المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرص الأمين الشنقيطي على طلب العلم - سلسلة علو الهمة - المقدم - جـ ١١

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌علو الهمة [11]

- ‌علو الهمة في طلب العلم

- ‌العلم أشرف من المال

- ‌كلام ابن الجوزي في الحث على طلب العلم

- ‌كلام ابن القيم في الحث على طلب العلم

- ‌كلام الشافعي وابن هشام في الحث على طلب العلم

- ‌الغيرة على الوقت أن ينفق في غير فائدة

- ‌حرص السلف على طلب العلم

- ‌حرص عمر بن الخطاب على طلب العلم

- ‌حرص ابن عباس على طلب العلم

- ‌حرص الشافعي على طلب العلم

- ‌حرص محمد بن سلام على طلب العلم

- ‌حرص أحمد بن حنبل على طلب العلم

- ‌حرص الثوري على طلب العلم

- ‌حرص ابن أبي حاتم على طلب العلم

- ‌حرص سليم بن أيوب على طلب العلم

- ‌حرص أبي الطاهر السلفي والخليل بن أحمد والباقلاني على طلب العلم

- ‌حرص عبيد بن يعيش وداود الطائي على طلب العلم

- ‌حرص ابن عقيل على طلب العلم

- ‌حرص شعبة والشعبي على طلب العلم

- ‌حرص محمود شكري الألوسي على طلب العلم

- ‌حرص الأمين الشنقيطي على طلب العلم

- ‌علو همة السلف في قراءة كتب الحديث في أيام قليلة

- ‌علو همة السلف في الرحلة في طلب العلم

- ‌علو همة السلف في صبرهم على الفقر في سبيل طلب العلم

- ‌علو همة السلف في معاناتهم الجوع والشدائد في طلب العلم

- ‌علو همة السلف في معاناتهم السهر في طلب العلم

الفصل: ‌حرص الأمين الشنقيطي على طلب العلم

‌حرص الأمين الشنقيطي على طلب العلم

العلامة القرآني محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى من نوادر النابغين والعباقرة في هذا الزمان، قال عنه بعض الإخوة: هذا الرجل قذيفة قذفت من القرون الأولى واستقرت في القرن الرابع عشر الهجري، فقد كان يشبه علماء السلف في أحواله، وفي علمه، وفي ملكته.

ذكر العلامة القرآني رحمه الله تعالى عن نفسه أنه قدم على بعض المشايخ ليدرس عليه، وقد كان الشيخ الشنقيطي صبياً صغيراً، ونظام طلب العلم في شنقيط -وهي موريتانيا- أن الشيخ ينزل في مكان في الصحراء ويتخذ خيمة هناك، ثم يأتي الطلبة إليه ويضربون الخيام حول خيمته، ويتفرغون تماماً للعلم الذي سيتلقونه من هذا الشيخ، فإذا فرغوا منه انتقلوا إلى غيره في الصحراء.

فذهب وهو طفل صغير إلى الشيخ ليدرس عليه كتاب لامية الأفعال، وأولها: الحمد لله لا أبغي به بدلاً.

فلما قدم الشنقيطي وهو طفل صغير على الشيخ ونزل عليه لم يكن الشيخ يعرفه من قبل، فأمام ملأ من التلامذة سأله: من أنت؟ فقال مرتجلاً: هذا فتى من بني جاكان قد نزلا به الصبا عن لسان العرب قد عدلا رمت به همة علياء نحوكم إذ شام برق علو نوره اشتعلا فجاء يرجو ركاماً من سحائبه تكسو لسان الفتى أزهاره حللا إذ ضاق ذرعاًَ بجهل النحو ثم أبى أن لا يميز شكل العين من فعلا وقد أتى اليوم صباً مولعاً كلفًا للحمد لله لا أبغي به بدلا فارتجل هذه الأبيات بمجرد أن سأله الشيخ: من أنت؟! مضى رحمه الله تعالى في طلب العلم قدماً، وقد ألزمه بعض مشايخه بالقران، أي: أن يقرن بين فنين؛ لأنهم كانوا يهتمون جداً بتخصص الطالب وتركيزه على علم واحد حتى يتقنه ثم يتحول إلى علم آخر، لكن الشنقيطي خاصة نصحه بعض مشايخه -لما رأى فيه النجابة والذكاء والعبقرية- أن يقرن بين علمين؛ لأن طاقته وقدرته تؤهله لذلك، كي يسرع في تحصيل العلم، فقد تفرس فيه القدرة على ذلك، فانصرف بهمة عالية في الدرس والتحصيل رحمه الله تعالى.

حتى إن بعض مشايخه لما رأى عليه أمارة النجابة والعبقرية قال له: يا بني! إن العلماء يذهبون إلى أن من أنس من نفسه أمارات الذكاء والنباهة والنبوغ فإنه يتعين عليه طلب الإمامة في الدين.

يعني: يجب عليه أن يجتهد في طلب العلم حتى يصير إماماً.

قال رحمه الله تعالى في كتابه (رحلة الحج): ومما قلت في شأن طلب العلم، وقد كنت في زمن الاشتغال بطلب العلم دائم الاشتغال به عن التزويج؛ لأنه ربما عاق عنه، فلما طال اشتغالي بطلب العلم قال لي بعض الأصدقاء: إما أن تتزوج الآن من تصلح لك، وإلا تزوجت عنك ذوات الحسب والجمال، ولن تجد من تصلح لمثلك.

يريد أن يثنيني عن طلب العلم، فقلت في ذلك هذه الأبيات: دعاني الناصحون إلى النكاح غداة تزوجت بيض الملاح فقالوا لي تزوج ذات دل خلوب اللحط جائلة الوشاح ضحوكاً عن مبصرة رقاق تمج الراح بالماء القراح كأن لحاظها رشقات نبل تذيق القلب آلام الجراح ولا عجب إذا كانت لحاظ لبيضاء المحاجر كالرماح فكم قتلت كمياً ذابلات ضعيفات الجفون بلا سلاح فقلت لهم دعوني إن قلبي من الغي الصراح اليوم صاح ولي شغل بأبكار عذارى كأن وجوهها غرر الصباح يقصد الكتب والمسائل العلمية.

أراها في المهارق لابسات براقع من معانيها الصحاح أبيت مفكراً فيها فتضحى لفهم الفدم خافضة الجناح أبحت حريمها جبراً عليها وما كان الحريم بمستباح فهذه إشارة عابرة إلى مظاهر علو همة السلف الصالح رحمهم الله تعالى في طلب العلم وشدة حرصهم على طلب العلم.

ص: 22