المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب مناقب عائشة أم المؤمنين - سبيل الرشاد ط ٢ - جـ ٣

[محمود محمد خليل]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب السُّنَّة

- ‌باب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ كتاب العلم

- ‌باب التفقه في الدين

- ‌باب جزاء من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب فضل مَن عَلَّم الناس

- ‌باب الموعظة والنصيحة

- ‌باب الدعوة والبلاغ

- ‌باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌باب يسروا ولا تعسروا

- ‌باب سَرد الحديث

- ‌باب ما يُنهى عنه من السؤال

- ‌باب من سَنَّ سُنَّةً

- ‌باب الحلال بَيِّن

- ‌باب رفع العلم ونزول الجهل

- ‌ كتاب الإمارة

- ‌باب كلكم مسؤول عن رعيته

- ‌باب الإمام العادل

- ‌باب النهي عن الحرص على الإِمارة

- ‌باب الأمر في قريش

- ‌باب: ما أَوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخلافة إِلى أَحد

- ‌باب الوفاء ببيعة الأمير الأول

- ‌باب أداء الحق للأمراء

- ‌باب طاعة الأمير الذي يبعثه النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب إِنما الطاعة في معروف

- ‌باب من فارق الجماعة

- ‌باب البيعة

- ‌باب بيعة النساء

- ‌باب مُنافَقَة الأمراء

- ‌باب غلول الأُمراء

- ‌باب حديث السقيفة

- ‌ كتاب الهجرة

- ‌باب فضل من مات في الهجرة

- ‌ كتاب الجهاد

- ‌باب الأمر بالقتال

- ‌باب تعلم الرمي

- ‌باب فضل الجهاد والمجاهدين

- ‌باب من مات ولم يغز

- ‌باب ليس على المريض حرجٌ

- ‌باب التولي يوم الزحف

- ‌باب متى يُجاز للقتال

- ‌باب مشاركة النساء في الجهاد

- ‌باب الجهاد في البحر

- ‌باب من جرح في سبيل الله

- ‌باب الشهداء

- ‌باب فضل الشهادة والشهداء

- ‌باب من جهز غازيا

- ‌باب الإمام جنة

- ‌باب الحرب خَدعة

- ‌باب وقت الإغارة على العدو

- ‌باب الدعوة عند القتال

- ‌باب ما جاء في الخيل

- ‌باب النهي عن قلائد الوَتَر في أعناق الإبل

- ‌باب لا أَستعين بمشرك

- ‌باب نصرت بالصبا

- ‌باب النهي عن قتل النساء والصبيان

- ‌باب إِذا كانت الغارة ليلا فأصيب النساء والولدان

- ‌بابُ لا يُعَذَّبُ بعذاب الله

- ‌باب إِذا قال الكافر: أسلمت

- ‌باب الحِمَى

- ‌باب الدعاء والذكر عند القتال

- ‌باب استقبال المجاهدين

- ‌باب غزوات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب غزوة بدر

- ‌باب غزوة أُحد

- ‌باب غزوة الأحزاب

- ‌باب صلح الحديبية

- ‌باب غزوة ذي قَرَد

- ‌باب غزوة خيبر

- ‌باب غزوة مؤتة

- ‌باب فتح مكة

- ‌باب غزوة حنين

- ‌باب غزوة الطائف

- ‌باب غزوة تبوك

- ‌باب بعث بنى جذيمة

- ‌باب قتل كعب بن الأشرف

- ‌باب غزوة ذي الخلصة

- ‌باب سرية خبيب

- ‌باب ما جاء في الغنائم والخُمُس

- ‌باب من قتل قتيلا فله سبله

- ‌باب ما جاء في الغلول

- ‌باب الجزية

- ‌ كتاب المناقب

- ‌باب خلق آدم صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب خليل الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب نبي الله لوط صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب نبي الله داود صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب نبي الله سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب نبي الله يوسف صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب نبي الله يُونُس صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب نبى الله عيسى صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب النبي محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌باب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب الأمة

- ‌باب مناقب الصديق

- ‌باب مناقب أبي بكر وعمر

- ‌باب مناقب أبي بكر وعمر وعثمان

- ‌باب مناقب أبي بكر الصديق والزبير

- ‌باب مناقب عمر بن الخطاب

- ‌باب مناقب عثمان بن عفان

- ‌باب مناقب علي بن أَبي طالب

- ‌باب مناقب أُبَي بن كعب

- ‌باب مناقب أُسامة بن زيد وأَبيه

- ‌باب مناقب أُسيد بن حضير وعباد بن بشر

- ‌باب مناقب أشج عبد القيس

- ‌باب مناقب أنس بن مالك

- ‌باب مناقب أَنس بن النضر

- ‌باب مناقب بلال بن رباح

- ‌باب مناقب ثابت بن قيس

- ‌باب مناقب جابر بن عبد الله

- ‌باب مناقب جرير بن عبد الله

- ‌باب مناقب جليبيب

- ‌باب مناقب حارثة بن سراقة

- ‌باب مناقب حسان بن ثابت

- ‌باب مناقب الحسن بن علي

- ‌باب مناقب خزيمة بن ثابت

- ‌باب مناقب الزبير بن العوام

- ‌بابٌ: زيد بن عمرو بن نُفيل

- ‌باب مناقب سعد بن أبي وقاص

- ‌باب مناقب سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل

- ‌باب مناقب سلمان الفارسي وقومه

- ‌باب مناقب سلمة بن الأكوع

- ‌باب مناقب ضماد

- ‌باب مناقب عبد الله بن أبي أَوفى

- ‌باب مناقب عبد الله بن الزبير

- ‌باب مناقب عبد الله بن سلام

- ‌باب مناقب عبد الله بن عباس

- ‌باب مناقب عبد الله بن عمر

- ‌باب مناقب عبد الله بن عَمرو بن حرام

- ‌باب مناقب عبد الله بن مسعود

- ‌باب مناقب عثمان بن مظعون

- ‌باب مناقب عدي بن حاتم

- ‌باب مناقب عكاشة بن محصن الأسدي

- ‌باب مناقب عمرو بن العاص

- ‌باب مناقب محمود بن الربيع

- ‌باب مناقب مصعب بن عمير

- ‌باب مناقب أبي دجانة

- ‌باب مناقب أبي الدحداح

- ‌باب مناقب أبي ذر

- ‌باب مناقب أبي طلحة الأنصاري

- ‌باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح

- ‌باب مناقب أبي قتادة الأنصاري

- ‌باب مناقب أبي هريرة

- ‌باب مناقب أسماء بنت أبي بكر الصديق

- ‌باب مناقب خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب الرميصاء

- ‌باب مناقب زينب بنت جحش

- ‌باب مناقب عائشة أُم المؤمنين

- ‌باب مناقب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب مناقب هند بنت عتبة

- ‌باب مناقب أُم أيمن

- ‌باب مناقب أُم حَرام بنت مِلحان

- ‌باب مناقب أُم سلمة

- ‌باب مناقب أم سَليط

- ‌باب مناقب أم سليم

- ‌باب مناقب قريش

- ‌باب مناقب مكة المكرمة

- ‌باب مناقب مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌باب فضل جبل أُحد

- ‌باب مناقب الأَنصار

- ‌باب مناقب أَهل اليمن

- ‌باب مناقب القبائل

- ‌باب مناقب بني تميم

- ‌ كتاب الزهد

- ‌باب وما قدروا الله حق قدره

- ‌باب فضل الضعفاء والمساكين

- ‌باب ما جاء في الدنيا والمال

- ‌باب ما جاء في الأمل

- ‌باب تحريم الظلم

- ‌باب عيش النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب قرب الجنة والنار

- ‌باب حفت الجنة بالمكاره

- ‌باب لو تعلمون ما أعلم

- ‌باب جزاء الذين يعذبون الناس

- ‌باب عذبت امرأة في هرة

- ‌باب حسن الظن بالله

- ‌باب النهى عن التكلف

- ‌باب في الشكر

- ‌باب من عمره الله تعالى

- ‌باب ذهاب الجيل الأول

- ‌باب ذهاب الصالحين

- ‌باب إِنما الناس كالإبل المئة

- ‌باب عاجل بشرى المؤمن

- ‌باب إذا أحب الله عبدًا

- ‌باب كل ابن آدم تأكل الأَرض

- ‌باب ما يتقى من محقرات الذنوب

- ‌باب إِن لربك عليك حقا

- ‌باب دوام العمل

- ‌باب في التوكل

- ‌باب البكاء عند ذكر الله

- ‌باب إِذا هبت الريح

- ‌باب لن يدخل الجنة أحدا عمله

- ‌باب من نوقش الحساب هلك

- ‌باب في رحمة الله عز وجل

- ‌باب التجاوز عن الوسوسة

- ‌باب الصبر على الأذى

- ‌باب لا يُلدغ المُؤمن من جُحر واحدٍ مرتين

- ‌باب ما يصاب به المؤمن

- ‌باب الأعمال بالخواتيم

- ‌باب غَيْرة الله عز وجل

- ‌باب صبر الله على أذى خلقه

- ‌باب النهي عن تمني الموت

- ‌باب من أحب لقاء الله

- ‌باب النهي عن الدخول على المعذبين

- ‌باب ساعة وساعة

- ‌باب في كل كبد رطبة أجر

- ‌باب يوم الوشاح

- ‌باب من أخبار الأمم السابقة

- ‌ كتاب الفتن وأشراط الساعة

- ‌باب بيان الفتنة

- ‌باب نزول الفتن

- ‌باب الفرار من الفتن

- ‌باب ما جاء في هلاك الأُمة

- ‌باب لا ترجعوا بعدي كفارا

- ‌باب من حمل علينا السلاح فليس منا

- ‌باب ما يكون من الفتن

- ‌باب لا تزال طائفة ظاهرين على الحق

- ‌باب إِذا أَراد الله بقوم عذابا

- ‌باب الفتنة هاهنا

- ‌باب ما جاء في المسيح الدجال

- ‌ كتاب القيامة والجنة والنار

- ‌باب سبعة يظلهم الله في ظله

- ‌باب ما جاء في الحشر

- ‌باب القِصاص يوم القيامة

- ‌باب ما جاء في النجوي

- ‌باب لكل غادر لواء يوم القيامة

- ‌باب ما جاء في الحوض

- ‌باب الشفاعة

- ‌باب يا أهل الجنة خلود لا موت

- ‌باب ما جاء في النار

الفصل: ‌باب مناقب عائشة أم المؤمنين

(1)

أخرجه أَبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد، وعَبد بن حُميد، والبخاري، ومسلم، وابن ماجة، والتِّرمِذي، والنَّسَائي، وأبو يَعلَى. واللفظ لأحمد (19832) قال: حدثنا وكيع وابن جعفر، قالا: حدثنا شعبة، عن عَمرو بن مُرَّة، عن مرة الهمداني، به.

ص: 585

2403 -

عَنْ أَبِي طُوَالَةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:

«فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ»

(1)

.

(1)

أخرجه أَبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد، والدارِمي، والبخاري، ومسلم، وابن ماجة، والتِّرمِذي، والنَّسَائي، وأبو يَعلَى. واللفظ للبخاري (5428) قال: حدثنا مُسَدَّد، حدثنا خالد، حدثنا عبد الله بن عبد الرَّحمَن، به.

ص: 586

2404 -

عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

«أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةِ حَرِيرٍ، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ»

(1)

.

• وفي رواية: «قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: رَأَيْتُكِ فِي الْمَنَامِ، يَجِيءُ بِكِ الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَقَالَ لِي: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ الثَّوْبَ، فَإِذَا أَنْتِ هِيَ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ»

(2)

.

• وفي رواية

(3)

: «أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، جَاءَنِي بِكِ الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ، فَإِذَا أَنْتِ هِيَ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ»

(4)

.

(1)

اللفظ للبخاري (5078) قال: حدثنا عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، به.

(2)

اللفظ للبخاري (5125) قال: حدثنا مُسَدَّد، حدثنا حماد بن زيد، عن هشام، عن أبيه، به.

(3)

اللفظ لمسلم 7/ 134 (6364) قال: حدثنا خلف بن هشام وأبو الربيع، جميعًا عن حماد بن زيد، واللفظ لأبي الربيع، حدثنا حماد، حدثنا هشام، عن أبيه، به.

• أبو الربيع؛ هو سليمان بن داود العَتَكي الزهراني.

(4)

أخرجه إِسحاق، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو يَعلَى.

ص: 587

2405 -

عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارًا وَالْحَسَنَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَاهُمْ، فَخَطَبَ عَمَّارٌ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللهَ عز وجل ابْتَلَاكُمْ، لِتَتَّبِعُوهُ، أَوْ إِيَّاهَا

(1)

.

• وفي رواية

(2)

: «أَنَّ عَلِيًّا بَعَثَ عَمَّارًا وَالْحَسَنَ، يَسْتَنْفِرَانِ النَّاسَ، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ فَوَقَعَ فِي عَائِشَةَ، فَقَالَ عَمَّارٌ: إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللهَ ابْتَلَانَا بِهَا، لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ نُطِيعُ، أَوْ إِيَّاهَا»

(3)

.

(1)

اللفظ لأحمد (18621) قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت أبا وائل، به.

(2)

اللفظ لابن أبي شيبة (32949) قال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن الحكم، عن أبي وائل، به.

(3)

أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري، وأبو يَعلَى.

ص: 588

2406 -

عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:

«قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى، قُلْتِ: لَا، وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ»

(1)

.

• وفي رواية: «إِنِّي لَأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتُ: بِمَ تَعْلَمُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: إِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، فَحَلَفْتِ، قُلْتِ: كَلَّا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، وَإِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، قُلْتِ: كَلَّا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ»

(2)

.

• وفي رواية

(3)

: «إِنِّي لَأَعْرِفُ غَضَبَكِ وَرِضَاكِ، قَالَتْ: قُلْتُ: وَكَيْفَ تَعْرِفُ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: إِنَّكِ إِذَا كُنْتِ رَاضِيَةً، قُلْتِ: بَلَى وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ سَاخِطَةً، قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ، لَسْتُ أُهَاجِرُ إِلَّا اسْمَكَ»

(4)

.

(1)

اللفظ لمسلم 7/ 134 (6366) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: وجدت في كتابي، عن أبي أسامة، حدثنا هشام (ح) وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، به.

(2)

اللفظ للنَّسَائي في «الكبرى» (9308) قال: أخبرنا علي بن حُجْر، قال: أخبرنا علي، وهو ابن مسهر، عن هشام، وهو ابن عروة، عن أبيه، به.

(3)

اللفظ للبخاري (6078) قال: حدثنا محمد، أخبرنا عَبدَة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، به.

• عبدة؛ هو ابن سليمان، ومحمد؛ هو ابن سلام البخاري.

(4)

أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم، والنَّسَائي، وأبو يَعلَى.

ص: 589

(1)

أخرجه إِسحاق والبخاري، ومسلم، والنَّسَائي. واللفظ لمسلم 7/ 135 (6370) قال: حدثنا أبو كريب، حدثنا عَبدَة، عن هشام، عن أبيه، به.

ص: 590

2408 -

عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ:

«كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمِي، وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: إِنَّ صَوَاحِبِي اجْتَمَعْنَ، فَذَكَرَتْ لَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا»

(1)

.

• وفي رواية

(2)

: «عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، وَاللهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيدُ الْخَيْرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَةُ، فَمُرِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ حَيْثُمَا كَانَ، أَوْ حَيْثُمَا دَارَ، قَالَتْ: فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا عَادَ إِلَيَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَاكَ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرَِهَا»

(3)

.

(1)

اللفظ للبخاري (2580) قال: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن هشام، عن أبيه، به.

(2)

اللفظ للبخاري (3775) قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوَهَّاب، حدثنا حماد، حدثنا هشام، عن أبيه، به.

(3)

أخرجه البخاري، والتِّرمِذي، والنَّسَائي.

ص: 591

2409 -

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

«يَا عَائِشُ، هَذَا جِبْرِيلُ، عليه السلام، وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ، فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ، قَالَتْ: وَهُوَ يَرَى مَا لَا نَرَى»

(1)

.

• وفي رواية

(2)

: «عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ، هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ، فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لَا أَرَى، تُرِيدُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم»

(3)

.

(1)

اللفظ لأحمد (25213) قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزُّهْرِي، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرَّحمَن، به.

(2)

اللفظ للبخاري (3217) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا هشام، أخبرنا مَعمَر، عن الزُّهْرِي، عن أبي سلمة، به.

(3)

أخرجه أَبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد، والدارِمي، والبخاري، ومسلم، وابن ماجة، وأبو داود، والتِّرمِذي، والنَّسَائي.

ص: 592

2410 -

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتَ لَهُ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالُوا: قَالَتْ عَائِشَةُ:

«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، قَالَتْ: وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي، فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ عَلَيْهِ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ، وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ فَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ، ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ، مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الْحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَوَاللهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ، وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِيَ الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهيرَةِ وَهُمْ نُزُولٌ، قَالَتْ: فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ، قَالَ عُرْوَةُ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ، فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ، وَقَالَ عُرْوَةُ أَيضًا: لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ أَيْضًا إِلَّا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فِي نَاسٍ آخَرِينَ، لَا عِلْمَ لِي بِهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى، وَإِنَّ كِبْرَ ذَلِكَ يُقَالُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، قَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ، وَتَقُولُ: إِنَّهُ الَّذِي قَالَ:

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي

لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي، أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: كَيْفَ تِيكُمْ؟ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَلِكَ يَرِيبُنِي، وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا، وَكُنَّا لَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، قَالَتْ: وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِي الْبَرِّيَّةِ قِبَلَ الْغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، قَالَتْ: فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ، وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي، حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فَقَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهْ، وَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قَالَتْ: وَقُلْتُ: مَا قَالَ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، قَالَتْ: فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تِيكُمْ؟ فَقُلْتُ لَهُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟ قَالَتْ: وَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لِأُمِّي: يَا أُمَّتَاهُ، مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ، إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ، أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ قَالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ، لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، قَالَتْ: وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ، يَسْأَلُهُمَا وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أَهْلَكَ، وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ، فَقَالَ: أَيْ بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟ قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قَالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَذَاهُ فِي أَهْلِي، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي، قَالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، أَخُو بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَعْذِرُكَ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ، أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالَتْ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ، وَهُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، قَالَتْ: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَقَالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ، لَعَمْرُ اللهِ لَا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ، لَعَمْرُ اللهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ، قَالَتْ: فَثَارَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ، وَالْخَزْرَجُ، حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّضُهُمْ، حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ كُلَّهُ، لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قَالَتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ عِنْدِي، وَأَنَا أَبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ، إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللهَ، وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِّي فِيمَا قَالَ، فَقَالَ أَبِي: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا قَالَ، قَالَتْ أُمِّي: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ، وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لَا أَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرًا: إِنِّي وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ، لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي، وَلَئنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُنِّي، فَوَاللهِ لَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ:{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} ، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللهِ، مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ فِيَّ بِأَمْرٍ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللهُ بِهَا، فَوَاللهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسَهُ، وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ الْعَرَقِ مِثْلُ الْجُمَانِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ، قَالَتْ: فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، فَإِنِّي لَا أَحْمَدُ إِلَّا اللهَ عز وجل قَالَتْ: وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ} الْعَشْرَ الآيَاتِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ، لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ، فَأَنْزَلَ اللهُ:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، قَالَ أَبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى وَاللهِ، إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَاللهِ لَا أَنزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ لِزَيْنَبَ: مَاذَا عَلِمْتِ، أَوْ رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَعَصَمَهَا اللهُ بِالْوَرَعِ، قَالَتْ: وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ».

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ.

ثُمَّ قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ: سُبْحَانَ اللهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قَالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ

(1)

.

(1)

أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنَّسَائي، وأبو يَعلَى. واللفظ للبخاري (4141) قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، به.

ص: 593

2411 -

عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:

«لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ، قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيَّ خَطِيبًا، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ، فَتَشَهَّدَ، فَحَمِدَ اللهَ عز وجل وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي نَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي، وَايْمُ اللهِ، مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي سُوءًا قَطُّ، وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ وَاللهِ، مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَلَا دَخَلَ بَيْتِيَ قَطُّ إِلَّا وَأَنَا حَاضِرٌ، وَلَا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلَّا غَابَ مَعِي، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: نَرَى يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ نَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَلْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقَالَ: كَذَبْتَ، أَمَا وَاللهِ لَوْ كَانُوا مِنَ الأَوْسِ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، حَتَّى كَادُوا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فِي الْمَسْجِدِ شَرٌّ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي، وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ فَعَثَرَتْ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: عَلَامَ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ فَسَكَتَتْ، ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّانِيَةَ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: عَلَامَ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَانْتَهَرْتُهَا، فَقُلْتُ: عَلَامَ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا أَسُبُّهُ إِلَّا فِيكِ، فَقُلْتُ: فِي أَيِّ شَأْنِي؟ فَذَكَرَتْ لِيَ الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ: وَقَدْ كَانَ هَذَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَاللهِ، فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، لَكَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لَمْ أَخْرُجْ لَهُ، لَا أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، وَوُعِكْتُ، فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَرْسِلْنِي إِلَى بَيْتِ أَبِي، فَأَرْسَلَ مَعِي الْغُلَامَ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ، فَإِذَا أَنَا بِأُمِّ رُومَانَ، فَقَالَتْ: مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ؟ فَأَخْبَرْتُهَا، فَقَالَتْ: خَفِّضِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ، فَإِنَّهُ وَاللهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ، تَكُونُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، وَلَهَا ضَرَائِرُ، إِلَّا حَسَدْنَهَا وَقُلْنَ فِيهَا، قُلْتُ: وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَتْ: وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَعْبَرْتُ فَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبو بَكْرٍ صَوْتِي، وَهُوَ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ، فَنَزَلَ، فَقَالَ لِأُمِّي: مَا شَأْنُهَا؟ فَقَالَتْ: بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ أَمْرِهَا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ يَا بُنَيَّةُ، إِلَّا رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ، فَرَجَعْتُ، وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، فَلَمْ يَزَالَا عِنْدِي حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الْعَصْرِ، وَقَدِ اكْتَنَفَنِي أَبَوَايَ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَتَشَهَّدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ، إِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ سُوءًا وَظَلَمْتِ، تُوبِي إِلَى اللهِ عز وجل فَإِنَّ اللهَ عز وجل يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ، وَقَدْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنصَارِ، فَهِيَ جَالِسَةٌ بِالْبَابِ، فَقُلْتُ: أَلَا تَسْتَحِي مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَقُولَ شَيْئًا، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْهُ، فَقَالَ: أَقُولُ مَاذَا؟ فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِيهِ، فَقَالَتْ: أَقُولُ مَاذَا؟ فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَاهُ تَشَهَّدْتُ، فَحَمِدْتُ اللهَ عز وجل وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بَعْدُ، فَوَاللهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ، وَاللهُ، جل جلاله، يَشْهَدُ إِنِّي لَصَادِقَةٌ، مَا ذَاكَ بِنَافِعِي عِنْدَكُمْ، لَقَدْ تَكَلَّمْتُمْ بِهِ، وَأُشْرِبَتْهُ قُلُوبُكُمْ، وَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ، وَاللهُ عز وجل يَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ، لَتَقُولُنَّ: قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا، فَإِنِّي وَاللهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ، وَمَا أَحْفَظُ اسْمَهُ {صَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}، فَأُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَاعَتَئِذٍ، فَرُفِعَ عَنْهُ وَإِنِّي لَأَسْتَبِينُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ، وَهُوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ عز وجل بَرَاءَتَكِ، فَكُنْتُ أَشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَبًا، فَقَالَ لِي أَبَوَايَ: قُومِي إِلَيْهِ، قُلْتُ: وَاللهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُهُ، وَلَا أَحْمَدُكُمَا، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ، وَلَا غَيَّرْتُمُوهُ، وَلَكِنْ أَحْمَدُ اللهَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، وَلَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتِي، فَسَأَلَ الْجَارِيَةَ عَنِّي، فَقَالَتْ: لَا وَاللهِ، مَا أَعْلَمُ عَلَيْهَا عَيْبًا، إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ تَنَامُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَ خَمِيرَتَهَا، أَوْ عَجِينَتَهَا، شَكَّ هِشَامٌ، فَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ: اصْدُقِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ، قَالَ عُرْوَةُ: فَعِيبَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ قَالَهُ، فَقَالَتْ: لَا وَاللهِ، مَا أَعْلَمُ عَلَيْهَا إِلَّا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، وَاللهِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ، فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَمَّا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَعَصَمَهَا اللهُ عز وجل بِدِينِهَا، فَلَمْ تَقُلْ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا أُخْتُهَا حَمْنَةُ فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا فِيهِ الْمُنَافِقُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ، كَانَ يَسْتَوْشِيهِ وَيَجْمَعُهُ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ، وَمِسْطَحٌ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، فَحَلَفَ أَبو بَكْرٍ أَنْ لَا يَنْفَعَ مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللهُ، عز وجل: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ {أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ} يَعْنِي مِسْطَحًا {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فَقَالَ أَبو بَكْرٍ: بَلَى وَاللهِ، إِنَّا لَنُحِبُّ أَنْ يُغْفَرَ لَنَا، وَعَادَ أَبو بَكْرٍ لِمِسْطَحٍ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ بِهِ»

(1)

.

(1)

أخرجه إسحاق، وأحمد، ومسلم، والتِّرمِذي. واللفظ لأحمد (24955) قال: حدثنا أبو أسامة، حدثنا هشام، عن أبيه، به.

ص: 594

2412 -

عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ لِيَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ؟ قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِكَ: أَبو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ لَهُمَا: كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا

(1)

.

(1)

أخرجه البخاري (4142) قال: حدثني عبد الله بن محمد، قال: أملى علي هشام بن يوسف من حفظه، أخبرنا مَعمَر، عن الزُّهْرِي، به.

ص: 595