الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التعريف بكتاب "السُّنن
"
يُعَدُّ كتابُ ابنِ ماجه أحدَ الأصولِ الستة (1) التي تلقاها العلماءُ بالقَبُول، واعتنى بها المحدِّثون والفقهاءُ طبقةً بعدَ طبقةٍ، واشتهرت فيما بينَ الناس، وتصدَّت لها أقلام أهلِ العلم شرحًا لغريبها، وفحصًا عن رجالها، واستنباطًا لفقهها، وجمعًا لمتونها، وتهذيبًا لها.
وهذه الأصولُ الستة قد اشتملت على أحكامِ الإسلام وآدابه، وشرائعه وتوجيهاته، ويرى الإمام النووي رحمه الله أنه لم يَفُتْها مِن الحديث الصحيح والحسن إلا النَّزْرُ اليسيرُ.
وأولُ مَنْ أضاف "سننَ ابن ماجه" إلى الكتب الخمسةِ، مكمِّلًا بها الستة، الحافظُ أبو الفضل محمدُ بنُ طاهر المقدسي المتوفى سنة (507 هـ) في "أطراف الكتب الستة" له، وكذا في "شروط الأئمة
(1) هي "الجامع الصحيح" للأمام محمدِ بنِ إسماعيل البخاري المتوفى سنة (251) هـ، و"الصحيحُ" للإمام مسلم بن الحجاج القشيري المتوفى سنة (261) هـ، و"السننُ" لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني المتوفى سنة (275) هـ، و"الجامع" لأبي عيسى محمَّد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي المتوفى سنة (279) هـ، و"السُّنن" لأحمد بن شعيب النسائي المتوفى سنة (303) هـ، و"السُّنن" لأبي عبد الله محمَّد بن يزيد ابن ماجه القزويني المتوفى سنة (273) هـ.
قال الحافظ المزي: ولكل واحدٍ مِن هذه الكتب مزيةٌ يعرفُها أهلُ هذا الشأن، وقد اشتهرت بينَ الأنام، وانتشرت في بلاد الإسلام، وعَظُمَ الانتفاعُ بها، وحَرَصَ طلابُ العلم على تحصيلها.
الستة" له أيضًا، ثم الحافظُ عبدُ الغني المقدسي المتوفى سنة (600 هـ)، وأول مَنْ جمع أطرافَه مع السننِ الثلاثة الحافظ أبو القاسم ابنُ عساكر المتوفى سنة (571 هـ). فتبعهم على ذلك أصحابُ الأطرافِ، وهذا يشير إلى أن إضافة "سنن ابن ماجه" إلى الخمسةِ إنما كان في أول المئةِ السادسةِ، ولا يُؤثَر في ذلك عن القدماء شيءٌ.
وابنُ ماجه كأصحابِ السُّنن الثلاثة لم يشترِط في كتابه إيرادَ الأحاديث الصحيحة فقط، بل أدرجَ فيها الصحيح والحسن والضعيف والمنكر، ووقع له بضعةُ أحاديث موضوعة لا تَصِحُّ نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ولهذا وَجَبَ تمييزُ صحيحها مِن سقيمها، وتبيين ما يحتجُّ به مما لا يُحتج به منها، نصحًا لله ولرسوله ولِعامة المسلمين.
وبالرجوع إلى عملنا الدقيق الذي قُمنا به في دراسة أحاديث هذا الكتاب تبين لنا أن الإمامَ ابن ماجه انفردَ مِن بين أصحاب الكتب الخمسة بـ (1213) حديثًا بالمكرَّر، منها (98) حديثًا مما صح إسناده، ومنها (113) أحاديث صحيحة بالمتابعات، ومنها (219) حديثًا تصح بالشواهد، ومنها (58) حديثًا أسانيدُها حسنة، ومنها (42) حديثًا هي حسنةٌ بالمتابعات، ومنها (65) حديثًا هي حسنةٌ بالشواهد، ومنها (6) أحاديث محتملة للتحسين، ومنها (7) أحاديث أوردها مرفوعةً وصححناها موقوفة، ومنها (4) مراسيل، ومنها (384) حديثًا كلها ضعاف، ومنها (184) حديثًا وهي ضعيفة جدًا، ومنها حديث واحد شاذٌ باللفظ الذي ساقه المصنف، ومنها (21) حديثًا منكرًا وموضوعًا، ومنها (11) حديثًا لم نجزم بالحكم عليها.
ويظهر مِن هذا الإحصاء أن مجموع الأحاديث الصحيحة والحسنة، لذاتها ولغيرها، التي انفردَ بها ابنُ ماجه عن الكتب الخمسة بلغت (600) حديث، وهي تُساوي نصفَ ما انفرد به تقريبا.
وهذه النتيجة التي توصلنا إليها من خلال دراستنا للأسانيد دراسةَ دقيقة، تَرُدُّ قولَ مَنْ يقولُ: إنَّ كل ما انفردَ به ابنُ ماجه عن الكتب الخمسة، فهو ضعيف.
لكن كتاب "سنن ابن ماجه" دونَ الكتبِ الخمسة في المرتبة، كما قال العلامةُ السِّندي في مقدمة تعليقه. وقد صرح غيرُ واحد مِن الحفاظ أنه لا يجوزُ الاحتجاجُ بحديثِ رواه أصحابُ السُّنن والمسانيد التي لم يَشْتَرِطْ مَن جمعها الصحةَ ولا الحُسنَ ما لم يَتَثبَّت مِن صحته بدراسة إسنادِه، وانتفاء الشذوذ والعِلَّةِ عنه. وقد تولينا بتوفيق الله كل ذلك في تحقيقنا هذا، وأبَنَّا عن درجةِ كل حديث مِن أحاديثه من حيث الصحةُ أو الحسنُ أو الضعفُ.
وقد ذكر أهلُ العلم أن ابن ماجه تفرَّد بجملة أحاديثَ عن رجال متَّهَمين بالكذب وسرقة الحديث، حكم عليها الأئمةُ بالبُطْلان والوضع. وقد أدرج منها العلامة ابنُ الجوزي في كتاب "الموضوعات"(34) حديثًا، وأرقامها على التوالي: 65، 120، 141، 184، 256، 1332، 1333، 1384، 1386، 1583، 1602، 1613، 1615، 1862، 2146، 2289، 2307، 2474،