الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحمزة بن حبيب الزيات، وكلاهما من القراء السبعة، ومن شيوخ الإقراء الذين لقيهم كذلك عبدُ الله بن أحمد بن بشير بن ذَكْوان أحد الرواة الأثبات عن ابن عامر الدمشقي أحد السبعة.
ولا شكَّ أنه بلقائه أولئك الأئمةَ قد استفاد منهم، وحَرَصَ على ملازمتهم مدةَ مُكْثِه بتلك البلاد، شأنَ طلاب العلم في ذلك العصر، الذين لم يكن يحجُزُهم بُعدُ الشُقَة عن تجشُّم المشقَّة، وكانوا يغتنمون الفرصة، ويستثمرون وقتهم كله في حضور مجالس العلماء والأخذ عنهم والإفادة منهم، وتدوين ما يسمعونه منهم.
وكان تفرقُ العلماءِ في تلك الأمصار واختصاصُ كل منهم بما ليس عند غيره مِن أصناف العلوم حافزاً للنَّبَغَةِ مِن طلاب العلم إلى الرحيل إليهم، وقصدِ مواطن إقامتهم، يستسهلون الصعبَ، ويتحمَّلون المشاقَ، ويتبلغون باليسير، تلبيةَ لنداء الله تعالى:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122]، ولتحقيق رضوانِ الله ورغبتهم فيما عنده من الثواب والأجر، ونَدَرَ أن يوجد طالبُ علمٍ في ذلك الزمان ليست له رِحْلة.
*
شيوخه:
بما أن الإمامَ ابنَ ماجه كانت له رحلةٌ واسعة، شَمِلَتْ مناطقَ عديدةً مِن بلاد خراسان وما وراء النهر، كما شَمِلَتْ أهمَّ حواضر العلم في بلاد الشام والعراق ومصر والحجاز، فلم يكن غريبًا أن
يكونَ له شيوخ كثيرون من تلك البلاد، أخذ عنهم، وروى عنهم، وأفاد منهم، قال الحافظ المِزي في ترجمته من "تهذيب الكمال": سمع بخراسان والعراق والحجاز ومصر والشام وغيرِها من البلاد جماعةً يطولُ ذكرهم، قد ذكرنا منهم في كتابنا هذا مَن وقفنا عليه منهم. اهـ.
وقد استقصى الشيخ محمَّد عبد الرشيد النعماني في كتابه "الإمام ابن ماجه وعلم الحديث" -وهو باللغة الأُردية- أسماءَ شيوخِ ابن ماجه الذين روى عنهم في "سننه" و"تفسيره"، ورتبهم على بلادهم، فبلغ عددهم (310)، وكلهم مُترجَمون في "تهذيب الكمال" للحافظ المزي، وفروعه مثل:"تهذيب التهذيب" و"تقريب التهذيب" و"خلاصة تذهيب تهذيب الكمال" وغيرها.
وصنَّف الإمام الحافظ ابن عساكر صاحب "تاريخ دمشق" المتوفى سنة (571 هـ) معجمًا يَشْتَمِلُ على ذكرِ أسماءِ شيوخ الأئمةِ الستة، وهو مطبوعٌ باسم "المُعجَم المُشتمل على ذكر أسماء شيوخ الأئمة النَّبَل".
قلنا: وقد قمنا باستقصاء عددهم في "السُّنن" وحدَها فبلغوا (303) شيخٍ تقريبًا، منهم مَن ليس له سوى حديث أو حديثين أو ثلاثة.
وقد شارك ابنُ ماجه البخاريَ ومسلمًا في كثيرٍ من شيوخهما كمحمد بنِ بشار بُندار، وأبي بكر بن أبي شيبة، وأبي كُريب محمَّد بن العلاء، ومحمد بن عبد الله بن نُمَيْر، وغيرهم.
ومن الشيوخ الذين أكثر ابنُ ماجه عنهم هؤلاء الأربعة الذين شارك البخاري ومسلمًا في الرواية عنهم، وأكثَرَ أيضًا عن محمَّد بن يحيى الذهلي، وعليِّ بنِ محمَّد الطنَافسي، وعبدِ الرحمن بن إبراهيم الدمشقي المعروف بدُحَيْم، ومحمد بن رُمْح المصري، ومحمد بن الصَّبَّاح الجَرْجَرَائي، وهشام بن عمار. ونترجم لهم هنا تراجمَ مُوجَزة:
1 -
الإمام الحافظ راوية الإسلام أبو بكر محمَّد بن بشار بن عثمان البصري، الملقَّب بُندارًا، ومعناه: الحافظ، جمع حديث بلده وحفظه، ووصفه ابن خُزيمة بأنه إمامُ أهل زمانه في العلم والأخبار، ولد سنة 167، ولم يرحل مبكرًا برًّا بأمه، ثم رحل بعدَ موتها، وقال: كَتَب عني خمسةُ قُرون، وحدَّثتُ وأنا ابن ثماني عشرة سنة، توفي سنة 252 (1). وهو شيخُ الستة: البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
2 -
الإمامُ الحافظُ عديمُ النظير أبو بكر عبد الله بن محمَّد بن أبي شيبة العَبْسي مولاهم الكوفي، صاحبُ "المسند" و"المصنف" وغيرهما، كان أحفظَ أهلِ زمانه، قال أبو عبيد القاسم بن سَلام: أحسنُهم وضعًا لكتابٍ أبو بكر بن أبي شيبة. توفي سنة 235 (2). وهو شيخ البخاري ومسلم وأبي داود وابن ماجه.
(1)"تهذيب الكمال" للمزي 24/ 511 - 518، و "سير أعلام النبلاء" للذهبي 12/ 144 - 149. وأراد بالقُرون -والله أعلم- جمعَ القَرن، ومن معانيه: عشر سنين، والمعنى أنه قد أُخذ عنه الحديثُ خمسين سنة.
(2)
"تهذيب الكمال" 16/ 34 - 41، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي 2/ 432 - 433.
3 -
الحافظ أبو كُرَيب محمَّد بن العلاء بن كريب الهَمْداني الكوفي، وُلِدَ سنةَ 161، وكان عارفًا بحديثِ أهلِ الكوفة، مِنْ أحفظِ أهل زمانه، توفي سنة 248 وله 87 عاما (1). وهو شيخ الستة.
4 -
الحافظُ الحجة محمَّد بن عبد الله بن نُمير، أبو عبد الرحمن الهَمْداني ثم الخارفي مولاهم الكوفي، ولد سنة نَيف وستين ومئة، وكان رأسًا في العلم والعمل، كان أحمدُ يُعظمه، وقال أبو حاتم: ثقة يُحتج بحديثه. توفي سنة 234 (2). وهو شيخُ البخاري ومسلم وأبي داود وابن ماجه.
5 -
الإمامُ الحافظُ البارعُ إمام أهل الحديث بخُرَاسان أبو عبد الله محمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذُّهلي مولاهم النيسابوري، وُلِدَ سنةَ بضع وسبعين ومئة، جمع علمَ الزهري وصنَّفه وجوَّده، وكان أحمدُ يُثني عليه ويَنْشُرُ فضلَه، وقال عنه أبو حاتم: إمام أهل زمانه، وقال ابن أبي داود: كان أميرَ المؤمنين في الحديث. توفي سنة 258 (3). وحدَّث عنه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
6 -
الإمامُ الحافظُ المتقنُ أبو الحسن عليُّ بن محمَّد الطنافسيُّ الكوفي، ابنُ أخت الطنافسيين علماءِ الكوفة محمَّد ويعلى وعمر وإبراهيم، سكن قزوين، قال أبو حاتِمٍ: كان ثقةً صدوقًا، هو أحبُّ
(1)"تهذيب الكمال" 16/ 243 - 247، و "سير أعلام النبلاء" 11/ 394 - 398.
(2)
"تهذيب الكمال" 25/ 566 - 569، و"السير" 11/ 455 - 457.
(3)
"تهذيب الكمال" 26/ 617 - 631، و"السير" 12/ 273 - 285.
إليَّ مِن أبي بكر بن أبي شيبة في الفضل والصلاح، وأبو بكر أكثرُ منه حديثا وأفهمُ. توفي سنة 233 (1). وانفرد ابن ماجه من بين الستة بالرواية عنه.
7 -
الإمام الحافظُ القاضي الفقيه أبو سعيد عبدُ الرحمن بن إبراهيم بن عمرو بن ميمون الدمشقي، وُلِدَ سنة 170، وكان يُلقَّب بدُحيمٍ اليتيم، قال أبو حاتم: كان دُحيم يُميِّزُ ويَضْبِطُ وهو ثقة. وقال الذهبي: عُنِيَ بهذا الشأن، وفاق الأقرانَ، وجمع وصنَف، وجرَّح وعدَّل، وصحَّح وعلَّل، وكان على مذهب الأوزاعي. توفي سنة 245 (2). وهو شيخ البخاري وأبي داود والنسائي وابن ماجه.
8 -
الإمام المحدَث محمَّد بن الصباح بن سفيان، أبو جعفر الجَرْجَرَائي، مولى عمر بن عبد العزيز، وجَرْجَرايا: قرية بينَ واسط وبغداد، كان أحمد يُجِلُّه ويُعظمُه، توفي بجرجرايا سنة 240 (3). وهو شيخُ أبي داود وابن ماجه.
9 -
الحافظ الثبت أبو عبد الله محمَّد بن رُمح بن المهاجر بن المحرر التُّجِيبي مولاهم المصري، كان معروفًا بالإتقانِ الزائدِ والحفظ، قال النسائي: لو كان كتَبَ عن مالك لأثبتُّه في الطبقة الأولى مِن أصحابه، يعني لحفظه وإتقانه. وقال الذهبي: أنا أتعجبُ من البخاري كيف لم يرو عنه، فهو أهل لذلك، بل هو أتقن من
(1)"تهذيب الكمال" 21/ 120 - 122، و"السير" 11/ 459 - 461.
(2)
"تاريخ دمشق" لابن عساكر 34/ 163 - 171، و"السير" 11/ 515 - 518.
(3)
"تهذيب الكمال" 25/ 384 - 386، و"السير" 10/ 672 - 673.