما كانت الإذاعة المحلية تبث أخبارا تثلج صدور المسلمين وتضيق عنها صدور الحاقدين من الصهاينة والنصارى الذين تواطؤوا على تدبير تلك المؤامرة الأثيمة التي أدت إلى اغتيال الشهيد بعد أن قدم أمامه تلك الأعمال الجليلة فنسأل الله تعالى أن يتقبلها منه ويلحقه بالصالحين إنه لا يضيع أجر المحسنين.
2-
الشيخ محمد عبد الله المالي المدني، وقد عاش هذا الداعية في المدينة المنورة فترة من الزمن وتولى إمامة المسجد النبوي في أوائل عهد الملك عبد العزيز رحمه الله ثم سافر إلى الهند ثم صنعاء اليمن ثم دخل شرق أفريقيا من طريق الصومال والحبشة. وهي جولة علمية وتبليغية معا إلى أن انتهى به المطاف إلى وطنه مالي. ليصدع بالحق معرضا عن الجاهلين من مشايخ الصوفية وأصحاب الشعوذة وأرباب التقليد الأعمى المعتزلة المعطلة وأتباعهم فأخذ ينشر علم الكتاب والسنة وعقيدة سلف هذه الأمة الذين ينحصر كل خير في اتباعم وهم أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام والتابعين لهم بإحسان وقد أحسن من قال:
وكل خير في اتباع من سلف
…
وكل شر في ابتداع من خلف
وقد بدأ دعوته المباركة في شرقي مالي عام 1357 هـ واستمر في دعوته وجهاده إلى أن توفي عام 1373هـ رحمه الله بعدا أن ترك
آثار دعوته ظاهرة وورث العلم والعقيدة السلفية عددا لا يستهان به من طلاب العلم الذين ساروا بعده سبرته وصاروا خير خلف في الدعوة ومحاولة الإصلاح ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
3-
الشيخ طاهر الجزائري وقد عالجت دعوته جانبا هاما هو جانب العقيدة وإصلاحها. وقد ألف في ذلك عدة رسائل نافعة بإذن الله ومن مؤلفاته:
(1)
الإيمان.
(ب) الشرك ومظاهره.
(ج) الجواهر الكلامية في إيضاح العقيدة الإسلامية.
وهو من العلماء الأبطال الذين شاركوا في ذلك الكفاح المرير ضد الفرنسيين في الجزائر الذي كتب الله له النجاح في النهاية.
هكذا يتضح لك أيها المستمع الكريم أن دراسة تاريخ القارة ودور الدعوة الإسلامية وتاريخها يجعل تلك العبارة المشهورة "مجاهيل أفريقيا" خرافة تاريخية لا تدل على الواقع والحقيقة الملموسة في القارة بل الواقع يكذبها كما لا يخفى.
وبعد أحسب أنني أعطيت القاريء الكريم صورة واضحة عن الدعوة الإسلامية في القارة عبر التاريخ- أو- على الأقل- أثرت في نفسه شعور الاستطلاع ليدرس تاريخ القارة ودور الدعوة الإسلامية فيها وأسبقها إلى الإسلام وموقفها الكريم من دعاة الإسلام في صدر الإسلام وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل أرجو أني أعطيت القاريء تلك
الصورة أو هذا المعنى للدعاة لأعود إلى الحديث عن الدعاة الذين هم في اليدان الآن وأتحدث عن بعض " الشروط الضرورية لنجاح الدعوة بإذن. الله في القارة الإفريقية وغيرها.
شروط الدعاة
إن نجاح الأعمال في الغالب الكثير يتوقف على نوعية العاملين، لذا أرى من الضروري وضع شروط تحدد لنا نوعية الدعاة الذين نبعثهم إلى الميدان لندون تلك الشروط لدى الجهات المسئولة فتطبق عند انتخاب الدعاة- واختيارهم وهى كالآتي:
(1)
يجب أن يكون الداعية ذا عقيدة راسخة وصادقة وكم منيت شعوب كثيرة بدعاة خالية قلوبهم من العقيدة الإسلامية الصحيحة. وكم منيت تلك الشعوب بدعاة لم يتصوروا حقيقة الإسلام ولم يفهموه حق فهمه، دعاة إلى حفلات الموالد. دعاة الرجبية والشعبانية. دعاة الأوراد الصوفية المبتدعة، بل بدعاة يدعون إلى نفي صفات الله تعالى أو تعطيلها بعد أن أثبتها الله لنفسه، يفعلون ذك بدعوى التنزيه بل من الدعاة من يدعو إلى التحلل والابتعاد عن الفضيلة لتحل محلها الرذيلة بدعوى الحرية والتطور. يدعون إلى كل ذلك باسم الإسلام إنه الإسلام المفترى عليه.
(ب) الفقه في الدين والبصيرة في أسلوب الدعوة استنتاجا من قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} .
عندما يرى المرء عمل المبشرين ودقة تنظيمهم لحركتهم التبشيرية والتضحية التي يقدمونها أثناء القيام بعمل التبشير والصبر والتجلد منهم، ثم قارن ذلك بالفوضى والتخبط اللذين يسودان صفوف المنتسبين إلى الدعوة الإسلامية وعدم الجدية في عملهم بل يعتبر العمل الإسلامي عملا ثانويا إضافيا يقوم به الإنسان في أثناء فراغه من الأعمال الرسمية الجادة في نظره إذا قارن الإنسان هذه المقارنة يرى قوما أهل باطل يجدون في الدعوة إلى باطلهم ويخلصون في دعوتهم بينما يرى أهل الحق يهملون حقهم ويتكاسلون ولا يتنافسون في سبيله والله المستعان.
وعلى الرغم من كثرة المراكز الإسلامية التي تحمل اسم الدعوة على الإسلام وعلى الرغم من كثرة من ينتسبون إلى الدعوة ويعيشون تحت عنوان الدعاة إلى الإسلام وكثرة ما يكتب ويذاع باسم الدعوة إلى الإسلام على الرغم من ذلك كله فإن الدعوة. إلى الإسلام تأسيسا وتصحيحا أو تجديدا لا تزال تشكو عدم الجدية من أصحابها في الفالب الكثير، بل كثيرا ما تستغفل كأسباب للمعيشة وكأسلوب للحياة أو الوصول إلى المناصب الدينية المرموقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا باسم الدعوة إلى الإسلام حتى تكسب الثقة وتنال الشهرة على حسابها. كما تشكو عدم الكفاءة العلمية والأسلوبية وقلة الحكمة وضعف الإخلاص من كثير من أصحا بها والله المستعان.
وفي يقيني أن رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد تدرك هذه الحقائق ولعلها تحاول أن تخرج بالدعوة الإسلامية من هذا المأزق بأن تقوم بتوحيد مراكز الدعوة وأمانات الدعوة الإسلامية وتجند للمركز العام للدعوة خبراء ومخططين إسلاميين يعملون في المركز ثم تجند لميدان الدعوة المباشر رجالا عرفوا بالعلم والحكمة والجدية والتحمس الذاتي للدعوة الإسلامية لا لكونها
شروط الدعوة
…
(ج) الحكمة والاتزان وعدم الطيش {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 1، {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرا} 2 والحكمة بأوجز عبارة وأدقها هي اللين في موضع اللين والشدة في موضع الشدة.
(د) تجنب المداهنة وهي من أخطر الصفات في الداعية وهي التودد والتملق للناس على حساب الدين بحيث يعجز في النهاية عن بيان الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراعاة لخواطر الجمهور. فيكون معه إذا صلح الناس صلح معهم وإذا فسدوا فسد معهم.
(هـ) الصبر والتحمل لأن علاج الأوضاع القائمة في الأقطار الإسلامية يحتاج زمنا طويلا يقرب من طول عمر الجاهلية المزمنة أو أطول.
وإذا ما طبقنا هذه الشروط أو ما يقاربها من الصفات في الدعاة الذين يعملون في هذا الدور- دور التصحيح- صرنا قريبين من درب النجاح في عملنا بإذن الله وإن كنا ندرك الحاجة الماسة إلى إعادة النظر في تنظيم عمل الدعوة بصفة عامة بل العمل الإسلامي من حيث هو لم يحظ بالتنظيم الدقيق بعد. علما بأن العمل القليل المنظم خير وأكثر ثمرة من العمل الكثير غير المنظم كما لا يخفى.
1 سورة النحل الآية 125.
2 سورة البقرة الآية 69.